لا يمكن حصر تمظهرات الحفاظ على الموروث الثقافي دائما في الاحتفاء الإلزامي به وإحاطته بهالة من القداسة، ولكن يتجلى هذا الاهتمام أيضا في الكشف عن التحديات التي يطرحها والآفاق التي يفتحها. هذه التحديات الرمزية، والمادية والمؤسساتية التي يمكنها أن تتمظهر في صورة خطاب نقدي وتحسر، أو بشكل أكثر جدلا في صورة سجال. ففي القرن العشرين، لاحظنا أنّ النقاش حول الموروث الموسيقي الجزائري قد سلك أحد هذه المسالك: النظرة التشاؤمية، النقد الهجائي، أو التفاؤل المعتدل. يتناول المقال هذا الموضوع، وذلك بإلقاء الضوء على بعض الأحداث والآراء التي ميزت صيرورة التتريث (الحفاظ على التراث) أثناء فترة الاحتلال الفرنسي، والتي عالجت بالتساوي مواضيع الممارسة الموسيقية، وهويتها وأساليب تملُّكها.
تُنسب الموسيقى في المغرب العربي منذ أكثر من قرن ونصف إلى مصدرين اثنين، والمُعبّر عنهما بمصطلح التراث (على نحو الموسيقى الحضرية من أصل عربي-أندلسي)[2]، أو بمصطلح التقاليد - المبهم - (الموسيقى الشعبية). وقد تأرجحت بقية الأشكال الموسيقية بين هذين القطبين، دون أن تجسد شكلا محددا في السياق التاريخي للأشكال الموسيقية والغنائية. وعلى نحو مماثل، بدا أن الأنواع الناتجة عنها قد تشكلت وفق أساليب جديدة، كمحاولة للتعبير عن احتياجات جديدة. وبهذا، ستتيح الأشكال الهجينة للأشكال التوفيقية بين العالِم والتقليدي الديمومة، أو بالأحرى، احترام بعض العناصر الثقافية دون إحداث القطيعة (مثال: الشعبي، العصري، الراي). فعلى غرار ما ذكره جاك بيرك، يمكن الحديث هنا عن عملية تكيّف، إذ جاء على لسانه:
«مع هذا بقي الذوق الموسيقي في جوهره وفيا لبيئته. فقد خضع بالتأكيد لعملية التثقيف، والتهجين، والتماهي، لكن مع تحسّر على التنازلات المفروضة على الأصيل والعجز عن التغيّر فعليا» (Berque, 1980, p. 242). هذا التحول، سيفضي بالضرورة إلى حرية أكبر في الاستخدامات الموسيقية، كاعتماد آلات جديدة، وتنويع في التوزيعات الموسيقية وبروز مواضيع جديدة (مثال: تراجع المديح لصالح الحضري، وفرض المناسباتي بدلا عن الاحتفالي). وفي هذا السياق، يدعو الأكاديمي مالكولم ثيولاير (Malcolm Théoleyre) لضرورة النظر إلى مختلف المبادرات المرتبطة بالموسيقى أثناء الفترة الاستعمارية من خلال هدفها العام: (...) فبدءا بالكتابات الفولكلورية، ومرورا بالمنشطين الجزائريين الشباب في جمعيات الموسيقى العاصمية، ووصولا إلى الأعوان الفرانكو-مسلمين في "الحكومة العامة"، شكلت مبادرة ترقية الموسيقى الناطقة باللغة العربية اعترافا بالاختلاف وشرطا لتكامل المشروع الوطني في الجزائر.
. (Théoleyre, 2016, p. 641)
يندرج كل هذا في إطار إجراءات تطوير المنتوج الفني، بما فيها مظاهره النقدية والمتعارضة. كما ساهمت ردود الفعل تجاه هذه التطورات سواء في شقها الإيجابي أو السلبي في زيادة الوعي التراثي أو تراجعه. هذا وتجدر الإشارة إلى تأثير التواجد الاستعماري على الموسيقى، وذلك عبر الانغلاق على الذات تارة والاستثمار المفرط فيها، أو عبر مجاراة الأشكال الاستعراضية (الانتقال من مكان عام (السوق) إلى المقهى، ومن العروض المناسباتية (حفلات متنوعة ومراسم) إلى حفلات خاصة).
التحسّر: كريستيانوفيتش، روانيه، أزرور، بيرك، الحكومة الاستعمارية العامة
شكّل التحسّر أكثر العبارات تداولا لوصف حالة الموسيقى الحضرية في الجزائر خلال الفترة الاستعمارية، والذي يعد مزيجا من الندم، والرثاء وكذا الاحتقار. فهو يعكس وضعا مقلقا، وسلوكا غير مفهوم، وممارسات محل جدال، بل يعتبر اختلالا هيكليا. تختلف بطبيعة الحال هذه التقديرات باختلاف مجال اختصاص أصحابها ما بين: علم الموسيقى، والأنثروبولوجيا، أو المنصب الإداري، ولكنها بشكل عام، تجمع كلها على موضعة الاهتمام بالثقافة الموسيقية ضمن الفضاء الاستعماري. فهي على الرغم من عدم اقتراحها لإصلاحات واضحة، فإنها تدعو بشكل غير مباشر إلى إعادة تأهيل هذه الأنواع الموسيقية وخلفياتها الثقافية. هذا ما يشير إليه مالكولم ثيولاير عند حديثه عن "الجمعيـات الموسيقية الخاصـة بالأهالي"، التي تحدد إلى حد ما وبشكل تقديري، نظاما تراثيا ما.
