توظيف حرفة العرائس الخشبية لمحاكاة رموز الثقافة الشعبية

 

ملخّص

يسعى هذا البحث للكشف عن رموز الثقافة الشعبية من خلال العرائس الخشبية، ودور جمعية التدريب المهني والأسر المنتجة بمحافظة الشرقية مدينة الزقازيق في توظيف هذه الحرفة للنهوض بإحياء الثقافة الشعبية المصرية، أين يبرز الدور الرائد لهذه الحرفة في إحياء المظاهر العامة للثقافة الشعبية المصرية والتي تتضمن تراثها الشعبي وتعبر عن هويتها _ المصرية - في أشكال ورموز تحمل مضامين ودلالات ثقافية عن بيئتها.

ويهدف البحث إلى الكشف عن فن العرائس الخشبية في تجسيد تراث روحي وفكري وفني عميق الجذور يعبر عن الجمال والإبداع، ويُطلعنا على القدرات الكامنة في أعماق الثقافة الشعبية المصرية، بطريقة فطرية صادقة ، وتسليط الضوء على فن خرط الخشب بهدف توظيفه في خدمة إحياء الثقافة الشعبية والحفاظ على البيئة باستخدام الخامات الطبيعية، لتأكيد أن الثقافة تعطي إحساسا بالحضارة والفن والرقي وتحافظ على بقاء الحرفة وكيانها عبر الزمان، معبرة عن رصيد مخزون لخبراتنا الحياتية، والإمكانية الإنتاجية الذاتية المتاحة داخل كل مجتمع محلي،اعتمدنا المقاربة الأنثروبولوجية لوصف الظاهرة ومقارنة وتحليل رموزها بالاستناد إلى النظرية التأويلية الرمزية للكشف عن الدلالات الثقافية والتعرف على معانيها، والتأكيد على تعميق الشعور بالانتماء للتراث الشعبي.

الكلمات المفتاحية : الثقافة الشعبية، الحرف الشعبية، الرموز الشعبية، الأسر الحرفية المنتجة، العرائس الخشبية.

Abstract

This researchaims to reveal the symbols of popular culture in woodendolls, and the important role of the Vocational Training and Productive Families in Sharkia Governorate Zagazig city, in employingthiscraft to revive the Egyptian popular culture, as thiscraft has a leadingrole in reviving the general aspects of the Egyptian popular culture in which Folklore lives. And expresses Egyptian identity in forms and symbolsthat carry cultural contents and connotations about the Egyptian environment.

The researchaims to reveal the art of woodendolls in embodying a deeplyrooted spiritual, intellectual and artisticheritagethatgives us beauty and creativity, and show us the hiddencapabilities in the Egyptian popular culture, And highlighting the art of woodturninglathes to employit in revivingpopular culture and preserving the environment using natural materials, soensurethat culture gives a sense of civilization, art and sophistication and preserves the survival of the craft and itsentity over time, and expresses a stock of our life experiences, and the self-productive potentialavailablewithineach local community. The researchused the descriptive approach to describe the phenomenon and analyzeitssymbolsusingsymbolictheory to reveal cultural connotations and ensure the deepening of the sense of belonging to popularheritage.

Keywords:Folk crafts, Popular culture, Productive Families popularsymbols, Woodendolls.

Résumé

Cette recherche vise à révéler les symboles de la culture populaire à travers les poupées en bois, et le rôle de l'Association pour la formation professionnelle et les familles productives du gouvernorat de Sharkia, la ville de Zagazig, dans l'utilisation de cet artisanat pour promouvoir la renaissance de la culture populaire égyptienne. Le rôle pionnier de cet artisanat est mis en évidence dans la renaissance des aspects généraux de la culture populaire égyptienne, qui inclut son héritage populaire et exprime son identité - égyptienne - dans des formes et des symboles porteurs de contenus culturels et de connotations sur son environnement.

L'objectif de ce travail est de mettre en évidence l'art des marionnettes en bois qui incarne en lui-même un héritage spirituel, intellectuel et artistique profondément enraciné, et exprime la beauté et la créativité, tout en nous dévoilant des capacités cachées dans les profondeurs de la culture populaire égyptienne, de manière honnête et innée.

Par ce travail, on met en lumière l'art du tournage sur bois dans de servir la renaissance de la culture populaire et de la préserver l'environnement à partir de matières premières naturelles, Pour confirmer que la culture donne un sentiment de civilisation, d'art et de sophistication et assure la survie de l'artisanat et de son entité au fil du temps, exprimant les expériences de vie et le potentiel autoproductif disponibles au sein de chaque communauté locale.

Nous avons adopté, à ce propos, l'approche anthropologique pour décrire le phénomène, comparer et analyser ses symboles sur la base de la théorie interprétative symbolique pour révéler les connotations culturelles et l'identification de ses significations, et en mettant l'accent sur ce sentiment profond d'appartenance au patrimoine populaire.

Mots-clés:Culture Populaire, Artisanat populaire, Symboles populaires, Familles artisanales productives, Poupées en bois.

مقدمة

تُشكّل الحرف الشعبية أهم النشاطات الإبداعية لدى المجتمع الإنساني، ولها صلة كبيرة بتاريخ الشعوب وحضارتها وثقافتها، وتُعبّر عن ذاتها جماليًّا من خلال الفنان الحرفي المُشتغل بالصنعة والمتميز بالمهارة، فهي ليست فقط تمثيلًا للواقع ولا تقليًدا للطبيعة، بل هي أيضا استحداثا لعلاقات جديدة بين عناصر مستمدة من الحياة والمجتمع والطبيعة، والتراث الذي يكشف عن حرف تضم مهارات موروثة، تتناقلها الأجيال، مكونة تراكما تراثًا شعبيًّا إبداعيًا حيًّا ومتطورًا يواكب متطلبات العصر الحديث.

الجدير بالذكر أن فكرة الإبداع الفني تماهت مع فكرة الهوية الثقافية للشعوب عبر العصور من مقتنيات وتحف حرفية وهدايا تذكارية. حيث تحولت إلى إرث حضاري للمجتمعات. فالحرفة هي أحد أوجه الإبداع، تتجاوز دورها كوسيلة لتلبية متطلبات الشعوب إلى وسيلة لتخليد جماليات وفنون وتاريخ الشعوب، ومن هنا ارتبطت الحرفة بالإبداع، فهي حالة من الإبداع الفني يُخلد به الفنان بيئته الثقافية والاجتماعية، بعيدًا عن فكرة الكسب المادي الذي توفره لصاحبها.

ومن هنا يتبين أن الحرف الشعبية تؤدي دورا جوهريا في إحياء الثقافة الشعبية ضمن أشكال وبأساليب جديدة ومتنوعة تسهم في الحفاظ على خصوصياتها وسماتها الثقافية الأكثر استمرارية وتعمل على الاحتفاظ بعناصرها التراثية في الوقت ذاته، حتى يخرج منتجا ذا قيمة جمالية وفنية ونفعية تتواكب مع متطلبات الذوق والسوق العصرية.

وتُعد حرفة العرائس الخشبية من الحرف التي برزت في العصر الفرعوني كفن من فنون الخشب، وما تضفي على هذا التراث من ذوق وإبداع في التشكيل الزخرفي والفني للعرائس، ولكن حتى هذه المرحلة لم يظهر للعرائس الخشبية دور تراثي في الثقافة المصرية، في حين ظهر من يهتم بهذا الفن من خلال توظيفه كنوع من أنواع التجميل والزينة لنشر الثقافة الشعبية المصرية ، من خلال إعادة تدوير مخلفات أخشاب الحدائق باستخدام مواد تحافظ على البيئة، فكان لحرفة العرائس الخشبية العديد من الأدوار المهمة في المجتمع. يسلط البحث الضوء على دور العرائس الخشبية كفن لإحياء الثقافة الشعبية المصرية ، وصولاً إلى رؤى فنية تتميز بالأصالة والمعاصرة .

أهمية البحث

تكمن أهمية البحث في إحياء الثقافة الشعبية المصرية من خلال حرفة العرائس الخشبية، التي كان لها دور في استمرارية عناصر الثقافة الشعبية عبر الزمان، خاصة المعروضة في المتاحف الشعبية والبيوت وعلى القنوات الفضائية الخاصة ببرامج متنوعة في الثقافة الشعبية، فلها من القيم والوظائف الفنية والجماليّة والثقافية والنفعية والبيئية العديد من الأشكال التي تخدم متطلبات السوق وتواكب العصر الحديث، وهذا يضفي عليها طابعًا متميزًا معاصرًا، تكاد أشكالها تُحاكي أنواع كثيرة من مظاهر البيئة المصرية من بينها فن العرائس الخشبية في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية الذي يستعين بحرفة خرط الخشب. كما يهتم هذا الفنّ بمعالجة الزخارف والنقوش والألوان التي تميّزت بإضفاء لمسة ثقافية شعبية، تحمل العديد من الدلالات والمضامين للبيئة المصرية، والتأكيد على تعميق الشعور بالانتماء للثقافة الشعبية، وإظهار القيمة الرمزية للثقافة الشعبية من خلال العرائس الخشبية، موضحًا دور الأسر المنتجة في تنمية بشرية متكاملة لبناء مجتمع لكل الحرفيين؛ لأنه برقي الإنسان يرتقي المجتمع وينهض ويحيا حياة مستقر وعامرة.

ومن بين ما نهدف إليه في هذا العمل:

    • التعرف على توظيف فن العرائس الخشبية في محاكاة رموز الثقافة الشعبية المصرية.

    • الوقوف على أهم القيم الجماليّة والثقافية للعرائس الخشبية التي تثري مجال الثقافة الشعبية.

    • الكشف عن الدور الذي تلعبه جمعية التدريب المهني والأسر بمدينة الزقازيق وتطلعاتها المستقبلية للحرف.

تساؤلات البحث

    • ما القيم الجماليّة والثقافية للعرائس الخشبية في مجتمع البحث ؟

    • ما الدور الذي تلعبه جمعية التدريب المهني والأسر بمدينة الزقازيق وتطلعاتها المستقبلية للحِرف؟

    • هل لحرفة العرائس الخشبية دور في محاكاة رموز الثقافة الشعبية المصرية؟

مجتمع وعيّنة البحث

تم اختيار مجتمع البحث على أساس علاقة الحرفة بالمكان حيث أن حرفة العرائس الخشبية تقوم على خشب أشجار الموالح التي يتم زراعتها بوفرة في منطقة فاقوس بمحافظة الشرقية، مما دفعنا لدراسة فن العرائس الخشبية وفقًا للمنطقة المؤهلة لهذه الحرفة، ونظرًا لقرب منطقة فاقوس من الزقازيق، كان له بالغ الأثر في تواجد العديد من ورش خرط الخشب في مدينة الزقازيق وخاصة خشب أشجار الموالح.

و تتكون عينة الدراسة من:

  • مدير جمعية التدريب المهني والأسر المنتجة بالشرقية.

  • فنان من حرفي العرائس الخشبية.

  • حرفي فن خراطة الخشب.

اِهتم البحث بهذه المجموعة من عيّنة البحث لعرض تفصيلي لطبيعة الحرفة، ومراحل انتاجها وتسويقها، وأهم الأعمال الفنية للعرائس الخشبية التي تحتوي على مضمون اجتماعي للقيم الرمزية لخلق تكوينات جديدة ذات مضمون تعبيري جيد في مجال الثقافة الشعبية.

التعريف الإجرائي للعرائس الخشبية

العرائس الخشبية هي عمل فني يحمل هوية الفنان وقوميته، لأنها نابعة من أعماق وجدان الشعب، ومن بساطتها وقيمتها الجمالية، وقدرتها تعمل على تأكيد الهوية المصرية الشعبية من خلال تواجدها بكل وسائل الحياة اليومية المرتبطة بالبيئة المحيطة. والغرض منها الزينة والتعبير عن الثقافة الشعبية المصرية التي تُعد مصدرًا لإلهام الحرفي وبخاصة العرائس التي جعلتها تُحاكي روح الأصالة الاجتماعية والإنسانية، وقد اتخذها مفردة فنية تُصاغ برؤية جديدة تواكب العصر الحديث.

بيانات عن مستقبل الحرفة

بداية لتطوير هذه الحرف قُمنا بلقاءات مع الشباب المهتم بهذا النوع من الفن، للارتقاء بتصميم وشكل العرائس الخشبية، وبهدف إحياء التراث الشعبي المصري من خلال محاكاة رموز الثقافة الشعبية، ومن أهم الرموز ما يلي:

المهن الشعبية في الثقافة المصرية

وبدأ التركيز على تصميم عرائس الخشبة التي تعرض المهن الشعبية، وكان من أهم رموز الثقافة الشعبية التي أضافت إلى حرفة العرائس الخشبية، وهي: (بائع البطيخ– بائع الترمس– السقا– بائع غزل البنات –بائع السميط والبيض والجبنة –بائع الكنافة– بائع عصير العرقسوس- بائع الفول– القهوجي –الصياد –العمدة – شيخ الغفر - الفلاح – بائعة الجبن – بائعة الخضروات).

بائع البطيخ: اشتهر بائع البطيخ في الأسواق المصرية وخاصة في فصل الصيف؛ نظرًا لأن البطيخ من الفواكه الصيفية، واهتم الفنان في (صورة: 1) بأدق الموتيفات لبائع البطيخ، بدءًا من الزي وهو جلباب صعيدي بدون ياقة، وله فتحة صدر مثلثة وأكمام واسعة؛ كي يتمكن المزارع من تعليقه أو تشميره لمنع اتساخه، ويرتدي فوق الجلباب بالطو طويل؛ كنوع من الأناقة، وفوق رأسه الطاقية الفلاحي، ويحمل في يده قطعة من البطيخ يطلق عليه باللهجة الشعبية "شقة بطيخ"، وقد أبدع الرسام في رسم الميزان الذي له كفتان، كما أبدع في رسم عربة البطيخ مستعين بالعديد من الألوان المتناسقة بين (الأزرق والبني والأصفر والبرتقالي)، ومن المتعارف أن عربة بائع البطيخ يجُرها الحمار ويطلق عليها في الثقافة الشعبية (عربة كارو)، وقد تم تلوينه كما لو كانت صورة حية.

الشكل(1): بائع البطيخ

المصدر:وزارة التضامن الاجتماعي، محافظة الشرقية، مصر.(هدية من الأسر المنتجة)

بائع الترمس:يتميز بائع الترمس بالتواجد على كورنيش شوارع مصر التي تطلع على النيل، نظرًا لأن الترمس من التسالي الذي يتناوله الناس، وهم يسيرون على طريق الكورنيش للاستمتاع بجمال الطبيعة، واهتم الفنان في (صورة: 2) بأدق الموتيفات الذي يستخدمها بائع الترمس، بدءًا من الزي وهو جلباب فلاحي مخطط بدون ياقة، وله فتحة صدر مثلثة، وفوق الجلباب سديري؛ وهو خزنة الصعايدة وحافظة أموالهم من السرقة والنهب على يد اللصوص، وفوق رأسه الطاقية الفلاحي، وعلى العربة يوجد إناء به الترمس والحمص بجواره، وهو يستخدم مع الترمس، وهو مصنوع من عجينة السراميك، أما القلة وهي إناء يعمل على حفظ المياه بارد للشرب، ولمبة الجاز المصنوعة من الخشب والتي تستخدم في الثقافة الشعبية للإنارة، وقد أبدع الرسام في رسم وتلوين هذه الرموز الثقافية الشعبية، كما أبدع في رسم عربة الترمس مستعينا بالعديد من الألوان المتناسقة بين (الأزرق والأصفر والأحمر والأسود).

الشكل(2): بائع الترمس

المصدر:وزارة التضامن الاجتماعي، محافظة الشرقية، مصر.(هدية من الأسر المنتجة)

بائع المياه(السقا ): يطلق على بائع المياه "السقا" في الثقافة الشعبية، نظرًا لأنه قديمًا لم تتوافر المياه في البيوت الشعبية، و"السقا" هو العامل المسؤول عن توصيل المياه من الخزانات إلى المنازل والمساجد، وكان «السقا» يحمل «قِربة» مصنوعة من جلد الماعز يملأها بالماء العذب على ظهره، وفي بعض الأحيان كان يضع الماء في أوعية كبيرة وبراميل ويضعها على "عربات كارو" أو يحملها بعصا على ظهره، وكان يتصف بالأمانة والإخلاص في عمله، فلا يستخدم قربة مصبوغة فتفسد الماء، ولا مثقوبة فتقل الحصة المتفق عليها، وكان يبذل مجهودًا مضاعفًا للوصول إلى تواجد المياه النظيفة، وكان عليه أن يطهر الماء بمادة الشبة، ويعطره بماء الورد وعيدان النعناع، وحاول الفنان تجسيد هذا العمل على العرائس الخشب كما في (صورة: 3)، فرسم زي الرجل البسيط من جلباب ورباط حول خصر "السقا" ، وقد أشتهر "السقا" بربط حزام من القماش على خصره عن أي بائع آخر، نظرًا لأنه يتنقل من مكان إلى مكان على قدميه حتى لا يزعجه الجلباب في السير، ويرتدي فوق الجلباب سديري وهذه إضافة من الرسام ليزيده جمالاً وبهاءً، وفوق رأسه الطاقية، وإذا لاحظنا أن الألوان المستخدمة هي ألوان اتصفت بها الثقافة الشعبية المصرية، فقد أتقن الرسام في التعبير عن "السقا" وخاصةً العصا وهي الحامل الذي يوضع بها قدرة المياه.

الشكل(3):بائع المياه(السقا )


المصدر:وزارة التضامن الاجتماعي، محافظة الشرقية، مصر.(هدية من الأسر المنتجة)

بائع غزل البنات : اشتهر بائع "غزل البنات" في الثقافة الشعبية المصرية بنشر البهجة والسعادة بين الأطفال(صورة:4)، والذي كان يتواجد دائما في الأعياد والمناسبات العامة، لبيع حلوى تصنع من خليط من الماء والسكر ، ويتنقل البائع لبيع هذه الحلوة بين البيوت في الشوارع والأزقة الشعبية، باستخدام مزمار لينادي الأطفال، وينشر السعادة على وجهوهم، ويطوفون حوله على أنغام المزمار. حاول الرسام استخدام الألوان المبهجة في تلوين العرائس الخشبية لبائع "غزل البنات"، واستخدم الرجل، لأن بائع غزل البنات دائما يكون رجلاً ولم تمتهن النساء هذه المهنة من قبل، فحاول الرسام نقلنا إلى الثقافة الشعبية بكل موتيفاتها حتى يشعرنا بمذاق التراث المصري، واستخدم القطن الأبيض في عمل شكل "غزل البنات" ووضعه في أكياس بلاستك، ويُطلق على حلوى "غزل البنات" العديد من المسمّيات حيث تختلف تسميتها من بلد لآخر حسب الثقافة الشعبية وسيما في الدول العربية، فقد يطلق عليه في سوريا والعراق اسم "شعر البنات" وفي دول الخليج يطلق عليه "لحية الشايب"؛ لأنه عبارة عن خيوط رفيعة لونها ابيض، قد تحمل العديد من المعاني لطبيعة شكلها، ولكن تؤكد الثقافة الشعبية أن غزل جاء من الخيوط الرفيعة، والبنات جاءت من جمالها فكل شيء جميل ينسب للأنثى وخاصة الأطفال، كما استخدم الرسام اللون الأحمر للمزمار للشعور بالفرح والبهجة، مع تعشيقه في يد العرائس وإضافة صمغ للتثبيت وإعطائه شكلاً متميزًا.

الشكل(4): بائع غزل البنات


المصدر:وزارة التضامن الاجتماعي، محافظة الشرقية، مصر.(هدية من الأسر المنتجة)

بائع السميط والبيض والجبنة: تميز بائع السميط والبيض والجبنة بتواجده على كورنيش النيل وخاصة في الصباح، لأن هذه الوجبة تُعد من وجبات الإفطار للعديد من المصريين، كذلك يقبل عليه كل من يسير على الكورنيش وفي الأزقة وعند أسوار المدارس في الصباح ينادي قائلاً (سميييط ... وبييض ... وجبنة)، وهو يحمل السميط؛ وهو عبارة عن فطائر رفيعة على شكل حلقات(صورة:5)، والجبن الأبيض الاسطنبلي، والبيض المسلوق، والدُقَة المكونة من الملح والفلفل الأسود والبهارات والسمسم، وهي دقة مصرية يغمس فيها البيض المسلوق ومعها قطمة من السميط بالسمسم وحبة البركة، وقطعة جبن، وحاول الحرفي نقل هذه المهنة في عرائس الخشب، واشتهر بائع السميط بارتداء الجلباب وعليه الجاكيت وحاول الرسام الاقتراب من الزي الرسمي له مستعينا باللون البني الفاتح في الجلباب والبني الغامق في الجاكيت للتناسق والتناغم، وقام بتصميم السميط وباستخدام اللاصق في يد البائع، كما استخدم عجينة السراميك في عمل شكل البيض والجبن.

كلمة "سميط" (Simit) هي كلمة تركية تُعني حلقة الإنقاذ في البحر، وهي نوع من المخبوزات تُصنع من عجين الفينو، ويشكل غالبًا على هيئة حلقات دائرية ويغطى بالسمسم وأحيانًا يكون محشوًا بعجوة البلح. (فرج، 2006م، ص225).

ا لشكل (5): بائع السميط والبيض والجبنة

المصدر:وزارة التضامن الاجتماعي، محافظة الشرقية، مصر.(هدية من الأسر المنتجة)

بائع الكُنافة:اشتهر تواجد بيع "الكُنافة" في الثقافة الشعبية بهذا الشكل (صورة:6) في شهر رمضان الكريم، فالكنافة مرتبطة بشهر رمضان في مصر، مشهد "الكنفاني" وهو يلف شعيرات العجين بالسكر ليصنع الكُنافة جزء لا يتجزأ من تراث الثقافة المصرية الشعبية، ويمكن مشاهدته أثناء التجولفي أزقة مصر القديمة، والأطفال ملفوفون حوله في سعادة يلهون بشعيرات الكنافة وهم يغنون "حالـّو يا حالـّـو... رمضان كريم يا حالو".

وقد أبدع الرسام في تلوين ورسم زي "الكُنفانى" الذي يرتدي جلبابا وعلى الجلباب مريلة للحفاظ على الجلباب من الاتساخ، ورسم الفرن الخاص بالكُنافة، الذي يتم صنعه من الطوب الأحمر، كما أنه استعان بالخيوط لتجسيد شكل الكُنافة، واستخدم شكل الكوز في التعشيق في يد "الكُنفانى"؛ لإعطائنا الإحساس بالحركة، فكانت محاولة رائعة في إحياء مهنة "بائع الكنافة".

الشكل(6): بائع الكنافة



المصدر:وزارة التضامن الاجتماعي، محافظة الشرقية، مصر.(هدية من الأسر المنتجة)

بائع عصير العرقسوس: يُعد مشروب "العرقسوس" من العصائر الدائمة على المائدة في شهر رمضان الكريم، كما أن بائع العرقسوس يتواجد دائمًا في فصل الصيف ليروي الظمأ من شدة الحرارة في الأزقة والأحياء الشعبية، مناديًا: (شفا وخمير يا عرقسوس.. بارد وتهنى يا عطشان) بهذا النداء المتناغم مع صوت صاجاته النحاسية العالية ذات الرنين المنتظم، حاول الرسام في رسم وتلوين زي عرائس بائع العرقسوس الذي يرتدي سروالاً واسعاً يضيق عند الرجلين ليساعده على الحركة (صورة:7)، ويعلو رأسه عمامة متناسقة الألوان مع الزي ،وتحميه من حرارة الشمس، كما حاول الرسام الاقتراب من شكل الصاجات في اليد اليمنى معشقة في اليد، وفي اليد اليسرى حاملاً إبريقًا صغيرًا يغسل منه الأكواب الزجاجية بعد الشرب، وتعددت ألوانه بشكل متناسق مع الإبريق الكبير الذي يسمى «القدرة» وهى إبريق ضخم يحفظ العرقسوس مثلجاً من حرارة الشمس تعلوه فتحات مثبتة بها الأكواب الزجاجية، ولكن الرسام اكتفى برسم "الإبريق الضخم" بأشكال زخرفية في أعلاها وبألوان متناسقة، ويحيط بالإبريق حزام من شرائح "الفوم" حول خصره وكتفيه ليساعده على حمله دون إلحاق ضرر بالظهر، ونلاحظ أن مع كل بائع تتناسق أوان الإبريق مع الزي في شكل متناغم، وهذا يدل على إبداع الرسام في إعطائنا حالة من التناغم والانسجام.

الشكل(7):بائع العرقسوس



المصدر:وزارة التضامن الاجتماعي، محافظة الشرقية، مصر.(هدية من الأسر المنتجة)

بائع الفول:يُعد طبق الفول في رمضان طعاماً مفضلاً في وجبة السحور، ويطلق عليه في الثقافة الشعبية المصرية "الفول المدمس"، ويعد من أكثر الأغذية انتشارًا في مصر، ويطلق عليه "مسمار البطن" وهذا يعني الوجبة الرئيسة التي تجعل الانسان يصمد طول اليوم دون أن يشعر بالجوع، ويتم طهي الفول - تدميس الفول - في إناء متسع له رقبة صغيرة بغطاء يصنع من الالمونيوم، ويطلق عليه "قدرة الفول"، وفي المنازل تكون أقل حجمًا ويطلق عليها "دماسة الفول"، وبعد طهيه يتم إضافة الزيت والليمون والدقة المصري، إلا إن الفقراء وفئات العمال والموظفين يعتمدون عليه اعتماداً كبيراً في وجبة الإفطار، وحاول حرفي العرائس الخشبية تجسيد عربة الفول بشكل إبداعي فصمم حبات الفول من عجينة السراميك واضافة لها اللون البني الغامق ليكون أقرب لشكل الفول(صورة:8)، ووضع في يديه اليمنى زجاجة الدقة المليئة بالتوابل التي تضبط طعم الفول باللون الأصفر، وإحدى الأطباق وضع فيها الفلفل الحار مستخدم عجينة السراميك باللون الأحمر ، كنوع من أنواع المقبلات لفتح الشهية مع وجبة الفول، واهتم بتزين عربة الفول باللون الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق، استخدم بعض الألوان التي تتسم بها الثقافة الشعبية.

الشكل(8): بائع الفـــــــول

المصدر:وزارة التضامن الاجتماعي، محافظة الشرقية، مصر.(هدية من الأسر المنتجة)

المسحــــراتـــــــــــــــــــي : تُعد مهنة المسحراتي أحد المهن الشعبية التي لا يستأجر عليها من قبل الحكومة، ولكنها مهنة يتم أخذ راتبها من الناس المقيمين في المنطقة التي ينادي بها المسحراتي، كانت قديمًا تأخذ على شكل وجبة من الطعام ولكن الآن في الغالب تأخذ أموالاً بصفة يوميًا أو في العيد، فهو الذي يوقظ الناس لتناول وجبة السحور في ليالي شهر الصوم، بطبلته الصغيرة التي يحملها في رقبته، وتتدلى إلى صدره أو يحملها بيده ويضرب عليها بعصا خاصة، وهو ينادي صاحب البيت باسمه أو أحد أفراد الأسرة، ويدعوه للاستيقاظ من أجل السحور قائلا: (إصحى يا نائم ... وحد الدائم... رمضان كريم) (صورة:9)، وهي من الشخصيات المحببة للصغار والكبار ، ويطوف حوله الصغار وهم يحملون فانوس رمضان، وقام الرسام برسم وتجسيد شخصية المسحراتي مستخدم الطبلة في اليد اليمنى والعصا في اليد اليسرى معشقان في الأيد؛ لتثبيتها، مستخدم الزي الأزرق الفاتح والسديري الأحمر، وفوق رأسه الطاقية بدرجات البني الفاتح والغامق.

الشكل(9): المسحراتـــــــــــــي

المصدر:وزارة التضامن الاجتماعي، محافظة الشرقية، مصر.(هدية من الأسر المنتجة)

القهوجي : تعني كلمة "قهوجي" هو صانع الشاي والقهوة في المقهى، وهي كلمة ليست عربية وإنما هي كلمة تركية ، واي كلمة تنتهي بـــ (جي) تفيد الحرفة في اللغة التركية مثل (عربجي –أجزجي .إلخ)، وهي مهنة تقليدية لا تتطلب خبرة أو مهارة، ولكن تكتسب الخبرات والمهارات في مجال العمل، ويشتهر القهوجي بالنداء في المقهى قائلا:
(أيوه جااااي... وعندك اتنين مظبوط وواحد خمسينة وصلحه)، ويتميز القهوجي في الثقافة الشعبية المصرية أن له مصطلحات ومسميات خاصة يتميز بها عن غيره من المهن، فبالنسبة للقهوة تُعرف بالمزاج العالي لدى رواد المقاهي، فكلما اختلف مقدار السكر والشكل والحجم اختلفت مسمياتها.. فـ« السرياقوسي أو الحريمي أو الكعب العالي » قهوة سكر عادى، أما القهوة «الفرنساوي»، فهي قهوة بحليب بن خفيف، وهناك «الاسكتو» وهى قهوة بدون سكر أو ما تعرف بالقهوة السادة، أما القهوة «العثمانلى» فهى قهوة بـ«فنجان»، وهناك القهوة «المكحلة» فهي قهوة يوضع عليها لبن خفيف جدا، أما مشروب الشاي تختلف مسمياته باختلاف «التلقيمة» - مقدار الشاي والسكر-، فكلما اختلفت طريقة إعداد الشاي أو التلقيمة اختلفت مسمياته، فمثلاً الشاي الخفيف مع السكر الزيادة يُعرف بالـ«فريسكا»، أما «السكلانس» فهو شاي باللبن، والشاي «الميزو» وهو شاي خمسينه يوضع في كوب صغير ،والشاي «ميَزة» (الشاي باللبن) وهو كوب من الحليب الصافي، مضاف إليه تلقيمة الشاي والسكر، دون إضافة الماء، أما «البربري» فهو شاي ثقيل مع الحليب، أما «شاي على بوسطة» فهو شاي عادى، وهكذا تختلف المسميات وتتعدد المصطلحات وفقا للثقافة العامة وطريقة العمل، وقد حاول الرسام تجسيد شكل "القهوجي" في عرائس الخشب الذي يحمل في يده صينية مليئة بالكوب ومعه براد الشاي في اليد اليمنى بكل مهارة (صورة: 10)، وفي اليد اليسرى يحمل الشيشة، وهذه الموتيفات توضع في يد العرائس باستخدام اللاصق، مع استخدام الألوان المتناسقة مع الزي ما بين الأزرق الفاتح والابيض، والأصفر والبني والأزرق الفاتح، ويشتهر "القهوجي" بارتداء فوق الجلباب مريلة المطبخ الذي يوجد بها جيب لوضع النقود، وحاول الرسام رسمها وتلوينها بشكل يمنحنا الاحساس بوجودها منفصلة عن الجلباب.

الشكل(10): القــــــــــــــــهـــــوجـــــــــــــــــــــي

المصدر:وزارة التضامن الاجتماعي، محافظة الشرقية، مصر.(هدية من الأسر المنتجة)

الصيـــــــــــــــــــاد:اشتهرت مهنة الصيد في سواحل مصر، وتُعد مهنة الصيد من أهم المهن التي تساعد في سد عجز كبير من الغذاء، كما تُعد من أرخص أنواع الغذاء الغني بجميع الاحتياجات الغذائية التي يحتاجها الإنسان، وحاول الرسام التفنن في تجسيد الصياد في العرائس الخشبية(صورة:11)، فاهتم بزي الصياد والألوان التي تتناسق مع بعضها البعض، فقد اشتهر الصياد بملابس متميزة عن غيره من المهن، فيرتدي الصياد سروالاً طويلاً فضفاضًا، يحده من أعلى عند الوسط "كمر" يقفل بأزارأو تكة، وتحت الكمر ينسدل "السروال" باتساع عن طريق طيات أو كشكشة، وينتهي عند الكاحلين بأساور تقفل بأزرار. أما من أسفل المنتصف فله حجر واسع يتيح للصياد الحركة السهلة عند العمل، وحاول الرسام الاقتراب من هذا الشكل، وتحدد ألوانه بين الأسود أو الأزرق أو الأخضر أو البني، ويرتدي الصياد أيضًا ما يسمى بالفرملة "صدرية"، وهو مثل السديري يتشابه معه في أنه بدون أكمام وقصير، وتحدد ألوانه وفقًا للون القميص حتى يعطي إحساسًا بالتناسق، أما "الشاملة" التي يرتديها الصياد فهي عبارة عن قطعة قماش طويلة تُصنع من القطن، على أن تثنى طبقتان ويثبتها الصياد أعلى السروال، وهي الفاصل بين السديري والسروال، أما غطاء الرأس "الطاقية" وهي عبارة عن غطاء للرأس للرجال على شكل مخروط، تحدد ألوانها ما بين البني والأصفر، والأزرق والأصفر، واستخدم الحرفي خيوط "الكروشية" لعمل شبكة الصيد وهي إحدى أدوات الصيد التي يحملها الصياد على كتفه باللون الأبيض، ويحمل في يديه "المشنة" وهي الحقيبة التي يضع الصياد فيها السمك الذي تم صيده.

الشكل(11): الصيــــــــــّـــــــــــــــــاد

المصدر:وزارة التضامن الاجتماعي، محافظة الشرقية، مصر.(هدية من الأسر المنتجة)

العمدة:هو الممثل للحكومة بكامل فروعها في بلده (صورة:12)، وهو الوسيط بينها وبين الأهالي، فعليه ترتكن الحكومة، واليه ترجع أمور أفراد أهل البلدة، لذلك فإن سعادة القرية وشقائها مرتبطين بكفاءة العمدة، وعليه يجب أن يختار العمدة من أفضل الناس في البلدة، بحيث يكون عالمًا بأحوال وطباع الناس، وعارفًا بمشارب عائلاتها واقفًا على حاجاتهم مهتمًا بها كما يهتم لأمور الشخصية ومتضامنًا معهم في العمل على ما فيه مصلحتكم. (محمود، 2015م، ص879).

اتسم العمدة في الثقافة الشعبية المصرية أن له الهيبة والسلطة في القرى المصرية، وحاول الحرفي أن يجمع الموتيفات التي يتميز بها العمدة في تجسدها في العرائس الخشبية، فاستخدم الشمسية التي تحمي العمدة من أشعة الشمس عندما يسير في الغيط صباحًا، وأحيانًا أخرى يكون معه صبي يحمل له الشمسية أو الغفير، وقام بتعشيق عصا الشمسية في يد العمدة اليمنى للإحساس بتناغم، واليد اليسرى عصا معشقة في يد العمدة، قد تستخدم أثناء السير في الغيطان لإبعاد أي شيء أمامه يعيقه في السير، مستخدما الألوان المتناسقة في الزي من جلباب مخطط يرتدي فوقه عباية، واعتاد العمدة على وضع شال مصنوع من خيوط القطن والصوف، وحاول الرسام وضعه على كتف العمدة بلون أحمر مزخرف بالأبيض ليتم تميزه عن باقي الأزياء، وكان العمدة قديمًا يرتدي فوق رأسه الطربوش وهو غطاء للرأس كالقبّعة أحمر اللون أو من مشتقات اللون الأحمر بين الأحمر الفاتح والأحمر الغامق على شكل مخروط ناقص تتدلى من جانبه الخلفي حزمة من الخيوط الحريرية السوداء، وقد جعله الخراط جزءًا من الجسد وليس منفصلاً، وكان دور الرسام وضع اللامسات الفنية التي تعبر عن شكل الطربوش.

الشكل(12): العمدة

المصدر:وزارة التضامن الاجتماعي، محافظة الشرقية، مصر.(هدية من الأسر المنتجة)

شيخ الغفر:ويعني بــ"شيخ الغفر" كبير الغفر أي رئيس الغفر، وهو المرتبة الثانية للعمدة، ويتولى هذا المنصب من قبل الحكومة، ويقوم باستلام سلاح لأمن القرية، وحراسة العمدة، ودائما يسير مع العمدة في جولة بالقرية صباحًا كظله، وغالبًا ما يتولّى اثنان من الغفر هذه المهمة، وليلاً يتم التناوب بينهما في التجول بالقرية حتى الفجر، وقد أبدع الرسام في تجسيد الشخصية من خلال الزي الذي اشتهر به الغفير(صورة:13)، وهو عبارة عن بالطو طويل يصنع من صوف باللون البني الغامق ويغلق بزراير كبيرة مُحكمة فوق الجلباب، وحاول الرسام أن ينوع في رسم بالطو الغفير ما بين مغلق ومفتوح ، مضيفا شكل البندقية عبر عصا من الخشب باللون البني ورسم الحزام الذي يوضع حول صدر الغفير وبين البندقية، وهو عبارة عن جيوب. حاول الرسام أن يكون دقيقًا في رسمها، واستخدم بعض الاكسسوارات التي تساعده في تجسيد الشخصية مثل الحزام المصنوع من قماش الستان، ثم ربطه مع البندقية ولاصقه على اليد، وإذا لاحظنا طربوش شيخ الغفر يختلف عن طربوش العمدة، وهو طربوش يكون باللون الأسود وفي المنتصف خط أحمر عريض عليه رقم الغفير المسجل في قسم الشرطة، وهي في الأصل تكون مصنوعة من المعدن، وحاول الرسام أن يقترب من الشخصية.

الشكل(13): شيخ الغفر

المصدر:وزارة التضامن الاجتماعي، محافظة الشرقية، مصر.(هدية من الأسر المنتجة)

الفلاح:هو المزارع الذي يقوم بزرع وحصاد الأرض الزراعية، ويمثّل الفئة الكادحة في القرى المصرية، وهو من صغار الملاك للأراضي الزراعية، وأحيانًا يعمل بالأجر في أرض العمدة أو أحد الملاك الكبار، وقد حاول الرسام تجسيد شخصية الفلاح في العرائس الخشبية(صورة:14)، وقد أبدع في عمل فلاح له موتيفات مثل الفأس الذي يعمله بيده اليمنى من خلال عصا الفأس المعشقة في اليد، وفلاح له أدوات تم رسمها كجزء من الشخصية كالفأس الذي يحفر به في الأرض لوضع البذور، والمنجل الذي يقطع به الخضرة التي تم زراعتها، وكذلك رسم اليدين وعدم تجسدها، فقد نوع الرسام في تشكيل شخصية الفلاح، كما رسم المنديل الذي يوضع على رأس الفلا ح فوق الطقية والذي اشتهر به الفلاح المصري. والفلا ح في الغالب الأعم يرتدي جلبابا ويقوم برفع الجلباب إلى أعلى من خلال حزام من القماش حتى ييسر عليه العمل
في الأرض الزراعية.

الشكل(14): الفــــــــــــــــــــلاح

المصدر:وزارة التضامن الاجتماعي، محافظة الشرقية، مصر.(هدية من الأسر المنتجة)

بائعة الجبن:وضح الأرشيف المصري للحياة والمأثورات الشعبية أن الجبن القريش من منتجات الألبان المتخمرة التي تعتمد في صناعتها على أنواع معينة من الأحياء الدقيقة فأن لها تأثيرًا كبيرُا على صحة الإنسان. ويُعد الجبن القريش هو أحد أنواع الجبن الطرية البيضاء التي تنتج عن طريق تخمر اللبن بواسطة بكتريا حمض اللاكتيك، ويصنع هذا النوع من الجبن من اللبن الجاموسي بعد نزع الدهن منه، ويعد الجبن القريش من أكثر أنواع الجبن استهلاكاً في مصر, كذلك يستخدم الجبن القريش الزائد عن الحد في صناعةالمش وهو من الأغذية الضرورية عند كثير من فلاحي مصر، ونظرًا لارتفاع نسبة البروتين بالجبن القريش مع انخفاض نسبة الدهن فإنه أيضاً من الأغذية المهمة لكثير من المرضى.

وتصنع الجبن القريش من (1- حلب اللبن 2- تصفية اللبن من الشوائب 3- فرز اللبن 4- غلي اللبن 5- يترك اللبن لفترة طويلة حتى يكون قطع جبن ثم توضع على الحصيرة)، ويتم ذلك في العديد من بيوت القرى الريفية، وتقوم السيدات ببيعه في أنحاء القرية، أو في الحضر؛ نظرًا لتفوق سيدات الريف في تصنيعه، وهو يشبه القالب المربع، وقد قام الحرفي بخرط عرائس بائعة الجبن في شكل قالب العرائس (صورة:15)مع وضع اليد اليمنى أعلى؛ للإيحاء أنها تحمل شيئًا، وعلى الرأس شكل دائري متسع وهو في الاصل قطعة من القماش تضعها البائعة حتى تفصل بين ما تحمله ورأسها، وكما أنه من المعتاد أن تضع بائعة الجبن فوق رأسها قطعة من القماش الملفوفة بشكل دائري؛ لكي تتحمل صينية الجبن، ويأتي دور الرسام لرسم وتلوين العرائس بأشكال والوان مختلفة ومتناسقة ما بين الأحمر الفاتح وزخرفته بالأحمر الغامق، والأزرق وزخرفته بالأزرق الغامق، فقد أبدع الرسام في تلوين جلباب بائعة الجبن، وقد حاول الرسام الاقتراب من هذا الشكل في رسم وتلوين قطعة القماشة الملفوفة وصينية الجبن، وقام بتصميم الجبن من عجينة السراميك كشكل مجسد للجبن القريش، وفي اليد اليسرى وضع بعض الموتيفات: (إناء على شكل القلة بسلسلة معدنية تدخل باليد تكون مُحكمة، أو وضع بطة ملونة تُضع بين ذراعها اليسرى من خلال لاصقها؛ وهذا لأن البائعة القروية تحاول وضع بضائع اخرى لبيعها من أجل مساعدتها على المعيشة ، كما أنه اهتم بوضع الاكسسوارات كالحلق الذي يعطي جمالاً وبهيًا للعرائس الخشبية).