ذكر الروسي ألكسندر كريستيانوفيتش (Alexandre Christianowitsh) (1874-1835) المولع بالموسيقى والباحث في الموروث الموسيقي العربي الأندلسي، بأنّه خلال زيارته إلى الجزائر بعد ثلاثين عاما من الاحتلال الفرنسي، لم يصادف غير الموسيقى المؤداة في المقاهي من طرف اليهود خاصة. ففي مدينة الجزائر المجهولة، والشاحبة والغامضة، أخبره المُخبر المرافق له: «عن وجود ثلاثة موسيقيين فقط قادرين على أداء النوبة وهم: حاج براهيم، وسيد أحمد بن سلِيَمْ ومحمد المنمش (المولود عام 1806 والمتوفي عام 1890)، فباستثناء هؤلاء الثلاثة، ليس هناك من يعرفها» (Christianowitsh, 1863, p. 6). وتم إخباره كذلك عن حمود بن مصطفى، الذي امتهن بعد حصوله على الإعدادية صناعة القيطان، أسوة بأبيه. وقد تتلمذ على يد الشيخ سيد أحمد بن حاج براهيم، كما أنه يُعدُّ من أوائل المخبرين عن الموسيقى العالمة. فحسب الباحث الروسي، هي مؤشرات عن فن متلاش، بل شيئا فشيئا هو عرضة للنسيان.
في فترة لاحقة، لجأ مختلف الملاحظين إلى استخدام عبارات تركة دون وريث، الإهمال، الاستقالة، أو التقهقر، للدلالة على وضعية الموسيقى الحضرية القديمة، «فهي محاولة لدق ناقوس الخطر ضد الانحطاط الفني المسجل منذ بداية القرن، وضد أخطار زواله، أو بشكل عام ضد التحول الفتاك لهذه الأنواع الموسيقية بفعل العامل الزمني، والذي يزيد خطره يوما بعد يوم حتى في المجتمع المسلم»
(Barbès, 1947, p. 7 ).
نلاحظ مثلا عدم اكتراث النخبة (الممثلة في المثقفين والأعيان حسب روانيه) بالموضوع. في حين يشير أزرور بشأن الموسيقى الحضرية في مدينة الجزائر، إلى جهل معنى الموسيقى، وعدم إجادة اللغة، بالإضافة إلى ضعف التكوين في مجالي الغناء والعزف. ولقد أعزى الباحث سبب هذا الضعف إلى إدخال آلات جديدة والتخلي عن بعض الآلات التقليدية. ولكن الأمر يتعلق كذلك بالمنافسة بين الفرق الموسيقية، ضياع الرصيد الموسيقي، روتينية العمل، إضافة إلى تراجع مداخيل الحفلات. سيؤدي هذا كله إلى بعض النتائج التي تتحدث عن محاولة البقاء، موسيقى فلكلورية، أو مجرد لهو.
في عام 1949، قام البودالي سفير بنقل نص غير منشور لجيل روانيه
(Jules Rouanet)، الذي أعرب فيه عن شعوره بالأسف الشديد نتيجة ضياع قيم الموسيقى العالمة وشروط جودتها، محملا مسؤولية ذلك لمحبي الموسيقى المطلعين، وللمثقفين الواعين.
في تقرير صادر في أبريل من عام 1940 حول البرامج الإذاعية الموجهة للجزائريين، لم يتردد أزرور عن إبداء رأيه فيه حول وضعية الموسيقى الحضرية، حيث تحدّث عن حالة من الانحطاط مُوجّها أصابع الاتهام للموسيقيين أنفسهم، وكذلك للأنواع الموسيقية المستحدثة[3]. فهو يشير إلى التحولات التي مسّت "عوالم الفن"، بمعنى آخر، البوتقة ونظام التضامن الفني اللذين ينصهر فيهما الفن الموسيقي. كما أشار إلى الجانب الاقتصادي وتأثير تراجع المداخيل، التي دفعت بالكثيرين إلى التخلي عن ممارسة الموسيقى العالمة واستبدالها بالأنواع الموسيقية الخفيفة. سيسمح الاقتباس الموالي بالوقوف على تفاصيل وضعية الموسيقى الحضرية من وجهة نظره، وشعور الاستياء الذي كان ينتابه: العروض الغنائية. الموسيقى الحضرية في مدينة الجزائر: (...) يمكن وصف الحفلات الموسيقية الحضرية المعروضة على الجمهور حاليا والتي تبرر تذمره في كلمة واحدة ألا وهي الانحطاط.
لا يمكن التطرق بإطناب إلى أسباب هذا الانحطاط الواضح في هذا التقرير، ولكن يمكن تحديد مظاهره في: جهل شبه عام لمعنى هذه الموسيقى ولقواعد لغتها، ضعف مستوى الفنانين من ناحية الغناء والعزف، الإفراط في استخدام آلات موسيقية لا تتناسب مع الموسيقى العربية كالبيانو، والماندولينة، والبانجو والدربوكة وغيرها من الآلات، والتخلي في الوقت نفسه عن الآلات القديمة كالقانون، والكمان أو الربابة، والڤيثارة صغيرة الحجم أو الكويترة وآلات أخرى. وأخيرا، تشتت بعض الموسيقيين الجيدين في عدد كبير من الجمعيات المتنافسة التي تضم موسيقيا جيّدا أو اثنين في وسط مبتدئين ضعيفي المستوى، عدم الاكتراث المتزايد بهذا النوع من الموسيقى نتيجة تراجع مداخيله، وهذا بفعل ملل الجمهور منه وشغفهم بالموسيقى الشرقية حسنة الأداء رغم ضعف مستواها. ينبغي أيضا التنويه أن عددا قليلا من الفنانين (على الأرجح واحدا أو اثنين) لا زال لديه معرفة بالرصيد الموسيقي الحضري كلّه، الأمر الذي جعل الفرق الموسيقية تكتفي بإعادة عزف القطع الموسيقية نفسها بشكل روتيني، ما يقارب المئة لحن غير مكتمل، اشتمل عليها مؤلف يافيل غير الجيد والمليء بالأخطاء الجسيمة (ص. 11).
أكد جاك بيرك (Jacques Berque) (Berque, 1962, p. 408) أيضا هذه المسألة بالإشارة إلى تفكك "عوالم الفن" لدى موسيقيي مدينة الجزائر في فترة ما بين الحربين، بمعنى آخر، مسألة غياب التضامن بين مختلف الموسيقيين رغبة في إثبات الأنا، الفاقد للمهارة الفنية في غالب الأحيان.
لا تحظى التحـولات دوما بالقبول، كما يعتبرها بعض المهتمين بالحياة الثقافية علامـة انحطـاط وتقهقر ثقافي فعلي: «(...) فالموسيقى الجزائرية المعاصرة تمثل في مجملها فشلا كبيرا، إذ لا علاقة لها بما هو جزائري إلا الاسم. فمعظم الموسيقيين المعاصرين قد تخلوا عن الموروث الثقافي النّاتج عن قرون من الإلهام الجماعي، وفضّلوا تقليد أو نسخ ألحان معاصرة ورقصات وأغاني مصرية، مقتبسة عن الموسيقى الأوروبية أو موسيقى أمريكا الجنوبية» (Hadj Ali, 1960, p. 130).
في السياق ذاته، أبدت المؤسسة السياسية الاستعمارية[4] اهتمامها المبكر بالموسيقى الحضرية والشعبية في المغرب العربي. ففي عام 1904، أسْنَدت لجيل روانيه مهمة تحضير تقرير عن الموضوع، تم نشره عام 1922 في موسوعة الموسيقى للافينياك. كما أنّها انشغلت بوضعية الموسيقى الأندلسية، تقديرا منها "بقيمة الموسيقى كأداة للبروباغندا". فالهدف المعلن من المشروع يكمن في جمع موروث الموسيقى الأندلسية "لتحقيق تقدم فني دائم للسكان الأصليين" - حسب زعمهم -. بالتالي، قامت باستحضار الأعمال القليلة التي تمت حول الموضوع، منوهة "برغبة البعض من أصحابها – كالموسيقي اليهودي يافيل – تحقيق أرباح مادية، بدل الاهتمام بالجانب الفني المحض". لكن في الواقع، يتعلق الأمر برغبة صريحة في مراقبة نشاط جمع ونقل الموروث الموسيقي، في الوقت الذي بدأت تبرز فيه على وجه التحديد الجمعيات الموسيقية المسلمة. فالغاية تكمن في «وضعها تحت رعاية الإدارة الفرنسية وتخليصها من المبادرات الخاصة التي لا يقتصر هدفها على تحقيق المصلحة العامة فقط». في الأخير، تبرر الإدارة الفرنسية سبب مبادرتها في: «(...) فلكلور غير معروف لغاية الآن، نتيجة أدائه بشكل سيء من طرف فنانين مملين، يعزفون بطريقة عفوية على آلات غير كافية». على كل حال، باتهامها للموسيقيين بالتهاون واللامبالاة، تمنح الإدارة الفرنسية لنفسها حق التدخل في الشأن الموسيقي[5].
نلاحظ من خلال مختلف الآراء السابقة بأنّ النظرة الدونية للموسيقى العالمة (الحضرية)، وطول فترة ضعفها وعدم إيلائها الاهتمام الكافي، سيتيح المجال بشكل عكسي لنوع من التصور المثالي عن فن متكامل، منسجم مع مجتمع متحضر وذي حس فني. إذ يمكننا في نهاية المطاف أن نعتبر الخصائص السلبية متطابقة مع المجيبين الإيجابيين. فهنا لدينا استحضار لأساليب توثيق الموروث الثقافي، مع كل أزمة للمجال الفني.
الجدل الدائر بين إدموند ناثان يافيل وجول روانيه[6]
يشكل الخلاف أرضية خصبة للتعبير بوضوح عن أوجه الاختلاف التي تغذي السجالات، بل دعاوى المشروعية القائمة حول الموروث الموسيقي: من هو صاحب هذا الموروث؟ من له حق حمايته، وأدائه، وتثمينه؟ ما هي خلفيته المرجعية، هل من مصدر أصلي أو مصطنع، أو محصلة تراكمات؟
تخضع، كما هو معلوم، مسألة ملكية الموروث الثقافي لعدة اعتبارات تاريخية، وقانونية وأخلاقية. وإذا كانت هذه التساؤلات صالحة حتى يومنا هذا، فإن فحص حالات تاريخية، يكشف دائما عن تمثلات ثقافية وإيديولوجية وعن علاقات القوة
(Glasser, 2016, pp.135-141) [7].