الشكل(15): بائعة الجبن

 

المصدر:وزارة التضامن الاجتماعي، محافظة الشرقية، مصر.(هدية من الأسر المنتجة)

بائعة الخضروات:اشتهرت المرأة المصرية بالكفاح والنضال في حياتها للحفاظ على كيان الأسرة المصرية، فكانت المرأة الريفية، وهي خير مثال للمرأة المصرية، يدًا بيد مع الرجل في الغيطان، من أجل لقمة العيش. تقوم المرأة بجمع جزء من المحصول وبيعه في الأسواق العامة أو في بيوت أسر القرى، لتُيسر عليهن الذهاب للأسواق، فحاول الرسام تجسيد شكل المرأة الريفية التي تحمل فوق رأسها "مشنة" الخضار، والتي تم تلوينها على شكل فراغات، حتى تكون قريبة من المشنة المصنوعة من الخوص، وقام بعمل شكل الخضار من عجينة السراميك الملون باللون الأحمر (صورة:16). وتحمل في يديها اليسرى الميزان، الذي تقوم من خلاله بوزن كمية الخضار أثناء البيع، وقد نوع الحرفي في تصميم الميزان بكفتين فوق بعض أو بجانب بعض وفي الوسط خشبة الميزان، وهي من الخشب ويربط بين كفة الميزان والخشبة بعض السلاسل المعدنية، كما أنه حاول أن يقوم بزخرفة جلباب المرأة الريفية التي تشتهر بالجلاليب المنقرشة والمزخرفة بأشكال الطبيعة من زهور وأغصان وورود في إطار من الألوان المتناسقة (الأصفر والأخضر والبني والأزرق)، مستخدمًا الأكسسوارات– الحلق - الذي يزين بها المرأة ليظهر جمالها وأناقتها.

الشكل(16) بـــــــــــــــــــــــائعة الخضــــــــــــــــــــــــروات

 

المصدر:وزارة التضامن الاجتماعي، محافظة الشرقية، مصر.(هدية من الأسر المنتجة)

نتائج البحث

  • تميزت حرفة العرائس بأنها تُحاكي الطبيعة، وكذلك تُحاكي خيال الفنان، ففي بداية الأمر كانت ترسم الأيد ولا يوجد مكان للقدم أو رمز يشير لها، ولكن مع التطوير في مجال الحرفة، بدأ الحرفي يضع ذراعا بكف ولكن بدون أصابع وهذا يظهر جليلاً في أطراف العرائس الخشبية، وتم تصميم الأيد على شكل هندسي دائري كرمز يعبّر عن الكف، وإضافة لعملية التحديث والتطوير تصميم بعض التقنيات للعرائس الخشبية في عمل أقدام للعرائس لتثري العمل الفني وتزيده جمالاً.

  • تدعيم مؤسسة كوسبي الإيطالية لجمعية التدريب المهني والأسر المنتجة بالشرقية، فكان له الدور الرائد في تنمية حرفة العرائس الخشبية، لأن من سماتها شراء المنتجات التي تحافظ على البيئة، فقامت بشراء منتجات الجمعية وبيعها بإيطاليا لنشر الثقافة الشعبية المصرية عبر العالم الأوربي.

  • أكدت الدراسة أن الابتكار والمهارة الفنية والخيال المتسع لمشغولات الخرط الدقيق حصيلة جهد وفن وإبداع حرفي، من أجل انتشار الوعي وتنمية القدرة الابتكارية في المجتمع.

  • اعتمد الحرفي في زخرفة وتزين العروسة الخشبية على عنصرين أساسيين هما: (العنصر الأول: الوحدات الهندسية البسيطة كالدائرة والمربع-العنصر الثاني: الزخارف والألوان والإكسسورات التي تزين بها العروس).

  • تم توظيف العروسة الخشبية بدلالات وأشكال ذات صياغة تشكيلية تحمل في طياتها الثقافة والبيئة المصرية.

المقترحات والتوصيات

  • البحث عن مظلة حكومية أو خاصة تتبنى هذه الحرفة والشباب الواعد الذي يَبدع ويضيف كل جديد في العرائس الخشبية، من خلال توفير المواد الخام، وعائد يؤدي الي استقرار الحرفي اجتماعيًا واقتصاديًا، بهدف تحقيق التنمية الشاملة لحرفة العرائس الخشبية.

  • التوثيق لمنتجات حرفة العرائس الخشبية لتعطيها صفة الاستمرارية والبقاء.

  • تفعيل دور البحث العلمي في فن العرائس الخشبية للنهوض بتنمية الحرفة، وارتقاء ثقافة وتعلم الحرفي في مجال الحرفة، وتوثيق لأهم الأعمال الفنية للعرائس الخشبية كمرجع علمي يُعتد به.

  • السماح للأسر المنتجة من قبل وزارة التضامن الاجتماعي بتوفير صفحة انترنت web online لتسويق المنتجات كمنفذ بيع يساعد الحرفيين في تسويق منتجاتهم.

  • تفعيل دور رجال الأعمال في المساعدة على تسويق وترويج الحرف الشعبية.

المراجع

مركز الصناعات اليدوية، (2019) الصناعات اليدوية في مصر:هل نحن على الطريق الصحيح؟ https://shorturl.at/5ahE5

حسين عبد المطلب الأسرج، (2006). مستقبل المشروعات الصغيرة في مصر. الاهرام الاقتصادي، (229).

زينب عمر محمود، (2015). نظام العمد في مصر 1895-1947.  مجلةكلية الآداب ،ج2، (40). (جامعة بنها، المحرر).

سامح فرج، (2006)، معجم فرج للعامية المصرية والتعبيراتالشعبية (في النصف الثاني من القرن العشرين) ، (ط1). القاهرة، مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب.

علاء الدين أسامة عبداللطيف، (2016). الحرف والصناعات اليدوية كأداة للجذب السياحي في مصر بالتطبيق على منطقة خان الخليلي. مجلةكلية السياحة والفنادق،(1). (جامعة الفيوم، المحرر).

علي بزي، (2011). الحرف التقليدية: أهمية الدراسة الميدانية ومنهجية دراستها. مجلةالثقافة الشعبية، (13)، 182.

محـمد حسن، (2020). دور الصناعات اليدوية والحرفية في التنمية الاقتصادية المحلية بجمهورية مصر العربية: دراسة في تحليل السياسات. دور الصناعات اليدوية والحرفية في التنمية الاقتصادية المحلية بجمهورية مصر العربية ،المجلد 22، (1).

. 1أمينة عبد الله سالم : كلية الآداب جامعة حلوان، مصر .

Texte de la Convention de l’UNESCO 2003 pour la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel

La Conférence générale de l'Organisation des Nations Unies pour l'éducation, la science et la culture, ci-après dénommée UNESCO, réunie à Paris, du 29 septembre au 17 octobre 2003, en sa 32 e session,

Se référant aux instruments internationaux relatifs aux droits de l'homme existants, en particulier à la Déclaration universelle des droits de l'homme de 1948, au Pacte international relatif aux droits économiques, sociaux et culturels de 1966 et au Pacte international relatif aux droits civils et politiques de 1966,

Considérant l'importance du patrimoine culturel immatériel en tant que moteur de la diversité culturelle et garantie du développement durable, comme le souligne la Recommandation de l'UNESCO sur la sauvegarde de la culture traditionnelle et du folklore de 1989, dans la Déclaration universelle de l'UNESCO sur la diversité culturelle de 2001, et dans la Déclaration d'Istanbul de 2002 adoptée par la troisième Table ronde des ministres de la Culture,

Considérant l'interdépendance profonde entre le patrimoine culturel immatériel et le patrimoine culturel et naturel matériel,

Reconnaissant que les processus de mondialisation et de transformation sociale, outre les conditions qu'ils créent pour un dialogue renouvelé entre les communautés, donnent également naissance, tout comme le phénomène de l'intolérance, à de graves menaces de détérioration, de disparition et de destruction du patrimoine culturel immatériel, en raison notamment au manque de ressources pour sauvegarder ce patrimoine,

Reconnaissant que les communautés, en particulier les communautés autochtones, les groupes et, dans certains cas, les individus, jouent un rôle important dans la production, la sauvegarde, l'entretien et la recréation du patrimoine culturel immatériel, contribuant ainsi à enrichir la diversité culturelle et la créativité humaine,

Notant l'impact considérable des activités de l'UNESCO visant à établir des instruments normatifs pour la protection du patrimoine culturel, en particulier la Convention pour la protection du patrimoine mondial culturel et naturel de 1972,

Notant en outre qu'il n'existe encore aucun instrument multilatéral contraignant pour la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel,

Considérant que les accords, recommandations et résolutions internationaux existants concernant le patrimoine culturel et naturel doivent être efficacement enrichis et complétés au moyen de nouvelles dispositions relatives au patrimoine culturel immatériel,

Considérant la nécessité de sensibiliser davantage, notamment parmi les jeunes générations, à l'importance du patrimoine culturel immatériel et à sa sauvegarde,

Considérant que la communauté internationale devrait contribuer, aux côtés des États parties à la présente Convention, à la sauvegarde de ce patrimoine dans un esprit de coopération et d'assistance mutuelle,

Rappelant les programmes de l'UNESCO relatifs au patrimoine culturel immatériel, notamment la Proclamation des chefs-d'œuvre du patrimoine oral et immatériel de l'humanité,

Considérant le rôle inestimable du patrimoine culturel immatériel en tant que facteur de rapprochement des êtres humains et d’échange et de compréhension entre eux,

Adopte la présente Convention, ce dix-septième jour d'octobre 2003.

I. Dispositions générales

Article 1 – Objets de la Convention

Les objectifs de la présente Convention sont les suivants :

(a) sauvegarder le patrimoine culturel immatériel ;

(b) assurer le respect du patrimoine culturel immatériel des communautés, groupes et individus concernés ;

(c) sensibiliser aux niveaux local, national et international à l'importance du patrimoine culturel immatériel et assurer son appréciation mutuelle ;

(d) assurer la coopération et l’assistance internationales.

Article 2 – Définitions

Aux fins de la présente Convention,

1. Le « patrimoine culturel immatériel » désigne les pratiques, représentations, expressions, connaissances, savoir-faire – ainsi que les instruments, objets, artefacts et espaces culturels qui y sont associés – que les communautés, les groupes et, dans certains cas, Dans certains cas, les individus reconnaissent qu’ils font partie de leur patrimoine culturel. Ce patrimoine culturel immatériel, transmis de génération en génération, est constamment recréé par les communautés et les groupes en réponse à leur environnement, à leur interaction avec la nature et à leur histoire, et leur confère un sentiment d'identité et de continuité, favorisant ainsi le respect de la diversité culturelle et créativité humaine. Aux fins de la présente Convention, la considération sera accordée uniquement au patrimoine culturel immatériel compatible avec les instruments internationaux existants relatifs aux droits de l'homme, ainsi qu'avec les exigences de respect mutuel entre les communautés, les groupes et les individus, et de développement durable.

2. Le « patrimoine culturel immatériel », tel que défini au paragraphe 1 ci-dessus, se manifeste notamment dans les domaines suivants :

(a) les traditions et expressions orales, y compris la langue en tant que véhicule du patrimoine culturel immatériel ;

(b) les arts du spectacle;

(c) les pratiques sociales, les rituels et les événements festifs ;

(d) les connaissances et pratiques concernant la nature et l'univers ;

(e) artisanat traditionnel.

3. « Sauvegarde » désigne les mesures visant à assurer la viabilité du patrimoine culturel immatériel, y compris l'identification, la documentation, la recherche, la préservation, la protection, la promotion, la mise en valeur, la transmission, notamment par l'éducation formelle et non formelle, ainsi que la revitalisation. des différents aspects de ce patrimoine.

5. La présente Convention s'applique mutatis mutandis aux territoires visés à l'article 33 qui deviennent parties à la présente Convention conformément aux conditions énoncées dans cet article. Dans cette mesure, l’expression « États parties » désigne également ces territoires.

Article 3 – Relation avec d'autres instruments internationaux

Aucune disposition de la présente Convention ne peut être interprétée comme :

(a) modifiant le statut ou diminuant le niveau de protection en vertu de la Convention de 1972 concernant la protection du patrimoine mondial, culturel et naturel des biens du patrimoine mondial avec lesquels un élément du patrimoine culturel immatériel est directement lié. Associé; ou

(b) affectant les droits et obligations des États parties découlant de tout instrument international relatif aux droits de propriété intellectuelle ou à l'utilisation des ressources biologiques et écologiques auquel ils sont parties.

II. Organes de la Convention

Article 4 – Assemblée générale des États parties

1. Il est créé par la présente une Assemblée générale des États parties, ci-après dénommée « l’Assemblée générale ». L'Assemblée générale est l'organe souverain de cette Convention.

2. L'Assemblée générale se réunit en session ordinaire tous les deux ans. Il peut se réunir en session extraordinaire s'il en décide ainsi ou à la demande soit du Comité intergouvernemental de sauvegarde du patrimoine culturel immatériel, soit d'au moins un tiers des États parties.

3. L'Assemblée générale adopte son propre règlement intérieur.

Article 5 – Comité intergouvernemental pour la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel

1. Un Comité intergouvernemental pour la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel, ci-après dénommé « le Comité », est créé au sein de l'UNESCO. Il sera composé de représentants de 18 États parties, élus par les États parties réunis en Assemblée générale, une fois la présente Convention entrée en vigueur conformément à l'article 34.

2. Le nombre d'États membres du Comité sera porté à 24 lorsque le nombre d'États parties à la Convention aura atteint 50.

Article 6 – Élection et durée des mandats des États membres du Comité

1. L’élection des États membres du Comité obéit aux principes de représentation géographique équitable et de rotation.

2. Les États membres du Comité sont élus pour un mandat de quatre ans par les États parties à la Convention réunis en Assemblée générale.

3. Toutefois, la durée du mandat de la moitié des Etats membres du Comité élus lors de la première élection est limitée à deux ans. Ces Etats seront tirés au sort lors de la première élection.

4. Tous les deux ans, l'Assemblée générale renouvelle la moitié des États membres du Comité.

5. Il élit également autant d'États membres du Comité qu'il est nécessaire pour pourvoir les postes vacants.

6. Un État membre du Comité ne peut être élu pour deux mandats consécutifs.

7. Les États membres du Comité choisissent pour leurs représentants des personnes qualifiées dans les différents domaines du patrimoine culturel immatériel.

Article 7 – Fonctions du Comité

Sans préjudice des autres prérogatives qui lui sont accordées par la présente Convention, les fonctions du Comité sont les suivantes :

(a) promouvoir les objectifs de la Convention, ainsi qu'encourager et surveiller sa mise en œuvre ;

(b) fournir des orientations sur les meilleures pratiques et formuler des recommandations sur les mesures de sauvegarde du patrimoine culturel immatériel ;

(c) préparer et soumettre à l'Assemblée générale pour approbation un projet de plan d'utilisation des ressources du Fonds, conformément à l'article 25 ;

(d) rechercher les moyens d'augmenter ses ressources et prendre les mesures nécessaires à cette fin, conformément à l'article 25 ;

(e) préparer et soumettre à l'Assemblée générale pour approbation des directives opérationnelles pour la mise en œuvre de la présente Convention ;

(f) examiner, conformément à l'article 29, les rapports soumis par les États parties et les résumer pour l'Assemblée générale ;

(g) examiner les demandes présentées par les États parties et statuer à leur sujet, conformément aux critères objectifs de sélection qui seront établis par le Comité et approuvés par l'Assemblée générale pour :

(i) l'inscription sur les listes et propositions mentionnées aux articles 16, 17. et 18 ;

(ii) l’octroi d’une assistance internationale conformément à l’article 22.

Article 8 – Méthodes de travail du Comité

1. Le Comité est responsable devant l'Assemblée générale. Il lui rend compte de toutes ses activités et décisions.

2. Le comité adopte son propre règlement intérieur à la majorité des deux tiers de ses membres.

3. Le Comité peut créer, à titre temporaire, tous les organes consultatifs ad hoc qu'il juge nécessaires pour accomplir sa tâche.

4. Le Comité peut inviter à ses réunions tous organismes publics ou privés, ainsi que des personnes privées, possédant une compétence reconnue dans les différents domaines du patrimoine culturel immatériel, afin de les consulter sur des questions spécifiques.

Article 9 – Accréditation des organismes consultatifs

1. Le Comité proposera à l'Assemblée générale l'accréditation d'organisations non gouvernementales possédant une compétence reconnue dans le domaine du patrimoine culturel immatériel pour agir à titre consultatif auprès du Comité.

2. Le Comité proposera également à l'Assemblée générale les critères et les modalités d'une telle accréditation.

Article 10 – Le Secrétariat

1. Le Comité est assisté par le Secrétariat de l'UNESCO.

2. Le Secrétariat prépare la documentation de l'Assemblée générale et du Comité, ainsi que le projet d'ordre du jour de leurs réunions, et veille à la mise en œuvre de leurs décisions.

III. Sauvegarde du patrimoine culturel immatériel au niveau national

Article 11 – Rôle des États parties

Chaque État partie :

(a) prend les mesures nécessaires pour assurer la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel présent sur son territoire ;

(b) parmi les mesures de sauvegarde visées à l'article 2, paragraphe 3, identifier et définir les différents éléments du patrimoine culturel immatériel présents sur son territoire, avec la participation des communautés, des groupes et des organisations non gouvernementales compétentes.

Article 12 – Inventaires

1. Afin d'assurer l'identification en vue de la sauvegarde, chaque État partie dresse, de manière adaptée à sa propre situation, un ou plusieurs inventaires du patrimoine culturel immatériel présent sur son territoire. Ces inventaires seront régulièrement mis à jour.

2. Lorsque chaque État partie soumet périodiquement son rapport au Comité, conformément à l'article 29, il fournit des informations pertinentes sur ces inventaires.

Article 13 – Autres mesures de sauvegarde

Pour assurer la sauvegarde, le développement et la promotion du patrimoine culturel immatériel présent sur son territoire, chaque État partie s'efforce de :

(a) adopter une politique générale visant à promouvoir la fonction du patrimoine culturel immatériel dans la société et à intégrer la sauvegarde de ce patrimoine dans les programmes de planification ;

(b) désigner ou établir un ou plusieurs organismes compétents pour la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel présent sur son territoire ;

(c) favoriser les études scientifiques, techniques et artistiques, ainsi que les méthodologies de recherche, en vue d'une sauvegarde efficace du patrimoine culturel immatériel, en particulier du patrimoine culturel immatériel en péril ;

(d) adopter des mesures juridiques, techniques, administratives et financières appropriées visant à :

(i) favoriser la création ou le renforcement d'institutions de formation à la gestion du patrimoine culturel immatériel et la transmission de ce patrimoine à travers des forums et des espaces destinés à la représentation ou son expression ;

(ii) garantir l'accès au patrimoine culturel immatériel tout en respectant les pratiques coutumières régissant l'accès à des aspects spécifiques de ce patrimoine ;

(iii) créer des institutions de documentation sur le patrimoine culturel immatériel et faciliter l'accès à celles-ci.

Article 14 – Éducation, sensibilisation et renforcement des capacités

Chaque État partie s'efforce, par tous les moyens appropriés, de :

(a) assurer la reconnaissance, le respect et la valorisation du patrimoine culturel immatériel dans la société, notamment par :

(i) des programmes éducatifs, de sensibilisation et d'information, visant auprès du grand public, notamment des jeunes ;

(ii) des programmes spécifiques d'éducation et de formation au sein des communautés et groupes concernés ;

(iii) les activités de renforcement des capacités pour la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel, en particulier la gestion et la recherche scientifique ; et

(iv) les moyens non formels de transmission des connaissances ;

(b) tenir le public informé des dangers qui menacent ce patrimoine et des activités menées en application de la présente Convention ;

(c) promouvoir l'éducation à la protection des espaces naturels et des lieux de mémoire dont l'existence est nécessaire à l'expression du patrimoine culturel immatériel.

Article 15 – Participation des communautés, groupes et individus

Dans le cadre de ses activités de sauvegarde du patrimoine culturel immatériel, chaque État partie s'efforce d'assurer la participation la plus large possible des communautés, des groupes et, le cas échéant, des individus qui créent, entretiennent et transmettent ce patrimoine, et de les impliquer activement dans ses activités. Gestion.

IV. Sauvegarde du patrimoine culturel immatériel au niveau international

Article 16 – Liste représentative du patrimoine culturel immatériel de l'humanité

1. Afin d'assurer une meilleure visibilité du patrimoine culturel immatériel et une meilleure prise de conscience de son importance, et d'encourager un dialogue respectueux de la diversité culturelle, le Comité, sur proposition des États parties concernés, établit, tient à jour et publie un Liste représentative du patrimoine culturel immatériel de l'humanité.

2. Le Comité élabore et soumet à l'approbation de l'Assemblée générale les critères d'établissement, de mise à jour et de publication de cette Liste représentative.

Article 17 – Liste du patrimoine culturel immatériel nécessitant une sauvegarde urgente

1. En vue de prendre les mesures de sauvegarde appropriées, le Comité établira, tiendra à jour et publiera une Liste du patrimoine culturel immatériel nécessitant une sauvegarde urgente, et inscrira ce patrimoine sur la liste à la demande de l'État partie concerné.

2. Le Comité élabore et soumet à l'approbation de l'Assemblée générale les critères d'établissement, de mise à jour et de publication de cette liste.

3. En cas d'extrême urgence – dont les critères objectifs seront approuvés par l'Assemblée générale sur proposition du Comité – le Comité peut inscrire un élément du patrimoine concerné sur la Liste mentionnée au paragraphe 1, en consultation avec l'État. Partie concernée.

Article 18 – Programmes, projets et activités pour la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel

1. Sur la base des propositions soumises par les États parties et conformément aux critères qui seront définis par le Comité et approuvés par l'Assemblée générale, le Comité sélectionne et promeut périodiquement des programmes, projets et activités nationaux, sous-régionaux et régionaux pour la sauvegarde. du patrimoine qui, à son avis, reflètent le mieux les principes et les objectifs de la présente Convention, en tenant compte des besoins particuliers des pays en développement.

2. A cette fin, il reçoit, examine et approuve les demandes d'assistance internationale des États parties pour l'élaboration de ces propositions.

3. Le Comité accompagne la mise en œuvre de ces projets, programmes et activités en diffusant les meilleures pratiques par des moyens qu'il déterminera.

V. Coopération et assistance internationales

Article 19 – Coopération

1. Aux fins de la présente Convention, la coopération internationale comprend, entre autres, l'échange d'informations et d'expériences, les initiatives conjointes et la mise en place d'un mécanisme d'assistance aux États parties dans leurs efforts de sauvegarde du patrimoine culturel immatériel.

2. Sans préjudice des dispositions de leur législation nationale et de leur droit et pratiques coutumiers, les États parties reconnaissent que la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel présente un intérêt général pour l'humanité et, à cette fin, s'engagent à coopérer aux niveaux bilatéral, sous-régional, régional et niveaux internationaux.

Article 20 – Finalités de l'assistance internationale

L'assistance internationale peut être accordée aux fins suivantes:

(a) la sauvegarde du patrimoine inscrit sur la Liste du patrimoine culturel immatériel nécessitant une sauvegarde urgente ;

(b) l'établissement d'inventaires au sens des articles 11 et 12;

(c) le soutien aux programmes, projets et activités menés aux niveaux national, sous-régional et régional visant à la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel ;

(d) à toute autre fin que le Comité peut juger nécessaire.

Article 21 – Formes d'assistance internationale

L'assistance accordée par le Comité à un État partie est régie par les directives opérationnelles prévues à l'article 7 et par l'accord visé à l'article 24, et peut prendre les formes suivantes :

(a) des études concernant divers aspects de la sauvegarde ;

(b) la mise à disposition d'experts et de praticiens ;

(c) la formation de tout le personnel nécessaire ;

(d) l'élaboration de mesures normatives et autres;

(e) la création et l'exploitation d'infrastructures;

(f) la fourniture d'équipements et de savoir-faire;

(g) d'autres formes d'assistance financière et technique, y compris, le cas échéant, l'octroi de prêts à faible taux d'intérêt et de dons.

Article 22 – Conditions régissant l'assistance internationale

1. Le Comité établit la procédure d'examen des demandes d'assistance internationale et précise les informations qui doivent figurer dans les demandes, telles que les mesures envisagées et les interventions requises, ainsi qu'une évaluation de leur coût.

2. En cas d'urgence, les demandes d'assistance sont examinées en priorité par le comité.

3. Afin de parvenir à une décision, le Comité entreprendra les études et consultations qu'il jugera nécessaires.

Article 23 – Demandes d'assistance internationale

1. Chaque État partie peut soumettre au Comité une demande d'assistance internationale pour la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel présent sur son territoire.

2. Une telle demande peut également être soumise conjointement par deux ou plusieurs États parties.

3. La demande comprend les informations prévues à l'article 22, paragraphe 1, ainsi que les documents nécessaires.

Article 24 – Rôle des États parties bénéficiaires

1. Conformément aux dispositions de la présente Convention, l'assistance internationale accordée est réglementée par le biais d'un accord entre l'État partie bénéficiaire et le Comité.

2. En règle générale, l'État partie bénéficiaire partage, dans la limite de ses ressources, le coût des mesures de sauvegarde pour lesquelles une assistance internationale est fournie.

3. L'État partie bénéficiaire soumet au Comité un rapport sur l'utilisation faite de l'assistance fournie pour la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel.

VI. Fonds du patrimoine culturel immatériel

Article 25 – Nature et ressources du Fonds

1. Un « Fonds pour la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel », ci-après dénommé « le Fonds », est créé par les présentes.

2. Le Fonds est constitué de fonds-en-dépôt établis conformément au Règlement financier de l'UNESCO.

3. Les ressources du Fonds comprennent :

(a) les contributions versées par les États parties ;

(b) les fonds affectés à cet effet par la Conférence générale de l'UNESCO ;

(c) les contributions, dons ou legs qui peuvent être faits par :

(i) d'autres États ;

(ii) les organisations et programmes du système des Nations Unies, notamment le Programme des Nations Unies pour le développement, ainsi que d'autres organisations internationales ;

(iii) des organismes ou des particuliers publics ou privés ;

(d) tout intérêt dû sur les ressources du Fonds ;

(e) les fonds collectés grâce aux collectes et les recettes des événements organisés au profit du Fonds ;

(f) toutes autres ressources autorisées par le règlement du Fonds, à arrêter par le Comité.

4. L'utilisation des ressources par le Comité est décidée sur la base des lignes directrices établies par l'Assemblée générale.

5. Le Comité peut accepter des contributions et d'autres formes d'assistance à des fins générales et spécifiques liées à des projets spécifiques, à condition que ces projets aient été approuvés par le Comité.

6. Aucune condition politique, économique ou autre incompatible avec les objectifs de la présente Convention ne peut être attachée aux contributions versées au Fonds.

Article 26 – Contributions des États parties au Fonds

1. Sans préjudice de toute contribution volontaire supplémentaire, les États parties à la présente Convention s'engagent à verser au Fonds, au moins tous les deux ans, une contribution dont le montant, sous la forme d'un pourcentage uniforme applicable à tous les États, sera être déterminé par l’Assemblée générale. Cette décision de l'Assemblée générale est prise à la majorité des États parties présents et votants qui n'ont pas fait la déclaration visée au paragraphe 2 du présent article. En aucun cas la contribution de l’État partie ne pourra dépasser 1 % de sa contribution au budget ordinaire de l’UNESCO.

2. Toutefois, chaque Etat visé à l'article 32 ou à l'article 33 de la présente Convention peut déclarer, lors du dépôt de ses instruments de ratification, d'acceptation, d'approbation ou d'adhésion, qu'il ne sera pas lié par les dispositions du paragraphe 1 du présent article.

3. Un État partie à la présente Convention qui a fait la déclaration visée au paragraphe 2 du présent article s'efforce de retirer ladite déclaration en le notifiant au Directeur général de l'UNESCO. Toutefois, le retrait de la déclaration ne prendra effet en ce qui concerne la contribution due par l'État qu'à la date d'ouverture de la session suivante de l'Assemblée générale.

4. Afin de permettre au Comité de planifier efficacement ses opérations, les contributions des États parties à la présente Convention qui ont fait la déclaration visée au paragraphe 2 du présent article seront versées sur une base régulière, au moins tous les deux ans, et devraient être aussi proches que possible des cotisations qu'ils auraient dues s'ils avaient été liés par les dispositions du paragraphe 1 du présent article.

5. Tout État partie à la présente Convention qui est en retard dans le paiement de sa contribution obligatoire ou volontaire pour l'année en cours et l'année civile qui la précède immédiatement ne sera pas éligible en tant que membre du Comité ; cette disposition ne s'applique pas à la première élection. Le mandat de tout Etat déjà membre du Comité prendra fin lors des élections prévues à l'article 6 de la présente Convention.

Article 27 – Contributions supplémentaires volontaires au Fonds

Les États parties souhaitant fournir des contributions volontaires en plus de celles prévues à l'article 26 en informent le Comité dans les plus brefs délais, afin de lui permettre de planifier ses opérations en conséquence.

Article 28 – Campagnes internationales de collecte de fonds

Les États parties apportent, dans la mesure du possible, leur soutien aux campagnes internationales de collecte de fonds organisées au profit du Fonds sous les auspices de l'UNESCO.

VII. Rapports

Article 29 – Rapports des États parties

Les États parties soumettent au Comité, dans le respect des formes et de la périodicité à définir par le Comité, des rapports sur les mesures législatives, réglementaires et autres prises pour la mise en œuvre de la présente Convention.

Article 30 – Rapports du Comité

1. Sur la base de ses activités et des rapports des États parties visés à l'article 29, le Comité soumet un rapport à l'Assemblée générale à chacune de ses sessions.

2. Le rapport est porté à l'attention de la Conférence générale de l'UNESCO.

VIII. Clause transitoire

Article 31 – Relation avec la proclamation des chefs-d'œuvre du patrimoine oral et immatériel de l'humanité

1. Le Comité insère dans la Liste représentative du patrimoine culturel immatériel de l'humanité les éléments proclamés « Chefs-d'œuvre du patrimoine oral et immatériel de l'humanité » avant l'entrée en vigueur de la présente Convention.

2. L'inscription de ces éléments sur la Liste représentative du patrimoine culturel immatériel de l'humanité ne préjuge en aucun cas des critères d'inscriptions futures décidés conformément à l'article 16, paragraphe 2.

3. Aucune autre proclamation ne sera faite après l'entrée en vigueur de la présente Convention.

IX. Clauses finales

Article 32 – Ratification, acceptation ou approbation

1. La présente Convention est soumise à la ratification, à l'acceptation ou à l'approbation des États membres de l'UNESCO conformément à leurs procédures constitutionnelles respectives.

2. Les instruments de ratification, d'acceptation ou d'approbation seront déposés auprès du Directeur général de l'UNESCO.

Article 33 – Adhésion

1. La présente Convention est ouverte à l'adhésion de tous les États non membres de l'UNESCO invités par la Conférence générale de l'UNESCO à y adhérer.

2. La présente Convention sera également ouverte à l'adhésion des territoires qui jouissent d'une pleine autonomie interne reconnue comme telle par les Nations Unies, mais qui n'ont pas atteint la pleine indépendance conformément à la résolution 1514 (XV) de l'Assemblée générale, et qui ont compétence sur les questions régies par la présente Convention, y compris la compétence pour conclure des traités concernant ces questions.

3. L'instrument d'adhésion sera déposé auprès du Directeur général de l'UNESCO.

Article 34 – Entrée en vigueur

La présente Convention entrera en vigueur trois mois après la date du dépôt du trentième instrument de ratification, d'acceptation, d'approbation ou d'adhésion, mais uniquement à l'égard des États qui auront déposé leurs instruments respectifs de ratification, d'acceptation, d'approbation ou d'adhésion le ou avant cette date. Il entrera en vigueur à l'égard de tout autre État partie trois mois après le dépôt de son instrument de ratification, d'acceptation, d'approbation ou d'adhésion.

Article 35 – Systèmes constitutionnels fédéraux ou non unitaires

Les dispositions suivantes s'appliquent aux États parties qui ont un système constitutionnel fédéral ou non unitaire :

(a) en ce qui concerne les dispositions de la présente Convention, dont la mise en œuvre relève de la compétence juridique du pouvoir législatif fédéral ou central, les obligations du gouvernement fédéral ou central est la même que pour les États parties qui ne sont pas des États fédéraux ;

(b) en ce qui concerne les dispositions de la présente Convention, dont la mise en œuvre relève de la compétence des différents États, pays, provinces ou cantons qui ne sont pas obligés par le système constitutionnel de la fédération de prendre des mesures législatives, le gouvernement fédéral doit informer les autorités compétentes de ces États, pays, provinces ou cantons desdites dispositions, avec sa recommandation pour leur adoption.

Article 36 – Dénonciation

1. Chaque État partie peut dénoncer la présente Convention.

2. La dénonciation sera notifiée par un instrument écrit déposé auprès du Directeur général de l'UNESCO.

3. La dénonciation prendra effet douze mois après la réception de l'instrument de dénonciation. Il n'affecte en rien les obligations financières de l'État partie dénonciateur jusqu'à la date à laquelle le retrait prend effet.

Article 37 – Fonctions du dépositaire

Le Directeur général de l'UNESCO, en tant que Dépositaire de la présente Convention, informe les États membres de l'Organisation, les États non membres de l'Organisation visés à l'article 33, ainsi que l'Organisation des Nations Unies, du dépôt de tous les instruments. de ratification, d'acceptation, d'approbation ou d'adhésion prévues aux articles 32 et 33, et des dénonciations prévues à l'article 36.

Article 38 – Modifications

1. Un État partie peut, par communication écrite adressée au Directeur général, proposer des amendements à la présente Convention. Le Directeur général diffuse cette communication à tous les États parties. Si, dans un délai de six mois à compter de la date de diffusion de la communication, au moins la moitié des États parties répondent favorablement à la demande, le Directeur général présente cette proposition à la prochaine session de l'Assemblée générale pour discussion et éventuelle adoption.

2. Les amendements sont adoptés à la majorité des deux tiers des États parties présents et votants.

3. Une fois adoptés, les amendements à la présente Convention seront soumis aux États parties pour ratification, acceptation, approbation ou adhésion.

4. Les amendements entrent en vigueur, mais uniquement à l'égard des États parties qui les ont ratifiés, acceptés, approuvés ou y ont adhéré, trois mois après le dépôt des instruments visés au paragraphe 3 du présent article par les deux tiers des États parties. Par la suite, pour chaque État partie qui ratifie, accepte, approuve ou adhère à un amendement, ledit amendement entrera en vigueur trois mois après la date de dépôt par cet État partie de son instrument de ratification, d'acceptation, d'approbation ou d'adhésion.

5. La procédure décrite aux paragraphes 3 et 4 ne s'applique pas aux amendements à l'article 5 concernant le nombre d'États membres du Comité. Ces amendements entreront en vigueur au moment de leur adoption.

6. Un État qui devient Partie à la présente Convention après l'entrée en vigueur d'amendements conformément au paragraphe 4 du présent article sera, à défaut d'expression d'intention différente, considéré:
(a) comme Partie à la présente Convention telle qu'amendée. ; et
(b) en tant que Partie à la Convention non amendée à l'égard de tout État Partie non lié par les amendements.

Article 39 – Textes faisant autorité

La présente Convention a été rédigée en anglais, arabe, chinois, espagnol, français et russe, les six textes faisant également foi.

Article 40 – Inscription

Conformément à l'article 102 de la Charte des Nations Unies, la présente Convention sera enregistrée au Secrétariat des Nations Unies à la demande du Directeur général de l'UNESCO. FAIT à Paris, le troisième jour de novembre 2003, en deux exemplaires authentiques portant la signature du Président de la 32e session de la Conférence générale et du Directeur général de l'UNESCO. Ces deux exemplaires seront déposés dans les archives de l'UNESCO. Des copies certifiées conformes seront délivrées à tous les États visés aux articles 32 et 33, ainsi qu'à l'Organisation des Nations Unies.

La femme et le patrimoine culturel immatériel en Tunisie: sauvegarde, transmission et valorisation

Résumé

Les femmes ont longtemps joué un rôle crucial dans la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel (PCI), en tant que gardiennes et praticiennes des savoirs, savoir-faire, pratiques sociales et rituelles. Leur engagement dans cette préservation se manifeste à travers diverses formes : technique, artistique, économique, culturelle et sociale. Leur implication dans l'élaboration des candidatures pour l'inscription des éléments du PCI sur les listes de l'UNESCO revêt une importance capitale, facilitant la reconnaissance et la mise en valeur de ce patrimoine à l'échelle nationale et internationale.

Ce travail prétend clarifier le rôle des femmes dans l’effort de sauvegarde du patrimoine culturel immatériel, notamment les femmes artisanes, à travers des exemples, tout en démontrant leur influence dans la transmission culturelle et sociale, ainsi que les rapports qu'elles entretiennent avec ce patrimoine afin d’assurer sa pérennité. Mots clés : femme, patrimoine culturel immatériel, sauvegarde, valorisation, Unesco.

Mots-clés : Femme, Patrimoine Culturel, Immatériel, Sauvegarde, Valorisation, Unesco.

Abstract

Actively participating in the safeguarding of intangible cultural heritage (ICH), women have always played an essential role in the preservation and transmission of this heritage as holders and practitioners of knowledge, skills as well as social and ritual practices. Their intervention in the field takes different forms: technical, artistic, economic, cultural and social. Their participation in the development of application files for the inscription of ICH elements on the UNESCO lists is central; they contribute to the promotion of this heritage at the national and international level.

This work aims to clarify the role of women in the effort to safeguard intangible cultural heritage, particularly artisans’ women, through examples, while demonstrating their influence in cultural and social transmission, as well as the relationships they maintain with this heritage in order to ensure its sustainability.

Keywords: Woman, Intangible Cultural Heritage, Safeguarding, Valorization, UNESCO.

ملخّص

من خلال مشاركتها بنشاط في صون التراث الثقافي غير المادي، لعبت المرأة دائمًا دورًا أساسيًا في الحفاظ على هذا التراث ونقله كحاملات وممارسات للمعارف والمهارات وكذلك الممارسات الاجتماعية والطقوسية. ويتخذ تدخلهم في الميدان أشكالا مختلفة: فنية وتقنية واقتصادية وثقافية واجتماعية. وتعد مشاركتهم في تطوير ملفات الطلبات الخاصة بإدراج عناصر التراث الثقافي غير المادي في قوائم اليونسكو أمرًا أساسيًا؛ ويساهمون في تعزيز هذا التراث على المستوى الوطني والدولي. يهدف هذا العمل إلى توضيح دور المرأة في الجهود المبذولة لحماية التراث الثقافي غير المادي، خاصة الحرفيات منها، مع إظهار تأثيرها في النقل الثقافي والاجتماعي، فضلا عن العلاقات التي تسمح بالمحافظة عليها وعلى هذا التراث حتى يتم استمراره واستدامته.

الكلمات المفتاحية : المرأة ، تراث ثقافي غير مادي ، حماية ، تثمين ، اليونسكو.

Introduction

Abdelaziz Thaâlbi considère « La femme comme étant la gardienne de la famille et la conservatrice de la société ». Depuis longtemps en effet, les femmes n’ont jamais cessé d’accumuler des savoirs, d’exercer des savoir-faire et d’accomplir des pratiques sociales et rituelles qu’elles ont assimilées, quels que soient leur statut et leur appartenance sociale et culturelle. Elles furent toujours impliquées dans la sauvegarde et la transmission du patrimoine culturel immatériel (PCI). Leur prédilection pour la préservation de ce patrimoine est en quelque sorte un instinct naturel. Certaines sont considérées comme des gardiennes de la mémoire collective et des traditions locales. Cet intérêt pour le PCI prend plusieurs formes : technique, artistique, économique, culturelle et sociale. Il existe de différentes manières d’interventions féminines face à une culture locale riche et diversifiée. Des connaissances, des techniques et des méthodes ancestrales, constituent l’objet d’une préservation continue, en tant que marqueurs d’identité et facteurs de dialogue et de cohésion sociale entre les générations. La convention de 2003 pour la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel marque un succès certain auprès des femmes des communautés concernées.

Les femmes, soucieuses de préserver un patrimoine culturel vivant et durable, s'investissent dans la préservation de la mémoire collective et la narration de l'histoire de leur société. Dans le domaine du patrimoine culturel immatériel, elles participent activement à la définition et à la transmission des rôles de genre, dans un rapport de collaboration mutuelle. Cette étude vise à mettre en avant l'implication des femmes tunisiennes dans la préservation du patrimoine culturel immatériel, les pratiques sociales qui en découlent, ainsi que leur transmission et leur valorisation. Il s’agit de s’interroger sur l’influence des femmes dans ce processus de transmission culturelle et sociale et de démontrer le lien qu’elles ont pu entretenir vis-à-vis du PCI, notamment les femmes artisanes en tant que détentrices mais surtout praticiennes de ce patrimoine. Cette recherche découle d'une initiative menée dans le cadre de l'Inventaire du patrimoine culturel immatériel national, ainsi que de la préparation des dossiers de candidature en vue de l'inscription des éléments sur la Liste représentative du patrimoine culturel immatériel de l'humanité de l'UNESCO. Ce qui constitue un terrain fertile qui a permis de démontrer les efforts féminins déployés à ce propos, au sein de la société civile et à partir d’exemples concrets, profitant des différentes données ethnographiques collectées.

1. Savoirs et savoir-faire féminins : apprentissage et transmission entre passé et présent, l’informel et le formel

On ne peut aborder la question des femmes qui sont les détentrices et praticiennes d’une série de savoirs, pratiques sociales et savoir-faire, sans pour autant se référer à la manière dont elles ont pu les acquérir pour pouvoir les assumer et les transmettre. Au fil des années, l’apprentissage a évolué au-delà du cadre traditionnel vers un cadre moderne, créé après de profondes mutations qui ont entraîné un changement fondamental dans l’histoire du pays. Il est intéressant de connaître brièvement l’aspect traditionnel de cet apprentissage et sa figure moderne due à l’influence de ce changement, qui a constitué un tournant décisif dans l’histoire des femmes en Tunisie et de ce qu’elles préservent en tant que savoirs et savoir-faire féminins ancestraux.