حظي عمل إدموند ناثان يافيل (Edmond-Nathan Yafil) الذي أنجزه في السياق الاستعماري، والمتعلق بجمع وتثمين الموروث الموسيقي العربي الأندلسي بتقدير عدد من المتخصصين، على الرغم من بقاء اسمه غير معروف لدى عامة النّاس. فمع بزوغ القرن العشرين، اُعتبر من القلائل الذين كرسوا طاقتهم ونشاطهم لحماية تراث مهدد بالاندثار. فقد أدرج جوناثان جلاسر (Jonathan Glasser) في مقال صادر له عام 2012، عمل يافيل ضمن المحاولات الساعية لإحياء الموسيقى الأندلسية في الجزائر مع نهاية القرن التاسع عشر. فيما أكد مالكولم ثيولاير (Malcolm Théoleyre) على دوره في الحفاظ على التراث، قائلا: "يجب الاعتراف بأن خطاب الحفاظ على الموروث الثقافي قد لازم باستمرار مبادرة يافيل". كما لا يمكن فصلها عن تصريحات مساعده روانيه التي ألقاها خلال مؤتمر المستشرقين عام 1905: "لوقت ليس ببعيد، كاد الإرث الموسيقي العربي أن يختفي دون أن تتمكن الأجيال اللاحقة من اكتشاف جماليته وعراقته، والتي ماثلت في مجدها الفن المعماري". فالراجح انتماء روانيه إلى مدرسة الإثنوموسيقيين-مصممي المتاحف، فهو قد استصعب على غرار تيارسو، تقبل النماذج التوفيقية الناجمة عن " الاندماج ". لكن، تأكيد روانيه على مساعدة يافيل له، قادنا إلى ربط هذا الأخير بالمقاربة المتحفيّة» (Théoleyre, 2016, p. 118).
أوضح جلاسر في كتاباته وبعد اطلاعه على الأعمال الأولى لألكسندر كريستيانوفيتش وفرانسيسكو سالفادور دانييل (Francisco Salvador-Daniel)، المواقف والرهانات والرؤى التي تبناها مختلف ملحني، ومتخصصي الموسيقى وكُتّاب هذه الموسيقى. وقد خلُص إلى اعتبار مشروع يافيل لإحياء الموروث الثقافي بلا منازع، الأكثر اتساقا والأطول زمنا (تجاوز الثلاثين عاما).
أما بالنسبة للباحثة كارولين لادرو (Caroline Ledru)، فقد تناولت في مقال أنجزته حول جيل روانيه كيفية اكتشاف هذا الأخير للثقافة الموسيقية الحضرية في الجزائر مع نهاية القرن التاسع عشر، وإطلاقه تسمية "الأندلسية" عليها لأول مرة، بدلا عن الموسيقى المغاربية الموصوفة بها إلى ذلك الحين، الأمر الذي أثار في سنوات لاحقة عددا من الاحتجاجات وأدى إلى اقتراح بدائل أخرى. «ففي الفترة الممتدة من 1905 وإلى غاية 1927، قام كل من روانيه وإدموند ناثان يافيل بنشر مجموعة من الكراريس، بلغ مجموعها سبعة وعشرين (27) كراسا تحت عنوان فهرس الموسيقى العربية والمغاربية، قاما فيها بتدوين النوبات بالرموز الموسيقية الغربية. وفي عام 1911، أصبح عضوا مساهما في صحيفة البرقية الجزائرية. ابتداء من عام 1927، وعلى الأرجح نتيجة خلاف مع يافيل، تخلى روانيه عن كل نشاط موسيقي وتفرغ نهائيا للنشاط النقابي وللدفاع عن الجزائر» (Ledru, 2008, p. 843).
يمكن أيضا التنويه بالدور المهم الذي قام به الموسيقيون من ضمنهم اليهود خلال هذه الفترة، في الحفاظ على الموروث الموسيقي، حيث تجلى إسهامهم خاصة في تعميم عملية التسجيل. فمع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، باشرت شركات التسجيلات حملاتها لتسجيل الموسيقى التقليدية والحديثة في الجزائر والمغرب العربي، كان لإدموند ناثان يافيل دور فيها بصفته مستشارا رئيسا، كما باشر هو أيضا منذ 1907 التسجيل تحت أول علامة جزائرية[8]. ولد إدموند ناثان يافيل المعروف بيافيل بن شباب عام 1874 في القصبة بمدينة الجزائر، لأب يمتلك مطعما، كان سببا في اكتسابه لقب مخلوف لوبيا. تمكن من الحصول على شهادة البكالوريا ودبلوم اللغة العربية. خلال الفترة الممتدة من عام 1904 وإلى غاية عام 1927، عكف يافيل على نشر جزء مهم من الموروث الموسيقي العاصمي مستعينا بالرموز الموسيقية الغربية، حيث بلغ مجموع ما تم نشره 29 كتيبا. قام عام 1909 بتأسيس أول مدرسة للموسيقى العربية العاصمية، ثم أتبعها بإنشاء أول جمعية موسيقية عام 1911 المسماة بـــ"المطربية". توفي بالثامن أكتوبر من عام 1928.
سياقات المواجهة
في شهر أوت من عام 1905، قامت المجلة الأسبوعية بالتنويه بمنشورات يافيل وروانيه المتعلقة بالموروث الموسيقي العربي والمغاربي، مشيرة في هذا الصدد إلى تأخر المبادرة لدرء دمار جزء كامل من الثقافة الجزائرية بفعل الاستعمار، فـ: «في النصف الأول من القرن الذي أعقب احتلال الجزائر، وحتى خلال الفترة اللاحقة، تركزت جهودنا أساسا في إفريقيا على تدمير ما أمكن من الثقافات المحلية» (ص. 81).