1.1. Noyau éducatif traditionnel et cadre informel

L'acquisition d’un ensemble de savoirs et savoir-faire constitue une condition primordiale à l'éducation des filles dans les sociétés traditionnelles, où les familles se soucient d'enseigner à leurs filles les fondements d’une future vie conjugale et sociale. Les savoir-faire pratiqués par les femmes sont généralement des connaissances acquises à travers les traditions et les habitudes dès leur jeune âge, dans un cadre éducatif familial. Les traditions font que depuis l’enfance « on préparait les filles à jouer ce rôle : dans leur éducation, par l’apprentissage des travaux d’aiguille, ou la broderie, la dentelle, et tout ce qu’on appelait autrefois ouvrages de dames précisément, occupa une place considérable.» (Duby, Perrot, 1992, 14).

Un tel apprentissage était principalement destiné aux citadines, plus précisément aux filles issues de familles aristocrates avant d'être popularisées auprès d'autres classes sociales ainsi que dans les zones rurales. Les filles des milieux ruraux avaient des occupations plus traditionnelles, comme le modelage de la poterie et le tissage de la laine. Le milieu rural est un monde où « toutes les femmes tunisiennes étaient peu ou prou des artisanes qui héritaient des savoir-faire transmis dans un cadre familial ou communautaires. » (Baklouti, 2023, 31).

La famille est le premier noyau d’éducation et d’apprentissage des savoirs, savoir-faire et pratiques sociales. Les jeunes filles étaient prises en main tout d'abord par leurs mères, parfois par leurs grands-mères, ou par leurs sœurs aînées et aussi par leurs parentes, qui leur transmettaient ce qu'elles maîtrisaient comme travaux manuels. « Quelle personne mieux que la mère peut s’acquitter de cette délicate mission et inculquer à la jeunesse musulmane. » (Zmerli, 1909, 289).

De leur côté, les jeunes filles apprenaient grâce à l’observation participante, en profitant des travaux exécutés chez elles, qui sont partagés entre individus et groupes, et systématiquement transmis au sein des familles. Autrefois, en milieu urbain, la m‘alma ou maîtresse-artisane, inculquait aux jeunes filles toutes sortes de savoir-faire et d'arts féminins comme la couture, le tissage, la broderie ou la dentelle à l’aiguille. Elle les préparait ainsi à la vie future : l'hygiène de vie, l'économie domestique et les bonnes manières à table ; parfois-même, elle leur donnait des leçons de cuisine. « Il s’agi(ssai)t d’un titre honorifique attribué aux femmes jugées dignes d'instruire une nouvelle génération, qui ont les capacités requises pour transmettre des savoirs et des savoir-faire, au milieu d’un ensemble d’habitudes et de coutumes » (Ben Barka, 2023, 502). La m‘alma était une éminente défenseure du patrimoine artisanal en dehors du cadre officiel, spécialement dans l’espace traditionnel de l’apprentissage qui est la maison. Mais peu à peu, elle a dû céder la place à de nouveaux espaces d'apprentissage, créés par l’administration coloniale.

1.2. Nouvelles méthodes d'apprentissage formelles et modernes

Suite à l'intervention coloniale en Tunisie en 1881, les autorités françaises, portant intérêt à l'éducation des jeunes filles musulmanes, créèrent de nouveaux noyaux de formation professionnelle hors du contexte familial. En fait, l'enseignement technique et professionnel des filles tunisiennes a commencé avec la création des écoles de jeunes filles musulmanes, dont la première a été créée en 1900 dans la ville de Tunis (Tsourikoff, 1935, 89). Ces écoles qui assuraient aux fillettes un enseignement pratique basé sur des travaux manuels et un apprentissage utilitaire à aspect professionnel, étaient consacrées aux filles d’aristocrates et de notables. Parallèlement à ces nouvelles fondations, il existait également des ouvroirs et des ateliers créés par des religieuses catholiques appelées les Sœurs blanches, au début du XXe siècle, pour les filles pauvres (Soumille, 2000, 289). Ces œuvres prirent la forme d’institutions qui se répandaient dans tous les pays d'Afrique du Nord, ou plutôt dans les colonies françaises de l'époque. (La Tunisie catholique, 1925). Les écoles de jeunes filles musulmanes se sont développées pour prendre le nom d’écoles franco-arabes. Ensuite, des établissements d’enseignement technique publics et privés furent crées, pour finir avec les centres de formation professionnelle féminins, créés par arrêté du 19 juillet 1944 (Bakalti, 2000, 304). Les savoirs et les savoir-faire furent désormais partie prenante de l’enseignement moderne de la fille musulmane. L'indépendance acquise, le processus d'enseignement technique et professionnel s'est largement consolidé, et cela se poursuit encore aujourd'hui. Certains établissements d'enseignement et de formation technique de la période coloniale existent encore, auxquels s'ajoutent des établissements d'enseignement professionnel. Le Ministère de la formation professionnelle et de l'emploi joue un rôle capital à différents niveaux notamment la pratique et la transmission en passant par l'apprentissage des savoir-faire artisanaux aux jeunes, notamment les filles. Les maîtres-artisans spécialisés dans les métiers traditionnels sont sollicités pour transmettre les procédés techniques, qui passent par des programmes d'enseignement et de formation professionnelle.

L'artisanat et l'art sont deux notions concomitantes, qui vont de paire avec la majorité des activités artisanales féminines ; c'est ainsi que certains instituts supérieurs dispensent des cours destinés à développer les aspects artistiques de certaines activités artisanales. Le Ministère de l'enseignement supérieur et de la recherche scientifique a sous sa coupe un ensemble d'universités et d'établissements supérieurs dont certains sont spécialisés dans le patrimoine culturel, comme l’Institut supérieur des métiers du patrimoine et les Instituts supérieurs des arts et métiers parsemés à travers le pays. Ces établissements assurent des cours en différentes matières artisanales, suivis de stages et de formations appliquées, le tout encadré par des enseignants mais également par des artisans et artisanes. Des diplômes en métiers du patrimoine, en patrimoine traditionnel et en arts sont décernés aux étudiants et étudiantes. Aujourd’hui, la m‘alma est une institution qui n’a plus d’existence ; très peu sont les familles qui continuent encore à transmettre les savoir-faire artisanaux à leurs filles, surtout dans le contexte familial, dès l’enfance. Des centres de formation professionnelle qui permettent aux jeunes filles d'acquérir une gamme de compétences et d'arts qui ne manquent pas de cachet artisanal, prennent la relève. Les artisanes d'aujourd'hui sont soit celles qui ont appris chez elles, soit celles, diplômées des centres de formation professionnelle. Cette complémentarité entre l'informel et le formel a donné naissance à une nouvelle génération de praticiennes instruites et ouvertes aux autres cultures, dont la naissance remonte à l'époque coloniale et dont le développement est significativement assuré après l’indépendance. Selon un recensement effectué par l'Office national tunisien de l'artisanat, 80% des artisans sont des femmes, dont 60% vivent et produisent en milieu rural.

Fig. 1: Tissage traditionnel

© Ismahen Ben Barka, El Jem 2017

Ces artisanes et leurs ancêtres ont su exercer et transmettre savoir et savoir-faire en toute fierté. Elles cherchent à mettre en valeur le talent féminin mais aussi à atteindre leur autonomie économique et leur indépendance financière. Bref, comme on le verra, elles ont pu transcender le patrimoine national pour en faire un patrimoine mondial en lui assurant une valorisation au niveau international.

2. Exemples de connaissances et de pratiques féminines: la poterie modelée de Sejnane et la harissa artisanale, qui sont passé du patrimoine national au patrimoine mondial

Le domaine des savoirs et savoir-faire artisanaux constitue un champ vaste et riche d’activités féminines très diverses, héritées et transmises de génération en génération.

Ces deux savoir-faire, bénéficiant de l'expertise des femmes, ont été inscrits sur la Liste représentative du patrimoine culturel immatériel de l'humanité de l'UNESCO. Il s'agit des "Savoir-faire liés à la poterie modelée des femmes de Sejnane" (2012) et de "La harissa : savoirs, savoir-faire et pratiques culinaires et sociales" (2022). Des éléments du PCI qui incarnent l'identité et l'héritage culturel transmis par les ancêtres, ainsi que la source de subsistance pour de nombreuses familles, revêtant ainsi une importance économique et sociale significative.

2.1. La poterie modelée des femmes de Sejnane : un savoir-faire féminin par excellence.

La poterie est produite en Tunisie depuis les temps les plus reculés, elle se divise en deux catégories : la poterie tournée et la poterie modelée. La première constitue une activité masculine pratiquée dans certaines régions, dans des ateliers situés en milieu urbain ; la seconde est une activité féminine domestique, exercée en milieu rural. Elle est répartie sur tout le territoire tunisien, mais très répandue dans certaines régions par rapport à d’autres, telles que Barrama, Takelsa, Menzel Fersi, El-Jem, quelques villages berbérophones du Sud tunisien et surtout Sejnane. Le village de Sejnane se situe au Nord-Ouest du pays, dans le gouvernorat de Bizerte. Là, les femmes modèlent une poterie originale à l’aide d'outils rudimentaires et de matières premières abondantes dans la région. L’argile est extraite aux alentours du village par les femmes, qui se lèvent tôt le matin et vont la chercher et la transporter dans des caisses en plastiques. Découpée en mottes, l'argile est débarrassée de ses impuretés, nettoyée puis trempée dans de l'eau pour être prête au façonnage. Elle est ensuite malaxée avec un dégraissant appelé tafoun (poudre issue de tessons concassés) pour obtenir un mélange homogène après pétrissage. La poterie modelée de Sejnane conserve encore les gestes des Anciens comme le malaxage, le pétrissage, le façonnage, l’ansevage, le séchage, le polissage, la cuisson et la décoration. Cette dernière se compose de différentes formes géométriques et parfois de motifs animaux. Du coup, la fonction utilitaire se trouve renforcée par une fonction esthétique qui reflète un sens artistique spontané, mais affirmé.

Il est crucial de mettre en évidence l'aspect créatif et l'esprit d'innovation de ces femmes artisanes, qu'elles soient citadines ou rurales, dans plusieurs activités artisanales, spécialement dans l'artisanat d'art, introduisant des formes nouvelles et des palettes de couleurs inédites. Elles combinent aussi différentes matières premières, donnant ainsi un aspect commun de la pratique artisanale des femmes. Ces ajouts confèrent à l'objet une nouvelle âme et une nouvelle vie qui conviennent aux goûts de l'époque, tout en lui permettant de se développer en tant que patrimoine vivant. Ils lui assurent une sorte de changement et lui permettent ainsi d’évoluer et de se développer d’une génération à l’autre. « Tant dans les domaines de l’art, des techniques manuelles, que dans les savoir-faire et l’artisanat, il est frappant de constater combien la réussite des femmes est souvent liée à des méthodes et à des pratiques simples et naturelles. » (Skik, 2010, 129)

Fig. 2 : Potière de Sejnane pratique son savoir-faire

© Fiche d’inventaire :"Savoir-faire liés à la poterie modelée des femmes de Sejnane" 2017

Parfois, dans l'exercice de leurs activités, les potières se retrouvent entourées de leurs filles ou belles-filles ou de leurs proches, qui souhaitent apprendre ces savoir-faire et profiter de l'observation des différentes étapes. Les anciennes potières interviennent auprès des nouvelles qui manquent de compétences et d'expérience, leur assurant un bon apprentissage et donc une production de bonne qualité. De même, elles n’épargnent pas d’efforts auprès des jeunes filles pour les convaincre de l’importance d’acquérir des compétences manuelles et apprendre ces savoir-faire. Elles contribuent ainsi à assurer entente et cohésion sociale entre les détentrices et les praticiennes de ces pratiques artisanales, et favorisent le dialogue intergénérationnel, tout en fondant de réelles compétences économiques et sociales. Un grand nombre de femmes du village s’adonnent à cet artisanat, et malgré sa stagnation d’une période à une autre et la régression de sa pratique au niveau local, de nombreuses potières sont encore fières de leurs savoir-faire hérités de leurs mères et grand-mères. Elles continuent à modeler tout en maintenant la qualité de leurs produits. Grâce à ce travail manuel, les femmes du village ont pu acquérir une autonomie économique et financière, et contribuer aux dépenses de leurs familles. Elles ont réussi à lier ces savoir-faire au développement durable de la région et à établir une activité économique stable et régulièrement exercée, tout en contribuant au respect de la durabilité de l'environnement, en rapport à la principale matière première : l'argile.

L’inscription des "savoir-faire liés à la poterie modelée des femmes de Sejnane" sur la Liste représentative du patrimoine culturel immatériel de l’humanité en 2018, est le premier élément tunisien inscrit. Ce qui a créé une grande dynamique autour du PCI. Les potières de Sejnane ont éprouvé un sentiment de fierté, conférant ainsi une satisfaction nationale. Il y a eu par ailleurs une prise de conscience quant à l'importance du patrimoine culturel devenu dès lors visible. Cette inscription est également considérée comme une forme importante de valorisation du savoir-faire artisanal féminin, qui a dédié à la société une reconnaissance internationale des savoirs locaux. Cette inscription affirme l'appartenance culturelle et sociale locale dans un cadre de respect de la diversité culturelle.

2.2. La harissa artisanale tunisienne: valorisation de l’art culinaire traditionnel

Cet élément culturel national revêt désormais une grande importance, s'inscrivant dans divers domaines du patrimoine culturel immatériel, notamment la culture alimentaire traditionnelle, les connaissances et pratiques liées à la nature et à l'univers, les savoir-faire de l'artisanat traditionnel, ainsi que les pratiques sociales, rituelles et festives. La harissa, utilisée comme condiment, ingrédient ou plat à part entière, occupe une place prédominante à travers tout le territoire tunisien et au sein de toutes les cuisines du pays. Elle est ainsi reconnue comme un élément essentiel du patrimoine culinaire national, témoignant de l'identité culturelle de la Tunisie. La préparation de la harissa compte plusieurs étapes, au cours desquelles les femmes occupent un rôle essentiel, y compris dans les champs où poussent les piments. Alors que la responsabilité du travail agricole incombe principalement aux hommes, il convient de reconnaître l'implication des femmes rurales en tant qu'ouvrières agricoles. Après avoir fertilisé le sol, irrigué les champs et préparé les plants, la culture des piments débute selon un processus agricole précis. La récolte des piments s'étale de la fin de l'été jusqu’à octobre, et cette activité est généralement menée de manière collective, incluant à la fois hommes et femmes. Les piments rouges sont ensuite séchés au soleil, soit étalés sur de grands tissus, soit suspendus en guirlandes aux murs ou sur des cordes. Dans les zones rurales, il n'est pas rare que les femmes utilisent le four à pain traditionnel en argile, nommé tabouna, notamment en hiver lorsque l'ensoleillement et la température sont au plus bas. Pour la harissa, qu'elle soit utilisée comme ingrédient ou condiment, les piments séchés sont d'abord fendus, les pédoncules retirés et les graines ôtées. Ensuite, les piments sont réhydratés en les trempant dans de l'eau, puis égouttés. En général, ils sont moulus une première fois, puis une deuxième fois après l'ajout de sel, d'ail et de coriandre, et parfois une troisième fois pour assurer une parfaite incorporation des ingrédients et des arômes, obtenant ainsi une purée lisse, homogène et de texture fine. Certaines femmes vont même jusqu'à effectuer une quatrième mouture. Enfin, la harissa est généralement façonnée en boules et enduite d'huile, puis conservée dans des bocaux en argile ou en verre, hermétiquement fermés. Cette méthode permet de constituer des réserves pour toute l'année. Il est à mentionner que toutes ces étapes sont exécutées par les femmes, femmes au foyer et femmes artisanes.

Fig. 3 : Préparation de la harissa artisanale

 

© Ismahen Ben Barka, Nabeul 2019

Ces savoir-faire sont accompagnés de pratiques sociales liées aux piments et à la harissa ; pratiques qui sont l’œuvre des femmes, connues depuis toujours par leur respect éternel des rituels dans les divers domaines. Il s’agit de la fabrication de la harissa traditionnelle implique la préservation des savoir-faire anciens ainsi que des pratiques sociales et rituelles qui lui sont liées. Dans certaines régions du Sud tunisien, les femmes évitent de préparer de la harissa la nuit ou le mercredi, considéré comme néfastes. De plus, la harissa n'est pas incluse parmi les cadeaux alimentaires offerts à la mariée pendant les célébrations de mariage dans la plupart des régions tunisiennes. Cette exclusion vise à prévenir les tensions entre les familles et à éviter d'avoir une belle-fille au tempérament difficile, comparé à la "piquante" harissa. En revanche, le piment rouge, ingrédient principal de la harissa, est perçu comme un talisman protecteur contre le mauvais œil. Sous forme d'imitation en corail, il est porté en collier par les femmes, attaché aux vêtements des bébés et des enfants, suspendu aux métiers à tisser traditionnels utilisés par les femmes, et parfois placé aux fenêtres des maisons traditionnelles ou à l'entrée des habitations pour attirer les bénédictions et éloigner les influences négatives. La recette de la harissa faite maison est transmise de génération en génération au sein de la famille élargie ou même entre voisins. Toutes les femmes, qu'elles soient au foyer, fonctionnaires ou ouvrières, sont encouragées à apprendre les techniques de fabrication de la harissa traditionnelle. Ces compétences sont transmises par la mère, la grand-mère ou à défaut, par une voisine, à travers une méthode d'apprentissage participatif lors de journées annuelles dédiées à la préparation de cette pâte épicée.

« Les femmes, dans nombreuses communautés, jouent un rôle prépondérant quant aux pratiques alimentaires. La relation sociale entre les mères et les filles est au cœur de ces pratiques ; les plus jeunes observent, apprennent et se joignent aux ainées pour accomplir les tâches. L’acquisition de ce rôle spécifique participe, de façon progressive et par la répétition, à la construction de leur identité féminine. » (Patrimoine culturel immatériel et genre, 2015).

Sur le plan économique, plusieurs femmes ont créé leurs propres projets. On peut citer Errim, société mutuelle féminine de services agricoles "Tahadi", qui réunit un ensemble d’artisanes productrices de harissa traditionnelle, à Kairouan. Il y a aussi la coopérative féminine des produits du terroir INSAF, à Sidi Bouzid qui est le produit d’initiatives féminines pour la création d’institutions d’économie sociale et solidaire. Quant à Dar Chahida pour la provision à Nabeul, elle est créée par une artisane spécialisée dans la harissa traditionnelle, qui a remporté des médailles d’or aux concours nationaux de la meilleure harissa. Désormais, les artisanes de la harissa participent au développement durable de ce secteur économique d’importance capitale. Les artisanes qui travaillent à domicile ou dans de petites entreprises pour produire de la harissa jouent un rôle crucial en approvisionnant le marché local avec cet ingrédient culinaire essentiel dans les cuisines et les traditions alimentaires tunisiennes. L'inscription de "La harissa : savoirs, savoir-faire et pratiques culinaires et sociales" sur les listes de l’UNESCO comme patrimoine culturel immatériel de l’humanité en décembre 2022 a renforcé sa visibilité, tant à l'intérieur qu'à l'extérieur de la Tunisie. Désormais, le peuple tunisien est souvent associé à la harissa, celle-ci étant devenue un symbole identitaire profondément ancré dans la culture du pays.

3. Valorisation nationale et internationale: rôle de la femme artisane dans la préparation des dossiers de candidature sur les listes de l’UNESCO

La valorisation du patrimoine culturel immatériel, tant au niveau national qu’international, implique la participation active des communautés, des groupes et des individus concernés, notamment dans la préservation et la transmission continue de ces éléments. Les femmes, en particulier les artisanes, jouent un rôle crucial dans ce processus. Leur implication dans la préparation des dossiers de candidature pour l'inscription sur les listes de l'UNESCO est visible à travers leur expertise, leur expérience pratique et leur engagement à sauvegarder le patrimoine culturel immatériel. Elles contribuent en tant que chercheures, expertes ou représentantes des instances officielles et de la société civile, agissant de manière collaborative pour promouvoir et valoriser ces traditions et savoir-faire.

3.1. Patrimoine Culturel immatériel et genre: le PCI un contexte pour définir, transmettre et développer les rôles des genres

En étudiant les femmes en tant qu’actrices principales dans le domaine du patrimoine culturel immatériel, on se trouve devant la question du genre. La question du genre et le patrimoine culturel immatériel sont étroitement liés. Le PCI joue un rôle central dans la formation et la diffusion des normes de genre, celui-ci impacte la pratique et la transmission du patrimoine.

Le genre, ou bien le sexe social, désigne les rapports sociaux des sexes, ou encore des rapports socialement et culturellement construits entre femmes et hommes, ou masculin et féminin. Ces rapports se manifestent à travers de nombreuses situations tirées de la vie quotidienne. En fait, « le genre est intimement lié aux différentes facettes de vie économique et sociale, quotidienne et privée des individus et de la société, car celle-ci a assigné à chacun (hommes et femmes) des rôles spécifiques. » (Food and Agriculture Organisation). Revenant à la femme en tant que détentrice et surtout praticienne, qui joue un rôle communautaire important (Kabeer, 2000, 161) à travers ce qu’elle présente à sa communauté, la convention de 2003, relative à la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel, invite les États partie au principe de la parité dans les opportunités offertes aux hommes et aux femmes afin de sauvegarder leur patrimoine. La participation féminine doit être valorisée, encouragée et développée sous ses différentes formes. Le PCI représente donc un domaine qui inclut les rôles de genre qui évoluent à mesure que la société se développe. « La vérité est que les femmes peuvent exécuter tous les travaux que font les hommes, si tant est qu'elles en aient l’occasion et la formation. » (Dhamija, 1983, 4).

3.2. Inventaire et élaboration dossiers de candidature

Suite à sa ratification de la convention de 2003 pour la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel en 2006, la Tunisie a considéré l'inventaire comme une étape fondamentale dans la stratégie de sauvegarde, et préliminaire à toute candidature à d’éventuelles inscriptions sur les listes de l’UNESCO. Elle a procédé à la création de l’Inventaire national du patrimoine culturel immatériel, qui compte un bon nombre d’éléments déjà inventoriés, couvrant différents domaines du PCI, à travers l’ensemble du territoire. L’article 12 de la convention de 2003 stipule en effet que « pour assurer l’identification en vue de la sauvegarde, chaque État partie dresse, de façon adaptée à sa situation, un ou plusieurs inventaires du patrimoine culturel immatériel présent sur son territoire. Ces inventaires font l’objet d’une mise à jour régulière ». (Textes fondamentaux de la convention de 2003, 2022).

Dès lors, l’artisane se voit jouer un rôle fondamental dans le travail d’inventaire. Elle est l’informatrice et la personne ressource et participant avec enthousiasme à l'enquête ethnographique, en fournissant les données nécessaires au travail de terrain, indispensables à la réalisation de l'inventaire. Elle n'hésite pas à livrer tout ce qu'elle sait sur l'élément sujet de l’inventaire, sur ce qui est utilisé comme matières premières, tout comme les techniques suivies, les outils employés et les pratiques sociales et rituelles s’il y a lieu. Les expressions orales qui sont associées à l'élément sont également mentionnées et documentées.

De nombreuses artisanes acceptent de participer aux enregistrements audiovisuels, une partie importante du travail de terrain et de l’élaboration des dossiers de candidature, et de figurer dans les vidéos qui accompagnent le dossier ou dans les vidéos de consentement, relevant du critère 2 du formulaire de candidature. Certaines d’entre elles participent également aux manifestations culturelles organisées autour de l’élément, qui fait l’objet de la candidature, et nous renseignent sur les mesures de sauvegarde et de valorisation au bénéfice de l’élément. D’autres sont même présidentes ou membres d’associations, de coopératives ou de sociétés mutuelles féminines, qui n'hésitent pas à proposer leur consentement libre, préalable et éclairé pour l’inscription de tel ou tel élément, qu'il soit national ou multinational. Les consentements sont généralement précédés par des formes d’appui aux efforts déployés durant les différentes étapes de travail, en tant qu’actrices et membres actifs dans le domaine du PCI au sein de la société civile. Membres d’associations, elles participent aux travaux avec les experts et fournissent les informations demandées, faisant preuve de flexibilité et de réactivité, à toutes les étapes de la préparation des dossiers, leur capacité de réponse étant souvent supérieure à celle des acteurs officiels. Dans tous les cas, elles n'hésitent pas à mettre leurs ressources au service du patrimoine.

Fig. 4 : Artisanes, associations, instantes officielles fêtant l’inscription de la harissa auprès de l’Unesco 

 

© Ismahen Ben Barka, Nabeul 2023

Il convient de mentionner que certains critères du formulaire de candidature accordent une place importante à l'égalité des genres dans la pratique et la transmission, comme dans le cas du critère 2, ou encore dans le processus d’élaboration des dossiers avec l’implication des communautés concernées, notamment dans le critère 4. L’article 15 de la convention stipule que « chaque État partie se doit d’assurer la plus large participation possible des communautés, des groupes et, le cas échéant, des individus qui créent, entretiennent et transmettent ce patrimoine, et sont activement impliqués dans sa gestion. » (Textes fondamentaux de la convention de 2003, 2022). De manière générale, il est clair que la participation des femmes à différents niveaux est requise et appréciée. Divers exemples peuvent être donnés à cet égard, parmi lesquels le cas des savoir-faire liés à la poterie modelée des femmes de Sejnane, où environ 200 potières ont présenté leur consentement à l’inscription de cet élément, encouragées par une association locale aux moyens modestes, mais qui n'a épargné aucun effort pour aider à l’élaboration du dossier et réussir à faire inscrire l’élément auprès de l'UNESCO. Pour le dossier de la harissa, les artisanes ont apporté une grande aide dans la préparation du dossier, à titre individuel ou dans le cadre de coopératives et de mutuelles de femmes, notamment les deux coopératives déjà citées en référence Errim et INSAF.

Suite à l’inscription d’un nombre d’éléments, les artisanes en tant que membres des communautés concernés, se sont montrées plus enthousiastes à l'idée de participer aux efforts de sauvegarde. Convaincues de l'importance de ces efforts, elles n’hésitent pas à proposer volontairement leur soutien. Le sens de responsabilité envers cet héritage culturel, qui n’a jamais quitté la femme, devient plus visible et se traduit par de nombreuses formes de soutien inconditionnel.

Conclusion

De ce qui vient d’être dit, nous soulignons que les femmes sont de véritables acteurs et partenaires incontournables dans la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel. Leur rôle, sous différentes formes, est essentiel. Elles sont les détentrices, comme elles sont les praticiennes d'un grand ensemble de savoirs, de savoir-faire, de pratiques sociales et de rituels relatifs à ce patrimoine. Elles sont également les garantes de sa transmission aux nouvelles générations, assurant ainsi la pérennité de ce patrimoine identitaire culturel, tout en assurant son développement. De l’éducation traditionnelle et l’apprentissage professionnel moderne, naissent des praticiennes, artisanes et femmes au foyer, compétentes et expérimentées, protégeant l’authenticité tout en adoptant un esprit de créativité et d’innovation. L'apprentissage informel est toujours présent, même s'il a considérablement diminué, tandis que l'apprentissage formel continue de croître régulièrement.

La participation des femmes dans la valorisation nationale et internationale du PCI est centrale, elles sont présentes aux différentes étapes du processus d’élaboration des dossiers de candidature. Il est souhaitable de valoriser le travail féminin de façon équitable, de lui accorder plus d'attention, d'instaurer l'égalité des genres et de mettre fin à tout ce qui minimise le rôle des femmes d'un point de vue culturel, social et économique. L’inscription des éléments du PCI sur les listes de l’UNESCO a créé une dynamique dans les rangs de celles qui détiennent et vivent en quelque sorte ce patrimoine. Les savoir-faire et les compétences des femmes sont à leur tour mieux valorisés et renforcés, exprimant davantage l'identité culturelle nationale. En fait, sans la transmission immanente du PCI par les femmes, de nombreuses traditions, pratiques et coutumes risqueraient de disparaître.

Bibliographie

Les filles musulmanes dans nos ouvroirs du nord de l'Afrique. (1925). La Tunisie catholique, Bulletin Hebdomadaire, (51).

Bakalti, S. (2000). Formation professionnelle et travail féminin au temps de la colonisation. Dans D. Largueche, Histoire des femmes au Maghreb, culture matérielle et vie quotidienne. 297-318. Tunis : Centre de Publication Universitaire.

Baklouti, N. (2023). Au commencement, était la main. Dans Patrimoine et Terroirs, saveurs et savoirs . 30-33. Tunisie : Alif.

Benbarka, L. (2023). Le patrimoine culturel immatériel : patrimoine vivant, patrimoine symbolique. Dans Patrimoine et terroirs, saveurs et savoirs . 12-19. Tunisie : Alif.

Benbarka, L. (25-28 novembre 2021). L'autochtonisation d'un savoir-faire féminin : la broderie dans les écoles de jeunes filles musulmanes à l'époque coloniale. Autochtonie II: les savoirs-faire autochtones dans le Maghreb et en Méditerranée occidentale, de l'antiquité à nos jours. Actes du deuxième colloque international de l'Ecole Tunisienne d'Histoire et d'Anthropologie. (II), 499-508. Tunis : Centre des arts, de la culture et des lettres "Ksar Saïd".

Dhamija, J. (1983). Les femmes et l'Artisanat : Myte et réalité. SEEDS.

Duby, G., & PERROT, M. (1992). Images de femmes. Paris : Tours Plon.

FAO. (s.d.). https://shorturl.at/8gsq9 https://shorturl.at/zLOM4.

Kabeer, N. (2000). Triples rôles, rôles selon le genre, rapports sociaux, le texte politique sous-jacentde la formation à la notion de genre. Dans J. B. Verschuur, Le genre : un outil nécessaire: Introduction à une problématique. Cahiers Genre et Développement. (1), 155-175. Genève, Paris : EFI/AFED l'Harmattan.

Sekik, N. (2010). A propos du patrimoine immatériel: réflexion autour des savoirs-faire des femmes en Tunisie. Dans Quaderns de la Mediterrània, (14), 125-131.

Soumille, P. (2000). Les religieuses catholiques et la formation professionnelle des tunisiennes au temps du protectorat. Dans  D. Largueche,  Histoire des femmes au Maghreb, culture matérielle et vie quotidienne . 287-296. Tunis : Centre de Publication Universitaire.

Thaalbi, A. (1920). La Tunisie Martyre. Ses revendications. Paris : JOUVE & Cie.

Tsourikoff, Z. (1935). L'enseignement des filles en Afrique du Nord. Paris: A. Pedone.

UNESCO. (2015). Organisation des Nations Unies pour l'éducation, la science et la culture. Patrimoine culturel immatériel et genre. UNESCO.

UNESCO. (2022). Textes fondamentaux de la convention de 2003 pour la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel. Paris: UNESCO.

Zmerli, S. (1909). L'instruction de la femme musulmane; ce qu'elle doit être. Congrès de l'Afrique du Nord. 283-290. Paris: M. Ch. Depincé.

1. Ismahen BEN BARKA : Centre des arts, de la culture et des lettres "Ksar Saïd", Tunisie

جماليات الأزياء التقليدية للمرأة البدوية: دراسة ميدانية بمركز الحسينية محافظة الشرقية

ملخّص

يهدف هذا البحث إلى المساهمة في دراسات الفولكلور الشعبي المصري من خلال جمع وتحليل الأزياء التقليدية البدوية الخاصة بالنساء في مركز الحسينية محافظة الشرقية، من حيث مكوناتها وأساليب زخرفتها، وذلك في محاولة للحفاظ على هذا التراث الذى تعرض للاندثار والزوال بسبب التطور التكنولوجي والحضاري السريع، وقد اتبع في هذا البحث المنهج الوصفي والتحليلي.

تم جمع المادة الميدانية وتصوير الأزياء التقليدية ومكملاتها من بعض السيدات التي تقيمن في الخيام والتي يطلق عليهم (عرب الشرقية) في مركز الحسينية، كما توصلت الدراسة إلى أن هذه الأزياء لم تستعمل حتى الآن إلا في المناسبات فقط، وأنه حدث الكثير من التغير في شكل الأزياء وطريقة زخرفتها، وعليه تؤكد الباحثة على ضرورة جمع وحماية هذا التراث الثقافي المتمثل في الأزياء التقليدية.

الكلمات المفتاحية : الوحدات الزخرفية- الأزياء التقليدية- مكملات الزى- المرأة البدوية- المحافظة الشرقيّة.

Abstract

This research aims to contribute to studies of Egyptian folklore by collecting and analyzing traditional Bedouin costumes for women in Al-Husseiniya Center, Sharkia Governorate. In terms of its components and methods of decoration, in an attempt to preserve this heritage that has been subject to extinction and disappearance due to rapid technological and cultural development, this research has followed the descriptive and analytical approach. Field material and photographs of traditional costumes and their accessories were collected from some women who live in tents and are called (Sharqiya Arabs) in the Al-Husseiniya Center. The study also found that these costumes have not been used until now except on special occasions, and that there has been a lot of change in the shape of the costumes and the way they are decorated. Accordingly, the researcher emphasizes the necessity of collecting and protecting this cultural heritage represented by traditional costumes.

Keywords: Decorative units, Traditional costumes, Costume accessories, Bedouin women – Sharqia governorate.

Résumé

Cette recherche vise à contribuer aux études du folklore égyptien en collectant et en analysant les costumes traditionnels bédouins pour les femmes du centre d’Al-Husseiniyah, gouvernorat de Sharqia, en termes de leurs composants et méthodes de décoration, dans le but de préserver ce patrimoine, qui a été exposé à l'extinction et à la disparition en raison du développement technologique et culturel rapide. Dans cette recherche, l'approche descriptive et analytique est utilisée. Du matériel de terrain a été collecté et des photographies de costumes traditionnels et de leurs accessoires ont été recueillies auprès de certaines des femmes qui vivent dans des tentes, appelées (Arabes de l'Est), au Centre d’Al-Husseiniya.

L'étude a également conclu que ces costumes n'ont pas été utilisés jusqu'à présent, sauf lors d'occasions spéciales, et qu'il y a eu beaucoup de changements dans la forme des costumes et dans la façon dont ils sont décorés, c'est pourquoi le chercheur souligne la nécessité de collecter et de protéger ce patrimoine culturel représenté par les costumes traditionnels.

Mots-clés:Unités décoratives, Costumes traditionnels, Suppléments de costumes, Femmes bédouines, Gouvernorat de Sharqia.

مقدمة

إن مصر بلد ذو ماضٍ، وأمة ذات عادات وتقاليد ومهد حضارات قديمة، وكل محافظة من محافظات مصر لها جغرافيتها الخاصة المميزة، وتقف مصر في معظم المظاهر الجغرافية وحدها، إذ أن لها شخصية جغرافية مميزة تنعكس على مظاهر الحياة فيها، كما أن مصر أرض المزروعات، فليس هناك غطاء نباتي أو نبات طبيعي ، لا حشائش ولا غابات ، ثمة فقط غطاء زراعي، وتتميز تضاريس مصر بالسهولة والتسطيح، ويعتبر وادى النيل المسيطر الأول على البيئة الجغرافية المصرية، وفى تشكيل البيئة المصرية.

ومصر في القرآن الكريم جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة. ويقول الكندي: وصفها بما لم يصف به مشرقا ولا مغربا ولا سهلا ولا جبلا ولا برا ولا بحرا. (كم تركوا من جنات وعيون ، وزروع ومقام كريم ، ونعمة كانوا فيها فاكهين) سورة الدخان الآية (25 – 27). ومصر في القرآن الكريم: أمنية المتمني وجواب السائلين:
"اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ". سورة البقرة الآية (61). وحين خرج أخوة يوسف من الشمال ووفدوا على مصر ، حدّث أخوهم بنعمة ربه عليه وعليهم فقال: "وقد أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي من السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ" سورة يوسف الآية (100).

وهى وطن هاجر أم اسماعيل وماريه أم ابراهيم وهى وطن قارون الذى أتاه الله من الكنوز- أي كنوز مصر "مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ". سورة القصص الآية (76). وكان كعب الأحبار يقول : لولا رغبتي في الشام لسكنت مصر، فقيل: ولِمَ ذلك يا أبا إسحق ؟ قال: إني لأحبُ مصر وأهلها ، لأنها بلدة مُعافَاة من الفتن ، وأهُلها أهُل عافية، فهم بذلك يعُافون، ومن أرادها بسوء كَبّه الله على وجهه ، وهو بلد مبارك لأهله فيه.(أحمد فؤاد،1989، ص258).

والكندي في فضائل مصر يورد مَنْ كان بمصر من الأنبياء فيذكر منهم:

إبراهيم الخليل وإسماعيل ويعقوب ويوسف وإثنا عشر نبيًا من ولد يعقوب وهم الأسباط وموسى وهارون ويوشع بن نون، وعيسى ابن مريم، ودانيال عليهم السلام.

وتتشكل جغرافية مصر الطبيعية من الموقع والسطح والمناخ ولكلٍ دوره في تشكيل شخصيتها:

الموقع: تقع مصر في الركن الشمالي الشرقي من قارة إفريقيا وتتأثر بمياه بحرين صغيري المساحة نسبيًا هما الأبيض المتوسط في الشمال والبحر الأحمر في الشرق بالإضافة إلى انخفاض سطح ساحلها المطل على البحر المتوسط وأيضا امتداد البحر الأحمر في الشرق بين قارتين ويغلق بحباله من هذا الجانب.(القمحاوي،2013،ص79).

لموقع مصر الجغرافي دوره في تكوين سمات الشخصية المصرية، الخلقية والنفسية التي انعكست على الحضارة والفنون، فقد سهل موقعها تلاقى الحضارات وامتزاجها، ونتج عن ذلك تكوين الذوق المصري الذي قام بعملية سِبرِغَوْرِ الألوان الثقافية. حيث أخذ يتذوقها ويهضمها ثم اهتدى إلى تمييز ما يلائمه منها. وهذا ما فعلته "هليوبوليس" في مصر الفرعونية القديمة، ثم ما فعلته "الإسكندرية" في العهدين الإغريقي والروماني، ثم ما فعلته "القاهرة" في العصر الإسلامي. (مـحمد، 1992، ص14).

السطح:يرى بعض الباحثين أن هضاب مصر كانت خضراء ممطرة في الأزمان السحيقة وأن مجرى النيل كانت تَحَفُّه عدة مستنقعات، تَعذَّر على الإنسان أن يقيم حياته فيها ، فعاش على الرعي والصيد بين جنبات الهضاب الخضر، ثم حدث جفاف وتحجرت الهضاب وغادرها سكانها واتجهوا إلى المستنقعات في أسفل الوادي وحولوها بجهود جبارة إلى حقول مزروعة ، تشقها مجارى الري والصرف ، وبدأ الإنسان يكون سطح مصر.... فمصر هبة المصريين, وهذا ما أكد صفات الشخصية، والرسوخ والانفراد بالذات, وأثر في تكوين الشخصية المصرية. (مـحمد، 1992، ص15).

كما تميز سطح مصر بالتجانس حيث أثار هذا التجانس انتباه العرب فوصفوا مصر بقولهم : "هي ما بين أربع صفات ، فضة بيضاء ، أو مسكة سوداء ، أو زبرجدة خضراء ، أو ذهبة صفراء. وذلك أن النيل يعمّ أرضها فتصير كالفضة البيضاء. ثم ينصب عنها فتصير مسكة سوداء، ثم تزرع فتصير زبرجدة خضراء، ثم تستحصد فتصير ذهبة صفراء" (النويري ش.، 1976، ص357). ومن أثار سهولة السطح على تكوين الشخصية المصرية أنها جعلت الروح المصرية تتسم بالبساطة والوضوح وألفت الرتابة وأيضا التلقائية. ولاشكّ أن لهذه القيم آياتٍ تجلت في حضارتها وفنونها. (الرفاعي، 1971، ص24).

سطح مصر إذن هو "شغل يد" الفلاح وإذا كان جسم الوادي نفسه من صنع النيل فإن سطحه من صنع الإنسان، فإذا أضفنا الري الصناعي أدركنا أن البيئة كلها مصنوعة من عمل الإنسان، إن المنظر الطبيعي إنما هو بشرى إلى أقصى حد ممكن أو متصور. (حمدان، 1989، ص17).

المناخ : يتأثر مناخ مصر بعدة عوامل أهمها الموقع ومظاهر السطح والنظام العام للضغط والمنخفضات الجوية والمسطحات المائية 2 ، حيث ساعد ذلك كله على تقسيم مصر إلى عدة أقاليم مناخية متميزة فتقع مصر في الإقليم المداري الجاف فيما عدا الأطراف الشمالية التي تدخل في المنطقة المعتدلة الدفيئة التي تتمتع بمناخ شبيه بإقليم مناخ البحر المتوسط الذي يتميز بالحرارة والجفاف في أشهر الصيف وبالاعتدال في الشتاء مع سقوط أمطار قليلة تتزايد على الساحل3. إن لم يكن مناخ مصر هو نموذج التجانس النادر، فإنه على الأقل أكثر عناصر البيئة المصرية تجانسًا بالتأكيد ، والواقع أن أهم الاختلافات المناخية الإقليمية في مصر هي تلك التي ترتبط باختلاف خطوط العرض من الجنوب إلى الشمال . (حمدان، 1989، ص21).

ولعلّ من أكثر الأسباب التي بهرت الأوربيين عند زيارتهم لمصر هو مدى ارتباط الإنسان المصري بالأرض والبيئة ومدى التجانس الطبيعي غير المفتعل بين الإنسان المصري والأرض والمناخ، والتي يفتقدها الأوربي في عالم صناعي صلب سريع التغير يفصل بين الإنسان والطبيعة. (محمود، 1998، ص24).