عكس ما تم ذكره سابقا من استنتاجات، يتضح أنّ مرد ضعف مستوى الموسيقى المحلية يعود إلى السياق الاستعماري، وليس البتة إلى العوامل الداخلية. ففي هذه الفترة، ارتبط في أذهان المتخصصين اسم يافيل وروانيه بمبادرة الحفاظ على الموروث الموسيقي، دون فصل نشاط أحدهما عن الآخر.
في عام 1913، قامت جريدة "صدى الجزائر" بعد اطلاع قرائها على نشاطات المدرسة الموسيقية التي أنشأها يافيل مع مطلع القرن، بالتذكير بمكانة موزينو المهمة، باعتباره أحد أفضل الممارسين اليهود للموسيقى الحضرية، لكنها في ذات الوقت نوهت بأن فضل اكتساب يافيل وموزينو لهذه المكانة يعود إلى معلمهما سفنجة. كما أعقبت بهذا التنبيه: «أفضل من كل تلك النعوت الرنّانة والدعائية التي يلصقها بعض الموسيقيين بأسمائهم»، والذي يتجاوز على ما يبدو كونه مجرد تلميح، بل يستهدف على الأرجح جيل روانيه. بالتالي، يتضح جليا بأن شرعية التراث الثقافي آنذاك، تقوم على السند والمرجعية المحلية. وسنورد فيما يلي النص الأصلي الذي جاء في الجريدة:
المطربية – السيد صاؤول ديران (Saül Durand) المعروف بموزينو زعيم الموسيقيين المحترفين العرب حاليا بلا منازع، يلبي بعد إلحاح دعوة السيد إدموند يافيل مدير ورئيس المطربية للتعاون معه في تقديم دروس للأعضاء الناشطين بالجمعية.
القول بتتلمذ كل من السيد ديران والسيد يافيل على يد المرحوم الشيخ محمد بن علي سفنجة، أفضل من كل تلك النعوت الرنّانة والدعائية التي يلصقها بعض الموسيقيين بأسمائهم (...)(Echo d’Alger, 1913, p. 4).
يمثل المقال الصادر بالصحيفة الصغيرة بتاريخ 16 يونيو 1926 – إلى حد ما – أحد الأدلة الرئيسية على الخلاف الذي سينشب علنا بين يافيل وروانيه في السنة الموالية (ص. 44، 1988)[9]. فمقال الجريدة الباريسية سيتخذ من تكريم سلطان المغرب على زيارته باريس ذريعة للإشادة بمبادرة يافيل، مشيرا في الصفحة الأولى إلى دور ومشروع يافيل بعنوان رئيسي "كيف تم إنقاذ الموسيقى العربية من النسيان"، ثم بعنوان فرعي: "إنجاز الموسيقي والمغني والمؤلف العاصمي يافيل". يستهل جون كوبي سارايل (Jean Coupet-Sarrailh) مقاله بتوجيه العتاب إلى شيوخ الموسيقى التقليدية على تقصيرهم في نقل معارفهم الموسيقية، فحسب رأيه: «تعتمد الموسيقى العربية الأندلسية في انتقالها من جيل إلى جيل على النقل الشفهي. لكن يأبى كبار الموسيقيين بسبب أنانيتهم تكوين الطلبة ويصرون على حمل رصيدهم الغنائي معهم إلى قبورهم، في الوقت الذي تتلاشى تقاليد هذه الموسيقى وتكاد تندثر». فبالنسبة للكاتب، ساهمت مبادرة يافيل في تفادي "الغرق" بفضل إنجازاته التي عددها في: إنشاء مدرسة للموسيقى مع بداية القرن العشرين، جمع 2500 لحن موسيقي، نشر 200 لحن، مدونات نصية باللغتين العربية والعبرية، وأخيرا تسجيل ألفي 2000 أسطوانة فونوغرافية. مختتما نصه بإشادة صريحة ليافيل، ذكر فيها: «هذا باختصار العمل الذي قام به مجدّد الموسيقى العربية، الشخص الذي أفنى حياته في سبيل إنقاذ تراث أجداده الفني من النسيان». والملاحظ في هذا النص الطويل غياب ذكر اسم جيل روانيه ومساهمته.
محتويات الملف
في الثالث من سبتمبر عام 1927، خصصت صحيفة البرقية الجزائرية مقالا، أثنت فيه على العرض الموسيقي المُقام من طرف جمعية المطربية على شرف يافيل، كما أشادت بأداء مساعديه المباشرين محي الدين وبنيسيانو وعازف البيانو ميمون. بعدها بيومين، قامت الصحيفة بنشر رسالة تلقتها من جيل روانيه، تناول فيها الانشغال الذي أبداه بعض النبلاء المسلمين حول تجاهل اسمه خلال العرض الموسيقي المقام تكريما ليافيل. يرى روانيه أن الأمر لا يتعلق بالنسيان، وإنما بانسحاب طوعي، جاء كرد فعل على عدم رغبته «الانخراط في مؤسسة تجارية هدفها احتكار مجال تابع للفولكلور الإسلامي، بغرض تحقيق أرباح مادية». فقد رفض اعتباره ملحنا لموسيقى يتم تناقلها من معلم إلى متعلم منذ القدم. فهو يقر بدراسة هذه الموسيقى فقط، الشيء الذي أكسبه اعتراف الأقران(النُّظراء) في فرنسا وفي العالم بأكمله.