ومن هنا أيضا ضرورة الشباك الخشبي – في المسكن المصري وقلة فتحات الشبابيك أصلا في المسكن القروى ، وذلك تقليلا لكمية الضوء الباهر والحر اللافح في الداخل ، عكس البلاد الشمالية حيث تصل الفتحات والنوافذ إلى أقصاها ويختفي الشباك دون الزجاج طلبا للحد الأقصى من الضوء الطبيعي والدفء.
(محمود، 1998، ص24).

ويكتب أحد الأفراد عند زيارته مصر وبهرته ببيئتها قائلا في مذكراته:

"إذ ينبغي على المرء أن يدرك السحر اللذيذ لهذه البلاد السعيدة ليفهم جاذبيتها التي تفوق الوصف وفتنتها التي لا حدود لها والشوق الشديد لكل من عاش فيها ليعود إليها ، ففي هذه البلاد فقط ولا سواها يمكن أن يكون مهد البشرية حيث الشرق المزهر الباسم ، والصيف الواضح غير الكئيب، لا في بلاد الشمال الباردة الجرداء العابسة". (الشيخ، ص102). ومما سبق يتضح أن طبيعة مصر الجغرافية قد أثرت في شخصيتها وحددت سماتها وأيضا شكل حضارتها ... المُمَّثلة في "الدين والفن".

تعتبر محافظة الشرقية موضوع بحثنا، من أهم محافظات مصر تاريخيا وحضاريا، فقد أكسبتها ظروفها الجغرافية وموقعها الهام مكانة فريدة على امتداد التاريخ القديم والحديث، جعل منها الحارس للمدخل الشرقي لمصر، فمنذ أكثر من ألف وخمسمائة عام قبل الميلاد ثار أبناء الشرقية في وجه الهكسوس وأشعلوا الشرارة الأولى في الثورة ضدهم إلى الآن، تمكّن أحد ملوك الفراعنة وهو أحمس الأول مؤسس الأسرة الثامنة عشر من طردهم خارج البلاد. (البري، 1967، ص14).

ومنذ ذلك الوقت أصبحت الشرقية تمثل واحدا من الخطوط الوطنية البارزة على مسرح الأحداث المصرية، وقد حظيت الشرقية باهتمام الفراعنة وازدهرت عواصمها في عهد الأسرتين 21،22 في تانيس (صان الحجر) وموقعها بمركز الحسينية، وفي عهد الأسرة السادسة والعشرين عمل مؤسسها "ابسماتيك" الذى اتّخذ صان الحجر حاليا عاصمة له على تنمية الروابط التجارية والثقافية بين مصر وبلاد اليونان.

وفي العصر اليوناني وبعد فتح الإسكندر الأكبر لمصر، توافد عدد كبير من أعظم فلاسفة الإغريق وعلمائها إلى المدن الشهيرة في مصر ومنها بعض المدن في منطقة الشرقية مثل سايس وبوبسطه وتانيس "صان الحجر".(أبوزيد، ص27) كما تعددت هجرة القبائل العربية إلى مصر منذ الفتح الإسلامي لها وكانت الشرقية بحكم الموقع هي المنفذ الطبيعي لدخول تلك القبائل وربما كان اختيارهم لأرض الشرقية راجعا إلى التشابه البيئي بينها وبين الموطن الأصلي لتلك القبائل. (البري، 1967، 46)يعد الزي من الملامح الهامة الدالة على ثقافة المجتمع البدوي، كما يعد في الوقت ذاته أحد مؤشرات التغير الذي تعرض له هذا المجتمع، والزي لدى "قبائل البدو" له أهميه خاصة إذ يعبر عن الانتماء للقبيلة ويحدد هوية الشخص بين مختلف القبائل البدوية. (إمام، ص165).

وكان عرب الشرقية يعيشون علي رعي الغنم والماعز والإبل والخيل والمتاجرة في نتاجها وأوبارها وكانوا قوما رحلا يتنقلون من مكان إلى مكان، وكانوا يسكنون في خيام يطلقون عليها بيوت الشعر وهذه تكبر وتصغر بحسب طاقة كل أسرة. في هذا السّياق يذكر "أحمد لطفى السيد" في كتابه "قبائل العرب في مصر" وهى: العبابدة- العبس- العقايلة- الأخارسة- أولاد على – أولاد موسى- أولاد سليمان- البياضين- نبى عدى- الضعفا- الفرجان- الفوايد- الجليلات- الهنادى- هتيم- قيس- المساعيد- النجمة- النفيعات- السعديين- سمالوس- السماعنة- الصوالح- الطميلات. (السيد، ص33).

أهمية البحث وأهدافه

تعد الأزياء التقليدية أحد عناصر الثقافة المادية، والتي تعبّر عن ثقافة شعب ومجتمع معين، والذى بدأ في طريقه للاختفاء، الأمر الذى يدعو إلى ضرورة جمع وتحليل هذه الأزياء التقليدية والحفاظ عليها. أمّا أهدافه المتجلّية وحدوده فتتمثّل في:

  • جمع الأزياء التقليدية ومكملاتها.

  • تحليل الوحدات والزخارف المستخدمة في الزخرفة.

  • الحفاظ على التراث الشعبي المتمثل في الأزياء التقليدية .

وتتمثّل حدوده المكانيّة والزّمانيّة فيما يأتي :

الحدود المكانية: مركز الحسينية التابع لمحافظة الشرقية.

الحدود الزمانية: الأزياء التقليدية الموجودة لدى النساء عند بدو الشرقية.

وقد استندنا في بحثنا على تقنيّة الاستبيان والمقابلات:

  • الاستبيانات: من خلال عرض بعض الاسئلة المرتبطة بالأزياء ومكملاتها لجمع معلومات تتميز بالدقة والوضوح.

  • الجمع الميداني والمقابلات الشخصية: وذلك من خلال الجمع من منطقة البحث، ومقابلة النساء اللاتي مازال لديهم أزياء تقليدية.

العناصر المسجلة من مصر على قوائم اليونسكو

  • استكمالاً لجهودها في الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي وهما 8 عناصر، ونضح ذلك فيما يلي:

  1. السيرة الهلالية: تمّ تسجيل السيرة الهلالية في عام 2008، إلى قائمة التراث غير المادي في اليونسكو.

  2. التحطيب (اللعب بالعصى): وهو فن من الفنون القتالية المصرية المستلهمة من الحياة المصرية القديمة يُستخدم فيه العصى الخشبية للمبارزة، وجاء تسجيله بقائمة اليونسكو في عام 2016.

  3. الممارسات المرتبطة بالنخلة: نجحت مصر في إدراج ملف «النخلة» بقائمة التراث غير المادي بمنظمة اليونسكو في 2020.

  4. فنون الخط العربي: بجهود مصر وبالتعاون مع الدول العربية، تم تسجيل الخط العربي، على قوائم الصون العاجل للتراث الثقافي غير المادي في 2021.

  5. النسيج اليدوي في صعيد مصر: تمّ تسجيل النسيج اليدوي بالصعيد على قائمة اليونسكو في 2020.

  6. الأراجوز: سجلت وزارة الثقافة ملف فن «الأراجوز»، بقائمة الصون التراث غير المادي، باليونسكو في 2018.

  7. الاحتفالات المرتبطة برحلة العائلة المقدسة: وتم تسجيل العنصر على صون التراث الثقافي غير المادي في اليونسكو عام 2022.

  8. الفنون والمهارات المرتبطة بالنقش على المعادن (النحاس والفضة والذهب): نجحت مصر من خلال وزارة الثقافة بالتعاون مع 10 دول عربية أخرى، في تسجيله على قائمة التراث غير المادي في 2023.

المحور الأول: الأزياء التقليدية ومكملاتها الخاصة بسيدات عرب الشرقية

أولًا: الأزياء التقليدية البدوية للنساء في الحسينية

الزى في معاجم اللغة العربية هو الهيئة والمنظر، والجمع أزياء. (مجمع اللغة العربية: المعجم الوسيط – الجزء الأول، ص425)إذن هو ما يتخذ من هيئة أو منظر، سواء بفعل صاحبه أو آخرين بغرض التهيئة لإظهار شيء أو ستره، ولذلك هو كل ما يغطى جسم الانسان من رأسه إلى قدميه. (حسين، 1992).

ويذكر الدكتور محـمد الجوهري في الجزء الأول من علم الفولكلور "الأزياء" ضمن تقسيم المادة الفولكلورية وفنون التشكيل الشعبي. (الجوهرى، 1981، ص132) والأزياء الشعبية هي إحدى أشكال منتوجات الثقافة المادية تأخذ طبيعتها الشعبية بعد أن تظهر كسمه من السمات الدالة على بيئة معينة وتعبر عن التميز الطبقي لأعضاء المجتمع والتي تأخذ في طريق التطور الزمنى والتاريخي حالة من الاستقرار والانتشار بين أفراد المجتمع.

هناك العديد من القبائل في الشرقية منهم (عرب مستقرون) مثل قبائل الطحاوية المقيمون في جزيرة سعود وفروعهم الأخرى الموجودة في مراكز الحسينية وأبو حماد وبلبيس. وأغلب هؤلاء العرب قد استقروا منذ فترة طويلة ويعملون بالزراعة ويملكون الأرض ويربون الخيول العربية، ومازال هؤلاء العرب رغم معيشتهم المستقرة وعملهم بالزراعة، محافظين على الكثير من عاداتهم وتقاليدهم العربية التي تميزهم عن غيرهم من سكان القرى المجاورة. (أبوزيد، ص41).

وهناك أيضا (عرب رحل) وهم من تم عليهم موضوع البحث وهم قبائل غير مستقرة استقرارا كاملا بالمحافظة، وحتى هذه القبائل غير المستقرة تختلف فيما بينها في درجة الاستقرار، يسكنون الخيام على أطراف الطريق ويعملون برعي الاغنام.

 

الشكل(1): صورة لشكل الخيمة التي يسكن بها عرب بدو الشرقية


 

المصدر:شيماء السنهوري

الشكل(2): صورة لامرأة داخل الخيمة تقوم بإعداد الطعام

المصدر:شيماء السنهوري

وتختلف الأزياء التقليدية عند نساء عرب الحسينية والتي تحتفظ بها لترتديها في المناسبات فقط، عن الملابس التي تستخدم في الحياة اليومية، (صورة رقم 3) فالملابس المستخدمة في الحياة اليومية عبارة عن جلباب من القطن أو البوليستر بسفرة مستديرة وكولة وزراير وأكمام طويلة وبدون وسط، وغير مزخرف وربما ذلك راجع لطبيعة عمل المرأة في مهنة رعي الأغنام.

والأزياء التقليدية المطرزة عند نساء عرب الحسينية تستخدم في الأفراح والمناسبات وهي ثلاثة أنواع:

  • الأول: القماش خفيف وشغله (تطريزه).

أقل للأعمال المنزلية بالرغم من أنها لم تعد ترتديه لكنها تحتفظ به.  (أبوزيد، ص74).

  • الثاني: يسمى "دس" والقماش ثقيل قليلا (ستانيه أسود) أو حبرة. 4

وتطريزه كثيف والذيل مبطن بقطعة قماش حرير ملونه أو أي فضلات قماش بطانه بعرض 10 سم تقريبًا، بدوران الذيل وهو ثوب الزفاف ويكون بعد الزفاف ثوب لكل المناسبات ماعد الحداد.

  • الثالث: مثل النوع الثاني ولكن يطرز صدره بوحدات من الأحمر والبرتقالي أما باقي تطريز الذيل من الأمام والخلف والجانبين فباللون الأزرق.

ونرى في الصورة رقم (4) شكل لأزياء المرأة ولكن تطريزه أقل من الأزياء الأخرى التي تستخدم في المناسبات والأفراح، وهي عبارة عن عباءة سوداء يرتكز التطريز حول الرقبة على الصدر وعلى أطراف الأكمام، ومن الأمام شرائط أفقية تحتوى على خطوط تكون أشكال و وحدات هندسية يعلوها وحدات زخرفية نباتية. وقد استخدم مجموعة لونية في التطريز مثل الأحمر والأخضر والأصفر.

الشكل(3):  صورة لامرأة بدوية تظهر بالملابس العادية التي تستخدم حاليً

المصدر: شيماء السنهوري

الشكل(4):صورة توضح نوع من الأزياء التقليدية المستخدم عند نساء عرب بدو الشرقية

 

المصدر:شيماء السنهوري

وهناك أزياء تقليدية أكثر زخارف وتطريز:

وهو ثوب طويل بأكمام طويلة من قماش أسود مطرز بألوان مختلفة يغلب عليها اللون الأحمر بدرجاته وأثواب السيدات.. مطرزه في الغالب على شكل وحدات مربّعه بداخلها أشكال يسمونها بأسماء مختلفة متعارف عليها، ومنها عرق الساعات طبق الورد عرق السخان - عرق المفتاح - السد العالي - عرق الحلوى - والألوان المستخدمة في تطريز الثوب لها أسماء محددة لديهم وهي: زهر أسود أحمر غامق- زهر أبيض: بمبى- برتقاني: برتقالي- أشهب: أزرق شعشوعي - كرنبي: أخضر زرعي حمر: أحمر- صيني: لبنى (ازرق سماوي) -الأصفر: الأصفر وتطريز الثوب يكون في الصدر والذيل من الأمام والخلف والأكمام والجوانب، ولكل جزء من الثوب اسم.

الصدر: صدر

الجوانب: بناريج

الذيل من الأمام: الحجر

الذيل من الخلف: التذييله

الأكمام: كمايم، أورداين وهى الأكمام الواسعة التي تتميز بقصرها من الأمام وطولها من الخلف. (إمام، ص169)

ثانيًا: مكملات الزي

  1. الحزام : قطعة من القماش عريضة وكبيرة وتُلفُّ حول الوسط بألوان مختلفة، ولا تستغني عنه المرأة البدوية. وكما يظهر في الصورة حزام المرأة عبارة عن شال من القطن بألوان مختلفة تستخدم اللون حسب ألوان التطريز وتلف به حول منطقة الوسط ويتم ربط الحزام من الخلف، ويكون الحزام غير مطرز وليس به أي رسوم أو زخارف.

غطاء الرأس: ترتدى المرأة البدوية ايشاربا أسودا أو "قرطة" وطرحة سوداء غير مطرزة، أو مطرزة بوحدات بسيطة من نفس شكل وحدات الثوب.

الشكل(5): صورة توضح شكل حزام الوسط عند نساء عرب بدو الشرقية

المصدر:شيماء السنهوري

الشكل(6): صورة لشكل غطاء الرأس

المصدر:شيماءالسنهوري

البرقع

تستخدم السيدة المتزوجة البرقع كغطاء للوجه كما موضح في صورة رقم (8،7) والبرقع مستخدم في المجتمع المصري منذ زمن بعيد في عدّة محافظات وان تباينت أشكاله، وألوانه، والخامات التي يصنع منها زينته، وقد وصفته بعض الدراسات التي تعرّضت للمجتمع المصري، وأن البرقع ترتديه المرأة المتزوجة فقط، وأن البرقع يختلف من حيث الشكل من قبيلة لأخرى، حيث تحرص كل قبيلة على أن تتميّز بشكل خاص للبرقع يدلّ عليها وتتعرّف كلّ قبيلة على القبيلة التي تنتمي إليها السيدة من شكل البرقع. وبهذا فإن البرقع علاوة على وظائفه المباشرة كغطاء للوجه يحجب الوجه عن الغرباء، وإلى جانب وظيفته في الزينة، فإنّ هناك وظائف أخرى منها أنّه يمكن اعتباره رمزاً للقبيلة ولهوية المرأة البدوية، كما يعد رمزا للمكانة الاجتماعية التي تحتلها السيدة وأسرتها. ويختلف البرقع من سيدة لأخرى داخل القبيلة ليست من حيث الشكل وإنما من حيث الخامات المستخدمة وكمية العملات والقطع الذهبية التي يمكن استبدالها بالفضة أو المعادن الرخيصة لدى الطبقة الدنيا، فالبرقع أيضا رمز للمكانة الاجتماعية داخل القبيلة، وللطبقة التي تنتمي إليها أسرة السيدة، وحالة زوجها المادية.. ويعد أيضا من مظاهر الثراء والتقدير للمرأة. (إمام، ص174).

الشكل(8-7):يوضح شكل البرقع الذي ترتديه كبار السن من سيّدات
عرب بدو الشرقية

المصدر:شيماءالسنهوري

وفي منطقة الدراسة لم يستخدم البرقع إلا السيّدات كبار السن كما يظهر في الشكل (7، 8) الشكل القديم للبرقع والذي يحتوى على قطع معدنية من الفضة أسفل البرقع، أما في أعلى البرقع فتظهر القطع المعدنية على شكل عملات قديمة.

وتذكر الدكتورة "نهلة إمام" في كتابها "النهار الزين" أن غطاء الرأس من أكثر أجزاء الثوب ثباتاً أمام التغير فإذا لم تعد الفتيات حريصات على ارتداء الثوب فإن غطاء الرأس دائماً ما يحرصن على ارتدائه.

الخلخال

تتزين المرأة البدوية في الحسينية بخلاخيل مصنوعة من الفضة مثل معظم نساء باقي الأقاليم. شكل (10،9) والخلخال في منطقة الدراسة من الفضة وترتديه النساء سواء كبيرات السن أو المتزوّجات منهم من ترتديه في قدم واحدة ومنهم من ترتديه في القدمين، وهو عبارة عن حلقة دائرية من الفضة تلتف حول الكاحل لتبرز جمال المرأة، والخلخال من وسائل الزينة المتوارثة عبر العصور ومن جيل لأخر.

الشكل(9،10):صورة لخلخال ترتديه سيدة من كبار السن من سيدات
عرب بدو الشرقي

 

 

 

 

المصدر:شيماءالسنهوري

حلي الصدر

تتزين المرأة البدوية في الحسينية بمجموعة من العقود (شكل 12،11) التي تحتوى على شرائط الخرز الملون بألوان مختلفة، أو حُلى من الفضة، ولاحظت الدارسة أن البدوية لا ترتدي الذّهب اطلاقًا، كما موضح في الصورة ترتدي المرأة البدوية مجموعة من العقود التي تحتوى على الخرز بأحجام وألوان مختلفة، كما ترتديه المرأة باستمرار حتى وهي ترعى الأغنام.

الشكل(11،12): صورة توضح حُلي الصدر عند المرأة البدوية في الشرقية

 

 

 

 

 

المصدر:شيماءالسنهوري

حُلي الأذن

كما موضح في صورة رقم (13،14 ) عبارة عن قرط دائري كبير من الذهب معلق بسلاسل من الفضة تمسك بهم وتمر من أعلى الرأس.

 الشكل(13،14): صورة توضح شكل الأقراط التي ترتديها المرأة البدوية في الشرقية

 

 

المصدر:شيماءالسنهوري

المحور الثاني: طريقة التفصيل والتطريز

أولا طريقة التفصيل

  1. يقص الثوب إلى أجزاء لها مسميات في المجتمع البدوي.

الجزء الأول (الصدر أو القبة) الجزء الثاني (البدن) وينقسم إلى الأمامي (الحجر) والخلفي (ذيل) أو (دياله).الجزء الثالث (الجنب) ويسمى (بنايج) الجزء الرابع (الأكمام) وتسمى (الردان)

  1. يستخدم في الثوب حوالي خمس أمتار من قماش الستانيه الأسود أو حبر.

  2. يتم التطريز بوضع "ماركة" أو "كانفاه" على القماش وذلك في الثوب الكثيف التطريز، أما الخفيف فيطرز بالعد، والغرزة اسمها "رتبة".

  3. تبدأ البدوية بطريز الوحدات الملونة، على كل جزء من أجزاء الثوب كل على حدة، ويستغرق العمل في الثوب الواحد حسب كمية التطريز من أربعة شهور إلى حوالي سنتان.

  4. بعد الانتهاء من التطريز يتم تجميع أجزاء الثوب بغرزه (اشلاله) تشبه خياطه الماكينة.

  5. يقوي ذيل الثوب بغرزة كثيفة وتكون عدة لفات وتسمى "كفايف"

  6. يستخدم خيط كوتون برليه قديمصا، أما الآن فأصبح يستخدم أنواع أخرى أقل في السعر ويباع بالشيله ويشبه إلى حد ما خيوط الصوف. (أبوزيد، ص75)

الشكل(15): صورة لزي تقليدي ترتديه المرأة البدوية في المناسبات

 

المصدر:شيماءالسنهوري

ثانيا الوحدات والزخارف المستخدمة في الأزياء

تطرز النساء البدويات الأثواب بوحدات توارثتها، منها: وحدات نباتية: زهرة الترمس- زهرة الورد- زهرة التوت- زهرة القرنفل. وحدات هندسية: وحدة عرق الجميز- وعرق الساعة- وعرق الصلبان- البلاطات وجميعها وحدات على شكل مربعات بها زخارف صغيرة توضع في نهاية الذيل وعلى الصدر وأحرف الاكمام.

الشكل(16،17):صورة توضح شكل الوحدات الزخرفية(زهرة الورد-السمكة) المستخدمة في الزى التقليدي للمرأة البدوية في الشرقية

 

المصدر:شيماءالسنهوري

المحور الثالث: دراسة تحليلية جمالية للأزياء التقليدية

الشكل (18) توضح الشكل التقليدي للبرقع في منطقة الدراسة والذي لم يعد يستخدم بين النساء البدويات في الحسينية إلاّ بين السيّدات كبار السن التي مازالت تحتفظ به، والبرقع هو غطاء للوجه تغطى به المرأة وجهها باستثناء العينين والخدين، وهو مزين بعملات معدنية كما موضح في الصورة، ومزخرف بخيوط ملونه، وللبرقع أشكال كثيرة تختلف حسب كل بيئة بل يختلف داخل البيئة الواحدة تبعًا لكل قبيلة، فالبرقع في منطقة الدراسة عند المرأة البدوية لا تستخدم فيه الأزرار أو الخرز، ولكن نجد به سلاسل معدنية وعملات مع التطريز بالخيوط، والبرقع عبارة عن مساحة مستطيلة حوالى 30 سم× 50 سم تقريبًا من القماش الخفيف.

الشكل(18): صورة لامرأة بدوية من كبار السن ترتدى البرقع

المصدر:شيماءالسنهوري

يتميز الزي التقليدي في الحسينية بألوان زخارفه الزاهية، وهو عبارة عن ثوب أسود واسع، وبأكمام واسعة وليست طويلة، وترتكز زخارف الزي على الصدر والأكتاف حتى نهاية الكم، وعلى جانبي الزي، وعلى ذيل الثوب من الأمام والخلف، وتزخرف الأكمام في صورة شريط عريض على الكتف يستمر حتى نهاية الأكمام ويتكون من مجموعة من الشرائط ذات زخارف مختلفة وأما زخارف ذيل الثوب فتكون على شكل مجموعة من الزخارف الأفقية، ويطرز الثوب عادة بمجموعة من الزخارف المطرزة بخيوط ملونه بغرز (الكنافاه) المكونة من وحدات نباتية وهندسية وأحيانا نرى وحدات أخرى مثل شكل العروسة أو الطيور ولكنها مجردة ومكررة في شرائط ومربعات بأشكال هندسية.

ومن الوحدات الزخرفية التي تتضح على الزي (المربعات- المثلثات- العروسة- فروع نباتية) والمربع يستخدم كرمز للاستقرار والتوازن لأن أضلاعه متساوية وزواياه قائمة كما أيضا شكل الكعبة فيرمز للخير والتفاؤل، وكتعبير عن الشكل الرباعي فهو رمز

العناصر الأربعة (الماء والهواء والنار والتراب) أو للتعبير عن الفصول الأربعة (الخريف والشتاء والربيع والصيف).

وأيضا الاتجاهات الأربعة وأطوار حياة الانسان الأربعة، كما أنه من الناحية النفسية فهو يعطى احساس بالمتانة والاستقرار.

أما المثلث فهو رمز يستخدم كرمز سحري فهو يأخذ شكل الحجاب، ويستخدم في المسيحية كرمز للثالوث المقدس، ونجد أن المثلث ذو الوضع العادي أي القمة لأعلى يرمز إلى النار، أما القمة لأسفل يرمز إلى الماء.

الشكل(19): صورة لامرأة بدوية ترتدى الزي التقليدي بزخارفه وألوانه الزاهية

المصدر:شيماءالسنهوري

ويذكر على زين العابدين أن المثلث هو شكل مشاهد في الطبيعة، في الهضاب والجبال التي ترجمها الإنسان المصري في عصر ما قبل الأسرات بشكل مثلثات ورسمها على فخاره، كما أن المثلث أحد أوجه الهرم، والهرم أقدم الرموز لإلهة الشمس، أما من ناحية الفكر الإسلامي فإنه يمثل السمو والعلو، وأن تكرار المثلثات يعنى التسبيح بذكر الله القدير. (العابدين، 1981، ص336).

والعروسة رمز للعين والحسد، والفروع النباتية تتخذ رموزا تعبر عن الرزق والخير والوفرة. ومن الألوان التي ظهرت على الزي (الأبيض والأصفر والأزرق والبرتقالي والأحمر) وهذا النوع من الزي مطرز أغلبه بمجموعة من الخيوط الملونة وغالباً ما يستخدم هذا الزي في الأفراح والمناسبات.

نرى في الشكل (20) شكل أخر لزخارف الزي التقليدي والذى يرتكز حول فتحة الرقبة وعلى الصدر، وهو عبارة عن ثوب أسود مزخرف من الصدر وأطراف الأكمام وذيل الثوب من الأمام فقط.

ومن الوحدات المستخدمة شكل الوردة بفروعها وسط مجموعة من الزخارف الهندسية عبارة عن خطوط متقاطعة تأخذ شكل المثلثات، ويتدلى منها مجموعة من الوحدات الزخرفية على شكل سمكة. و اُسْتُخدِمت الورود الحمراء منذ أقدم العصور كرمز للمحبّة والهدوء والسّكون. أما الفروع، والتي تظهر على الزي باللون الأخضر، فهي رمز للخصب والخير والإنتاج. والسّمكة استخدمت في كل العصور كرمز للخير والوفرة والتكاثر والرّزق.

 الشكل(20):  صورة توضح شكل زخارف الصدر في الزى التقليدي للمرأة البدوية

المصدر:شيماءالسنهوري



خاتمة

  • وأخيرا، فإنّه من خلال الجمع الميداني عملنا على رصد وتوثيق ما توفر من أزياء تقليدية لدى المرأة البدوية في الشرقية والتي تم المحافظة عليها من الأمهات والجدات لاستخدامها في المناسبات والأفراح.

  • ترتكز معظم الوحدات الزخرفية في الزى التقليدي للمرأة البدوية في مركز الحسينية بمحافظة الشرقية على صدر الثوب وحول فتحة الصدر والذيل من الأمام والخلف والاكمام وتتمثل في وحدات زخرفية متنوعة ذات نزعة هندسية مجردة من وحدات ورموز متوارثة. وتتميّز بـــ :

  • التكرار وهو من أهم سمات الوحدات الزخرفية سواء أفقيا أو رأسيًا أو مائلاً.

  • استخدام مجموعة لونية زاهية في الوحدات الزخرفية على أقمشة سوداء.

ترتدى المرأة البدوية من كبار السن البرقع، أما المتزوجات صغيرات السن فتقوم بلف الشال على وجهها. والبرقع له وظائف علاوة على وظائفه المباشرة كغطاء للوجه يحجب الوجه عن الغرباء، وإلى جانب وظيفته في الزينة، فإن هناك وظائف أخرى منها أنه يمكن اعتباره رمزاً للقبيلة ولهوية المرأة البدوية، كما يعد رمزا للمكانة الاجتماعية التي تحتلها السيدة وأسرتها. وتستخدم المرأة البدوية حُلى من الخرز في العقود أما الخلخال فهو من الفضة.

وإن كان لنا أن نقدّم بعض الوصايا من خلال هذه الورقة فإنّنا نُلِحُّ على أهمية جمع وتوثيق التراث الشعبي بفروعه المختلفة للاستفادة منه ليس فقط من الناحية العلمية ولكن للحفاظ على ثقافة المجتمع من الاندثار. وتعريف الأجيال القادمة بثقافتنا الشعبية والتي تحمل الكثير من العادات والتقاليد والفنون المتوارثة

المراجع

إبراهيم محـمد حسين، (1992). الأزياء الشعبية في الوادى الجديد .القاهرة. [رسالة ماجستير، أكاديمية الفنون- المعهد العالى للفنون الشعبية].

أحمد سيد محـمد، (1992). الشخصية المصرية في الأدبين الفاطمي والأيوبي (المجلد الطبعة الثانية). مصر: كلية التربية، جامعة عين شمس.

أحمد لطفى السيد، (1935). قبائل العرب في مصر (المجلد الجزء1). مصر: دار الكتب المصرية.

إسلام محمـد القمحاوي، (2013). التأثيرات الثقافية والبيئية على جداريات مباني الخدمات المتكاملة في محافظات مصر من الفترة 1980إلى2010دراسة تحليلية.: مصر. [ماجستير فنون جميلة، قسم التصوير].

جمال حمدان، (1989). شخصية مصر، دراسة في عبقرية المكان . مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب.

شهاب الدين النويري، (1976). نهاية الإرب في فنون الأدب (المجلد الجزء 1). القاهرة: مطبوعات وزارة الثقافة والارشاد القومي.

عبد الرحمن عبد الله الشيخ، (1995). رحلة الأمير ردولف إلى الشرق . (المجلد الجزء 1). الهيئة المصرية العامة للكتاب.

عبد العزيز الرفاعي، (1971). الطابع القومي للشخصية المصرية بين الإيجابية والسلبية . القاهرة.

عبد العزيز محـمد أبوزيد، (بلا تاريخ). الزخارف في الأزياء الشعبية . [رسالة دكتوراه].

عبد الله خورشيد البـري، (1967). القبائل العربية في مصر في القرون الثلاثة الأولى للهجرة . القاهرة: دار الكتاب العربي للطباعة والنشر.

عبد الناصر محمود، (1998). سمات البيئة المصرية في التصوير الغربي والمصري الحديث . مصر: [رسالة ماجستير، قسم الرسم، تربية فنية، جامعة حلوان].

على زين العابدين. (1981)، فن صياغة الحلى الشعبية في النوبة . القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.

مجمع اللغة العربية:المعجم الوسيط-الجزء الأول . (بلا تاريخ).

محـمد الجوهرى، (1981). علم الفولكلور (المجلد الجزء الأول الطبعة الرابعة). مصر: دار المعارف.

نعمات أحمد فؤاد، (1989). شخصية مصر (المجلد الطبعة الخامسة). مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب.

نهلة إمام، (2013). النهار الزين عادات الزواج لدى بدو سيناء . مصر: مكتبة الدراسات الشعبية، الهيئة العامة لقصور الثقافة، دار الامل للطباعة والنشر.

ملاحق

بطاقات الإخباريين

إخباري رقم (1)

الاسم: أم محـمد

المكان: قرية المساعيد- مركز الحسينية محافظة الشرقية

السن 31 سنة

الديانة: مسلمة

درجة التعليم: محو الأمية

الحالة الاجتماعية: متزوجة

العمل: ربة منزل- رعي الغنم

إخباري رقم (2)

الاسم: فاطمة

المكان: قرية الحجازية- مركز الحسينية- محافظة الشرقية

السن:35 سنة

الديانة: مسلمة

درجة التعليم: لا يوجد

الحالة الاجتماعية: متزوجة

العمل: رعي الغنم- الزراعة

1 المعهد العالي للفنون الشعبية- قسم فنون التشكيل الشعبي والثقافة المادية.

2 المناخ . الهيئة العامة للاستعلامات، بتاريخ 30 سبتمبر 2009.

3 الموقع و المناخ . وزارة البترول. تاريخ الوصول: 7 نوفمبر 2010.

4 حبرة: ثوب من قطن أو كتان كان يصنع في اليمن وملاءة من الحرير كانت ترتديها النساء بمصرحين خروجهن، والجمع حبر وحبرات، مجمع اللغة العربية- المعجم الوسيط- الجزء الأول، ص.158 .

اللهجة الشعبية الفلسطينية تراث ثقافي لا يندثر

 

ملخّص

حفظت اللغة العربية الفصيحة نطقا ولفظا ومعان، بحيث ربطت العربي من الشرق إلى الغرب ارتباطا لغويا وثيقا، إلا أن الصوت اللغوي الثقافي لنطق الحروف العربية لدى جميع العرب متغيرة، فلكل بلد من هذه البلاد بحيث تشكل هوية الإنسان المرتبط بمكانه. وبما أن اللهجة الفلسطينية إحدى لهجات بلاد الشام إلا أن لها خصوصية تختلف عن اللهجات الشامية الأخرى. ولا بد أن أنوه بأهمية حاسة السمع في إدراك الصوت اللغوي وطريقة نطقه وأن تعلّم اللهجات العامية تكون بالمشافهة، إلا أن هناك بعض التفاصيل الواضحة التي يمكن رصدها بالبحث العلمي لتوضيح جمالية اللهجات عامة.

اللهجة الفلسطينية هي أولى الشواهد على التراث الثقافي المتأصل والحي والمستدام بين أفراد حملة التراث الأصليين وهم أهل فلسطين. علما أن اللهجة الفلسطينية ذاتها مختلفة بين أهل المدن والقرى والبادية، فموسيقى نطق الحروف ونبرها المسموع يعرّف بهوية المتحدث.

في هذه الدراسة سمات اللهجة الفلسطينية التي تجذرت في المكان على لسان الفلسطينيين. التي تُعدّ أوّل ملامح الهوية الفلسطينية الوطنية.

الكلمات المفاحية : اللهجة الفلسطينية، التراث، الثقافة، الصوت اللغوي، الهوية.

Abstract

The classical Arabic language has preserved pronunciations, vocabulary, and meanings, such that it has closely linked the Arabs from East to West linguistically. However, the cultural linguistic sound of the pronunciation of the Arabic letters among all Arabs is variable, for each of these countries has such a way that it forms the identity of the person linked to his place, and since the Palestinian dialect is one of the dialects of the Levant, but it has a specificity that differs from other Levantine dialects, even if they are similar. I must point out the importance of the sense of hearing in perceiving linguistic sound and the way it is pronounced, and that learning colloquial dialects is by word of mouth. However, there are some clear details that can be monitored by scientific research to clarify the aesthetics of dialects in general.

The Palestinian dialect is the first evidence of the deep-rooted, living and sustainable cultural heritage among the original heritage bearers, the people of Palestine. Note that the Palestinian dialect itself is different between the people of cities, villages and the desert, so the music of the pronunciation of letters and their audible tone determines the identity of the speaker.

In this study, the features of the Palestinian dialect that took root in the place on the tongue of the Palestinians are examined. Which is the first feature of Palestinian national identity.

Keywords: Palestinian Dialect, Heritage, Culture, Linguistic Voice, Identity.

Résumé

La langue arabe classique a conservé ses prononciations, son vocabulaire et ses significations, de sorte qu'elle a étroitement lié les Arabes, linguistiquement, de l'Est à l'Ouest. Cependant, le son linguistique culturel de la prononciation des lettres arabes chez tous les Arabes est variable, car chacun de ces pays a une manière telle qu'il forme l'identité de la personne liée à son lieu, et même si le dialecte palestinien est l'un des dialectes du Levant, il a par contre une spécificité qui diffère des autres dialectes levantins, même s'ils sont similaires. Je dois souligner l'importance du sens de l'ouïe dans la perception du son linguistique et la façon dont il est prononcé, et que l'apprentissage des dialectes familiers se fait de bouche à oreille. Cependant, certains détails clairs peuvent être identifiés par la recherche scientifique pour clarifier l'esthétique des dialectes en général.

Le dialecte palestinien est la première preuve d’un héritage culturel profondément enraciné, vivant et durable parmi les premiers détenteurs du patrimoine, le peuple palestinien. Notez que le dialecte palestinien lui-même est différent entre les habitants des villes, des villages et du désert, de sorte que la musique de la prononciation des lettres ou l’intonation, et leur ton audible déterminent l'identité du locuteur. Dans cette étude, les caractéristiques du dialecte palestinien qui ont pris racine dans la langue sont examinées. C’est cette langue qui reste la première caractéristique de l’identité nationale palestinienne.

Mots-clés:Dialecte palestinien, Patrimoine, Culture, Voix linguistique, Identité.

مقدمة

فلسطين التاريخية، في المنطقة الممتدة من النهر الي البحر، والنهر هو نهر الأردن الضفة الغربية الي البحر الأبيض المتوسط، وعلى طول الساحل للبحر الأبيض المتوسط من راس الناقورة شمالا حتى أم الرشراش ورفح جنوبا، يحدها من الغرب البحر الأبيض المتوسط، ومن الشرق سورية والأردن، ومن الشمال لبنان ومن الجنوب مصر والعقبة.

يعد الفلسطينيون تراثهم الشفاهي أحد الشواهد الرئيسية على هويتهم الوطنية المتجذرة في فلسطين، التي هي إحدى مناطق بلاد الشام. بعد عام 1948آلت المنطقة الشامية إلى ما هي عليه الآن من دول مستقلة ذات سيادة على حدودها، فإن فلسطين التي يفصلها عن الأردن نهر الأردن حيث تمتد أراضيها الزراعية غرب النهر حتى ساحل البحر الأبيض المتوسط. ومن مدنها التاريخية: حيفا، ويافا، وعكا، وعسقلان، وغزة، وبيت لحم، والخليل، والقدس، ونابلس، وجنين، وطولكرم، وأريحا، والسبع.

لست بصدد تعداد المدن والقرى الفلسطينية الآن، إلا أن هذا البحث يشمل هذه المناطق التي عرفت بلهجتها الفلسطينية التي ما زال الفلسطينيون يتحدثون بها، وهي اللهجة التي تؤدى فيها الدراما الفلسطينية مثل مسلسل التغريبة الفلسطينية للمخرج حاتم علي، وكثير من الأغاني الحديثة التي تُغنَّى باللهجة الفلسطينية القح. وأخيرا الترويدة التي غنتها أصالة نصري " أصحاب الأرض" التي غنتها باللهجة الفلسطينية، وأهدتها للشعب الفلسطيني كما تم الإعلان عنها حين تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي.

ظلّت فلسطين تحافظ على لهجتها رغم الاحتلال والهجمات الثقافية التي عانت منها عقودا حتى الآن، وما زال الفلسطينيون يفتخرون بلهجتهم. فلم تَغزُها لغة أخرى تُفقِدها هويتها برغم دخول بعض المفردات من لغات أخرى إليها بطريقة طبيعية نعدها من التأثر الثقافي بين الحضارات، وحري القول إن اللغة العربية هي الأساس للهجة الفلسطينية التي هي إحدى لهجات بلاد الشام مع الاختلاف الذي يميزها عن لهجات بيروت ودمشق وعمان، وتأثر سكان غزة باللهجة المصرية وخفتها، إلا أن اللهجة الفلسطينية حافظت على خصوصيتها.

حينما نتحدث عن التراث الفلسطيني، فالأجدر أن نضع أهم ثلاث ركائز لهذا التراث: اللهجة الفلسطينية، والمطبخ الفلسطيني، والفلكور الفلسطيني ومن ضمنه اللباس الفلسطيني.

أورد الدكتور شريف كناعنة في كتابه "التراث والهوية" (كناعنة، 2011) كيف تبلورت الهوية الفلسطينية، مع أن الفلسطينيين، ابتداءً من العشرينيات حتى نهاية حرب 1948، ـ ويمكن أن نقول ـ حتى نهاية حرب 1967، اشتركوا في تاريخ وتجارب كانت تجمع بينهم وتميزهم عن غيرهم من أبناء الشعب العربي، إلا أنهم كانوا يدركون هذه التجارب بوعي وهوية عربية أكثر مما هي فلسطينية، لأنهم كانوا يرون أنفسهم كعرب يدافعون عن قطعة أو مساحة من العالم العربي اسمها فلسطين. حتى نهاية حرب 1967كان هناك صراع عربي – يهودي، ولم يكن صراعاً فلسطينياً – إسرائيلياً. طيلة هذه المدة كانت هناك تجارب وتاريخ على المستوى الفلسطيني دون أن تكون هناك هوية فلسطينية واضحة ومقبولة. والحقيقة أن الهوية الفلسطينية تبلورت بشكل خاص أثناء حرب 1948وأثناء تجربة الشتات وما حل بالفلسطينيين من المصائب والمآسي بعد ذلك مباشرة. وتبلورت الهوية الفلسطينية بشكل واضح فقط في أوائل السبعينيات، ونتيجة لذلك بدأ الفلسطينيون يتولون قضيتهم ويأخذون زمام أمورهم بأيديهم، وأصبح هناك طرف فلسطيني في القضية الفلسطينية، وأصبح الفلسطينيون يمرون بتجارب يعون بأنهم يقومون بها كفلسطينيين. ولكن في هذه المرحلة بالذات، وهي المرحلة التي تبلورت فيها الهوية الفلسطينية، كان الفلسطينيون في الداخل قد انسلخوا وانقطعوا عن باقي المجتمع الفلسطيني، ولم يشتركوا مع باقي الفلسطينيين في تجربة الرحيل واللجوء، ومواجهة العالم العربي كفلسطينيين مقابل اللبنانيين أو السوريين أو الأردنيين أو وحدات وهويات عربية أخرى، بل استمروا في تجاربهم كعرب مقابل يهود وليس كفلسطينيين مقابل إسرائيليين أو كفلسطينيين مقابل أبناء الدول العربية الأخرى. مع أن اتصال فلسطينيي 1948مع فئات أخرى من الفلسطينيين عادت نوعاً ما بعد حرب 1967إلا أنهم لم يبدؤوا باكتشاف هويتهم كفلسطينيين إلا في النصف الثاني من عقد السبعينيات وبعد يوم الأرض بالذات سنة 1976.