في الفاتح من أكتوبر عام 1927، قامت الصحيفة بنشر ردة فعل يافيل على رسالة روانيه، وإجابة هذا الأخير عليه، مبدية نيتها غلق هذا الجدال الدائر بينهما. أكد يافيل بأن رده العلني جاء باسم محبي الموسيقي من ضمنهم المسلمين، المصدومين حسب قوله من آراء روانيه، فقد استنكر "التلميحات والإيعازات" الموجهة ضده حول نيته تحقيق أرباح تجارية من مبادرة جمعه للموروث الثقافي. كما أنه يؤكد عدة مرات على أولويته وامتيازه ففيما يبدو له "حق" ملكية هذا الموروث:
(...) الكل يعتقد إلى يومنا هذا، بأنني المروج والمالك الوحيد للموروث الموسيقي العربي... فقد اعترف السيد روانيه كتابيا بملكيتي التامة له وحقي في استغلاله، دون أن يحول ذلك من استفادته منه وتلقي الثناء بدلا مني.
وقد ختم كلامـه قائلا:
«لا جدوى من أي جدال مستقبلي حول ملكية هذا الموروث لكوني المالك الوحيد له، والمؤلف الوحيد لجزء كبير منه».
بأسلوب عدائي وساخر، قام روانيه بالرد على يافيل في 30 من سبتمبر، قائلا: «هناك أشخاص مغرورون من هم بحاجة بين الفينة والأخرى إلى ضربة قوية، فهم قد بلغوا مستوى انهيار كبير». مردفا بأسلوب تهكمي ومستخف: «(...) إنه جاهل بالموسيقى، رغم اعتقاده بأنه ملحن مشهور، وأستاذ، وناشر، وعارف بالنصوص الأدبية». ليواصل رأيه بأسلوب فظ حين ذكره للأصول الاجتماعية المتواضعة ليافيل ولمهنة أبيه. ثم يعيد التذكير بما جاء في رسالته الأولى، بأن قرار الانسحاب من الجمعية كان اختياريا، مشيرا في هذا السياق إلى رسالة وجهها إلى يافيل بتاريخ 4 يوليو 1914، أعرب له فيها عن عدم رغبته الاشتراك في عمل ذي طبيعة ربحية. كما أنه يبدي اعتراضه على يافيل حين اعتبره مجرد "مسجل تقني للموسيقى" وبجهله التام بالموسيقى الأندلسية قبل لقائه عام 1903: «لم أتباك على "الرمل" أو "الزيدان" يوم ولادتي، ولم أحتفظ في ذاكرتي بموسيقى غرناطة، ودمشق، وطهران واسطنبول وغيرها من الأماكن، كي أستفيد منها ماديا لاحقا».
وقد أصر على التذكير بأن يافيل هو الذي ناشده عبر رسائله بين عامي 1903 و1914، وأثنى عليه لمساهمته في جمع هذا الموروث. كما أضاف، لدحر مخالفه، أن الأمر كان يتعلق في تلك الأوقات بـ: «مسودات يكتبها له خوفا من الوقوع في الأخطاء اللغويّة والنحوية، وبمضاعفة المساعي لإرضاء تعطشه للتشريف والدعاية... المجانية». وسيشير إلى جميع المحاولات التي قام بها يافيل في سبيل حصوله على اعتراف السلطات الاستعمارية وقبوله في الأوساط الثقافية الرسمية. لكن ما حز في نفس روانيه خاصة، هو عدم احترام مكانة هذه الموسيقى والأخلاقيات المرتبطة بها. كما اتهم يافيل بأنه قام بإضفاء الطابع الفولكلوري عليها لأسباب مالية بحتة. ولكن دون سخرية، هناك شيء يميزه، ألا وهو كبرياؤه المفرط وعدم وعيه بحماقته المستمرة، كما هو الحال عندما يرتدي شاشية عربية، ويقوم بتشويه لقبه العلمي (أستاذا في المعهد الموسيقي بالجزائر)، بالذهاب لأجل رسم، يترنم أمام تمايل خصور الراقصات أو حينما يستجدي بمجرد بدء العزف على مزمار القربة أو الكمان وغناء "ابقاو على خير" أو "رنا جيناك".
في نهاية المطاف، لم يكن لهذا الجدال صدى يذكر في وقته، وتوارى باختفاء أصحابه، بعد انسحاب روانيه من الساحة الفنية ووفاة يافيل عام 1928.
وقد أُشير إليه في Notre rive (ص.21، 1927) بإيجاز مع تحيز ضمني لروانيه: «اليوم السيد يافيل المستفيد الوحيد من نشر هذه الموسيقى، يتهم السيد روانيه بأنه كان مجرد أداة تسجيل. الموضوع غريب، لكن في هذا الصراع بين العقل والمادة، ألن يكون من المنطق الوقوف إلى جانب من يمسك القلم وهو يستحضر من الذاكرة أغاني الفنانين؟». من جانبه، أوعز كتاب شمال أفريقيا المصور (ص. 9، 1928)، في كلمته التكريمية ليافيل المتوفى حديثا، الفضل دون غيره في جمع وإعادة تأليف هذه الموسيقى: «(...) كمؤلف، لم يرغب أن تظل الموسيقى العربية تحت تصرّف الأداء العشوائي للمهرجين، واستطاع نسخ الموروث الشفهي على الورق، تاركا للأجيال اللاحقة عنصرا إضافيا لفهم الإسلام».
ستأتي ردود أفعال أكثر توازنا وتوضيحًا بعد استقلال الجزائر، على وجه الخصوص شهادة محيي الدين باشطارزي (1968) الذي تتلمذ على يد يافيل، وتحليلات الباحثة في الموسيقى نادية بوزار قصبادجي (1988 و1990). كلاهما أشادا بعمل يافيل ومثابرته في إنجاز مشروع كهذا على مدى ثلاثين عامًا: «لم يكن لفطنة يافيل أن تجعله يتجاهل التوجه الاستعماري الداعم للمبادرات الثقافية: حيث قرب إليه موسيقيين متميزين أمثال لاهو سرور (Laho Seror)، موزينو (Mouzino)، سعيدي (العربي) وطلب العلم من المفتي بوكندورة. باشر إثرها دراسة منهجية للموسيقى الأندلسية قصد وضع جرد رصين ومفيد، سمح بمقارنة مختلف النسخ وتصحيح بعض الأخطاء المدرجة من طرف موسيقيين أصحاب مستوى ضعيف. فعلى الرغم من عدم شمولية العمل أو كماله (وفقًا لأساتذة آخرين)، غير أنه سمح للمؤلف بإيداع مئات الألحان الأندلسية لدى جمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى SACEM بصفته موزعا موسيقيا. إن الحماس الذي أبداه يافيل لدراسة وجمع الموروث الثقافي طوال حياته المهنية لا يمكن إنكاره، فقد أشادت الصحافة بصفاته المستمدة من رغبة التميز في أوساط المؤسسات الاستعمارية» (Bouzar, 1988, p. 44).
يدافع باشطارزي من جانبه عن ذكرى شيخه ويدين ردة فعل روانيه الأنانية والحاقدة: «لم يرغب السيد روانيه الاعتراف بدينه تجاه يافيل، الذي لولاه لما كان باستطاعته الكشف للعالم عن موسيقى يجهل مصدرها. منزعج من عدم ذكر اسمه خلال رحلتنا إلى فرنسا، أدى به الغضب من رؤية يافيل يحقق بعض الشهرة الذي أراد الاستئثار بها لوحده، إلى مهاجمته في أعمدة جريدة البرقية الجزائرية. ويجب القول بأنّه قام بذلك بشكل غير لبق» (Bachtarzi, 1968, p. 89). كما أنه يرفض بشكل قاطع تهمة المتاجرة والربحية بالموروث الموسيقي الموجهة ضد يافيل (Bachtarzi, 1968, p. 89)، نفس فكرة بوزار قصبادجي (Bouzar, 1988, p. 48) التي أشارت إلى ضعف المداخيل المحصل عليها. غير أن هذا الجدال حسب رأي بوزار قصبادجي، واستنادا لتقييم نقدي لعمل روانيه ويافيل المشترك، كان سببا في حجب مساهمة المساعدين سواء المعروفين أو المجهولين، في الحفاظ على التراث الموسيقي الشفهي الحضري.
خاتمة
مفارقات التراث
تندرج دراسة بعض المواقف التي أثارتها وضعية الموسيقى الحضرية في الجزائر أثناء الحكم الاستعماري في سياق متواصل، رغم تغير الظروف والرهانات. يتعلق الأمر، بشكل كبير، بالأشكال الخطابية والمواقف "الملتزمة" لـــ"عوالم الفن" رغبة في الدفاع عن موروث موسيقي، تملُّكُهُ وإعادة تأهيله. فقد اطلعنا في الجزء الأول على رؤية محبطة لفن في وضعية حرجة، بسبب إهمال محبيه له وممارسيه، وأيضا نتيجة ظهور ممارسات ثقافية جديدة والتكيف مع أشكال موسيقية حديثة، تباينت الآراء حولها بين داعم ومعارض.
أما الجدال بين يافيل وروانيه، فقد أبان عن وجهة نظر متناقضة للحكم الاستعماري أين يقوم المجال الاستعماري المهيمن بفرض غلبته الرمزية على المجتمع المستَعمر. فقد كشفت هذه المواجهة، عن تحديات ترتبط في آن واحد بالنقل الشفهي واسترجاعه، وعن ترجمة الموروث بمصطلحات الحداثة الغربية والمؤسساتية (النسخ وتوزيع الألحان الموسيقية). إذ تمكن جوناثان جلاسر بتلخيص الطبيعة العميقة والمعقدة لمسألة الحفاظ على الموروث الموسيقي: «فتح هذا الجدال المجال للنّقاش حول الاحتواء، الشفهية، وقوة التكنولوجيا الكامنة في قلب مسألة التجديد بالظّهور للعلن» (Glasser, 2016, p. 141).
المراجع
Bachtarzi, M. (1968). Mémoires. Tome 1. Alger : SNED.
Berque, J. (1980). Langages arabes du présent. Paris : Gallimard. Berque, J. (1962). Le Maghreb entre deux guerres. Paris : Le Seuil.
Bouzar-Kasbadji, N. (1988). L’émergence artistique algérienne au XXè siècle. Contribution de la Musique et du théâtre algérois à la renaissance culturelle et à la prise de conscience nationaliste.
Alger : OPU.
Bouzar-Kasbadji, N. (1990). La musique arabe au miroir de l’Occident. Naissance d’une nouvelle littérature musicale européenne, XIXe-XXe siècles – Algérie/France. Université
Euro-Arabe Itinérante. Juillet. Crète.
Christianowitsch, A. (1863). Esquisse historique de la musique arabe aux temps anciens. Avec dessins d’instruments et 40 mélodies notées et harmonisées. köln.
El Boudali, S. (1949). La musique arabe en Algérie. Documents algériens (36) - 20 juin.