مجال البحث

هذه الدراسة بُنِيتْ على أساس الاستقراء والمقابلات. كانت التجربة التي على أساسها تم حصر طريقة النطق الشعبي وأصوات الحروف في اللهجة الشعبية، هو مشروع قامت به وزارة الثقافة بجمع الحكايات الشعبية من مناطق فلسطين كافة، وكنت أعمل على تصنيف هذه الحكايات بطلب من الوزيرة السابقة لوزارة الثقافة السيدة سهام البرغوثي، فمن خلال سماع نطق صوت الحرف في حكي الحكايات لحملة التراث، فنّدنا الصوت الشعبي الفلسطيني، ومقارنته مع اللهجات العربية القديمة، والأصوات اللغوية العربية وجدنا أن هناك تحولا في النطق وتداخلا في اللهجات وابتعادا عن القواعد الإعرابية أدت إلى ما آلت إليه اللهجة الشعبية الفلسطينية، وطريقة نطق حروفهم مع الصوت الذي ينتج عند النطق وموسيقاه.

سمات عامة لصوت الحرف في الحكي الشعبي

نطق الحرف في اللهجة الشعبية الفلسطينية له فرادته وتميزه عن سائر اللهجات الشامية الأخرى، واللهجة المصرية عند أهل غزة. وهو يتبع قاعدة معينه لكنه يقارب ما ورد في كتب الصوتيات للغة العربية، وتنقسم اللهجة الفلسطينية إلى ثلاث فئات وهي:

  • اللهجة المدنية: وهي لهجة أهل المدن من القدس ونابلس والخليل ويافا. كل لهجة من هذه اللهجات ذات سمات خاصة وصوت خاص بها أما المشترك بينهم فهم ينطقون القاف همزة.

  • اللهجة الفلاحية: هي اللهجة التي يتحدث بها أهل القرى في فلسطين، علما أن هناك اختلافا بين صوت الحروف بين القرى الشمالية والقرى الجنوبية واهل غزة وهذا ما سيتم الإشارة إليه في هذا المقال. علما ان اللهجة الفلاحية هي اللهجة التي أصبحت من هوية الإنسان الفلسطيني.

  • اللهجة البدوية: هي اللهجة التي يتحدث بها البدو من عرب السواحرة، وعرب السبع، وعرب النقب.

كانت اللهجات في السابق لهجات نقية، بمعنى أنه لا خلط بين لهجة وأخرى في فلسطين، فكان يُعرف المتحدث من لهجته إلى أي القرى ينتسب ذلك لأن الزواج كان من المكان نفسه. فالأولاد يتربّون في بيئة أمهم وأبيهم ذاتها، أما في الوقت الحاضر فقد تداخلت اللهجات بعد انتشار الزواج من بيئات مختلفة، تداخلت اللهجات الفلسطينية، وتهجّنت اللكنة لكنها لا تخرج عن إيقاعها الفلسطيني. فالأولاد يتحدثون بلهجة الأب ولهجة الأم في الوقت ذاته. فإذا كانت الأم من مدينة الخليل والأب من قرى رام الله مثلا ستجد الأبناء يتحدثون بهذا المزيج الجميل من اللهجة الفلسطينية التي تجمع بين لهجة المدينة ولهجة القرية، وما ساهم أيضا بهذا التهجين الصوتي للهجة الشعبية انتشار الجامعات في فلسطين، والإقامة في مكان مختلف أثناء دراسة الأبناء. هذا ما ساهم في تمازج اللهجة الفلسطينية بشكل جميل مع البقاء على أصالة اللكنة والنغمة الصوتية للكلام.

أما عن أبرز السمات للهجة الشعبية الفلسطينية

1ـ تسكين الحروف: يميل الصوت الشعبي لنطق الحرف ساكنا في أغلب الأوقات، ويظهر التسكين في عدة مواقع في الكلمة، وله صلة مباشرة باللهجة الشعبية وليس بقواعد الصرف والإعراب.

أـ تسكين الحرف الأخير من الكلمة:اللهجة الشعبية تسَكّن الحرف الأخير، ولا تعترف بحركة الإعراب غالبا، لذلك يكثر الإدغام بين الحروف لتسهيل النطق بين كلمتين منفصلتين. نقول مثلا بالفصحى: قالَ لَهُ بنطق حركة اللام في قالَ، أما في اللهجة الشعبية فنسمعها: قلّو (لاحظ إدغام لام قالْ مع لام لُه)، أما هاء الغائب التي تحولت إلى واو فسنشرحها لاحقا. ومن الممكن أن تسمع كلِمتي قال + له في اللهجة الشعبية على عدة أوجه: ألّو" في المدينة". كلّو، جلّو (بالجيم المصرية). قلّو بالقاف العربية.

مثل هذا الإدغام كثير في اللغة الشعبية مثل: أجيبلو: أجيبْ لُه. أعْمِلّكْ: أعملْ لَك وهو واضح مع دمج الضمائر المتصلة مع الفعل الذي يسبقها.

ب ـ تسكين الحرف الأول من الكلمة : هذا التسكين صعب للغاية في النطق، لذلك نسمع صوت حرف همزة يسبق نطق الحرف الأول المُسَكّن لتسهيل النطق مثل:

  • تَسَهَل: تْسَهل، وتسمع هكذا اتْسهل. هذا في الأفعال.

  • حُديدون: حْديدون وتسمع احديدون. هذا في الأسماء ويسمع أثناء الكلام.

2ـ إشباع الحركة:إشباع الحركة يظهر في الحكي الشعبي بكثرة، والإشباع هنا يعني نطق الحرف مع إشباع حركته بمقدار حرف كامل على سبيل الكتابة العروضية. يكثر في اللهجة الشعبية إشباع الضمة لتصير واوا، فمثلا حركة هاء الغائب تصير واوا مع إسقاط الهاء من النطق في الصوت الشعبي؛ أما حركة الكسرة في كاف المخاطبة فتصير ياء مع إثبات الكاف في النطق مثل:

  • قال لهُ: قلو. ومثلها عمرُهُ: عمرُو (الواو هنا حركة هاء الغائب).

  • عليكِ: عليكي (الياء هنا إشباع حركة كاف المخاطبة).

3ـ نطق حرف بصوت حرف آخر: يظهر في اللهجة الشعبية الفلسطينية بكثرة نطق حرف بصوت حرف آخر، هذا يعطي صبغة شعبية مميِّزة لأهل المكان في المدن والقرى.

أولا:حرف القاف هو أكثر الحروف إشكالية في الصوت الشعبي، فهو ينطق على عدة أصوات منها:

  • تنطق القاف همزة، في المدن وهذا في القدس والخليل ونابلس وحيفا. مثلا: قال وقلت تنطق أل وألت. وقدس: أدس، وطريق قريب تنطق طريئ أريب.

ولو جعلنا المثل الشعبي الفلسطيني:

" قلبي على ابني وقلب ابني ع حجر" معيارا لتوضيح الفرق بين اللهجات الفلسطينية وكيفية نطق القاف في اللهجة الفلسطينية المتنوعة. فان أهل المدن يقولونه هكذا:

" ألبي ع ابني والب ابني ع حجر "

  • تنطق القاف كافا في قرى القدس وقرى طولكرم وجنين وقلقيلية والمجدل وقرى يافا ونابلس ورام الله فيقال قلقيلية: كلكيلية. قرات القران: كريت الكران.

حسب المثل المعياري لنطق القاف فيسمع هكذا"

" كلبي ع ابني وكلب ابني ع حجر.

  • ـ تنطق القاف بصوت جيم مصرية gفي قرى الخليل وبعض قرى يافا، وغزة، ودير البلح، ورفح. وحسب المثل المعياري يسمع هكذا:

"gلبي ع ابني وgلب ابني ع حجر"

  • قاف: تنطق القاف بصوت القاف العربية الفصيحة في بعض قرى جنين وقرى صفد، وطبريا وقد سمعت هذا النطق من عدة نساء، وهو يشبه بعض قرى دمشق، وهو موجود في قرى جنين. وحسب المثل المعياري يسمع هكذا:

"قلبي ع ابني وقلب ابني ع حجر"

  • غين: تنطق القاف بصوت الغين وهو موجود لكن أقل من غيره مثلا أقل تنطق: اغل. في البوادي وعرب السبع. حسب المثل المعياري يسمع هكذا.

"غلبي ع ابني وغلب ابني ع حجر"

بالنسبة لي سمعت جميع الأصوات لهذا لمثل الدراج ما عدا صوت اللهجة البدوية. لكنني سمعت عنه.

ثانيا الكاف:تنطق الكاف بصوت الـ ch (تشاف) في كثير من المناطق قضاء القدس الطور والعيسوية، وأبو ديس والسواحرة وجبل المكبر وبيت حنينا وقرى المثلث وكفر قاسم.

مثل كيف حالك: تشيف حالتش، وسكر تصبح ستشر. وهو ما يسمى بالتشتشة. والتشتشة هي ظاهرة صوتية حديثة وهي قلب الكاف الى تش ويتحدث بهذا الصوت أهل فلسطين وقليل من بلاد الشام.

ومن النوادر التي تخص اللهجة الفلسطينية الفلاحية حينما تجتمع جملة فيها قاف وكاف فقد وصفت لي امرأة أحد شيوخ القرية بأنه " قلبه كبير لكن كلبه حقير" وتقصد بذلك انه هو طيب القلب لكن حارسه " كلبه" سيء. قالتها باللهجة التالية: أبو فلان كلبه كبير بس تشلبه حكير. بصراحة استعنت بصديق لفهم القصد. ودونتها خشية أن أنساها.

ثالثا الثاء : تنطق الثاء بصوت (تاء) مثل ثوب: توب، كثير: كتير اثنين: اتنين، حديث: حديت، وقد تنطق (سين)، مثل حديس.

رابعا الذال:الذال تنطق بصوت ظاء مثل: هذا: هاظا مع ملاحظة وجود حرف مدّ قبل الظاء وبعدها. وهذا ميل إلى التضخيم الصوتي هو يشبه لهجات الأردن.الذال تنطق بصوت دال مثل: نذرت النذر: ندرت الندرـ أخذ: أخد ـ ذهب: دهب. وقد تنطق (زين) مثل) عذاب) / عزاب.

4ـ استبدال حرف بحرف آخر:هناك كلمات يستبدل أحد حروفها بحرف آخر، هذا الاستبدال خاص ومحدّد بمعنى إنه ليس سائدا في جميع الكلمات مثل:

  • شجرة: تنطق أحيانا سجرة. الماظة تنطق المازة. غسيل، خسيل. مع ملاحظة إنه ليس كل سين تنطق شين وإنما بالتحديد في كلمة شجرة/ سجرة.

  • هناك كلمات محدّدة تستبدل حروفها بحرف آخر، هذه الكلمات بشكل جزئي في بعض الكلمات وربما يكون بقد تسهيل النطق.

  • ظل: ضل في العامية، وضلّ في الفصحى لها معنى الضلال، وهو يختلف عن المقصود.

  • عظامك: عضامك، أظافر: أضافر.

هذا فإن نطق الظاء في اللهجة الفلسطينية ضعيف جدا، وعادة تحول الظاء إلى حرف أكثر خفة.

5ـ نطق الهمزة المتوسطة في الصوت الشعبي : همزة وسط الكلمة في اللهجات الشعبية لا تنطق، وإنما تقرّب إلى حركة الحرف الذي قبلها ويشبع بحرفه، هذا جائز في اللغة العربية الفصيحة، وهو صوت فصيح من لهجات العرب القديمة، والصوت الشعبي في نطق الهمزة مثل: بئر: بير ـ لؤلؤ: لولو، فأس: فاس.

6ـ تاء المخاطبين مع الأفعال: والـ "تم" ذاتها عندما تتصل بأسماء أو ضمائر مثل: أنتم لهذا المقطع "تم" إشكالية في اللهجة الشعبية، فهي تنطق بإشباع حركة التاء مع إهمال الميم وتصبح مثل واو الجماعة في النطق فمثلا أكلتم للمخاطبين: تنطق بالصوت الشعبي: أكلتو، كنتم: كنتو، أنتم: إنتو.

7ـ الحذف والقلب والإبدال : في اللهجات الشعبية يكثر في بعض الكلمات حذف حروف أو قلبها أو إبدالها بحروف أخرى:

- الحذف: مثل: لاحظ الحذف الجاجات، الجاجة: من الدجاجات والدجاجة. هناك شكل آخر من أشكال الحذف، هو حذف همزة الألف الممدودة، هذا جائز في اللغة العربية، مثل: البيضا بدل البيضاء، ومثلها: الحمرا والسمرا والسما بدل السماء العشا بدل العشاء.

- الإبدال: مثل: ينتلي بدل يمتلي وهي في اللغة يمتلئ. في الصوت الشعبي لهذه الكلمة أبدلت الميم نونا ولم تنطق الهمزة الأخيرة مع تسكين حرف وسط التاء. مثل: جمب بدل جنب، وقد ورد ذكر هذه الأصوات في نطق صوت الميم والنون في كتاب الأصوات اللغوية للدكتور ابراهيم أنيس(أنيس، 1971م).

- القلب: مثل: جوزها بدل زوجها وهي شعبيا معروفة جدا.

8ـ التاء المربوطة : تنطق التاء المربوطة هاء في الصوت الشعبي. هذا يتشابه مع الصوت الفصيح لقراءة التاء المربوطة في آخر الكلمة. مثل فاطِمَة: فاطْمِه لاحظ التسكين لحرف الطاء.

9ـ زيادة حروف على الكلمة : تزيد اللهجات الشعبية حروفا معينة في بداية الكلمة لتدل على معنى جديد. هذه الحروف لا علاقة لها باللغة الفصيحة، لكنها تؤدي إلى معنى نفهمه في العامية، فمثلا نقول:

  • تًـَتِعمل وهي تَ تِعمل/ التاء الأولى زائدة تفيد معنى حتى.

  • بْتعمل وهي بْ تِعمل / الباء الزائدة بمعنى الآن "للمضارعة" وتسمع ابْتِعمل. وهي شكل من أشكال بالتلتلة كسر حركة حرف المضارعة أول الفعل مثل نَلعب تلفظ بكسر النون. وليس بفتح النون كما الفصحى.

  • عَ دارو وهي عَ دارُه/ العين تعني على. علما أن هذه الحالة صحيحة لغويا وقد استعملها المتنبي بضع مرّات (عَلْماء بمعنى على الماء) لكن نادرة.

10ـ النفي في اللهجة الشعبية : أحيانا يكون النفي في اللهجة الشعبية بإضافة ميم مفتوحة أول الكلمة وشين آخر الكلمة، مع كسر الحرف الأخير. مثل: مَخلفتِش. معملتش وهيمن أصل: "ما خلفت ش ".

11ـ التعريف : تستفتح ''الـ'' التعريف بهاء تدخل على الكلمات المعرفة أحيانا، وقد تكون هذه الهاء هاء التنبيه التي تشتهر بها أسماء الإشارة، مثل هالْبنت، هالدْار.

12ـ التعجب والاستفهام والإنكار والنداء في اللهجات الشعبية الفلسطينية : تعتمد على نبر الصوت أكثر من الأدوات المستخدمة لذلك. مع ذلك يمكن انتقاء بعض الأصوات التي تصدر لدلالات معينة مثل:

  • يأ : للتعجب عند أهل الخليل.

  • لسّا: لم يحن الوقت.

  • عزا: للتعجب والتذمر عند أهل رام الله.

  • إسا وهلأ: الآن في الوقت الحاضر.

  • اخص: للتذمر والاستنكار

13ـلا تهتم اللهجات الشعبية بالإعراب وعلاماته، فلا مكان لعلامات الإعراب من ضمة وفتحة وكسرة في اللهجة الشعبية الفلسطينية وتقفل الكلمات بالتسكين عادة.

14 ـ لكل مدينة أو قرية صوت خاص بها في اللهجة الشعبية وهي الموسيقى الصوتية للهجة الشعبية الدارجة في المكان المحدد وهذا يكون لاعتبارات ثقافية خاصة بأهل المكان، وطبيعتهم، فمثلا أهل الخليل الذين يعتبرون اللهجة القوية من صفات القوة والرجولة وبعيدة عن الميوعة فنجدهم يشدون الأحرف ويمدون حروف العلة بشكل واضح مدا طويلا، ويميلون إلى تسكين الحرف الثاني من الكلمات.

والمط هي الموسيقى الصوتية التي يعرفون بها. وهو "مط" الكلمات بحيث تأخذ في الفم حيزا أكبر وأوسع. وكلمة المط جاءت من المطاط. ويكون المط جميلا إن كان خفيفا، أما المبالغة به فغير محببة حتى عند أهل الخليل ذاتهم.

أما الموسيقى الصوتية لأهل نابلس فهم يميلون إلى ضم الحرف الثاني من الكلمات، وتحريك الحروف الساكنة فتبدو لهجتهم أقل شدة. وتوجد في لهجتهم مطة أيضا لكن تختلف لكنتهم عن أهل الخليل.

أما الموسيقى الصوتية لأهل صفد والقدس فهم يميلون إلى كسر الحرف الثاني.

أما أهل غزة فالموسيقى الصوتية للهجتهم خفيفة، وذات لحن ناعم تشبه لهجة أهل مصر، وهم يستخدمون بعض المفردات المصرية. مثال: خبْز وفرْن/ الخليل، خبُز وفرُن/نابلس، خبِز فرِن/ صفد والقدس.

اهتم الفنانون بتعزيز هويتهم الفلسطينية من خلال الأغاني الحديثة وقد ظهر مؤخرا كثير من الفنانين المغنين والممثّلين يؤدون أعمالهم باللهجة الفلسطينية القح. من أمثله الغناء الحديث باللهجة الفلسطينية المدنية: أغنية برد أجيلك للمغني والملحن باسل صادق، أما أنس أبو سنينة وعدي الزاغة يغنيان باللهجة المدنية للقدس والخليل مثل أغنية " أنا ولا شي"، واشتهرت أغنية الحب الترللي، وكذلك أغاني المغنية الفلسطينية دلال أبو أمنة. وكثيرون على اليوتيوب.

من أمثله الغناء الفلسطيني باللهجة الفلاحية: أغنية يا زارعين السمسم غناء فرقة الفنون الشعبية:

يا زارعين السمسم خلي السمسم ع امو" امه"

واللي يهوى وما يوخذ

شبو السمسم ع راسو/ كبوا

بتناديني يا حراث

ماني حراثابوتشي/ " أبوك"

كاعدبنطر بالزرعة / قاعد، انطر

تاعمّر ارظ ابوتشي/ " أرض" "أبوك".

من الجدير بالذكر أن اللهجة الفلسطينية غنية بالمفردات الفلسطينية، واهتم بعض الباحثين بإنشاء معاجم لغوية شعبية تسجل فيها المفردات ذات المعنى الغني. إذ أن الصوت اللغوي الشعبي الفلسطيني لا ينسلخ عن مفرداته الشعبية، وهذه المفردات الشعبية تأثرت باللغة التركية بعد سنوات طويلة من حكم العثمانيين في فلسطين. وكثرة العابرين على هذه الأرض المقدسة. كما تأثرت مفردات الحكي الفلسطيني ببلاد الشام ومصر والعراق.

أورد بعض الألفاظ الشعبية الفلسطينية في سياقاتها اللغوية مع توضيح لمعانيها وهي دارجة وموثقة في معجم الألفاظ الشعبية الفلسطينية:

فشكة: رصاصة. بوز: فم. خشم: انف. سيرج: زيت السمسم. قشاط: حزام. حبطرش: كثير جدا. رصيص: زيتون مكبوس. صرماية: حذاء. قمبز: جلس بوضعية القرفصاء. زقّم: أخذ مكان غيره في الطابور دون إذن. وغيرها كثير.

خاتمة

يقول الدكتور مصلح كناعنة في كتابه اللهجة العامية الفلسطينية ... عربية أم موروث كنعاني: "حاولت التعرف على المفردات غير العربية في العامية الفلسطينية الدارجة وتتبع تاريخ ترحال وتوارث هذه المفردات عبر الأجيال والأقاليم والثقافات فالكلمات كالبشر ترحل وتهاجر وتنتقل من بلد إلى آخر وتتوارثها شعوب وأمم، وعليه فان تتبع تاريخ ترحال وتوارث الكلمات في حقيقة الأمر هو تتبع لتاريخ الاحتكاك والتفاعل بين الثقافات المختلفة فمع ان الثقافة محدودة المبنى والحدود إلا أنها نظام مفتوح على محيطه الثقافي يستقبل ويمنح ويتورد ويصدر ويستعير ويُعبّر".

من خلال قراءتنا لهذا الكتاب فإنه يعتبر أن اللهجة الفلسطينية بمفرداتها العامية المتجذرة ما هي إلا وليدة حضارة كنعانية متجذره تأصلت بمن عاشوا على هذه الأرض المقدسة.

هكذا يتميز الشعب الفلسطيني بلهجته الخاصة، وتقسم إلى ثلاثة أقسام من حيث نطق الحروف: لهجة القرى ولهجة المدينة ولهجة البادية، أما موسيقى الحرف فتختلف أيضا من مكان إلى مكان وهذا يظهر في المشافهة، وتعرّف لهجه الشخص هويته التي ينتمي إليها وبما أن الشعب الفلسطيني كل واحد ، رغم تعدد اللهجات فهم يفهمون بعضهم بعض، وهم لا يختلفون كثيرا عن اللهجات الشامية، وبما أن اللهجة تعد العلم المسموع ويعرف بالمشافهة وليس المكتوب فإن توثيق اللهجات والاقتراب من شرحها يعد صونا لها خاصة مع العولمة التي أصابت اللهجات بكثير من التغيير.

يعتبر حرف القاف وحرف الكاف من أكثر الحروف اختلافا في النطق، في فلسطين في هذه الدراسة أوضحت ما استطعت من صوت الحرف وطريقة النطق بين الناس.

لأجل هذا كلّه، هناك الكثير من جامعي المصطلحات والتّعبيرات الشّعبية الفلسطينية، يعملون على حماية اللّهجة الشّعبيّة وصونها من الضّياع.

المراجع

إبراهيم أنيس، (1971). الأصوات اللغوية الطبعة الرابعة . القاهرة، مصر: مكتبة الأنجلو المصرية.

إبراهيم أنيس، (1995). في اللهجات العربية الطبعة التاسعة . القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية.

السجل الوطني للتراث الثقافي غير المادي. الحكايات الشعبية المسجلة شفاهيا . فلسطين: وزارة الثقافة.

أماني الجنيدي، (2012). لولا سلامك سبق كلامك:مجموعة حكايات شعبية فلسطينية جمع وتحرير . فلسطين: وزارة الثقافة الفلسطينية.

أنيس فريحة، (1979). اللهجات وأسلوب دراستها . بيروت: دار الجيل.

رمضان عبدالتواب، (1976). المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي . القاهرة: مطبعة المدني.

شريف كناعنة، (2011). دراسات في الثقافة والتراث والهوية . رام الله، فلسطين: المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية.

عبد الرؤوف خريوش، (2004). اللهجات الفلسطينية دراسة صوتية . عمان، الأردن: دار أسامة للنشر والتوزيع.

محـمد توفيق السهلي، (2020). موسوعة المصطلحات والتعبيرات الشعبية الفلسطينية . فلسطين: دار جنين للدراسات الاستراتيجية.

محمود السعران، (1997). علم اللغة مقدمة للقارئ العربي . القاهرة: دار الفكر العربي.

مصلح كناعنة، (2019). موسوعة المفردات غير العربية في العامية الفلسطينية . عمان الأردن: دار مجدلاوي للنشر والتوزيع.

أماني الجنيدي  :كاتبة روائية، خبيرة في التراث الثقافي غير المادي.

توظيف الإعلام تجاه التراث الثقافي في إطار الاتفاقيات الدولية التي أقرتها اليونيسكو وتوجيهاتها التنفيذية الخاصة بعمل وسائله

ملخّص

شهد العالم الكثير من الصراعات والحروب التي لم تقتصر آثارها على حياة الإنسان بل تعدته إلى النتاج العقلي والإبداعي وشتى مجالات الحياة، منها التراث الثقافي بكافة تصنيفاته ومسمياته، والذي له أهمية كبرى باعتباره حاملا للهوية الوطنية، ويسهم في تعزيز الاقتصاد وإنعاشه وخاصة الاقتصادات المحلية، ويقوي الروابط ما بين الماضي والحاضر، ويفتح الأفق للتطلع إلى المستقبل ليقيم مجتمعاً أكثر سمواً ورفعة. ونظر لتلك الأهمية تم على المستوى الدولي تأسيس وكالة دولية وهي منظمة التربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) ومن أهدافها الرئيسية السعي لتشجيع جميع البلدان في أنحاء العالم لصون وحماية التراث العالمي. وعلى الصعيد الإقليمي والمحلي تمّ تأسيس منظمات متخصصة في هذا المجال منها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) التابعة للجامعة العربية، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي.

وللوصول إلى الأهداف التي تنادي بها تلك الجهات يبرز دور وسائل الإعلام التقليدية والحديثة في توجيه وتعبئة الرأي العام، لأن الإعلام ووسائله يمثلان حلقة الوصل بين صانعي القرار و الرأي العام، وكذلك توجه أو تضغط على عمل النخب السياسية لتبني قرارات ومواقف تتبنى إصدار تشريعات وقوانين تسهم في حماية وصون التراث الثقافي. ويتباين الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام الجماهيري من وسيلة إلى أخرى حسب الأدوات والمميزات والقدرات والأساليب وأهداف كل وسيلة.

الكلمات المفتاحية : التراث الثقافي، وسائل الاعلام، اتفاقية اليونيسكو، الثورة التقنية، الرقمنة.

Abstract

The world has witnessed numerous conflicts and wars whose effects have not been limited to human life alone but have extended to intellectual and creative output as well as various fields of life, including cultural heritage in all its classifications and designations. Cultural heritage holds great importance as it carries national identity, contributes to boosting and revitalizing the economy, particularly local economies, strengthens the links between the past and the present, and opens the horizon for future aspirations to build a more noble and elevated society. Given this significance, an international agency specialized in this field was established at the international level: the United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO). One of its main goals is to encourage all countries worldwide to preserve and protect world heritage. At the regional and local levels, specialized organizations have been established, including the Arab Organization for Education, Culture, and Science (ALECSO) affiliated with the Arab League and the Islamic World Educational, Scientific and Cultural Organization (ICESCO) affiliated with the Organization of Islamic Cooperation.

To achieve the goals advocated by these organizations, the role of traditional and modern media in directing and mobilizing public opinion becomes prominent. Media and its channels act as a bridge between decision-makers and public opinion and can influence or pressure political elites to adopt decisions and positions that support the enactment of legislation and laws contributing to the protection and preservation of cultural heritage. The role played by mass media varies from one medium to another, depending on the tools, features, capabilities, methods, and objectives of each medium.

Keywords: Cultural heritage, Media, UNESCO Convention, Technological revolution, Digitization.

Résumé

Le monde a été témoin de nombreux conflits et guerres dont les effets ne se sont pas limités à la vie humaine, mais se sont étendus à la production intellectuelle et créative ainsi qu'à divers domaines de la vie, y compris le patrimoine culturel dans toutes ses classifications et désignations. Le patrimoine culturel revêt une grande importance car il porte l'identité nationale, contribue à dynamiser et revitaliser l'économie, en particulier les économies locales, renforce les liens entre le passé et le présent, et ouvre l'horizon aux aspirations futures pour construire une société plus noble et élevée. Compte tenu de cette importance, une agence internationale spécialisée dans ce domaine a été créée au niveau international : l'Organisation des Nations Unies pour l'éducation, la science et la culture (UNESCO). L'un de ses principaux objectifs est d'encourager tous les pays du monde à préserver et protéger le patrimoine mondial. Aux niveaux régional et local, des organisations spécialisées ont été créées, dont l'Organisation arabe pour l'éducation, la culture et les sciences (ALECSO) affiliée à la Ligue arabe et l'Organisation de la coopération islamique pour l'éducation, les sciences et la culture (ICESCO) affiliée à l'Organisation de la coopération islamique.

Pour atteindre les objectifs promus par ces organisations, le rôle des médias traditionnels et modernes dans l'orientation et la mobilisation de l'opinion publique devient prépondérant. Les médias et leurs canaux agissent comme un pont entre les décideurs et l'opinion publique et peuvent influencer ou faire pression sur les élites politiques pour qu'elles adoptent des décisions et des positions favorisant l'adoption de législations et de lois contribuant à la protection et à la préservation du patrimoine culturel. Le rôle joué par les médias de masse varie d'un média à l'autre, en fonction des outils, des caractéristiques, des capacités, des méthodes et des objectifs de chaque média.

Mots-clés:Patrimoine culturel, Médias, Convention de l'UNESCO, Révolution technique, Numérisation.

مقدّمة

يعتبر العراق في مسيرة الإنسانية مكان موغل في القدم يبدأ منذ أن استوت سفينة نوح على الجودي وهو الجبل المطل في شماله. وأخبرت التنقيبات الحديثة أن إنسان (نياندرتال ) في كهف (شنايدر) هو أوّل من استوطن في العراق. ;يمثل العراق جزءا مهما مما اصطلح عليه تسمية الشرق الأدنى الذي يمتد من سواحل البحر الأبيض المتوسط حتى هضبة إيران. ونمت حضارته ببطيء عبر العصور المتتالية لتبزغ مع بداية العصور التاريخية في الألف الثالث قبل الميلاد واستمرت تنبض بالحياة لعدة آلاف من السنين برغم الهزات السياسية والغزو الأجنبي الذي تعرض له.

أما أصل كلمة (عراق) والتي شاع استخدامها منذ القرنين السادس والخامس الميلادي، فقد اختلفت آراء الباحثين بشأنها فمنهم من يرى أن أصل الكلمة عربي وتعني (الشاطئ أو الجرف) أما آخرون فيرجعون التسمية إلى (أورك) والتي تعني المستوطن وهي نفس الكلمة التي استخدمت في تسمية الوركاء. ويبدو أن (بلاد سومر) من أقدم التسميات التي أطلقت على المنطقة الواقعة في جنوب العراق وهي تعني حرفيا (أرض سيد القصب) والتي أقامت على أرضها الحضارة السومرية، ومن التسميات الأخري بلاد (أكد) نسبة إلى مدينة أكد العاصمة. وفي مطلع الألف الثاني قبل الميلاد استخدم مصطلح بلاد (بابل) نسبة إلى مدينة بابل التي تضم الأقسام الوسطى والجنوبية من العراق، أما القسم الشمالي من العراق، فقد عرف باسم بلاد (أشور) نسبة إلى الحضارة الآشورية وأول عاصمة فيها. ومن التسميات الأخرى (بلاد ما بين النهرين) التي ترجمت إلى اليونانية (ميزوبوتاميا) والتي جاءت أصلا من التوراة وهي (آرام نهريم) وهي إشارة إلى الإقليم الذي يقع بين الفرات والخابور، ومن التسميات الحديثة نسبيا
(وادي الرافدين) وهي إشارة إلى النهرين اللذين يشقان العراق من أقصى شماله وغربه إلى جنوبه وهما دجلة والفرات، حيث تؤكد هذه التسمية وحدة منطقته الجغرافية.

ويقع العراق في الجزء الجنوبي الغربي من قارة آسيا وكان لهذا الموقع أهمية استراتيجية وتجارية كبيرة لأنه يعد ملتقى القارات الثلاث أوربا وآسيا وإفريقيا وملتقى طرق القوافل التجارية القادمة من المحيط الهندي والشرق الأقصى تجاه البحر الأبيض المتوسط من خلال الخليج العربي. وأعطى هذا الموقع أهمية في اتصال أبناء العراق بغيرهم من الأقوام، حيث انتقلت العديد من العناصر الحضارية والثقافات بسبب احتكاك العراقيين القدماء واتصالهم بالأقوام الأخرى والتي انتجت تراثا ثقافيا غزيرا، توارثه أبناء بلاد الرافدين جيلا إثر جيل. وعليه، نجد أن قسما من العادات والتقاليد والقيم والحرف والطقوس والممارسات الاجتماعية لا زال سائدا إلى يومنا هذا بالرغم من تعاقب الحضارات على بلاد ما بين النهرين، حيث يعد الإنسان عند العراقيين القدماء الأكثر أهمية في المجتمع.

يعد المجتمع اليوم نظاما كبيرا يتكون من أنظمة فرعية عديدة منها النظام السياسي والاقتصادي والتعليمي والاجتماعي والإعلامي وغيرها من الأنظمة. ويعكس النظام الإعلامي جميع تلك الأنظمة، كما أنه يؤثر ويتأثر بها وهذا ينطبق على الإعلام وعلاقته بالنظم الاجتماعية ومكوناتها ومنها التراث الثقافي. ولأهمية وسائل الإعلام في الحفاظ على التراث الثقافي، نجد أن منظمة التربية والعلم والثقافة UNESCO قد أقرت في اتفاقياتها توجيهات تنفيذية خاصة بعمل وسائل الإعلام تجاه التراث الثقافي.

علاقة الإعلام بالتراث

ترتبط وسائل الإعلام بالتراث الثقافي حيث تعد من الأسس الرئيسية للبيئة الاجتماعية، لأن الإعلام يستمد جزءا من نشاطه وحيويته من التراث. وتظهر قيمه وبقاءه واستمرار هذا الأخير من خلال الإعلام ووسائله، لأن الإعلام صناعة مشابهة للصناعات الأخرى ولكن في مجال التراث فإنه صناعة متخصصة في إنتاج وتوزيع السلع الثقافية بما في ذلك التراث الثقافي.

ووسائل الإعلام لا تعمل من فراغ بل تتأثر وتؤثر في البيئة التي نشأت فيها، فهناك تفاعل مستمر بين هذه الوسائل والبيئة المحيطة بها وذلك يدل على ارتباط وثيق بالمدخلات والمخرجات بالنسبة للمادة الإعلامية التي تغطيها وينطبق على جميع الأحداث والقضايا ومنها التراث الثقافي. ويختلف تأثير وسائل الإعلام في حماية التراث والترويج له والحفاظ عليه باختلاف الميزات التي تتمتع بها كل وسيلة إعلامية. والتي تعاظم دورها في نشر الإبداع الإنساني الذي يحفز ويستنهض طاقات المجتمع، خاصة بعد التطور الهائل الذي شهدته وسائل الاتصال في العقود الأخيرة. وقد أسهم ذلك في الانتشار الحر للمعلومات وخلق إمكانية كبيرة للتحرك الشعبي على أساس معارف واسعة ودقيقة بجميع الأحداث والقضايا ومنها التراث الثقافي وابتكار قوالب جديدة تَعنى بالترويج للمنتج الثقافي والتراثي والفني من قبل العاملين في وسائل الإعلام.

وتتمثل علاقة وسائل الإعلام بالتراث الثقافي ونجاحها في تحقيق الأهداف المنوطة بها في قدرتها على انخراط الجمهور بشكل يومي في الإجراءات التي لها أهمية في حياتهم اليومية والمرتبطة بالتراث الثقافي. والمعالجة الإعلامية تعد جزءا حيويا في تشجيع الجمهور على الاهتمام بالتراث الثقافي والحفاظ عليه من خلال الإعلام التشاركي وخاصة في وسائل الإعلام الحديثة.

ويعد تشكيل الرأي العام تجاه حماية الآثار والتراث من أهمّ الأهداف التي تسعى وسائل الإعلام إلى تحقيقها ولا يتم ذلك إلا بالتعرف على الميول الثقافية والاجتماعية والتي تقدم عبر وسائل الإعلام. ومن خلالها تسهم في تكييف الأفراد والجماعات وتهيئتهم للاستجابة لأفكار معينة توجه أنماط سلوكهم الاجتماعي نحو الحفاظ على التراث كجزء من الهوية والحضارة والمدنية ليصير ميراثا جماعيّا يتميّز بالدوام والاستمرارية.

دور الإعلام بالتوعيةعلى أهمية التراث الثقافي

من أهم الخطوات للحفاظ على التراث هي رفع وزيادة مستوى الوعي الثقافي لدى المجتمع والجهات ذات العلاقة سواء سلطات حاكمة أو نخب سياسية أو مؤسسات حكومية. وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه إلا باشراك عدة جهات منها وسائل الإعلام والتي يكمن دورها في الآتي:

  • ربط التوعية بأهمية التراث الثقافي من قبل وسائل الإعلام بالخطط التنموية المستدامة وإبراز أهميته كمورد اقتصادي للبلاد.

  • يعد دور وسائل الإعلام أساسيا في التنشئة والتربية السلوكية للأفراد اتجاه القضايا المختلفة ومنها قضية التوعية بالتراث الثقافي من خلال تبني الجماعات والأفراد سلوكات تدفع لتحقيق هذا الهدف.

  • إن لوسائل الإعلام الدور الكبير في التوعية بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي من خلال إشراك كافة المؤسسات المعنية، سواء حكومية أو منظمات مجتمع مدني أو جماعات أو أفراد وتقديم الدعم اللازم من قبل السلطات الحكومية والوكالات الدولية المعنية بالحفاظ على التراث الثقافي.

  • تقوم وسائل الإعلام بتقديم المعلومات وإتاحتها لجميع الجهات ذات العلاقة ومنها المجتمع والتحفيز للتغيير إلى الأفضل من خلال جعل التراث الثقافي قضية وطنية ومسؤولية اجتماعية والتوعية بالتهديدات التي يتعرض لها بتقديم المعلومات والحقائق والآراء وتوضيح الدور المطلوب من كل جهة للإسهام في حمايته.

  • الترويج من قبل وسائل الإعلام للمشاريع التي تهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي وتعزيز المشاركة الشعبية وخاصة بالنسبة إلى المشاريع التي يتبناها الشباب.

  • إعداد برامج توعوية من قبل وسائل الإعلام تتضمن في محتواها إحاطة كاملة للتوعية بالتراث الثقافي وذلك باستثمار قادة الرأي العام والمختصون في هذا المجال.

  • إعداد برامج ثقافية تتسم بالتبسيط في محتواها الإعلامي وذلك لأنّ مضامينها الخاصة بالتوعية للتراث الثقافي ينبغي أن تكون مفهومة من قبل الجمهور الذي يضم مختلف شرائح المجتمع وأن تتناول ارتباطه بتراثه الثقافي باعتباره رمزا وطنيا يَعبّر عن أصالته وهويته الوطنية.

  • إعلام الجمهور وخاصة الجماعات والمجموعات المرتبطة بشكل مباشر بالتراث الثقافي بالأخطار التي تهدد تراثهم ومسؤولية الحفاظ عليه.

  • استخدام معالجة إعلامية من قبل القائمين بالاتصال ضمن نظرة متكاملة لقضايا التراث الثقافي وعلاقتها بجميع القضايا المجتمعية تتبنى الاستمرارية والشمول والمتابعة وإظهار تأثيرها وتأثرها بالتراث الثقافي وانعكاسها على واقع الجماعات والأفراد في شتى مجالات الحياة.

أهمية الإعلام في الترويج لملفات التراث الثقافي

يعد الترويج لملفات التراث الثقافي التي تضاف على لائحة اليونيسكو من خلال وسائل الإعلام من النشاطات والفعاليات الداعمة لتلك الملفات عند التصويت عليها. ويعرف بأنّه جميع النشاطات والفعاليات التي تمارسها وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها من أجل الاتصال بالجمهور المستهدف ومحاولة إقناعه بفكرة معينة أو تعريفهم بمشروع أو شراء منتج ومحاولة التأثير عليهم لتحقيق أهداف المؤسسة أو المنظمة. وهذا التعريف يتسق مع الأهداف الترويجية لوسائل الإعلام لملفات التراث الثقافي، وذلك لأن إعداد أي ملف سواء مادي أو غير مادي لابد أن تعد له حملة ترويجية تبدأ من إدراجه ضمن لائحة الحصر الوطنية التي تضم العناصر التي تم تحديدها من قبل الجهات الحكومية المعنية لإضافتها على اللائحة العالمية. وتتصاعد وتيرتها باقتراب موعد التصويت على الملف. ويشترك في هذه الحملات مختلف وسائل الإعلام، وتهدف الحملات الترويجية إلى :

- إنّ وضع العنصر ضمن اللائحة الوطنية والعمل على إضافته إلى اللائحة العالمية والترويج له يسلط الضوء عليه من قبل وسائل الإعلام، ما يمنحه اهتماما أكبر من قبل الجهات ذات العلاقة، سواء كانت حكومات أو مؤسسات رسمية أو منظمات مجتمع مدني أو جمهور.

- يظهر الترويج لملفات التراث الثقافي المكتسبات التي يتم الحصول عليها من الإضافة على اللائحة العالمية، حيث يصبح تراث عالمي يلزم جميع الأطراف الحفاظ عليه وصونه وكذلك تقديم جميع أنواع الدعم للأفراد والجماعات المعنية بالعنصر.

- الترويج لملفات التراث الثقافي من قبل وسائل الإعلام يزود الجمهور وخاصة المجتمعات المعنية بالعناصر والمعلومات والبينات الخاصة به، سواء تاريخية أو علمية أو اقتصادية أو مجتمعية، حيث يجعل المجتمع أكثر التصاقا به ويؤدي ذلك إلى الحفاظ عليه وصونه.

- يسعى الترويج لملفات التراث الثقافي في تنمية روح المواطنة لدى مختلف فئات المجتمع وقومياته وطوائفه ويضفي الشعور بالزهو والفخر لدى الجمهور لانتمائه لهذا الإرث باعتباره العمق التاريخي له.

- توجيه أنظار المستثمرين إلى عناصر التراث الثقافي وتحفيزهم لاستثمارها في مجال السياحة، ما يجعلها موارد اقتصادية للدولة من جهة وللجماعات والأفراد المعنين بالعنصر من جهة ثانية.

- يظهر الترويج العمق التاريخي لعناصر ملفات التراث الثقافي وإبراز الأعمال وإبداع العقل الإنساني في تلك الأزمنة.

- يسهم الترويج في التعريف بالتراث الثقافي إقليميا ودوليا في ظل الثورة التقنية لوسائل الاتصال.

وسائل الإعلام المستخدمة في الترويج لملفات التراث الثقافي

من أهم وسائل الإعلام المستخدمة في الترويج لملفات التراث الثقافي نجد :

  • الصحف والمجلات

لعبت الصحف والمجلات دورا مهما في الترويج لملفات التراث الثقافي على اختلاف أنواعها ومسمياتها وخاصة في الفترات التي تسبق التصويت على تلك الملفات وباستخدام جميع الفنون الصحفية. وكانت الصفحات الثقافية متميزة جدا من حيث توظيف المحتوى الإعلامي نحو الترويج الإيجابي. وتميّز الترويج الإعلامي للصحف والمجلات بتقديم تفاصيل كامله عن عناصر تلك الملفات مثل وصف البعد التاريخي والاقتصادي والاجتماعي وبيان أهمية إضافته على التراث العالمي والمكتسبات التي تتحقق إثر ذلك.

وهنا لابد من الإشارة إلى أن الترويج من قبل الصحف والمجلات يستهدف الجمهور المحلي بشكل أكبر إلا في حالة وجود نسخ إلكترونية لتلك الصحف الورقية.

  • القنوات التلفزيونية

استخدمت القنوات التلفزيونية سواء كانت حكومية أو خاصة أو متخصصة أو عامة في الترويج لملفات التراث الثقافي بكافة أنواعه. وقد تركت بصمتها في هذا الجانب من خلال مختلف البرامج ومنها الندوات واللقاءات والمحاضرات التي يقدمها ويلقيها المختصون والخبراء في هذا المجال من أجل إحداث تواصل بين الحاضر والماضي بثرائه الثقافي.

وتسهم كذلك الأفلام والمسلسلات على اختلاف أنواعها ومضامينها والتمثيليات وبرامج الأمثال الشعبية والأغاني التراثية في زرع الاهتمام بالتراث الثقافي والترويج له والتعريف بأنواعه والتأكيد على حماية الحقائق الطبيعية والتراثية للتراث الثقافي، ولا يقتصر الترويج من خلال القنوات الفضائية على المجتمعات المحلية بل يتعدى إلى المجتمعات الإقليمية والدولية.

  • الإذاعات

تعتبر الإذاعات وسيلة إعلامية مهمة في الترويج للتراث الثقافي من خلال مختلف البرامج الإذاعية، التي تبثها عبر الأثير ما يجعلها تخاطب عددا أكبر من الجمهور سواء على المستوى المحلي او الوطني أو الإقليمي. وقد تميزت الإذاعات بالبرامج الحوارية المروّجة للتراث العالمي.

  • وسائل التواصل الاجتماعي

لقد أتاحت وسائل التواصل الاجتماعي نشر التراث الثقافي والترويج له بين الأجيال، فبانتشارها الواسع أصبح من السهل الاستفادة منها وتطويعها في الترويج والحفاظ وصون التراث الثقافي بطريقة سهلة وجذابة من حيث الشكل والمضمون. ولم يعد الترويج للتراث الثقافي مقتصرا على الإعلاميين العاملين في مجال الإعلام بل أصبح الأمر تشاركيا من قبل الجمهور المستخدم لتلك الوسائل، لذلك تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا مهما في تكييف الأفراد والجماعات وتهيئتهم للقيام بأفعال مقصودة والاستجابة لأفكار معينة تحدد أنماط سلوكهم الجماعي نحو الحفاظ على التراث الثقافي والترويج له.

البنود والتوجيهات التنفيذية الخاصة بالإعلام في اتفاقيات اليونيسكو

لقد أقرت منظمة اليونيسكو مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات والتي تضمنت مجموعة من البنود والتوجيهات التنفيذية التي أقرتها المنظمة والخاصة بوسائل الإعلام واستثمارها في الحفاظ على التراث العالمي.

تعد اتفاقية لاهاي 1954 الاتفاقية الأولي التي أقرتها اليونيسكو بعد الميثاق التأسيسي لها والتي تضمّن الفصل السابع المادة الثلاثين منها والذي نص على: "تسعى الدول الأطراف وبالوسائل الملائمة ولاسيما عن طريق الإعلام والتعليم إلى دعم وتقدير جميع سكانها للممتلكات الثقافية واحترامهم لها".

ومن خلال هذه المادة أقرت المنظمة في حينها على دور الوسائل الإعلامية والتعليمية في تعزيز ودعم التراث الثقافي وهي إشارة بسيطة في هذا المجال. وجاءت هذه المادة تعزيزا للقرار (59) والذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1946 والذي نص على أن: "حرية الإعلام حق إنساني وملك لكل الحريات التي كرست لها الأمم المتحدة".

وفي عام 1972 أقرت منظمة اليونيسكو الاتفاقية التي تعد التأسيس الأول لما بعدها من الاتفاقيات للحفاظ على التراث الثقافي والتي أقرت في مادتها (17) عدد من الفقرات والتي تنص فيها على دور وسائل الإعلام في مجال التراث الثقافي العالمي:

  • تعمل الدول الأطراف في هذه الاتفاقية بجميع وسائلها المتاحة وخاصة الإعلام والتربية على تعزيز احترام وتعلق شعوبها بالتراث الثقافي والطبيعي.

  • تتعهد بإعلام الجمهور إعلاما مستفيضا بالأخطار التي تهدد هذا التراث.

نلاحظ أن هذه الاتفاقية قد حددت دور وسائل الإعلام بجزئيتين : الأولى هي تعزيز واحترام التراث الثقافي. والثانية هي نقل الأخبار المتعلقة بالأخطار التي تهددها. وقد أغفلت أهمية دور وسائل الإعلام في التوعية والصون والترويج للتراث الثقافي.

ويعد إصدار اتفاقية 2003 والخاصة بصون التراث الثقافي غير المادي والتي أقرت في بنودها دور وسائل الإعلام في الحفاظ على التراث الثقافي بعدا أوسع، وخاصة بعد التطور الذي شهدته تقنية وسائل الإعلام وأهميتها في التثقيف والتوعية وتعزيز القدرات لصون التراث الثقافي.

وقد نصت المادة (14) من الاتفاقية والتي تضمنت أن تسعى الدول الأطراف بكافة الوسائل الملائمة إلى ما يلي:

  • العمل من أجل ضمان الاعتراف بالتراث الثقافي غير المادي واحترامه والنهوض به في المجتمعات، لاسيما عن طريق إعداد ونشر برامج للتثقيف والتوعية ونشر المعلومات الموجهة للجمهور وخاصة الشباب من خلال برامج تعليمية وتدريبية محددة في إطار الجماعات والمجموعات.

  • إعلام الجمهور باستمرار بالأخطار التي تهدد هذا التراث من خلال وسائل الإعلام.

  • تعزيز أنشطة التثقيف من أجل حماية الأماكن الطبيعية وأماكن الذاكرة الثقافية، حيث يعد وجودها ضروريا للتعبير عن التراث الثقافي غير المادي.

أما البند السابع من مبادئ الاتفاقية، فتناول الانتفاع من وسائل الإعلام في التعبير والنشر وهما عاملان أساسيان للارتقاء بالتنوع الثقافي وتشجيع التفاهم.

وتعد الاتفاقية الأكثر أهمية في مجال التنوع الثقافي هي اتفاقية 2005 والتي تعد بلورة لدور منظمة اليونيسكو في الحفاظ على التراث الثقافي في كافة المجالات ومنها مجال الإعلام، فقد جاء في ديباجتها: "أن عملية العولمة التي يسرها الظهور السريع لتكنولوجيا المعلومات والاتصال الآن أصبحت تخلق ظرفا لم يسبق له مثيل لتعزيز التفاعل بين الثقافات بالرغم من أنها تشكل تحديا يواجه التنوع الثقافي وخاصة بما تولده من اختلال في التوازن بين البلدان الغنية والفقيرة".

وقد تضمنت هذه الاتفاقية مجموعة من المواد والفقرات الخاصة بتنظيم عمل وسائل الإعلام في هذا المجال ومن موادها:

المادة10-الفقرة(أ ) والخاصة بتوعية الجمهور وتشجيعه على أهمية وتعزيز أشكال التعبير الثقافي والارتقاء بهذا الإدراك لاسيما من خلال البرامج الإعلامية والتعليمية الرامية إلى زيادة توعية الجمهور.

المادة12 –الفقرة(د)دعت إلى الترويج للتراث الثقافي باستخدام التكنولوجيا الحديثة وتشجيع الشراكات من أجل تعزيز ونشر المعلومات والتفاهم الثقافي والنهوض في جميع أشكاله.

أما التوجيهات التنفيذية (Operational Directives) والتي تصدر من قبل منظمة اليونيسكو وتعد الآلية التي تتبع لتنفيذ الاتفاقيات الخاصة بصون التراث الثقافي التي اعتمدتها الجمعية العامة للدول الأطراف في دورتها الثانية 2008 وعدلتها في دورتها الثالثة 2010 . وأجرت عليها تعديلا في دورتها الرابعة في 2012 . وتعمل جميع الأطراف والدول المنضوية تحت لواء المنظمة على تنظيم عملها وفقا لتلك التوجيهات. وتضمنت التوجيهات التنفيذية الخاصة بعمل وسائل الإعلام ما يلي:

التوجيهات التنفيذية الخاصة بالتوعية

من أهم التوجيهات التنفيدية الخاصة، والمسطرة للتوعية بأهمية التراث، نجد :

  • التوجيه (105) ونص على أن تسعى الدول الأطراف بجميع الوسائل الملائمة على التوعية بأهمية التراث الثقافي غير المادي والأخطار الذي تهدده وكذلك الأنشطة التي تضطلع بها عملا بالاتفاقية وتحقيقا لذلك تشجع الدول الأطراف على القيام بما يلي:

  1. دعم الحملات الإعلامية وحملات البث عن التراث الثقافي غير المادي بجميع الأشكال ووسائل الإعلام.

  2. دعم تنظيم الندوات وحلقات العمل والمنتديات العامة وحلقات التدارس بشأن التراث الثقافي غير المادي، فضلا عن دعم المعارض والمهرجانات والأيام والمسابقات المخصصة لهذا التراث (2).

  • التوجيه (106) والخاص بتدابير دعم الترويج: تسعى الدول الأطراف بصورة خاصة إلى اعتماد تدابير لدعم ترويج ونشر البرامج والمشروعات والأنشطة طبقا للمادة 18 من اتفاقية 2003 باعتبارها تعبيرا أفضل عن مبادئ الاتفاقية.

  • التوجيه (107) والخاص بتدابير التعليم الرسمية وغير الرسمية: تسعى الدول الأطراف بجميع الوسائل الملائمة إلى ضمان الاعتراف بالتراث الثقافي غير المادي واحترامه وتعزيزه عن طريق البرامج التعليمية والإعلامية. ويدخل ضمن إحدى فقرات هذا التوجيه تدريس التراث الثقافي غير المادي في المناهج المدرسية تبعا للخصائص والمحددات المحلية واستخدام مواد تعليمية وتدريبية مثل الأفلام الوثائقية وأشرطة الفيديو والكتب والأقراص المدمجة والأدلة والكراسات.

وعليه، فإن التوجيهات السابقة خاصة بأهمية التوعية بالتراث الثقافي غير المادي والحفاظ عليه من خلال وسائل الإعلام والتي أصبحت اليوم أدوات توعوية لها الأثر الفعال في اتجاهات الجمهور وآرائهم.

التوجيهات التنفيذية الخاصة بعمل الاتصالات ووسائل الإعلام

  • التوجيه (110) : يمكن لوسائل الإعلام أن تسهم على نحو فعال للتوعية بأهمية التراث الثقافي غير المادي.

  • التوجيه (111) : تشجيع وسائل الإعلام على الإسهام للتوعية بأهمية التراث الثقافي غير المادي باعتباره وسيلة لدعم التماسك الاجتماعي والتنمية المستدامة ومنع المنازعات.

  • التوجيه (112) : تشجيع وسائل الإعلام على إثارة الوعي لدى الجمهور ككل بتنوع مظاهر التراث الثقافي غير المادي والتعبير عنه من خلال إعداد وإنتاج برامج إعلامية متخصصة تخاطب المجموعات المستهدفة.

  • التوجيه التنفيذي (113) : تشجيع وسائل الإعلام السمعية والبصرية على إنتاج برامج تلفزيونية وإذاعية وأفلام تسجيلية بهدف تعزيز إبراز التراث الثقافي غير المادي ودوره في المجتمعات المعاصرة. وهنا تظهر أهمية شبكات البث المحلية التلفزيونية والإذاعية.

  • التوجيه التنفيذي (114) : تشجيع وسائل الإعلام على الإسهام في تبادل المعلومات بين المجتمعات المحلية باستخدام وسائلها المتوفرة.

  • التوجيه التنفيذي (115) : تشجيع مؤسسات تكنولوجيا المعلومات على تسهيل التبادل التفاعلي ودعم الوسائل غير الرسمية لنقل التراث الثقافي غير المادي.

من خلال ما تقدم من توجيهات نجد أن جميعها تؤكد على تحفيز مختلف وسائل الإعلام المحلية والوطنية واستثمار الميزات التي تتمتع بها كل وسيلة وما يتوفر منها في المحيط الجغرافي لعناصر التراث الثقافي. وقد أكدت هذه التوجيهات على أهمية إنتاج محتوى إعلامي من قبل العاملين في مجال الإعلام والمجتمعات المعنية بالعناصر بحيث يصبح عملية تفاعلية بين جميع الجهات.

التوجيه التنفيذي (123): وهو خاص بمهام أدوات اليونيسكو التي تستخدم في التوعية بالتراث الثقافي غير المادي والتي تتمثل العمل كمركز تنسيقي لجمع وتبادل ونشر المعلومات عن التراث الثقافي وتيسير تبادل المعلومات بين المجتمعات المحلية والمنظمات غير الحكومية وإنتاج مواد تدريبية وإعلامية لمختلف الفئات وتنسيق الجهود في مجال التوعية بأهمية هذا التراث مع وكالات وبرامج الأمم المتحدة الأخرى، وترويج أهمية التراث الثقافي غير المادي في الاحتفالات الدولية.

خاتمة

إن الاتفاقيات الدولية الخاصة بالتراث الثقافي والبنود التنفيذية الخاصة بالإعلام والتي أقرتها اليونيسكو حددت واجبات وسائل الإعلام تجاه التراث الثقافي كما يلي:

- دعم وتقدير التراث الثقافي بالوسائل الملائمة والممكنة.

- تعزيز احترام وتعلق الشعوب بتراثها.

- إعلام الجمهور بجميع أنواع وأشكال الأخطار التي تهدد التراث الثقافي.

- الاعتراف بجميع أنواع التراث الثقافي وخاصة غير المادي باعتباره تراثا هشا من قبل الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والبحثية وتعزيز استخدام كافة وسائل الإعلام في ذلك.

- تعزيز أنشطة وبرامج التثقيف من قبل وسائل الإعلام والتعريف بأهمية التراث الثقافي.

- توعية الجمهور وتشجيعه على أهمية تعزيز إشكال التعبير الثقافي والارتقاء به.

- الترويج للتراث الثقافي من خلال وسائل الإعلام واستثمار التكنولوجيا الحديثة وتشجيع الشراكات من أجل تعزيز ونشر المعلومات والتفاهم الثقافي والنهوض بجميع أشكاله.

- دعم الحملات الإعلامية وحملات البث التي تهدف إلى الارتقاء بمفهوم التراث الثقافي علميا وعمليا.

- تغطية وسائل الإعلام للندوات والأنشطة وحلقات العمل والتدريس وإقامة المهرجانات والأيام المخصصة للتراث الثقافي وجميع الفعاليات ذات العلاقة.

- التوعية الرسمية وغير الرسمية وذلك من خلال الترويج ونشر البرامج والمشروعات الثقافية.

- تشجيع وسائل الإعلام على إظهار التنوع الثقافي والتعبير عنه.

- تشجيع وسائل الإعلام على إنتاج وإظهار أهمية التراث الثقافي ودوره في التماسك المجتمعي وربطه بالتنمية المستدامة.

- تشجيع وسائل الإعلام على الإسهام في تبادل المعلومات بين المجتمعات المحلية من خلال التفاعل الثقافي.

المراجع

الموقع الإلكتروني المركز الدولي للدراسات وترميم الممتلكات الثقافية. https://www.iccrom.org/ar

علي خليل اسماعيل، (1999). حماية الممتلكات الثقافية في القانون الدولي :دراسة تطبيقية مقارنة . الأردن: مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع.

العيد بكري، (2022). دور الإعلام الثقافي في الجزائر في التعريف بالتراث المادي واللامادي والحفاظ عليه.مجلة الحكمة للدراسات الاعلامية والاتصالية، 10 (03)،124-148.

الموقع الإلكتروني للمجلس الدولي للمتاحف. https://icom.museum/en

النصوص الأساسية المتعلقة باتفاقية التراث الثقافي1972 . (2016). طبع في ورش اليونيسكو.

النصوص الأساسية لاتفاقية2003/صون التراث الثقافي غير المادي.(2018). فرنسا: طبع في اليونيسكو.

النصوص الأساسية لتعزيز اتفاقية حماية التنوع الثقافي وأشكال التعبير الثقافي . (2017). طبعة اليونسكو.

سجاد الغازي، (1982). التوازن في تدفق الأنباء ،دراسة مقدمة لندوة العربية لحقوق الاتصال .دائرة الشؤون الثقافية .

سمير سطوطاح، (2015). وسائل الإعلام وتنمية الوعي التراثي بأهمية المخطوطات، دراسة ميدانية مدينة عنابة. الصورة والاتصال ، 4 (13)، 137-154.

ليث الكعب، (2017). دور العلاقات العامة في ترويج المشروع ضم الأهوار والمناطق الأثرية إلى لائحة التراث العالمي .جامعة بغداد: كلية الاعلام.

ياسر عماد الهياجي، (2016). دور المنظمات الدولية والإقليمية في حماية التراث الثقافي وإدارته وتعزيزه. مجلةأدوماتو. 87-110.

1 بهاء ياسين: وزارة الثقافة والسياحة والاثار العراقية.

التراث الثقافي والفكري وإشكالية حقوق الملكية، مفاهيم واتجاهات

ملخّص

سمح تطوير الطباعة من قبل غوتنبرغ عام1450بنشر الأعمال على نطاق أوسع وتعميم الوصول إلى النصوص المكتوبة. وبالإضافة إلى الرقابة المسبقة على المحتويات المنشورة، صارت القوانين تمنح للمطبعيّن المالكين لحقوق النشر حق احتكار الاستغلال على المنشورات، ويُطلق على ذلك بـحق "الامتياز "الصالح لمكان وزمان معينين. وخلال الأنوار، تم ربط الملكية الفكرية بإعلان حقوق الإنسان والمواطن، وخاصة في المادتين 2و17، حيث أن هدف أي مجتمع سياسي هو الحفاظ على حقوق الإنسان الطبيعية [...] المتمثلة في الحرية والملكية والأمن ومقاومة الاستبداد. (المادة2) وكون الملكية حق، فلا يمكن حرمان أي شخص منه، إلا للضرورة العامة [...] وبشرط الحصول على تعويض عادل(المادة17). وعلى هذا الأساس، وضع كل من ديدرو وفولتير وكانط وفيخته... أساس الفردية القانونية الخاص بنشر الأفكار. ومع ذلك، تم تجاهل إلى حد كبير مكوّن آخر من فلسفة التنوير، من حيث أن مجتمعات التنوير أعطت أهمية للمعرفة والتّعلم، لأنها كانت تدرك أنه من أجل تحقيق هدفها، كان من الضروري تشجيع إنتاج ونشر المعرفة المفيدة. وفي ذلك الوقت، كان يعتقد أنه كلما كان عدد الناس أكثر تعليماً، كان المجتمع أكثر تقدماً من الناحية الاقتصادية، الشيء الذي يؤدي إلى تقدمه حضاريا. وكان الكتاب المطبوع مرجعا أساسيا والوسيلة المثالية للتنوير ونشر المعارف. وعليه، يعد قانون حقوق النشر بين القرنين الثامن عشر والعشرين "قانونًا في الكتاب"، حيث كان يركز على تشجيع إنتاج الكتب وتوزيعها. وكانت الصياغة العامة للتشريع تهدف إلى ضمان وصول القرّاء إلى أحدث المعارف و الأفكار، إذ حققت معظم قوانين الملكية الفكرية وحقوق النشر هذا الهدف جزئيًا من خلال حماية مصالح المؤلفين والناشرين. لكن هذا التشريع نفسه حاول أيضًا فرض قيود على أي احتكار محتمل لضمان وصول المعرفة للجميع. وإذا كانت الملكية العامة هي القاعدة في عقول المشرعين الثوريين، إلا أن حقوق التأليف والنشر، يمثلان الاستثناء.

الكلمات المفتاحية:تنوير، مؤلف، إبداع، حقوق التأليف، حقوق النشر، حقوق مجاورة، ثقافة، تراث، استعمار.

A bstract

The invention of the printing press by Gutenberg in 1450 allowed the dissemination of works on a larger scale and democratized access to manuscripts. In return for the prior censorship of published content, the laws granted printers the exclusive right to exploit published works, a "privilege", valid for a specific place and period, which allowed the holder to exercise a certain control over the publication. During the Enlightenment, intellectual property was associated with the Declaration of the Rights of Man and of the Citizen, notably in Articles 2 and 17, where the objective of any political society is to preserve the natural rights of man [...] These rights are liberty, property, security and opposition to oppression (Article 2). Property being an inviolable and sacred right, no one can be deprived of it, except in cases of public necessity [...] and on condition of fair compensation (Article 17). On this basis, Diderot, Voltaire, Kant and Fichte [...] laid the foundations of legal individualism specific to the dissemination of ideas. However, another aspect of the Enlightenment philosophy has been largely ignored, namely that Enlightenment societies attached importance to knowledge, recognizing that it was necessary to encourage the production and dissemination of useful knowledge to achieve their goal. At that time, it was believed that the more educated people were, the more society progressed economically, which led to its civilizational advancement. The printed book was thus an essential reference in terms of knowledge and the ideal means for disseminating knowledge. Therefore, copyright law between the 18th and 20th centuries was a "book law", aimed at encouraging production and distribution. The general formulation of the legislation aimed to guarantee readers' access to the most recent knowledge. Most intellectual property and copyright laws have partially achieved this objective by protecting the interests of authors and publishers. But this legislation also sought to impose limits on any potential monopoly in order to ensure universal access to knowledge. Although public property was the rule in the minds of legislators, copyright and publication rights remained the exception.

Keywords: Enlightenment, Author, Creativity, Copyright, Publishing rights, Neighboring rights, Culture, Heritage, Colonialism

Résumé

L'invention de l'imprimerie par Gutenberg en 1450 a permis la diffusion des œuvres à plus grande échelle et a démocratiser l'accès aux manuscrits. En contrepartie de la censure préalable des contenus publiés, les lois accordent aux imprimeurs le droit exclusif d'exploitation des œuvres publiées, un "privilège", valable pour un lieu et une période déterminés, ce qui permet au titulaire d'exercer un certain contrôle sur la publication. Pendant les Lumières, la propriété intellectuelle a été associée à la déclaration des droits de l'homme et du citoyen, notamment dans les articles 2 et 17, où l'objectif de toute société politique est de préserver les droits naturels de l'homme [...] Ces droits sont la liberté, la propriété, la sûreté et l’opposition à l'oppression (article 2). La propriété étant un droit inviolable et sacré, nul ne peut en être privé, sauf en cas de nécessité publique [...] et sous condition d'une juste indemnisation (article 17). Sur cette base, Diderot, Voltaire, Kant et Fichte [...] ont posé les fondements de l'individualisme juridique propre à la diffusion des idées. Cependant, un autre aspect de la philosophie des Lumières a été largement ignoré, à savoir que les sociétés des Lumières attachaient de l'importance à la connaissance, reconnaissant qu'il était nécessaire d'encourager la production et la diffusion des savoirs utiles pour atteindre leur objectif. À cette époque, on croyait que plus les gens étaient instruits, plus la société progressait économiquement, ce qui conduisait à son avancement civilisationnel. Le livre imprimé était ainsi une référence essentielle en matière de connaissance et le moyen idéal pour diffuser les savoirs. Par conséquent, la loi sur le droit d'auteur entre le 18 ème et 20 ème siècle était une "loi sur le livre", visant à encourager la production et la distribution. La formulation générale de la législation visait à garantir l'accès des lecteurs aux connaissances les plus récentes. La plupart des lois sur la propriété intellectuelle et les droits d'auteur ont partiellement atteint cet objectif en protégeant les intérêts des auteurs et des éditeurs. Mais cette législation a aussi cherché à imposer des limites à tout monopole potentiel afin d'assurer l'accès universel à la connaissance. Bien que la propriété publique ait été la règle dans l'esprit des législateurs, les droits d'auteur et de publication sont restés l'exception .

Mots-clés:Lumières, Auteur, Créativité, Droits d'auteur, Droits de publication, Droits voisins, Culture, Patrimoine, Colonisation

مقدمـة

بعد التعاقد مع الناشر يصير نشر الكتاب حكرا على هذا الأخير، حيث يتحصل المؤلف على نسبة من الأرباح إن وجدت. وفي قرارة نفسه، لا يهم المؤلف إن قام آخرون بنشر مؤلفه بطريقة غير شرعية من غير علم أو موافقة الناشر الأصلي، لأن أولوية المؤلف بالدرجة الأولى هي نشر أفكاره على نطاق أوسع. ومالا يوافق عليه هو أن ينشر مؤلفه بطريقة غير شرعية ويتم تحريف فكره بالإضافة والإنقاص والتدليس والتحريف، لذلك يتعاقد مع الناشر من أجل أن يضمن نشر أفكاره أولا وحمايتها ثانيا. وهنا تكمن مسؤولية الناشر في المراقبة والمتابعات القضائية للمزورين وضمان حصول المؤلف على حد أدنى من التعويضات له أو لعائلته من بعده 2 ونشر أفكاره بغرض السماح بتداولها وإدراجها ضمن النسق العام للتقدم والتحضّر. ولكن يمكن للناشر أن يقف في وجه نشر أفكار المؤلف في حال عدم موافقته على أن ينشر الآخرون مؤلفه، خاصة إذا كان هؤلاء لا يستطيعون لسبب أو لآخر تعويض الناشر في حال استحالة تحويل العملة الأجنبية. وبالنسبة للناشر المنخرط في الحقل الثقافي والحامل لهاجس التنوير، يكون هدفه متمثلا أولا وقبل كل شيء في نشر أفكار المؤلف وتغطية نفقات النشر وإن أمكن تحقيق الربح. أما الناشر غير المنخرط في الحقل الثقافي والذي لا يحمل الهاجس نفسه، فإن هدفه يكون منحصرا فقط في تغطية نفقات النشر وتحقيق الربح.

إشكالية الملكية الفكرية والنشر في السياق الألماني

سمح تطوير الطباعة من قبل غوتنبرغ 3 حوالي عام 1450بنشر الأعمال على نطاق أوسع ونظرا لوجود رقابة مسبقة على المحتويات المنشورة، انبثقت نتيجة لذلك فكرة حماية الملكية الفكرية. وأدى تطور النشر إلى تقسيم العمل وكثرة المؤلفين وانطوت عملية التوزيع على خلق مسافة بين المؤلف وعمله الإبداعي، ما أدى إلى نشوب توتّر بين المؤلف والوسطاء. ولكن بفضل الطباعة، تمكن مارتن لوثر في بداية القرن 16من نشر أفكاره الإصلاحية الجديدة (Rovan, 1994, p. 160) وقام بترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة الألمانية، أي لغة الشعب، من غير أن يعير اهتماما للترجمة اللاتينية التي كانت متداولة لدى الخاصة. وشكل هذا العمل ما يسمى بالإنجيل اللوثري الذي بقى لثلاثة قرون الكتاب الذي يتعلم منه الأطفال الألمان القراءة والكتابة وتذوق اللغة. ويشخص "المعجم الأوروبي للأنوار" حال الطباعة والنشر بالقول أن: "المطبعيين في القرن 18 كانوا في الوقت نفسه ناشرين وبائعي كتب بشكل متجانس. وكانت ألمانيا سنوات 1770 تملك شبكة نشر هي بشكل نسبي ضيقة، أي حوالي220 بائع كتب، وعدد متزايد من المنشورات، وطباعة ألف نسخة لأكثر الكتب الجديدة، واثني وعشرون22 مليون كتابا قابلا للاقتناء في المكتبات (Delon, 1997, p. 55)". وكل من كانط وفيخته وغيرهما ميزوا بين الواقع الجسدي أو المادي للكتاب، وبين حقيقته الروحية، حيث يبقى الكتاب شيئا ماديا نلمسه بأيدينا، ولكنه كما يرى دلتاي وهوسرل هو شيء مغمور بالروح، وبالتالي فملكية شيء مادي كمنزل مثلا تختلف عن ملكية الكتاب.

(1995, p8 Kant, Qu’est-ce qu’un livre ?)ومن المواقف المهمة حول الكتاب، تلك التي نجدها عند ديدرو، الذي يعتبر أنه "لا يمكن أن نرفع دعوة ضد أي أحد، بحجة أنه يسرق أفكارنا، إلا في سياق جد خاص للملكية الفكرية. والفكرة المتجسدة منفصلة عن الفكر، الذي يكون عليه إيصالها كماهي، حينها فقط يكون موضوع الملكية قابلا للمتاجرة (Kant, Qu’est-ce qu’un livre? 1995, p.44)" وهو يرهن المتاجرة الحرة بالكتاب بالقدرة على إعادة طبع كتاب المؤلف، وفق عبارات وأفكار الإصدار/الطبعة الأولى نفسها، فهنا تتوقف حقوق المؤلف، أما مسألة الطبع وإعادة الطبع والمتاجرة الحرة بالكتاب فلا يتدخل المؤلف فيها (حيرش، 2015).

وفي ألمانيا -أكثر من غيرها من الدول-، كان النشر غير المشروع منتشرا، لأن ألمانيا كانت مقسّمة، وقد أثرت حرب الثلاثين عاما على طريقة التعامل مع الكتاب، حيث فضّل الألمان عدم شراء الكتاب من الخارج، ما يعني فتح المجال للبيع غير المشروع. وفي النمسا كان النشر غير المشروع معترفا به من طرف الدولة، والناشرين أمثال توماس تراتنر 4 كانوا يكرمون "وبدءا من سنوات 1760،أصبح الأدب الألماني الشمالي– بغض النظر عن المؤلفات المهربة – لا يوزع في أغلب الأحيان في ألمانيا الجنوبية، وفي سويسرا والنمسا إلا عن طريق النشر غير المشروع."(Kant, Qu’est-ce qu’un livre? 1995,p81) وبالنسبة إلى إمانويل كانط، كانت المسألة تتعلق بالاعتراف بأجور المؤلفين من قِبل ناشريهم كمكافأة عادلة على مجهوداتهم وهذا وحده هو الذي أسس الملكية الفكرية. ونظرًا لأن الكتاب عبارة عن خطاب يُعبِّر بشكل أساسي عن أفكار المؤلف، لا يمكن إعادة إنتاج هذه الأفكار دون موافقة صريحة من المؤلف. وهنا يجب التأكيد على أنها موافقة المؤلف وليس الناشر، نظرا لأنّ الموافقة حق معنوي. ومع ذلك، نجد أنّ فيخته لم يوافق على النشر غير المشروع، مفضلا الدفاع عن القيم الأخلاقية، من غير أن يتأثر بالاعتبارات الاقتصادية أو النفعية. ومن أجل أن يبرهن على أن الكتاب هو ملك لصاحبه فقط، أعاد النظر في مفهوم الخطاب، حيث أن اللغة حتى وإن خرجت من فم صاحبها، فهي تظلُّ ملكه الخاص، فأن "نفكر يعني أن نتخاطب مع ذاتنا[...] إن الخطاب يحدد أساسا باعتباره هو نفسه الفكر ذاته، وهذا ما يؤسس ملكيته الفورية للذات عند كانط، كما والحال بالنسبة للشخص. ولكنما ينقص هنا، هو هذا الأثر الواضح للتملك في الخارجية ذاتها للكلمة الموجهة للذات، والكامنة في الأسلوب
(1995, pp 103,104 Kant, Qu’est-ce qu’un livre ?). "إن الأفكار المحوّلة إلى خطاب موجه للغير، تبقى هي والخطاب ملكا لصاحبها، خاصة من جهة الأسلوب اللغوي الذي يبقى ميزة فردية. وعليه، لا بد من إدانة النشر غير المشروع واعتباره سرقة. (حيرش، 2015)

وعلى هذا الأساس "اجتهد المفكرون الألمان للتميّز عن جيرانهم الفرنسيين الذين اعتقدوا بوجود حقوق طبيعية أو قبلية يشترك فيها جميع الناس، في حين أن الألمان اعتبروا أن الحقوق مكتسبات تاريخية مرتبطة بشروط وجودية (بعدية). إن حقوق التأليف والنشر المتأصلة في النظرية الفلسفية للطبيعة تنقسم إلى تيارين: من ناحية المفهوم القائم على العمل المستمد من جون لوك، ومن ناحية أخرى نظرية الفردية المستمدة من كتابات الفلاسفة الألمان، حيث تسلط هذه النظرية الضوء على دور المؤلف. فبالنسبة إلى كانط، يجب فهم العلاقة بين المؤلف وعمله كجزء لا يتجزأ من شخصية المؤلف. وبالنسبة إلى هيجل، فإنه مظهر من مظاهر إرادة الأخير الذي تشكل ثمرة العمل المؤسس للحق. وهكذا تظهر نظرية الفردية كأساس يتكيف بشكل خاص مع المفاهيم الفرنسية والألمانية لحقوق النشر والتي كرست لأول مرة مفهوم الحق الأخلاقي. وعلى العكس من ذلك، فإن نظرية القانون الطبيعي غير معترف بها في البلدان التي تطبق حقوق الطبع والنشر، حيث أن الغرض من تكريس حقوق النشر هو زيادة نشر الثقافة." حيرش, (2015)

في السياق الفرنسي

في هذا السياق نجد أن الملكية الفكرية لها علاقة بالفكر المسيحي حول الأبوة الفكرية. وتم ربط الملكية الفكرية خلال الأنوار بإعلان حقوق الإنسان والمواطن، وخاصة في المادتين 2و17، وهذا ما سمح لكل من ديدرو وفولتير وكانط وفيخته بوضع أسس الفردية القانونية في نشر الأفكار (Diemer & Guillemin, 2008). ومع ذلك، فإن شخصيات أخرى مثل كوندورسيه، رأت أن الملكية الأدبية غير المحدودة زمنيا ستكون غير عادلة لأنها ستؤسس احتكارًا دائمًا للأفكار التي تعد جزءًا من المصلحة العامة ويقترحان حقا تصل مدته إلى عشر سنوات بعد وفاة المؤلف. تكشف حقوق النشر عن حالة اقتصادية ونفعية، حيث تنسب الحقوق إلى الشخص الذي يتحمل المخاطر الاقتصادية عن طريق تولي مسؤولية تمويل ودعم الإبداع، فينتمي العمل إلى المؤلف منذ اللحظة التي يقوم بإنشائه باعتباره حق طبيعي. وهناك توتّر واضح بين البحث عن أكبر نشر لأعمال العقل وإرادة التعويض عن الابداع بواسطة الأنظمة القانونية التي تحد في الوقت نفسه من الانتشار. والملكية في فرنسا هي شكل من أشكال الامتياز للحصرية الممنوحة للمؤلف والناشر، امتياز كونه الوحيد الذي يكون قادرًا على إعادة إنتاج عمل إبداعي خلال فترة زمنية محدودة، إنه امتياز التملك الذي يرجع تاريخه إلى عام1507 . وبعد الثورة الفرنسية سنة 1789وإلغاء الامتيازات عام 1791،أصدر أول قانون لحقوق النشر ومسألة التّحول إلى الملكية العامة
Le domaine public،حيث دافع بعض الكتاب والفلاسفة عن شرعية ملكية المؤلف على عمله كونه حق غير قابل للتصرف وملكيته دائمة
.(Larochelle, 1998, pp.39-50)

تسمح الحقوق المعنوية للناشر بالكشف عن العمل أو سحبه والاعتراف بسلامته ولا يمكن تعديله أو إلغاؤه بواسطة مؤلفه، في حين أن الحقوق الاقتصادية، تتعلق باحتكار الاستغلال. وفي 4أوت 1789،ألغى الثوار الفرنسيون جميع الامتيازات، حيث مُنح المؤلفون الحق الحصري في التصريح بنسخ أعمالهم خلال حياتهم ثم إلى نقل هذا الحق إلى الورثة لمدة خمس سنوات وفي نهاية هذه الفترة يدخل العمل في مجال الملكية العامة. وخلال القرن التاسع عشر، طورت المحاكم الفرنسية والألمانية المبادئ الرئيسية للملكية الأدبية والفنية. استعمل أوغستين تشارلز رينوارد صيغة حقوق الطبع والنشر في أطروحته عن حقوق النشر في الأدب، التي نُشرت في عام 1838 والمعارِضة لمصطلح الملكية الأدبية. واقترح جان زاي ومارك روكارت مشروع قانون لإلغاء الملكية الأدبية والفنية واستبدالها بحقوق الطبع والنشر غير القابلة للتصرف، وجعل عقد النشر ليس عقد تنازل عن الحقوق، لكن عقد تنازل مؤقت في نطاق محدود للغاية. وقد قوبل هذا المشروع المدعوم من قِبل المؤلفين بمعارضة شديدة من الناشرين، ولسوء الحظ انقطع النقاش الدائر حول هذه المسألة بسبب الحرب العالمية الثانية. (Larochelle, 1998, pp. 39-50)

يعترف الحق المعنوي بشكل خاص للمؤلف بأبوة العمل واحترام سلامته وهذا الحق دائم وغير قابل للتصرف أما الحقوق الاقتصادية، فهي تمنح احتكار الاستغلال الاقتصادي للعمل لمدة متغيرة وفقًا للبلدان أو الحالات التي في نهايتها يدخل العمل الملكية العامة. على المستوى الاقتصادي، يعتبر عمل العقل سلعة غير حصرية، بمعنى أنه من غير الممكن منع وكيل من استخدام هذه المصلحة، وهو سلعة غير منافسة، بمعنى، لا تنقص فائدته إذا زاد عدد المستخدمين وهي بالتالي تمتلك صفات المصلحة العامة. وعلى العكس من ذلك، فإن الوسيلة المادية التي يتم من خلالها توصيل العمل تكون منافسة وحصرية5.وتستلزم تكلفة تصميم العمل الأصلي بالضرورة تكاليف ثابتة أما تكلفة تكرار النسخة الأصلية فهي هامشية. وبالنسبة للأعمال السينمائية، تكون تكلفة الإخراج مرتفعة، في حين أن تكاليف نسخة إضافية من العمل، لا تكاد تذكر، لا سيما في حالة النسخ الرقمي. أما الأعمال الأخرى مثل معظم العروض الحية، فلها تكاليف تصميم منخفضة مثل كتابة السيناريو، الكوريغرافيا وما إلى ذلك.

يكمن الهدف من حقوق الطبع والنشر في حل التناقض بين تمويل المؤلف وحرية الوصول إلى المصنفات وجعل عمل العقل حصريًا بمنح المؤلف احتكارًا للاستغلال بسبب اكتشافه. وتشجع حقوق النشر المؤلف على تغطية نفقاته الإبداعية ويسمح له بتلقي المكافآت. واحتكار صاحب النشر له مدة محدودة هي عادة 50أو 70سنة بعد الوفاة. في الخطوة الثانية، تختفي الحماية القانونية ويدخل العمل في مجال الملكية العامة، ما يسمح للجميع استخدامه بحرية. وقد تكون حقوق النشر غير مرضية أيضًا لتمويل الأعمال التي يعتبرها المستثمرون غير مربحة بما فيه الكفاية ولكنها وبالرغم من ذلك تشجع على الاستثمار في المصنفات التي من المرجح أن تحقق نجاحًا تجاريًا كبيرًا، ما يضر في بعض الأحيان بأصالة الأعمال.

في السياق الأنجلو- سكسوني6

مع نهاية القرن السابع عشر، ظهرت مقاربة جديدة لحقوق المؤلفين، حيث وسع جون لوك الملكية الطبيعية للمؤلف واستعان المشرّعون بفكرة القانون الطبيعي في القرن الثامن عشر لتبرير الملكية الفكرية. في القرن نفسه ، استخدم جيريمي بنثام مفهومًا مفاده أن الملكية الفكرية تستمد شرعيتها من كفاءتها الاقتصادية. وطالب الناشرون في إنجلترا بضرورة وجود حق دائم في مراقبة نسخ الكتب التي اشتروها من المؤلفين، أي أنه لا يمكن لأي أحد كان إعادة طباعة نسخ من المصنفات المحمية. وتم إصدار "قانون آن" في إنجلترا سنة 1709،إذ كانت هذه الوثيقة أول قانون لحقوق التأليف والنشر والتي أثبتت أن المصنفات المنشورة لها حقوق نشر مدتها 14عامًا قابلة للتجديد مرة واحدة إذا كان المؤلف لا يزال حيا. وظهر مفهوم الملكية العامة في القانون الأنجلو-سكسوني عام1774، وفي عام1790أصدر الكونغرس الأمريكي قانون حقوق التأليف والنشر وفيه اعتراف بأنها حق ملكية تجارية، يجب أن تكون قادرة على بيع نفسها دون عوائق.

بدأ الفيلسوف الإنجليزي جون لوك بوصف حالة الطبيعة التي يتم فيها امتلاك البضائع، حيث اقترح أنه في هذه الحالة البدائية، يوجد ما يكفي من البضائع في هيئة مواد خام، بحيث يمكن للجميع ملائمة منتجات أعمالهم دون المساس بممتلكات الغير. لكن من الواضح أن المجتمعات لم تبق على هذه الحالة البدائية، بل تطورت تدريجياً إلى مجتمعات الاقتصاد والبيع والتبادل، حيث لا يمكن استهلاك جميع المنتجات، حتى تلك الموجودة في حالتها الطبيعية كما هي. وللقيام بذلك، يجب على الفرد تحويل هذه السلع إلى ملكية خاصة عن طريق ممارسة العمل أو الجهد عليها وفيها. وسمي ذلك لاحقا بــ "قيمة العمل المضافة"، حيث يضيف العمل قيمة إلى المنتجات الخام، فيستحق هذا الجهد الاعتراف به وحمايته من أجل أن يستفيد مؤلف العمل من ثمرة مجهوده. ومن هذا المنظور أيضا، يعمل الناس أيضا على إنتاج الأفكار. وبذلك ترسي فلسفة لوك في الممارسات الوحدة بين الفكرة وتنفيذها، وحتى الهوية بين "امتلاك فكرة"و"امتلاك نتيجة الفكرة". وانطلاقا من هذه النظرية، قام فريدريك باستيا بترويج حق الملكية الدائم نظرا لأن المؤلف هو المالك الكامل لعمله وينبغي أن يكون قادرًا وحده على التصرف فيه بالبيع والتوريث دون حدود. ونادى جان بابتيست جوبارد بمبدأ الاحتكار الدائم للمؤلف، ووجود حق معنوي دائم في حقوق النشر الفرنسية يتوافق مع هذه الرؤية (Latournerie, 2004, pp. 21-33).

اعترف قانون حق الفنانين المرئيين بولاية نيويورك في 1990بالحقوق المعنوية للمؤلف، بحيث لا يمكن استخدام اسم المؤلف دون إذنه وتم التصويت على القانون من قبل إحدى عشرة ولاية. أما بالنسبة لحقوق النشر، فلا يمكن إنكار منطقها الاقتصادي، ففي السينما، يتخلى المخرج دائمًا عن حقوقه للمنتج، نظرًا لأن تكاليف الإنتاج مرتفعة جدًا،بحيث يتعذر على المخرج تحملها. ورغم أن دستور الولايات المتحدة الأمريكية الصادر في عام1787، يحمي صراحةً حق المؤلف الحصري، إلا أن القانون الاتحادي لعام1790منح الأولوية لحقوق الطبع والنشر. وفي عام 1777،أسس بيير أوغستين كارون دي بومارشي، الفنان ورجل الأعمال، أول مجتمع للمؤلفين لتعزيز الاعتراف بالحقوق لصالح المؤلفين، إذ أن الأمر لا يتعلق فقط بحماية دخل صاحب النشر بل أيضًا حماية نزاهة عمله ضد التشهير، حيث أن فكرة حماية عمل العقل موجودة في الابتكار. وطوال القرن العشرين ازدادت مدة حماية الأعمال والمنتجات، لاسيما في الولايات المتحدة الأمريكية ويمتد مجال حقوق الطبع والنشر ليشمل أشكالًا جديدة من الأعمال مثل السينما، ألعاب الفيديو، إبداعات نفعية معينة مثل البرامج والتصاميم وقواعد البيانات.

الحقوق المعنوية، الأخلاقية والاقتصادية في ظل الرقمنة

مع الزمن انصهرت الاتجاهات الثلاثة (الألمانية والفرنسية والأنجلو سكسونية)، خاصة بعد الوحدة الأوروبية وانتشار وسائل الإعلام والاتصال الرقمية، حيث يتجه الاتحاد الأوروبي نحو تشريع قريب عن حقوق النشر وينص التوجيه الأوروبي لعام 1993على أنه لا يتم التنازل عن الحقوق إلا بعد مرور 70عامًا على وفاة المؤلف للبقاء في الملكية العامة. وفي عام 2001، تم تطبيق توجيه جديد حول حق المؤلف والحقوق المجاورة. ومع التكنولوجيا الرقمية، تم تحدي القوانين على أساس الحق في الوصول الحر إلى الثقافة والمعلومات، ما أدى إلى نهاية حقوق التأليف والنشر وتقادم مفهوم المؤلف. وتُعارِض بعض الشركات استخدام الورق الرقمي وتحاول الهيئة التنظيمية لتدابير الحماية الفنية تسوية هذه النزاعات، لكنها تنظر فقط في شكاوى الشركات. من أجل تنفيذ التوجيه الأوروبي لعام 2001،أصدرت فرنسا قانونًا يسمى DAVDSI 7 في 1أوت 2006، والذي يتعلق بحق المؤلف والحقوق المجاورة في مجتمع المعلومات، حيث يحتوي على إدارة الحقوق الرقمية بغرض تقييد الوصول إلى محتوى معين عن طريق التدابير الفنية. وتم تقديم قانون الإبداع والإنترنت8HADOPI في عام 2008 وتبنيه في ماي 2009 وتمت مراقبته في جوان و تبنيه مرة أخرى في سبتمبر 2009. ويعتبر هذا القانون استمرارا لسياسة DAVDSI، لكنه أكثر تقييدًا وتسليطا للعقاب. ويأخذ هذا القانون اسمه من الهيئة الإدارية المستقلة الجديدة التي تم إنشاؤها في الوقت نفسه، والهيئة العليا لنشر المصنفات وحماية الحقوق على الإنترنت. ومن بين أهداف هذه الهيئة حماية المصنفات المرتبطة بحق المؤلف أو الحقوق المجاورة ومراقبة الاستخدام غير المشروع لهذه المصنفات، لذلك ستكون الجهة المسؤولة عن تطبيق الآلية الجديدة للإنذار والتحكم ومعاقبة مستخدمي الإنترنت الذين يمارسون التنزيل والتحميل غير القانوني (Laflèche, 2009).

يطبق حق المؤلف في بلدان مثل بلجيكا وفرنسا بشكل خاص، وهو يحمي الأعمال الأصلية للعقل، وتعتبر الأفكار المعبر عنها في العمل والتي هي إبداع حر، غير محمية في حد ذاتها ولكي يحدث انتهاك لحقوق النشر، يجب نسخ النموذج الأصلي ا لذي يتم به التعبير عن الأفكار9. ويتم استبعاد الأعمال الفنية والأسلوبية المفاهيمية وكذلك النظريات والإجراءات العلمية من نطاق قانون حقوق التأليف والنشر. وتستدعي الأصالة أن يحمل العمل بصمة شخصية مؤلفه، وأصبحت المصنفات النفعية مثل البرمجيات والتصميمات محمية الآن في بعض البلدان، بطريقة حماية المصنفات الأدبية والفنية نفسها. وأحد المبادئ الأساسية لحقوق الطبع والنشر هي أن ملكية المصنف مستقلة عن ملكية الحامل support، فعلى سبيل المثال، لا يملك مالك قرص الفيديو الرقمي الفيلم الموجود فيه مثلما لا يملك مشتري الكتاب المصنف الأدبي المدرج فيه (Loi favorisant la diffusion et la protection de la création sur Internet, 2008).

تتم حماية برامج الكمبيوتر وكذلك أعمال التصميم التحضيري التي تؤدي إلى تطويرها، بموجب حقوق الطبع والنشر. وعلى العكس من ذلك، قد تكون الأجهزة التي تستخدم هذه البرامج أو الاختراعات المتعلقة بالبرنامج محمية هي الأخرى بموجب براءة اختراع. وفي بعض القوانين، تنطبق حقوق النشر على قواعد البيانات أو التصميمات، كما أن القوائم الواردة في القانون ليست شاملة، وبالتالي فإن الاعتراف بأصالة الإبداع راجعة إلى سلطة القضاة. ويتمتع المؤلف بالحق المعنوي الذي يعترف في العمل بالتعبير عن شخصية المؤلف ويحميه على هذا النحو. ويشبه الحق المعنوي للمؤلف الحقوق الشخصية مثل الحق في احترام الحياة الخاصة ومثل هذه الحقوق متأصلة في الشخص وغير قابلة للتصرف، وتشمل الحقوق المعنوية العناصر التالية: - حق الكشف (إظهار العمل إلى العلن) والذي يتمتع فيه المؤلف بسلطة تقديرية لتقرير متى وكيف ينقل عمله إلى الجمهور ؛ - حق الأبوة الذي يوجب أن يذكر كل مستخدم بشكل لا لبس فيه اسم مؤلف العمل وجودته ؛ ويشمل حق الأبوة أيضًا الحق في استخدام اسم مستعار أو نشر أعمال مجهولة ؛ الحق في احترام سلامة العمل، حيث يجوز للمؤلف أن يعارض أي تشويه لعمله وأي إجحاف يضر بشرفه وسمعته؛ الحق في الانسحاب والتوبة، حيث يسمح للمؤلف سحب عمله في مقابل تعويض المستفيد وصاحب الدعم ؛ يرتبط الحق المعنوي بشخص المؤلف الذي لا يمكن التصرف فيه، إذ لا يمكن للمؤلف بيعه أو التخلي عنه ؛ الحق المعنوي دائم، لكنه في بعض الدول له مدة محدودة ؛ عدم القابلية للامتلاك، أي أنه لا يخضع للحيازة، وعدم استخدامه لا يتسبب في فقد المالك حقه ؛ في حالة وجود حق معنوي دائم للمؤلف، فعند وفاته، يتم تحويله إلى الورثة أو إلى المنفذين الذين يكفلون حمايته، ويحتفظون بالسلطة لمنع أي استخدام يحتمل أن يقوض العمل؛ الحق المعنوي ليس مطلقًا، فلا يستطيع المهندس مثلا معارضة تعديل عمله عندما يكون ذلك لأسباب أمنية.

أما الحقوق الاقتصادية، فهي تمنح المؤلف الحق الحصري في التصريح أو حظر أي استخدام لأعماله، فهي صلاحيات حصرية، ويتم تمييزها عن حق بسيط في الأجر. ويجوز لصاحبها أن يحظر استخدام طرف ثالث لعمله، حتى لو كان الأخير مستعدًا لدفع ثمن هذا الاستخدام. وعلى عكس الحق الدائم في ملكية الممتلكات المادية، لا تُمنح حقوق المؤلف الاقتصادية إلا لفترة محدودة. ويجوز للمؤلف منح طرف ثالث الحق في استغلال عمله بالتوقيع معه على عقد تنازل أو ترخيص حقوق الطبع والنشر، اعتمادًا على ما إذا كان يتم نقل الامتيازات على أساس حصري أو غير حصري. على سبيل المثال، تسمح الحقوق الاقتصادية للكاتب بالتفاوض على شروط نشر أعماله الأدبية بواسطة ناشر، مقابل رسوم. وتحدد أطراف العقد الحقوق الاقتصادية المنقولة وطرق الاستغلال المسموح بها والمدة، فضلاً عن مبلغ أجر المؤلف. وفي معظم الحالات، تخضع عقود حقوق الطبع والنشر لقواعد دقيقة مثل الإشارة الصريحة للحقوق التي تم التنازل عنها.

يعتبر تزويرا أي تمثيل أو إعادة إنتاج للعمل الذي لم يخضع لترخيص من المؤلف أو من يرثه والذي لا يدخل في نطاق أحد الاستثناءات على حقوق النشر. والتمييز بين التزوير ومجرد الاستلهام يرجع إلى تقدير القضاة والمحاكم المختصة. وتُمنح الحقوق الاقتصادية للمؤلف طوال حياته وتستمر بعد وفاته لصالح المستفيدين منه لفترة تتراوح ما بين 50إلى 100عام حسب البلد. على سبيل المثال، في بلجيكا وفرنسا، تنتهي صلاحيتها بعد 70سنة. قبل عام 1993،فرضت اتفاقية برن الدولية مدة 50عامًا على الأقل بعد وفاة المؤلف وتبدأ فترة ما بعد الوفاة في الأول من جانفي. وحددت الفترة في أوروبا في عام1993بـ 70عامًا بعد وفاة المؤلفين وبعد 50عامًا من أول اتصال للجمهور بالعمل. وتم اعتماد فترة السبعين عامًا في النص الفرنسي بموجب قانون صادر في 27مارس 1997ومجرد انقضاء هذه المواعيد النهائية يدخل العمل في المجال العام، حينها يمكن إعادة إنتاج هذا العمل من قبل أي شخص، دون الحاجة لدفع تعويضات. ويشمل المجال العام الأعمال التي لا يمكن بطبيعتها أن تكون محمية بالملكية الأدبية والفنية والأعمال التي لم تعد خاضعة للحماية. (www.winpo.int ) والأعمال التي لا يمكن بطبيعتها أن تكون محمية هي : المعرفة التي لا يُمنح أي احتكار لها، مثل الصيغ الرياضية ؛ عمل العقل غير المحمي بموجب حقوق النشر أو الأفعال الرسمية مثل النصوص التشريعية البرلمانية أو قرارات السوابق القضائية، فضلاً عن ترجماتها الرسمية وخطب البرلمانيين؛ المعلومات التي لا تعد من عمل العقل والإبداع والأصالة والمعلومات الأولية (غير الرسمية مثل التواريخ والمعرفة العلمية وقوائم العناوين، والقوائم الخام).

في فرنسا ومنذ عام2012، تم تعديل حقوق الطبع والنشر قليلاً بموجب قانون الكتب غير المتوفرة، وينص هذا القانون على إنشاء سجل للكتب غير المتوفرة من أجل إعادة إصدارها إلكترونيا، حيث يتم جرد الكتب المدرجة في الفترة ما بين 1 يناير 1901 و 31 ديسمبر 2000 والتي لم تعد متوفرة في الدائرة التجارية التقليدية. ويمنح هذا القانون الناشرين الفرصة لاستغلال هذه الكتب دون استشارة المؤلفين، ما يحرم صاحب النشر من حقه الوراثي. وتختلف حقوق الطبع والنشر عن الحقوق المجاورة أو الحقوق ذات الصلة10، حيث تُمنح الحقوق المرتبطة بحق المؤلف لفناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية وأشرطة الفيديو على الأعمال التي قاموا بتمويلها وشركات الاتصالات بشأن الأعمال التي يبتونها. وتستمر الحقوق المجاورة في الاتحاد الأوروبي لمدة 70عامًا بعد أنتم تمديدها في 12سبتمبر 2011إلى 50عامًا. وبالتالي، فإن عددًا كبيرًا ومتزايدًا من التسجيلات الصوتية للموسيقى الكلاسيكية خالية من حقوق الطبع والنشر ومن الحقوق المجاورة11. وظهرت على الإنترنت نماذج جديدة لإنشاء ونشر الأعمال وتم تخفيض الوسطاء بين المؤلف والمستخدم، خاصة بسبب ظهور العديد من الصفحات الشخصية وتمديد مجال الحقوق المتروكة. وتتيح تقنيات الدفع -عن كل عرض أو فيديو حسب الطلب-للمستخدمين الوصول إلى الأعمال في أيمكان وفي أي وقت. كما أن نشر الأعمال على الإنترنت قد أعطى الإعلان أهمية أكثر في تمويل الإبداع. والمواقع التي تبث الموسيقى أو الصوتيات المرئية مثل ديزر Deezer أو يوتوب YouTube لديها اتفاقيات من أجل السماح للمؤلفين بالحصول على نسبة مئوية من إيرادات الإعلانات. وتسمح التكنولوجيا الرقمية باستنساخ أعمال غير مكلفة تقنياً والتي يتم تداولها دون رقابة حقيقية من المؤلفين أو ورثتهم. ولكن تتم معاقبة ناشريها في فرنسا من أجل إدارة حقوق مالكيها ومنع النسخ غير القانونية، ويجوز لأصحاب الحقوق تضمين المصنفات صيغة "يعاقب عليه القانون". وبعد ثلاث سنوات من النقاش المكثف، تم التصويت على التوجيه الأوروبي بشأن حق المؤلف في العصر الرقمي في 27مارس 2019.

في مقابل ذلك، اعتبر العديد من المؤلفين أن حقوق الطبع والنشر أو الملكية الفكرية أو الحق في حماية بعض الأعمال يمكن أن يكون بمثابة مكابح أو حتى إساءة استخدام للحقوق ويمكن أن يكون لها عواقب سلبية على المصلحة العامة. في القرن التاسع عشر، أدان بيير جوزيف برودون الملكية الفكرية على البضائع وكذلك العواقب الضارة لاستيلاء المصنفات على التدفق الحر للمعرفة. وفي القرن العشرين، تبنى ريتشارد ستولمان والمدافعون عن الثقافة الحرة هذه الأطروحة، ويقترح هذا الاتجاه استخدام التراخيص المجانية كمبدأ بديل لحقوق الطبع والنشر لأن الاقتصاد الخالي من حقوق النشر يساعد على انتشار الأعمال بشكل أكبر. وعليه، يعتبر بعض الاقتصاديين مثل ستيفان براير أو دفيد كرودسن ليفين أن حقوق الطبع والنشر مفهوما غير فعّال، لا سيما في سياق مجتمع المعلومات، دون التشكيك في مبدأ حق المؤلف، إلا أنهم يستنكرون تجاوزاته ولا سيما التمديد المستمر لفترة حماية المصنفات. ويضع عمر مؤلفي الكتب الذين يعيشون فترة طويلة والكتاب الذين يموتون في وقت مبكر جدا في ظروف غير متكافئة. كما تصدر براءة الاختراع فقط لمدة تتراوح بين
20 و25 عامًا، بينما تكون حقوق الطبع والنشر محمية مدى الحياة ونحو 70عامًا بعد الوفاة. وهذا يضع اختراعات المهندسين في وضع غير متكافئ مع المؤلفين المستفيدين من حقوق النشر. وفي هذا السياق الجديد، واجهت المبررات الاقتصادية لحق المؤلف عددا من الانتقادات مع الأزمة المرتبطة بظهور التنزيل والتحميل والبث غير القانونيين، حيث تبيّن أن انتهاك حقوق الطبع والنشر لا يقلل من عدد الألبومات المنتجة نظرا للطبيعة غير المنطقية لمستهلك الموسيقى، حيث أن الدوافع الرئيسية لشرائه الموسيقى الرقمية هي العاطفة. وبالتالي، فإن التنزيل غير القانوني قد لا يكون له تأثير، وعلى العكس من ذلك، يمكن أن يؤدي الوصول المجاني إلى الموسيقى إلى تنشيط المهن ويزيد الاهتمام بهذا التعبير الفني.

حقوق الملكية الفكرية في الثقافات التقليدية

تُعدّ حماية المعارف التقليدية مطلبًا ثابتًا للشعوب الأصلية وللبلدان النامية، وترى الشعوب الأصلية حق المؤلف باعتباره مفهوما غربيا لا يستطيع توفير الحماية الفعالة لمعارفهم التقليدية.بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام حقوق الطبع والنشر بشكل متناقض لحيازة المعارف التقليدية بطريقة غير مشروعة خلال الفترات الاستعمارية. خلال العصور القديمة والعصور الوسطى وإلى اليوم يعتمد معظم الإبداع الفني في جزء كبير من العالم مثل إفريقيا، الهند، جنوب شرق آسيا، أمريكا الجنوبية، على الحرف اليدوية والإنتاج الشفهي والتي يظل مبدعوها في كثير من الأحيان مجهولين. وغالبًا ما تنتقل الأعمال الأدبية والموسيقية شفهيًا، في حين أن نسخها يظل حكرا على الأشخاص القلائل الذين يتقنون الكتابة.

وعليه جاءت اتفاقية اليونسكو UNESCO حول التراث (Hottin, 2008) الثقافي اللامادي PCIسنة 2003وهي ذات صلة وثيقة باتفاقية 1972المتعلقة بالتراث العالمي، إذ مكنت هذه الاتفاقية في البداية خمسة دول من أوروبا الغربية (فرنسا- ألمانيا- إيطاليا- إسبانيا- إنجلترا) من أن تتقاسم جل الممتلكات الخاصة بالتراث المادي (المباني والآثار المعمارية) المسجلة في قائمة التراث العالمي. وصار لزاما حينها أن يكون التمثيل الكثيف للدول الأوروبية مسايرا لتمثيل أقل للقارات الأخرى وبالخصوص دول الجنوب التي تمتلك المهارات القديمة، بالإضافة إلى كونها مكان الممارسات الشفهية. ومنذ 1982 بدأ التكلم عن "تراث لامادي" nonmatérielhéritage، وقامت اليونسكو في سنة 1989 بنشر المطلب الخاص من أجل الحفاظ على الفلكلور.وفي اليابان عملت مؤسسات وهيئات مثل سمتصانيانSmithsonianأو ما يعرف
بـ "المركز من أجل الفلكلور والإرث الثقافي" على النضال من أجل الاعتراف بالإرث الثقافي اللامادي. وفي سنة 1997تم إطلاق البرنامج الخاص بالإعلان عن روائع التراث الثقافي اللامادي للإنسانية، حيث أسفر هذا البرنامج عن ثلاثة إعلانات في 2001، 2003، 2005. وفي هذا الصدد فإن نص الاتفاقية أنجز سنة 2003ووقعت عليه ثلاثون دولة ودخلت الاتفاقية حيز التطبيق الفعلي سنة 2006.

تعرف اتفاقية اليونسكو لسنة 2003التراث بالقول: "إننا نفهم من التراث الثقافي اللامادي الممارسات، والتمثلاث، التعابير، المعارف والمهارات (الفنون) بالإضافة إلى الآلات (lesinstruments)والأغراض والفضاءات الثقافية المرتبطة بها، والتي هي محل اعتراف من طرف المجتمعات والجماعات أو حتى الأفراد باعتبارها جزء من تراثهم الثقافي. (المادة 2 ) "إن التراث الثقافي اللامادي والمنقول من جيل إلى جيل ومعاد إنتاجه باستمرار من طرف المجتمع والجماعات توافقا مع محيطهم، وتفاعلهم مع الطبيعة ومع تاريخهم، الشيء الذي يمدهم بشعور أو إحساس الهوية والاستمرارية، مسهما هكذا بتطوير الاحترام والتنوع الثقافي والإبداع الإنساني". (المادة 2) إن تعريف ودراسة وحماية التراث الثقافي اللامادي في كل دولة عضو يكون مرتبطا بالسياسة العالمية الموضوعة في إطار اليونسكو تدور حول ثلاثة محاور هي التعاون العالمي، خلق رصيد للتراث، تكوين قائمة للتثمين والحفظ. (Hottin, 2008) وتحدد الاتفاقية أربعة أهداف تتمثل في المحافظة على هذا التراثأولا ، احترامه ثانيا، التحسيس على المستوى المحليثالثا، التعاون والدعم العالميرابعا.

يتمثل التراث اللامادي في الفلكلور الشعبي، الموسيقى، القصص، الأساطير، الأمثال الشعبية، النكتة والفكاهة، والاحتفالات الشعبية، بالإضافة إلى المنتجات والصناعات التقليدية والمهارات الحرفية وكذلك المعارف. إن هذا المصطلح بديل عن مصطلح التراث المادي المتمثل في البنايات والعمران الأثري (المدن، التماثيل، النصب التذكارية...)، فباعتبار أن هذا الجانب قد أخد النصيب الأكبر من الاهتمام في اتفاقية 1972، توجه اهتمام اليونسكو بعد ذلك إلى ما هو لامادي والذي يعتبر ميزة جوهرية لدول الجنوب. ومن ثمة يصير الاعتراف به شكلا من أشكال التصالح بين الشمال والجنوب، إلا أن حالة التراث اللامادي اليوم تطرح الكثير من التساؤلات حول شروط المحافظة عليه أو إمكانية استرجاعه من المتاحف الغربية التي استولت عليه.

إن الكتاب المعنون بـ "متاحف الإتنوغرافيا الموجودة في جونيفGenèveونوشاتلNeuchâtel(أو الاستعمال الاجتماعي للتراث)"(Carmignani, 2003) منحنا فرصة معرفة حالة تراثنا الإثنوغرافي واللامادي الموجود اليوم في المتاحف الأوروبية، كما مكننا من استشراف ما يمكن أن يؤول إليه لو أن المساءلة الأنثروبولوجية للإثنوغرافيا تواصلت في ظل رؤى إنسانية تعترف بأحقية الآخر في استرداد تراثه المسلوب وبأحقيته في المشاركة في التراث الثقافي العالمي. كثير من المتاحف الأوروبية اليوم تعرض موضوعات (أدوات، مقتنيات إثنوغرافية) حصلتها أثناء استعمارها لشعوب العالم، ووجودها اليوم فيها وخاصة بعد استقلال تلك الشعوب يطرح كثيرا من الأسئلة حول مشروعية وجودها في تلك المتاحف اليوم والتي يجب عليها إعادة تلك المقتنيات إلى أصحابها الأصليين من منطلق الاعتراف بالملكية الثقافية(Carmignani, 2003)،حتى أن الأمر ارتقى عندهم إلى مستوى "الأزمة الوجودية" (03Carmignani, 20) وحتى الأخلاقية. وانطلاقا من وجهة نظر أنثروبولوجية، فإن وجود المتحف الإثنوغرافي يصير محل شك وتساؤل، فأي دور ستلعبه هذه المتاحف بالنسبة للحداثة في أوروبا؟ تعمل المجتمعات مصدر هاته المقتنيات والمختصون الإثنوغرافيون على إرغام المؤسسات المعنية وخاصة المتاحف بإعادة النظر في ممارساتهم، فليس من المعقول إدراج هذه المقتنيات ضمن التراث الأوروبي.

هذا الوضع المستند على "قبول" حيازة تراث الآخر بكل طمأنينة يرجع إلى الكيفية التي يتمثل بها الغرب الشعوب التي خضعت للاستعمار أو التي لها قابلية للاستعمار، حيث أن هذا التمثل يندرج في إطار الإدماج L’assimilationواختصار الآخر في الذات (Carmignani, 2003)، وبذلك فإن المتحف الإثنوغرافي يعبر عن نزعة مركزية ethnocentrique. ومن أجل الخروج من هذا المأزق الحضاري الذي أوقع "الغربيون"أنفسهم فيه، فإنهم يفكرون كما هو شأن الرئيس الفرنسي جاك شراك في متحف للقرن 21"ما بعد استعماري" تماما post-colonial ، وبذلك فإن الجانب الإثنوغرافي المغبر والمخجل سيتم استبداله بعلم متاحف جديد (Carmignani, 2003). وبالتالي، فإن النزعة الإنسانية الموجودة بوادرها في أوروبا اليوم والمدركة لقصور المركزية الأوروبية شريك حقيقي من أجل استرداد التراث اللامادي المسلوب والموجود حاليا في المتاحف الأوروبية.

خلاصة

إن حقوق الطبع والنشر هي مجموع الحقوق المتاحة للمؤلف أو لمن يخلفه، وهي بناء قانوني وفلسفي وسياسي وُلد في أوروبا مع تطور الطباعة وإضفاء الطابع المؤسساتي على النشر. كان المصطلح في استخدامه الأصلي في القرن التاسع عشر، يعارض مصطلح الملكية الأدبية والفنية، وبقى الاثنان مشوشين في فرنسا منذ قانون الملكية الفكرية لعام1957. وتظل حقوق النشر واحدة من العناصر الأساسية للملكية الفكرية والملكية الأدبية والفنية والتي تشمل أيضًا حقوق النشر المجاورة. ومن أجل ضمان التثقيف للجميع، لا يجب ترك نشر الثقافة والتراث والسلع لقواعد السوق أو للسياقات التاريخية (الاستعمار) فقط، إذ تقع على عاتق الدول والهيئات الدولية ضمن سياساتها الثقافية مسؤولية إيجاد استراتيجيات الدعم أو المساعدات المباشرة التي تعزز نشر المنتجات الثقافية أو استرجاعها مع الاعتراف بالملكية الفكرية لأصحابها الأصليين. وتعد إعادة التراث الثقافي إلى البلدان المستعمرة قضية رئيسية في النقاشات المعاصرة حول العدالة والمصالحة في مرحلة ما بعد الاستعمار. إن الأعمال الفنية والتحف وغيرها من الممتلكات الثقافية التي تم الاستيلاء عليها خلال الفترة الاستعمارية تمثل أكثر بكثير من مجرد ممتلكات مادية، فهي رموز لهوية وتاريخ وكرامة الشعوب المستعمرة. ويسهم رد الممتلكات في إقامة حوار أكثر توازنا بين الأمم، ويعزز التنوع الثقافي ويسمح للمجتمعات الأصلية بإعادة الاتصال بالجوانب الأساسية لتراثها، وبالتالي تعزيز هويتها الثقافية وذاكرتها الجماعية كما حصل عند استرجاع جماجم 24مقاوما جزائريا يوم 03 جويلية سنة 2020من متحف التاريخ الطبيعي بباريس.

المراجع

Carmignani, S. (2003). Les musées d’ethnographie de Genève et de Neuchâtel ou l’usage social du patrimoin. Lausanne : Université de Lausanne, institut d’anthropologie et de sociologie.

Delon, M.(1997) . Dictionnaire européen des Lumières . France : Presses universitaires de France.

Diemer, A; Guillemin, H. (22-24 mai 2008). La place du travail dans la pensée lockienne, Regards croisés sur le travail: histoires et théories. colloque ACGPE. http://www.oeconomia.net.

Hottin, C. (2008). Une nouvelle perception du patrimoine. La revue Culture et Recherche (116-117).

https://shorturl.at/ckH3i

Kant, E. (1995). Qu‘est-ce qu'un livre?Textes de Kant et de Fichte. Édition: Quadrige/PUF.

Laflèche, G. (2009). Le copyright et le droit d’auteur.https://shorturl.at/Egk9p .

Larochelle, G. (1998). De Kant à Foucault. L’Homme et la société(130), 39-50.

Latournerie, A(2004). . Droits d’auteur, droits du public: une approche historique. LEconomie Politique, (22), 21-33.

Le sénat français.(2008). Loi favorisant la diffusion et la protection de la création sur Internet .

Porter, R. (2000). Enlightenment.Londres : Penguin Books.

Rose, M. (2003). Nine-Tenths of the Law: The English Copyright Debates and the Rhetoric of the Public Domain. Law and Contemporary Problems(1/2), 75-87.

Rovan, J. (1994). Histoire de l'Allemagne. Paris: Éditions du Seuil.

محـمد حيرش بغداد. (2015). الخطاب المثالي في الفلسفة الألمانية .ابن النديم.
دار الروافد الثقافية.

1م محـمد حيرش بغداد1 ركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية.

2هناك منشورات على حساب المؤلف، ويمكن للمؤلف أن يكون ناشرا وموزعا. واليوم توجد مصادر المعرفة المفتوحة Open sources في الأنترنيت والتي لا ينتظر فيها المؤلفون أي تعويضات وهم لا يمرون بالناشرين.

3يوهانس غينسفليش زور لادن زوم غوتنبرغ، المعروف باسم غوتنبرغ، ولد حوالي عام 1400في ماينز في الإمبراطورية الرومانية المقدسة وتوفي في 3فبراير 1468في مسقط رأسه، وهو مطبعي، كان اختراعه للسبيكة المعدنية المتحركة للحروف حاسما في نشر المعرفة. .

4كان تراتنر من أسرة متواضعة، وقد تدرب على يد مطبعة كتب صموئيل مولر في عام 1735، عندما كان عمره 16عامًا.

5على سبيل المثال، خلال الأداء المسرحي، يعد العمل الدرامي بحد ذاته منفعة عامة، فيحين أن المقاعد التي يستأجرها المتفرجون هي سلع منافسة وحصرية.

6 https://shorturl.at/muvRi

7La loi relative au droit d’auteur et aux droits voisins dans la société de l’information.

القانون المتعلق بحق المؤلف والحقوق المجاورة في مجتمع المعلومات.

8La Haute Autorité pour la diffusion des œuvres et la protection des droits sur Internet.

الهيئة العليا لنشر المصنفات وحماية الحقوق على الانترنت.

9على سبيل المثال، تحظر حقوق الطبع والنشر استنساخ شخصية سوبرمان ولكنها لا تحظر بشكل عام إنشاء المجسمات الخارقة للعادة، حيث يمكن للمؤلف استخدام هذه الفكرة لإنشاء عمل أصلي آخر.

10وهناك حقوق ذات صلة بحقوق المؤلف ويشار لها بالحقوق المجاورة أو الحقوق المرتبطة بحق المؤلف والتي يتم من خلالها منح الحماية لفناني الأداء، ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الإذاعة والتي تساعد المبتكرين على إيصال رسالتهم للجمهور ونشر أعمالهم.

11مثلا العديد من أغاني الأوبرا التي أدتها ماريا كالاس هي الآن في مجال الملكية العامة.

تطور اتفاقية 2003 والتحديات التي تواجه حماية التراث الثقافي اللامادي عند العرب

ملخّص

لقد صادف عام 2023 الذكرى السنوية العشرين لاتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي، بعد مرور عشريتين على اعتمادها في 17 أكتوبر 2003 أثناء الدورة الثانية والثلاثين للمؤتمر العام لليونسكو. وهذه فرصة لليونسكو والدول الأعضاء ولكل الأطراف المشاركة في صون التراث الحي والمجسدة له لإظهار أن التراث الحي ملك للجميع.

هذه الذكرى هي فرصة للتفكير في دور الاتفاقية كذلك بزيادة الوعي العام للتعرف بتنوع وثراء التراث الثقافي غير المادي لدى الشعوب والعمل على تعزيز التعاون الدولي حوله.

تعتبر الاتفاقية بمثابة معلم أساسي في الاعتراف المادي بالممارسات والتقاليد الثقافية والحفاظ عليها في جميع أنحاء العالم. وقد تطورت منذ اعتمادها لتتكيف مع الاحتياجات المتغيرة للجماعات والمجتمعات والأفراد.

وقد مرت الاتفاقية بعدة مراحل وتطورت من أجل توحيد آليات الصون، بما في ذلك تدابير الحماية، وتوثيق ونقل الممارسات الثقافية، فعملت على تعزيزها لتكون أكثر قوة لدى الدول. وهي الآن تركز وبشكل أكبر على التنوع الثقافي والاعتراف بحقوق المجتمعات في تراثها وممارساتها، فتسعى لإدماج الأشكال الجديدة للممارسات وتبين أهمية التراث المشترك بين الدول بتنوعه. من الواضح أن الاتفاقية تطورت لتصبح أداة أكثر شمولاً وتشاركية وديناميكية للحفاظ على التراث الثقافي غير المادي على نطاق عالمي. إلا أن الدول العربية التي هي أكثر حماسا واهتماما بالاتفاقية تبقى قليلة الانتاج في هذا الميدان ومشاركتها ضئيلة مقارنة ببقية دول العالم. ما هو سبب هذا الضعف؟ كيف يمكن إصلاحه؟ بعد تفكير طويل، قد تبدأ هذه الأسئلة في العثور على إجابات.

الكلمات المفتاحيّة: اتفاقية 2003 ، اليونسكو، التراث الثقافي اللامادي، صون التراث، التقاليد.

Abstract

The 32nd session of the General Conference of UNESCO adopted the Convention for the Safeguarding of Intangible Cultural Heritage on October 17, 2003. Twenty years after, comes the opportunity for UNESCO, Member States and all stakeholders involved in safeguarding living heritage to show that heritage belongs to everyone.

This anniversary is an occasion to emphasize the role that the Convention played in raising awareness among communities and States regarding the richness and diversity of the cultural heritage among populations and the efforts made by governments.

The Convention was an important step in the material recognition and preservation of cultural practices and traditions around the world. Since its adoption, it has seen an important evolution adapted to the changing needs of groups and societies. Going through several steps, it has hardly worked for the unification and simplification of safeguarding mechanisms, protection measures, with an inventory which transcribes all the stages of cultural practices in order to consolidate their mode of transmission.

Today, it focuses more on cultural diversity and better visibility of shared heritage, with the diversity and richness of their practices. It also seeks to integrate new forms of practices and demonstrates the importance of heritage diversity with common files between countries.

It is clear that the Convention has become a comprehensive, participatory and dynamic tool for the preservation of intangible cultural heritage at the global level.

However, the Arab countries that are most enthusiastic and interested in the agreement remain low in terms of contribution and their participation is minimal compared to the rest of the world. What is the reason for this weakness? How can it be fixed? After considerable thought, these questions may begin to find answers.

Keywords: Convention of 2003, UNESCO, Intangible cultural Heritage, Safeguarding heritage, Traditions.

Résumé

L’année 2023 a marqué le vingtième anniversaire de la Convention pour la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel, vingt ans après son adoption, le 17 octobre 2003, par la 32e session de la Conférence générale de l’UNESCO. C’est l’occasion pour l’UNESCO, les États membres et toutes les parties prenantes impliquées dans la sauvegarde du patrimoine vivant de montrer que le patrimoine appartient à tous.

Cet anniversaire est l’occasion de revenir sur le rôle que la Convention a joué dans la prise de conscience des communautés et des États en ce qui concerne la richesse et la diversité des patrimoines et des héritages culturels chez les peuples et les efforts consentis par les gouvernements.

La Convention a été une étape importante dans la reconnaissance matérielle et la préservation des pratiques et traditions culturelles à travers le monde. Depuis son adoption, elle a évolué pour s'adapter aux besoins changeants des groupes et des sociétés.

Elle a traversé plusieurs étapes et a évolué, œuvrant pour l'unification et la simplification des mécanismes de sauvegarde, des mesures de protection, avec un inventaire qui transcrit toutes les étapes des pratiques culturelles afin de consolider leur mode de transmission.

Aujourd’hui, elle se concentre davantage sur la diversité culturelle et une meilleure visibilité des patrimoines partagés, avec la diversité et la richesse de leurs pratiques. Elle cherche également à intégrer de nouvelles formes de pratiques et démontre l'importance de la diversité du patrimoine avec des dossiers communs entre les pays.

Il est clair que la Convention est devenue un outil complet, participatif et dynamique pour la préservation du patrimoine culturel immatériel au niveau mondial.

Mais les pays arabes, qui comptent parmi les plus enthousiastes et les plus concernés par la convention, ont une très faible contribution et leur participation est maigre en comparaison avec le reste du monde. Quelle est la raison de ces insuffisances ? Comment faire pour y remédier ? Après longue méditation, ces questions commencent à trouver des réponses.

Mots-clés : Convention de 2003, UNESCO, Patrimoine culturel immatériel, Sauvegarde du patrimoine, Traditions.

مقدمة

تعددت التعريفات واختلفت الآراء حول قضايا التراث، هل يخص فقط ما تركه القدماء؟ هل ما يزال في الذكر؟ وهل تخلى المرء عن ممارسته من ضمن التراث أو هو من ضمن الأثار؟ هل يمكن للتراث أن يحمله غير أهله؟ هل يمكن سرقة التراث؟ ولماذا؟

لتفادي هذه التضاربات صار من الضروري أن نقف عند المفاهيم قبل أن نغوص في فهم التراث عامة والتراث الثقافي بأجزائه على وجه الخصوص.

التراث من فعل "ورث"، هو ما نرثه عن أجدادنا أو ما جاءنا من ماضي بعيد، فالتراث الطبيعي يعني ما هو موجود طبيعيا في البيئة وعلينا صونه لأنه في خطر، بسبب الاحتباس الحراري مثلا، وإن كان لفعل الإنسان أثر كبير في هذا التهديد. وهناك التراث الثقافي الذي ورثناه عن القدماء وما زلنا نمارسه أو نستفيد منه بشكل مستمر دون انقطاع. ويوجد التراث الثقافي المادي الذي نتمتع به دون أن نؤثر فيه كالمعالم التراثية على غرار آثار مدينة تيبازة، وما يمكن ترميمه دون أن نبتعد عن شكله الأصلي كترميم بيوت القصبة أو القصور الصحراوية. ثم هناك التراث الثقافي غير المادي، وهو الممارسات والحِرف والعادات التي تعتمدها الجماعات والمجموعات وحتى الأفراد ليعبّروا عن أشكال ثقافتهم وتنوعها.

هذا التراث نجده يختلف من قرية إلى قرية مجاورة كما قد نجده متماثلا ومتشابها بين منطقتين تبتعدان عن بعضهما، ذلك لأن العامل الجغرافي ليس حاجزا. والتراث ينتقل مع صاحبه لما يتنقل من مكان إلى آخر لأسباب تاريخية أو اجتماعية أو سياسية، فيستقر المرء ومعه عاداته وتقاليده، فنجد الممارسات نفسها في مجتمعات مختلفة في بيئات متشابهة، كتشابه بعض التصرفات الإنسانية مثل صناعة ألبسة من الصوف في مناطق باردة يسكن فيها مربي الغنم.

ويلعب المناخ دورا مهما في ذلك، إذ تتقاسم مجموعات، لا رابط يربط بين أفرادها شيء، العادات نفسها، لتشابه الشروط المناخية. وقد علمنا علم الاجتماع أن "الانسان ابن بيئته"، فمن يعيش في منطقة جبلية سيبني بيتا يختلف عن بيت ابن الساحل، كما سيختلف بيت الصحراء عن بيت القطب الشمالي، لأن الطقس والمواد المتوفرة تجعلنا نبتكر من أجل البقاء.

بداية ملحمة صون التراث

بدأ الاهتمام بالتراث الثقافي بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة لِما تركته من خراب وما هدمته من المعالم التاريخية. ورغم حماس بعض الفاعلين، فلم يصل أصحاب القرار إلى نتيجة إلا في 1972 بإصدار اتفاقية لصون التراث الطبيعي والتراث الثقافي. وعلى الدول التي تصادق على هذه الاتفاقية أن تقوم بمسح شامل لجردها قصد تحديد المعالم التاريخية الموجودة عندها، وعليها أن تحدد المناطق الرطبة التي يعيش حولها الإنسان والحيوان، فتضع مخططات لصيانتها.

ثم جاءت اتفاقية عام 2003 لحماية التراث الثقافي غير المادي ردّا على توقعات شعوب الجنوب التي تملك عادات وتقاليد عريقة، تنتقل من جيل إلى جيل، ولم تُرسخ ممارساتها وطرقها في الإنتاج في كتب تاريخية. وقد عملت هذه الأداة الدولية على تعريف أو إعادة تعريف مفهوم التراث، كما قدمت كيفيات العناية به بدْءا من تحديد ميادينه.

إن "التراث الثقافي غير المادي" أو "التراث الثقافي اللامادي" حسب بعض الترجمات، Le patrimoine culturel immatériel بالفرنسية أو Intangible culturel heritage بالإنجليزية، عبارة نقصد بها "الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات - وما يرتبط بها من آلات ومصنوعات وأماكن ثقافية - التي تعتبرها الجماعات والمجموعات، وأحيانا الأفراد، جزءا من تراثهم الثقافي 1 ". تؤكد الاتفاقية على أن يكون هذا التراث متوارثا جيل عن جيل، ولم يكن في ممارسته انقطاعا. كما أنه يتفق مع البيئة ويتفاعل مع الطبيعة والتاريخ، ينمي لدى الفاعلين الإحساس بهويتهم والشعور بالاستمرار، ويعزّز احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية، ويتفق مع القوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ومع أحكام الاحترام المتبادل بين الجماعات والمجموعات والأفراد والتنمية المستدامة.

بتحديدها لمضمون التراث الثقافي غير المادي، تعطي اتفاقية 2003 الاعتبار لحاملي التراث في المجتمع المدني وتعتبرهم من "كنوز البشرية"، فبعد أن صُنفت بعض المعالم المادية من طرف الدول على أنها "عجائب الدنيا" تطبيقا لاتفاقية 1972، أرادت اتفاقية 2003 أن تجعل من بعض أشخاص "كنوز البشرية" نظرا لأعمالهم وإسهاماتهم الثقافية. ويبقى الاختيار للدول في تحديد من يستحق هذا التصنيف أو ذاك.

ثم وضعت الاتفاقية قوائم لتصنيف عناصر من التراث المهددة بخطر الزوال. ويبقى كذلك للدول الخيار في تحديد العناصر التي تراها مهددة، على أن تستعين في معاينتها برأي المجتمع المدني والممارسين. ويتم ذلك بعد أن تقوم الدول بجرد تراثها. وعملية جرد التراث الثقافي غير المادي من أهم مشاريع أي دولة تغار على تراثها، وهي تغطي كل أراضي الوطن وتستنطق كل الممارسين وكل الميادين دون خيار أو تمييز. عمل ميداني يقتضي الجمع والجرد والصيانة بصورة متواصلة، يليه تحضير بنك معلوماتي حيث تُوضع المعلومات بصورة منتظمة ومتجددة دوريا، ما يتطلب الحيطة والحذر من أجل حماية المعلومات من الغش العلمي والسرقة الإلكترونية والتحميل غير المشروع.

كل عمل على التراث هو عمل على العنصر الإنساني المحكوم عليه بالتغير والاستمرارية والصيرورة. لذا يبدأ الباحث بهذه المبادرة التي ستستمر من بعده على أيدي المحليّين، فورشة جرد التراث ورشة مفتوحة وغير مكتملة، تقتضي قبل كل شيء تكوين المكوّنين المحليين والقيام بعملية تحسيس السكان المحليين.

إن القوانين الدولية ليست قمعية، ولا تستطيع المنظمة عقاب أي دولة لم تتقيد بشروط الاتفاقية بعد أن صادقت عليها. لكن هناك آليات قد تقلّل من تجاوزات الدول أو نقائصها، أهمها "التقرير الدوري" الملزم على الدول بعد 6 سنوات في الحالات العادية وكل 4 سنوات فيما يخص الملفات المستعجلة.

من أجل ذلك ولتبسيط عملية الجرد، حددت الاتفاقية 5 ميادين للتراث:

التقاليد وأشكال التعبير الشفهي، بما في ذلك اللغة كواسطة للتعبير عن التراث الثقافي غير المادي؛

- فنون وتقاليد أداء العروض؛

- الممارسات الاجتماعية والطقوس والاحتفالات؛

- المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون؛

- المهارات المرتبطة بالفنون الحرفية التقليدية.

القانون الجزائري لحماية التراث

نظرًا لصعوبة تطبيق النصوص الدولية، تحتاج الدول إلى قوانين خاصة تحدّد فيها تدابير التطبيق الداخلية، لأن الإدارات المحلية تحتاج إلى توجيهات تتماشى مع شروط تسييرها، وعلى هذا الأساس وضعت الدول قوانين داخلية. وكان للجزائر قانون سابق للاتفاقية وهو قانون 98/04 الصادر في 1 ديسمبر 1998 لحماية التراث المادي وغير المادي، فعززته بالمرسوم التنفيذي رقم 03-325 الصادر في 5 أكتوبر 2003 والذي يحدّد شروط جمع الممتلكات الثقافية غير المادية في بنك معلوماتي بعد جردها وتثمينها.

في هذا الإطار، فإنّ المادة 67 من قانون 98/04 تنُصّ على ما يلي:

تُعَرَّف الممتلكات الثقافية غير المادية بأنها مجموعة معارف، أو تصورات اجتماعية، أو معرفة، أو مهارات، أو كفاءات أو تقنيات قائمة على التقاليد في مختلف ميادين التراث الثقافي، وتمثل الدلالات الحقيقية للارتباط بالهوية الثقافية، ويحوزها شخص أو مجموعة أشخاص.

ويتعلق الأمر بالميادين الآتية على الخصوص: علم الموسيقى العريقة، والأغاني التقليدية والشعبية، والأناشيد، والألحان، والمسرح، وفن الرقص والإيقاعات الحركية، والاحتفالات الدينية، وفنون الطبخ، والتعابير الأدبية الشفوية، والقصص التاريخية، والحكايات، والحكم، والأساطير، والألغاز والأمثال والأقوال المأثورة والمواعظ والألعاب التقليدية.

إن اتفاقية 2003 لحماية وصون التراث الثقافي غير المادي هي معاهدة دولية، اعتمدها المؤتمر العام لليونسكو في 17 أكتوبر 2003، ودخلت حيز التنفيذ في 2006 بعد أن صادقت عليها 30 دولة. وقد بلغ عدد الدّول التي صادقت عليها لحدّ الآن 163 دولة وسجلت 730 عنصرا تراثيّا، منها 80 عنصر للدول العربية و104 عناصر إفريقية (علما أن بعض الدول تحسب على القائمتين كشمال إفريقيا وجيبوتي والسودان. كما نجد في هذه قائمة الدول العربية وجزيرة مالطا.

عملت الدول ابتداء من 2005 بتسجيل عناصر من تراثها على قائمة واحدة هي قائمة روائع الإنسانية. وفي 2008 جاءت القائمة التمثيلية. في 2009 انقسمت القائمة إلى ثلاث: القائمة التمثيلية، وقائمة العناصر التي تتطلب صوناً عاجلاً، وسِجّل الممارسات الحسنة أو الجيدة أو أفضل الممارسات وما زال الأمر على هذا الحال.

كما وطّدت اليونسكو عملها بإحداث اتفاقية أخرى "لحماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي"، تم اعتمادها في أكتوبر 2005 في باريس خلال الدورة الثالثة والثلاثين للمؤتمر العام للمنظمة، وهي تؤكد من جديد على أهمية التعابير الثقافية باختلافها وتنوعها، في حدود احترام حقوق الإنسان والتنوع الثقافي والطبيعي.

إن القائمة التمثيلية (Liste représentative) استمارة خاصة توحّد الطلبات بين الدول وتحدد الشروط التسجيل، حيث يُطلب من الدول التي تقترح عنصرا من تراثها أن تثبت أن هذا العنصر يستوفي المعايير التالية:

1. أن العنصر يشكل تراثاً ثقافياً غير مادي على النحو المحدد في المادة 2 من الاتفاقية.

2 . سيُسهم إدراجه في وضوح الرؤية العامة للتراث ويساعد على الوعي بأهميته ويعزز الحوار، ما يعكس التنوع الثقافي في العالم ويشهد على الإبداع البشري.

3 . يحتوي الملف تدابير صون يمكن أن تساعد على حماية العنصر وتعزيزه.

4 . يقدّم الملف إثباتات المشاورة مع أوسع عدد ممكن من أعضاء المجتمع المدني من الأفراد وجماعات معنيين وحاملين للتراث، كما يحتوي على موافقتهم الحرة والمستنيرة.

5 . يكون العنصر مدرجا في قائمة جرد الدولة التي تقدّم الملف أو الدول في حالة الملفات المشتركة، عملا بمادتي 11 و12 من الاتفاقية.

إن قائمة الصون العاجل (Liste du patrimoine immatériel nécessitant une sauvegarde urgente) هي من إجراءات التراث الثقافي غير المادي التي تقدم كيفية الحماية المستعجلة للعنصر المهدد بالزوال. وتتمثل هي أيضا في استمارة خاصة توحد الطلبات بين الدول وتحدد الشروط.

ومعايير التسجيل في قائمة التراث الثقافي غير المادي، والذي يتطلب صوناً عاجلاً أو قائمة الصون العاجل أو الصون المستعجل هي:

1. يشكّل العنصر تراثًا ثقافيًا غير مادي على النحو المحدد في المادة 2 من الاتفاقية.

2. يتطلب العنصر صوناً عاجلاً لأن قدرته على البقاء معرّضة للخطر، على الرغم من الجهود التي يبذلها المجتمع المحلي من مجموعات وأفراد إلى جانب الأطراف المعنية.

3. أن يكون العنصر في حاجة ماسة إلى الحماية لأنه معرض لتهديدات خطيرة لا يمكنه البقاء دون حماية فورية.

4. يتم عرض تدابير الصون لأكبر عدد ممكن من المعنيين من المجتمع المدني الأفراد والمجموعات للموافقة، وحثّهم على المواصلة في ممارسة العنصر ونقله.

5. يتم إدراج العنصر في قائمة جرد التراث الثقافي غير المادي الخاصة بالدولة أو لدى كل الدول في حالة الملفات المشتركة، طبقا للمادتين 11 و12 من الاتفاقية.

6. في حالات الاستعجال القصوى، يتم استشارة الدولة المعنية على تسجيل العنصر وفقا للمادة 17.3 من الاتفاقية.

ونجد في القوائم التي تتطلب الصون المستعجل 10 ملفات عربية فقط، ولا وجود لملفات مشتركة في هذا المجال:

الجزائر

المعارف والمهارات لكيّالين الماء بالفُـﭬارات بتوات تيديكلت

سوريا

نفخ الزجاج السوري التقليدي

مسرح الظل

جيبوتي

كسيدهو

مصر

النسيج اليدوي في الصعيد

الدمى ذات الغمد التقليدي

الإمارات العربية المتحدة

شعر العزي، رمز المديح والفخر وقوة الروح

السدو، النسيج التقليدي في دولة الإمارات العربية المتحدة

المغرب

تاسكيوين، رقصة عسكرية من الأطلس الكبير الغربي

موريتانيا

الملحمة المغاربية تحيدين

أما سجل أفضل ممارسات أو الممارسات الجيدة للصون، فهو يندرج بين البرامج والمشاريع والأنشطة التي تعكس بشكل وثيق أهداف اتفاقية حماية التراث الثقافي غير المادي.

ومن معايير التسجيل في سجل الممارسات الجيدة:

1 . يتضمن البرنامج أو المشروع أو النشاط شروط الصون على النحو المحدد في المادة 2.3 من الاتفاقية.

2 . يساعد البرنامج أو المشروع أو النشاط في تنسيق الجهود الرامية إلى حماية التراث الثقافي غير المادي على المستوى الإقليمي أو دون الإقليمي أو الدولي.

3. يعكس البرنامج أو المشروع أو النشاط مبادئ وأهداف الاتفاقية.

4. يثبت البرنامج أو المشروع أو النشاط فعاليته من حيث إسهامه في استمرارية التراث الثقافي غير المادي الذي يهمنا.

5. يتم تنفيذ البرنامج أو المشروع أو النشاط بمشاركة المجتمع، المجموعة أو الأفراد المعنيين، وبموافقتهم الحرة والمسبقة والمستنيرة.

6. يمكن أن يكون البرنامج أو المشروع أو النشاط بمثابة نموذج لأنشطة الحماية، اعتمادًا على الحالة دون الإقليمية أو الإقليمية أو الدولية.

7. توافق الدولة أو الدول المقدمة للملف أو الهيئة المنفذة والمجتمع المدني مجموعة أو أفرادا، على التعاون في نشر هذه الممارسة التي ستصبح من الممارسات الجيدة إذا قُبل تسجيلها.

8. يجمع البرنامج أو المشروع أو النشاط بين خبرات من المحتمل أن يتم تقييمها بناءً على نتائجها.

9. يجب أن يكون هذا البرنامج أو المشروع أو النشاط المعرض للتسجيل في المقام الأول ردا للاحتياجات الخاصة للبلدان النامية.

لقد تعودت الدول العربية على القائمة التمثيلية، فلا نجد على قوائم سجل الممارسات الجيدة إلا دولة الكويت بملف "البرنامج التعليمي بالسدو: تدريب المدربين على فن النسيج"، وهو ملفها الفردي الوحيد، بينما شاركت في ملف مع السعودية وملفين آخرين مع عدة دول باقتراح من الإمارات العربية المتحدة.

وقد كثرت في هذه السنوات الأخيرة الملفات المشتركة، معظمها على القائمة التمثيلية، إذ عملت المنظمة على تشجيع العمل المشترك الذي يُقدّم من طرف أكثر من بلد، على غرار ملف "الممارسات والمعرفة المرتبطة بإمزاد لمجتمعات الطوارق" من الجزائر ومالي والنيجر، وملف "المعارف، المهارات والممارسات المرتبطة بإنتاج واستهلاك الكسكس" من طرف الجزائر والمغرب وتونس وموريطانيا، وآخر الملفات المسجلة في 2023 : "الفنون والخبرة والممارسات المرتبطة بالنقش على المعادن: الذهب والفضة والنحاس" (العراق – الجزائر – مصر – موريطانيا – المغرب – فلسطين – السعودية – السودان – تونس – اليمن).

أسباب اختيار عناصر للتسجيل

السبب الرئيسي لاختيار عنصر معين للتسجيل هو رأي المجتمع المدني من جماعات أو أفراد أو أعيان أو ممثلي القرى أو الأحياء، فهم الأدرى على المستوى المحلّي وفي وقت معين أن فعلا ما ضعُفت ممارسته أو شيء ما نقص استعماله. وحتى يدرك المجتمع المدني خطر هذا النقص ويتفطّن لوجود آليات دولية يمكن أن تواجهه مخاطر الزمن. يجب على السلطات المحلية أن تنظم برامج تكوينية تمسّ كل الفاعلين في ميدان التراث، وعلى قطاع التواصل أن يقدم بشكل مستمر برامج تعليمية إعلامية وإعلانية حول التراث، كما أنّ قطاع التعليم بدوره يجب أن يُدرج محتوى بيداغوجيّا حول التراث في البرامج المدرسية، وعلى الجامعات أن تفتح فروعا حول التراث. كما تهتم قطاعات أخرى لا تقل أهمية بالتراث، مثل القطاع الفلاحي والحرف التقليدية والسياحة. لهذا قامت اليونسكو بتكوين نخبة من الخبراء 2 لتدريب وتكوين المدربين للبدء في برنامج تنفيذ الاتفاقية. وعلى كل دولة أن تضاعف الجهود لتكوّن المكونين المحليين.

ويبقى جرد التراث الثقافي غير المادي هو الشرط الرئيسي الثاني لاختيار العناصر التي يمكن تسجيلها، بعد رأي المجتمع المدني المحلي الذي يعي المخاطر التي تهدد هذا التراث. ويتم الجرد بدعم كامل من الجهات المحلية المعنية، بعد تدريب المجتمع المدني والأعيان ليتمكنوا من مفهوم التراث، حتى يصبحوا قادرين على تصور محتوى تراثهم وأهميته.

رغم الجهود المبذولة، إلاّ أنّ العناصر المسجّلة من طرف الدول العربية تبقى جد قليلة، احتسابا للكنوز التراثية التي توجد بحوزتها، خاصة أن بعض الدول كالجزائر ومصر والعراق وحتى فلسطين والمغرب كانت من أولى الدول التي بدأت التسجيل في 2005، حتى قبل وجود قوائم التسجيل. وقد سجّلت الجزائر 11 عنصرا منها 4 مشتركة وسجّلت مصر 8 عناصر منها 3 مشتركة. بينما بدأت السعودية التسجيل في 2015 ولها حاليا 13 عنصرا منها 9 ملفات مشتركة، وسجلت الإمارات العربية المتحدة أول عنصر لها في 2011 لتصل إلى 15 عنصرا منها 9 مشتركة.

العناصر الجزائرية المسجّلة على القائمة التمثيلية

  • الفنون والخبرة والممارسات المرتبطة بالنقش على المعادن: الذهب والفضة والنحاس (2023)

  • الراي، أغنية شعبية من الجزائر (2022)

  • الخط العربي: المعرفة والمهارات والممارسات (2021)

  • المعارف والمهارات والممارسات المرتبطة بإنتاج واستهلاك الكسكس (ملف مشترك- 2020)

  • السبوع، الزيارة السنوية لزاوية سيدي الحاج بلقاسم، الـﭬوارة (2015)

  • طقوس واحتفالات "السبيبة" 3 في واحة جانت (2014)

  • الزيارة السنوية لضريح سيدي عبد القادر بن محمد المدعو"سيدي الشيخ" (2013)

  • الممارسات والمعرفة المرتبطة بإمزاد مجتمعات الطوارڨ في الجزائر ومالي والنيجر (ملف مشترك – 2013)

  • الطقوس والمهارات المرتبطة بتقاليد لباس الزفاف التلمساني (2012)

  • أهليل الـﭬورارة (2008).

عناصر الدول العربية الأخرى المسجلة على القائمة التمثيلية المملكة السعودية

المعارف والممارسات المتعلقة بزراعة البن الخولاني

القط العسيري، زخرفة جدارية تقليدية لنساء العسير

المزمار، الرقص عصا على صوت الطبول

العرضة النجدية، رقص وطبول وشعر من السعودية

البحرين

الفجيرى

الإمارات العربية المتحدة

التلي، مهارات التطريز التقليدي في دولة الإمارات العربية المتحدة، الأفلاج، نظام الري التقليدي في دولة الإمارات العربية المتحدة، التقاليد الشفهية والمعارف والمهارات المتعلقة ببنائها وصيانتها والتوزيع العادل للمياه.

مصر

الاحتفالات المرتبطة برحلة العائلة المقدسة في مصر

تحطيب، لعبة العصا

ملحمة السيرة الهلالية

العراق

الحرف التقليدية وفنون البناء المرتبطة بالمضيف

المعرفة الحرفية والفنية التقليدية المتعلقة بالناعور

الخدمات والضيافة المقدمة خلال زيارة الأربعين

احتفالات الخضر إلياس والتعبير عن الأمنيات

المقام العراقي

الأردن

المنسف في الأردن وليمة احتفالية ومعانيها الاجتماعية والثقافية

السمر في الأردن

الفضاء الثقافي لبدو بترا ووادي روم

لبنان

المنقوشة، ممارسة طهي رمزية في لبنان

الزجل: شعر الملحون أو الغنى

مالطا

مهرجان القرية المالطية، احتفال مجتمعي سنوي

الغانا (L-Għana)، تقاليد الغناء الشعبي المالطي

الفطيرة، فن الطهي وثقافة الخبز الخمير في مالطا

المغرب

الملحون فن شعري موسيقي شعبي

التبوريدة

الـﭬناوة

الأرﭬان والممارسات والمهارات المرتبطة بشجرة الأرﭬان

مهرجان الكرز بسفرو

الفضاء الثقافي بساحة جامع الفنا

موسم طانطان

موريتانيا

مهادرا، نظام مجتمعي لنقل المعارف التقليدية وأشكال التعبير الشفهي

سلطنة عمان

الخنجر، المهارات الحرفية والممارسات الاجتماعية

العرضة للحصان والجمل

العزاء والمرثية، مسيرة الموكب والشعر

البراعة، موسيقى ورقص من وديان ظفار في عمان

فلسطين

الدبكة، رقصة تقليدية في فلسطين

فن الطرز في فلسطين ممارسات ومهارات ومعارف وطقوس

الحكاية الفلسطينية

السودان

موكب واحتفالات المولد النبوي في السودان

سوريا

القدود الحلبية، الممارسات والحرف المرتبطة بالورد الدمشقي في المراح

تونس

الهريسة، المعارف والمهارات والممارسات في الطهي وفي العادات الاجتماعية

صيد الشرفية في جزر قرقنة

المعرفة المرتبطة بفخار نساء سجنان اليمن أغنية صنعاء

اليمن

أغاني صنعاء

العناصر العربية المسجلة في الملفات المشتركة

طبق الهريس: المعرفة والدراية والممارسات.

الإمارات العربية المتحدة – عمان – السعودية.

الفنون والخبرة والممارسات المرتبطة بالنقش على المعادن (الذهب والفضة والنحاس).

العراق – الجزائر – مصر – موريتانيا – المغرب – فلسطين – السعودية – السودان – تونس – اليمن.

الهداء، تقاليد شفهية لنداء قطعان الإبل.

السعودية – عمان – الإمارات العربية المتحدة

صناعة العود والعزف عليه.

إيران (جمهورية - الإسلامية) - الجمهورية العربية السورية.

المعرفة والخبرة والتقاليد والممارسات المرتبطة بنخيل التمر.

الإمارات العربية المتحدة – البحرين – مصر – العراق – الأردن – الكويت – موريتانيا – المغرب – عمان – فلسطين – قطر – السعودية – السودان – تونس – اليمن.

الخط العربي: المعرفة والمهارات والممارسات.

السعودية – الجزائر – البحرين – مصر – العراق – الأردن – الكويت – لبنان – موريتانيا – المغرب – عمان – فلسطين – السودان – تونس – الإمارات العربية المتحدة – اليمن.

الصقارة تراث إنساني حي.

الإمارات العربية المتحدة – النمسا – بلجيكا – كرواتيا – تشيكيا – فرنسا – ألمانيا – المجر – أيرلندا – إيطاليا – كازاخستان – جمهورية كوريا – قيرغيزستان – منغوليا – المغرب – هولندا – باكستان – بولندا – البرتغال – قطر – المملكة السعودية – سلوفاكيا – إسبانيا - الجمهورية العربية السورية.

سباق الهجن ممارسة اجتماعية وتراث احتفالي مرتبط بالإبل.

الإمارات العربية المتحدة – عمان

نسيج السدو التقليدي.

السعودية – الكويت

المعارف والمهارات والممارسات المرتبطة بإنتاج واستهلاك الكسكس.

الجزائر – موريتانيا – المغرب – تونس

نوروز.

أفغانستان – أذربيجان – الهند – إيران (جمهورية – الإسلامية) – العراق – كازاخستان – قيرغيزستان – أوزبكستان – باكستان – طاجيكستان – تركمانستان – تركيا

الرزفة، فن أداء تقليدي.

الإمارات العربية المتحدة - عمان

القهوة العربية رمز الكرم.

الإمارات العربية المتحدة – السعودية- عمان – قطر

المجلس، فضاء ثقافي واجتماعي.

الإمارات العربية المتحدة – السعودية – عمان – قطر

العيالة، فن أداء تقليدي في سلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة.

عمان – الإمارات العربية المتحدة

النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط.

قربص – كرواتيا – إسبانيا – اليونان – إيطاليا – المغرب – البرتغال

الممارسات والمعارف المرتبطة بإمزاد مجتمعات الطوارق في الجزائر - مالي – النيجر.

الجزائر - مالي - النيجر

التغرودة، الشعر الغنائي التقليدي للبدو في دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان.

الإمارات العربية المتحدة – سلطنة عمان

وإن وجدت الجزائر على أربع قوائم للعناصر المشتركة، إلا أنه كان بإمكانها أن تسجّل عددا أكبر من العناصر مع مختلف الدول، عربية وإفريقية ودول البحر الأبيض المتوسط.

سجلت سورية في 2023 "تقنيات نفخ الزجاج التقليدي"، وهذه الحرفة منتشرة في معظم الدول العربية، كان بإمكان الجزائر والعديد من الدول أن تشارك في هذا الملف. كما سجلت دولة فلسطين لوحدها رقصة الدبكة التي تتقاسمها في الحقيقة مع عدة دول كسوريا والأردن ولبنان والعراق واليمن وحتى تركيا وأرمينيا والشعوب الكردية.

اشترك في عنصر "الصقارة تراث إنساني حي" 24 دولة : الإمارات العربية المتحدة – النمسا – بلجيكا – كرواتيا – تشيكيا – فرنسا – ألمانيا – المجر – أيرلندا – إيطاليا – كازاخستان – جمهورية كوريا – قيـرغيـزستان – منغوليا – المغرب – هولندا – باكستان – بولندا – البرتغال – قطر –السعودية – سلوفاكيا – إسبانيا - الجمهورية العربية السورية. كما اشترك في ملف "المعارف والمهارات والتقاليد والممارسات المرتبطة بنخيل التمر" 15 دولة: الإمارات العربية المتحدة، البحرين، مصر، العراق، الأردن، الكويت، موريطانيا، المغرب، عمان، فلسطين، قطر، السعودية، السودان، تونس، اليمن. وفي ملف "الطهي في منطقة البحر الأبيض المتوسط" نجد: قبرص – كرواتيا – إسبانيا – اليونان – إيطاليا – المغرب – البرتغال. ولم تشترك الجزائر في هذه الملفات الهامة ولو أنها من أهم هذه الدول وكانت تستطيع أن تمثلها.

خاتمة

هكذا نكون قد حاولنا الإجابة على بعض الأسئلة وإن بقي العديد تحت نقطة استفهام. المهم أن التراث أصبح الآن مصدرًا معينًا للدخل في خزينة الدول والمردود الفردي، ويعتبر الذهب الملون بعد الذهب الأسود أي البترول، فهو يُسهم في ثروة البلدان، يحفّز السكان ويخلق فرص العمل. والأهم أن تكون هذه الشعوب واعية بما تملكه لتواجه النظريات العامة للتنمية التي تقوم على هدم ما هو قديم من أجل بناء الجديد، لتجيب من قلب التراث "الجْديدْ حَبُّو، لَقديمْ ما تفرّط فيه" (أحب الجديد لكن لا تتخلى عما هو قديم).

المراجع

Bortolotto, C. (2015). Le patrimoine culturel immatériel. Enjeux d’une nouvelle catégorie . Paris : Éditions de la Maison des sciences de l’homme.

El-Abiad, J. (2014). Le patrimoine culturel immatériel. Paris: L'Harmattan.

La Convention pour la protection du patrimoine mondial, culturel et naturel (1972). https://shorturl.at /9FhHT

Le patrimoine mondial de l'UNESCO. https://shorturl.at/Cnksi

Qu’est-ce que le patrimoine culturel immatériel ? https://shorturl.at/rKg3x

اتفاقية عام 2003 لصون التراث الثقافي غير المادي. https://shorturl.at/poGAN

بوابة التراث الجزائري. https://shorturl.at/Y3v09

الذكرى الـ 20 لاتفاقية اليونسكو لحماية التراث الثقافي غير المادي. https://shorturl.at/vLUv7

ويزة ڤلاز، .(2023) التراث الثقافي غير المادي. الشارقة: معهد التراث.

1 اتفاقية التراث الثقافي غير المادي، المادة الثانية، https://ich.unesco.org/fr/listes

2 https://ich.unesco.org/fr/facilitateur

3 السبِيبَة بكسر الباء الأولى وفتح الثانية، هو احتفال تقليدي سنوي يقام بمدينة جانت الجزائريّة، وتعتبر تقليدا تراثيا، من أهم المناسبات المحلية العريقة التي تحتفل بها طوارق الصحراء بالجنوب الجزائري، الذي يصادف كل سنة اليوم العاشر من محرم في التقويم الهجري، حيث ترمز هذه المناسبة إلى السلم المدني والسلام والالتحام الاجتماعي.

تقديم

تعتبر اتفاقية اليونسكو لسنة 2003 حول التراث الثقافي غير المادي استجابة للحاجة إلى معرفة ممارساتنا اليوم وتطورها عبر التاريخ، والاعتراف بأعمال أسلافنا وتعزيزها. وعليه، سارعت الدول إلى تصنيف معارفها وممارساتها، كما عملت على تكوين خبراء في تقنيات الجرد والتصنيف والتسجيل للتمكن من حصر تراثها وحمايته. وجاءت اتفاقية 2003 بعد أكثر من 30 سنة على اتفاقية الحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي، حيث أدرك الممارسون أن هذه الأخيرة تهتم بالمعالم التراثية ولا تبالي بما يمتلكه الأشخاص من معارف تقليدية. وتعتبر الجزائر من أولى الدول المصادقة على الاتفاقية، حيث شرعت في عام 2005 في تسجيل أول عناصر تراثها اللامادي والمتمثل في "أهليل الڤورارة" بعد أن اكتشفه الباحث مولود معمري في بداية السبعينيات، مدركا أن هذا التراث يتهدده خطر الزوال كما هو الحال بالنسبة للعديد من أشكال التعبير والممارسات وطرق الاحتفالات والحرف التقليدية. ونتيجة ذلك، كان من الضروري تأسيس آليات تعمل أو تساعد على صون وحفظ التراث الثقافي غير المادي.

وبمناسبة مرور عشرين سنة على الاتفاقية (2003-2023)، يأتي هذا العدد من مجلة "تراث" ليعرض ويناقش ما أنجزته بعض الدول من أجل صون تراثها. وفي البداية تم تسليط الضوء على مسائل نظرية لها علاقة بالتحديات وإشكالية حقوق الملكية الثقافية وتوظيف الإعلام الثقافي. ومن جهة أخرى شملت باقي مقالات هذا العدد بعض ما سجلته الدول العربية من عناصر في شتى الميادين المحددة في تعريف الاتفاقية وهي خمسة : التقاليد وأشكال التعبير الشفهي، بما في ذلك اللغة كوسيلة للتراث الثقافي غير المادي؛ فنون الأداء والعرض؛ الممارسات الاجتماعية والطقوس والمناسبات الاحتفالية؛ المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون؛ الحرف التقليدية. وشملت النصوص المنشورة في هذا العدد جانبا تطبيقيا شمل بعض الممارسات الاجتماعية التراثية المتعلقة باللهجات الشعبية، سعف النخيل واستعمالاته الحرفية، اللباس التقليدي، المرأة الحرفية.

وفي مقال ويزة ڤلاز،  من المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ علم الإنسان والتاريخ وخبيرة معتمدة لدى اليونسكو، عن " تطور اتفاقية 2003 والتحديات التي تواجه الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي عند العرب"، بينت فيه أن مدة عشرين سنة من إصدار اتفاقية 2003 كافية من أجل التفكير فيما حققته من حيث زيادة الوعي العام للتعرف على تنوع وثراء التراث الثقافي غير المادي والعمل على تعزيز التعاون الدولي بشأنه. وبعد أن مرت الاتفاقية بعدة مراحل، فهي الآن تركز وبشكل أكبر على التنوع الثقافي والاعتراف بحقوق المجتمعات في تراثها وممارساتها، وتسعى لإدماج الأشكال الجديدة للممارسات. ومع ذلك، فإن الدول العربية التي هي أكثر حماسا واهتماما بالاتفاقية تبقى مشاركتها ضئيلة مقارنة ببقية دول العالم، ما يستدعي العثور على إجابات.

وتناول الباحث محـ مد حيـرش بغداد موضوع "التراث الثقافي والفكري وإشكالية حقوق الملكية، مفاهيم واتجاهات"، حيث تطرق إلى مسألة نظرية مرتبطة بالملكية الفكرية باعتبارها موضوع متنازع عليه بين المؤلفين والناشرين، حيث عرض النقاش الفكري والقانوني ضمن أهم الاتجاهات (الألمانية، الفرنسية والأنجلو سكسونية) وتداعياته على الاحتكار، نشر المعرفة، الحقوق المعنوية والحقوق الاقتصادية...إلخ، ثم توقف عند أهم التطورات التي حصلت بفعل تداول المنتجات الثقافية في المنصات الرقمية، إضافة إلى النقاش الحاصل اليوم حول حق الشعوب في استرجاع تراثها الثقافي المسلوب خلال فترة الاستعمار والمعروض في متاحف الآخر.

وبالنسبة للباحث بهاء ياسين من العراق، فتطرق إلى إشكالية "توظيف الإعلام تجاه التراث الثقافي في إطار الاتفاقيات الدولية التي أقرتها اليونسكو وتوجيهاتها التنفيذية الخاصة بعمل وسائل الاعلام"، مبينا العلاقة بين المؤسسات الدولية الساعية إلى صون التراث والإعلام التقليدي منه والحديث، من حيث أن هذا الأخير يوجه ويعبئ الرأي العام، ويضغط على النخب السياسية من أجل إصدار تشريعات تحمي التراث الثقافي، مع تباين فعالية ودرجة تأثير كل وسيلة إعلامية (جرائد، محطات البث الإذاعي، البث التلفزي…). وقد أتاحت الثورة التقنية للجمهور الإسهام في انتاج وتقديم المحتوى الإعلامي ما من شأنه أن يسهم في تبني آراء وأفكار تجاه المحافظة على الموروث الثقافي.

شاركت الكاتبة الروائية أماني الجنيدي، وهي خبيرة في التراث الثقافي غير المادي من دولة فلسطين بنص حول "اللهجة الشعبية الفلسطينية"، التي هي إحدى لهجات بلاد الشام، إلا أن لها خصوصية تختلف عن اللهجات الشامية الأخرى. ونوهت الباحثة إلى أهمية حاسة السمع في إدراك الصوت اللغوي وطريقة نطقه. وبينت الباحثة أن تعلم اللهجات العامية تكون بالمشافهة، علما أن اللهجة الفلسطينية ذاتها مختلفة بين أهل المدن والقرى والبادية، فموسيقى نطق الحروف ونبرها المسموع يعرّف عن هوية المتحدث.

كما شاركت الأستاذة شيماء سيد إبراهيم محـمد السنهوري، من أكاديمية الفنون بمصر بنص عنوانه "جماليات الأزياء التقليدية للمرأة البدوية : دراسة ميدانية بمركز الحسينية- محافظة الشرقية"، وذلك من أجل الإسهام في دراسة الفولكلور الشعبي المصري من خلال جمع مادة البحث (الأزياء) من الميدان ثم تصويرها فوتوغرافيا وأخيرا تحليلها. وتوصلت الدراسة إلى أن هذه الأزياء لم تستعمل حتى الآن إلا في المناسبات فقط، وأنه حدث الكثير من التغير في شكلهاوطريقة زخرفتها.

وعملت الباحثة إسمهان بن بركة، وهي خبيرة من تونس في التراث، على تقديم عرض حال عن "المرأة والتراث الثقافي غير المادي في تونس: الصون والنقل والترويج الوطني والدولي"، مؤكدة على دور المرأة، خاصة الحرفية في صون التراث الثقافي غير المادي ونقله باعتبارها حاملة وممارسة للمعارف والمهارات والطقوس. وتعد مشاركتها في تطوير ملفات الطلبات الخاصة بإدراج عناصر التراث الثقافي غير المادي في قوائم اليونسكو أمرًا أساسيًا على المستوى الوطني والدولي.

أما الباحثة أمينة عبد الله سالم، فتناولت في مقالها "توظيف حرفة العرائس الخشبية لمحاكاة رموز الثقافة الشعبية (جمعية التدريب المهني والأسر المنتجة بالزقازيق نموذجًا)" رموز الثقافة الشعبية في العرائس الخشبية، ودور جمعية التدريب المهني والأسر المنتجة بمحافظة الشرقية، مدينة الزقازيق في توظيف هذه الحرفة للنهوض بإحياء الثقافة الشعبية المصرية. واستعانت الباحثة بالمنهج الوصفي لتشخيص الظاهرة وتحليل رموزها باستخدام النظرية الرمزية للكشف عن الدلالات الثقافية، والعناصر التي تعمق الشعور بالانتماء للتراث الشعبي.

وفي الختام، لا تدّعي جملة النصوص المنشورة هنا عرض أو تحليل كل النقاشات حول التراث الثقافي اللامادي ولا الإلمام بكل العناصر الثقافية في العالم العربي التي استفادت من الحماية أو التسجيل في قوائم التراث العالمي. كانت الغاية بالدرجة الأولى فتح نقاش نظري حول اتفاقية 2003 وعرض موضوعات لها علاقة مباشرة بالميدان وذلك بعد عشرين سنة من إصدار الاتفاقية، حيث تم تناول الأبعاد والقضايا المتعددة المرتبطة بالحفاظ على تراثنا الثقافي وتثمينه ونقله. ومن خلال الإسهامات العديدة، ثبت أن للتراث دور حاسم في بناء الهويات الفردية والجماعية، وفي تعزيز الروابط الاجتماعية وفي التنمية الاقتصادية والسياحية للمناطق. كما سلّطت المقالات الضوء على التحديات المعاصرة (العولمة، الصراعات والحروب، تغير المناخ...) والمبادرات المبتكرة والسياسات الاستباقية الخاصة بتعبئة المجتمعات المحلية، واستخدام التكنولوجيات الحديثة والتعاون الدولي من أجل التغلب على هذه التحديات. وفي نهاية المطاف، لا يقتصر الحفاظ على التراث الثقافي على حماية الماضي فحسب، بل يعني أيضًا استثمارًا في المستقبل، ما يسمح للأجيال القادمة بالاستفادة من الثراء الثقافي والاستلهام من تنوع التقاليد والمعرفة الموروثة التي تعكس تنوع وعالمية التجربة الإنسانية.

مقدمة لنص الاتفاقية، حيثيات اتفاقية 2003

اتفاقية حماية التراث الثقافي غير المادي هي معاهدة تابعة لليونسكو، اعتمدها مؤتمرها العام في 17 أكتوبر 2003. وقد بدأت ببرنامج يبحث عن "روائع التراث الشفهي والتراث غير المادي للإنسانية"، علما أن بعض الدول المتحمسة اقترحت روائع من التراث حتى قبل هذا التاريخ. ودخلت حيز التنفيذ في عام 2006 بعد أن صادقت عليها 30 دولة ووصل العدد الدول المصادقة اليوم إلى 163 دولة. الاتفاقية أداة دولية تستجيب لحاجة الدول والشعوب الراغبة في تعريف أو إعادة تعريف مفهوم التراث، فتوفر للكل إمكانية الاعتراف بأشكال التراث الثقافي التي لا تجد مكانا في التعريفات السابقة ولا تندرج ضمن المفهوم الذي حددته اتفاقية حماية المعالم الطبيعية والثقافية لعام 1972.

وفقًا للمادة الثانية من الاتفاقية، يشير مصطلح التراث الثقافي غير المادي، Patrimoine culturel immatériel (PCI) بالفرنسية أو Intangible cultural heritage بالإنجليزية، إلى "الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات (وكذلك الآلات والأشياء المصنعة بها والأماكن الثقافية المرتبطة بها) التي تمتلكها المجتمعات المحلية والمجموعات، وعند الاقتضاء الأفراد المعترف بهم كجزء من تراثهم الثقافي".

وهو تراث حي، منقول من جيل إلى جيل، "تقوم الجماعات والمجموعات بإعادته باستمرار وفقا لبيئتها وتفاعلها مع الطبيعة وتاريخها، وهو يمنحها الشعور بالهوية والاستمرارية". ويتجلى ذلك بشكل خاص في التقاليد وأشكال التعبير الشفهية، وفنون الأداء، والممارسات الاجتماعية، والطقوس والمناسبات الاحتفالية، والمعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون، فضلاً عن المعارف المرتبطة بالحرف التقليدية.

يكمن الهدف الرئيس للاتفاقية في صون التراث الثقافي غير المادي، ويعني مصطلح "الحماية" مجموعة من التدابير التي تشكل سلسلة من أدوات المعالجة للتراث من أجل ضمان الاستمرارية الفعالة له:

• تحديد عناصر التراث لإحصائه .

• التوثيق والدراسة والبحث في طرق ممارسته.

• تحديد طرق لحمايته.

• طرق نقله عبر الأجيال من خلال التعليم الرسمي وغير الرسمي.

• التثمين عن طريق مخططات الصون والتنشيط عبر أعمال المجتمع المدني بكل أجزائه.

كما تتضمن الاتفاقية مجموعة من الأحكام لمتابعة مجهودات الدول، منها:

- أجهزة الاتفاقية.

- التعاون مع الدول من أجل تأسيس الحماية على المستوى الوطني.

- التعاون على المستوى الدولي.

- إنشاء صندوق التراث الثقافي غير المادي لمساعدة الدول في عمليات الصون والجرد والتسجيل.

- تقارير الدول على استراتيجياتها في صون التراث.

تعمل الاتفاقية على النطاق الوطني لكل دولة وعلى النطاق الدولي، فعلى المستوى الوطني، يُتوقع من الدول الأعضاء "أن تتخذ التدابير اللازمة لضمان صون التراث الثقافي غير المادي الموجود على أراضيها". وتشمل هذه التدابير تحديد التراث الثقافي غير المادي الموجود على أرض كل دولة بعملية جرد معقدة ومطولة، واعتماد السياسات المناسبة لذلك، وتعزيز التعليم لمادة التراث (...).

وعند تطبيق هذه التدابير، يجب على كل دولة أن تسعى إلى "ضمان أوسع مشاركة ممكنة للجماعات والمجموعات، كما عليها أن تستعين بالأفراد الذين ينشؤون هذا التراث ويحافظون عليه وينقلونه من جيل لآخر، وهم الشركاء الفاعلين في إدارة تراثهم".

أما على المستوى الدولي، تشجع الاتفاقية التعاون الدولي الذي يشمل "تبادل المعلومات والخبرات والمبادرات المشتركة، كما تعمل على إنشاء آليات لمساعدة الدول في جهودها من أجل حماية التراث الثقافي غير المادي".

ويزة ڤلاز:لشبكة العالمية للخبراء الميسرين للتراث الثقافي اللامادي لليونسكو/ CNRPAH

محـمد حيرش بغداد :مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية .CRASC

.

العنوان

ص.ب 1955 المنور ، القطب التكنولوجي إيسطو - بئر الجير 31000 وهران، الجزائر

هاتف

95 06 62 41 213 +
03 07 62 41 213 +
05 07 62 41 213 +
1 1 07 62 41 213 +

فاكس

98 06 62 41 213 +
04 07 62 41 213 +

دعم تقني

اتصال