Glasser, J. (2010). Andalusi Music as a Circulatory Practice. Anthropology News, (Vol. 51, issue 9), 9-14, december.
Glasser, J. (2012). Edmond Yafil and Andalusi musical revival in early 20th- Century Algeria. Int. J. Middle East Study. (44), 671-692.
Glasser, J. (2016). The Lost Paradise. Andalusi Music in Urban North Africa. Chicago and London: The University of Chicago Press.
Hadj Ali, B. (1960). Quelques idées sur les caractéristiques, les sources, les tendances de la musique algérienne. La Nouvelle Critique. « La culture algérienne », 112.
Ledru, C. (2008). Jules Rouanet (fin XIXè siècle- début XXè), Musicologue spécialiste de la musique algérienne. Dictionnaire des orientalistes de langue française (Sous la direction de François Pouillon). Paris : IISMM- Karthala.
Marouf, N. (2014). Le chant arabo-andalou dans l’Algérie de l’entre- deux-guerres. Dans (Bouchène, A. et Peyroulou J.-P. et Siari-Tengour, O. et Thénault, S. Eds). Histoire de l’Algérie à la période coloniale (419 - 422). Paris : La Découverte.
Miliani, H. (2000). Fabrication patrimoniale et imaginaires identitaires. Autour des chants et musiques en Algérie. Insaniyat, (12), 53-63.
Poché, Ch. (1999). Tradition orale algéroise et notation musicale. Autrement, (55), Alger 1860-1939. Le modèle ambigu du triomphe colonial.
Thénault, S. (Eds). Histoire de l’Algérie à la période coloniale (419 - 422). Paris : La Découverte.
Théoleyre, M. (2016). Musique arabe, folklore de France ? (Thèse de doctorat). IEP, Paris.
الدوريات
La Revue hebdomadaire, août 1905.
L’Echo d’Oran, 4 janvier 1925.
Le Petit Journal, 16 juillet 1926.
La Dépêche Algérienne, 13/23/25 septembre 1927 et 1er octobre 1927.
Notre rive. Revue nord-africaine illustrée, octobre 1927.
Echo d’Alger, 24 septembre 1913 et 1er décembre 1927.
L’Afrique du Nord illustrée, n° 389, 13 octobre 1928.
La Gazette Nord Africaine, 25 octobre 1928
الملاحق
La controverse Rouanet-Yafil 1927, extraits de
La Dépêche Algérienne
13 septembre, p. 3 :
La Musique Arabe.
Le secrétaire général de la Société « El Moutribia » nous adresse, avec prière d’insérer, la note suivante:
La mort du célèbre Sfendja, plongea les amateurs de musique arabe dans une perplexité très grande. En effet, hors lui, personne ne semblait avoir l’envergure et la compétence nécessaire pour sauver celle-ci de l’oubli.
Les pessimistes la voyaient déjà appelée à une disparition prochaine. Mais Sfendja, avait formé des élèves, et l’un d’eux, M. Yafil, qui avait été spécialement dressé par le vieux maître, comprit le danger et entreprit la rénovation de la musique arabe.
Musicien consommé et aimant la musique arabe pour elle-même, ce dernier ne voulut pas sa disparition. Par un travail acharné et opiniâtre, il parvint à fixer celle-ci sur le papier.
L’effort fut long et coûteux ; mais, ne reculant devant aucun sacrifice, M. Yafil réalisa des prodiges pour recueillir le plus possible d’airs qu’il mettait en musique aussitôt.
Cette œuvre accomplie, il comprit qu’il en avait une autre plus grande encore à accomplir. En effet, son effort serait resté stérile, s’il n’avait cherché à divulguer les trésors de cette antique musique aux variations si nombreuses et aux si harmonieuses modulations, qu’il avait si magnifiquement reconstituée.
A cet effet, il créa tout d’abord l’école gratuite ; mais les cours furent vite désertés. Se pénétrant alors de cette vérité qu’on s’affile plus facilement à une Société que l’on ne s’inscrit à un cours,
M. Yafil fonda « El-Moutribia ».
Sous son impulsion, cette jeune Société prit facilement de l’ampleur et le prélude du succès [sic] se dessina bientôt à l’horizon.
C’est à ce moment qu’ayant tout réglé le rénovateur de la musique arabe, qui composa lui-même plusieurs œuvres fort goûtées, se retira, laissant la place à des activités plus jeunes.
Ses premiers élèves ayant à leur tête le sympathique ténor Mahieddine, continuèrent son œuvre de diffusion.
Qui n’a entendu et apprécié la voix chaude et puissante de ce célèbre chanteur ?
Sous une telle direction « El Moutribia » prospéra rapidement, et les encouragements du public ne tardèrent pas à se manifester pour cet essai de vulgarisation.
Il serait vain de rappeler ici le succès remporté par cette Société à chacun de ses concerts.
L’accueil qui lui fut réservé à Paris, tout dernièrement encore, et dont la presse s’est faite l’écho, est encore présent à notre mémoire.
Mais « El Moutribia » ne se laisse pas griser longtemps par le succès. Ainsi que nous l’avons déjà fait connaitre, l’actif conseil d’administration de cette Société a décidé de frapper un grand coup, pour démontrer de façon péremptoire, que la musique arabe est accessible à tous.
A cet effet, elle organisé pour le 20 septembre prochain, au Square Bresson, un grand concert ou seront exécutées les œuvres les plus remarquables du répertoire du grand compositeur Yafil.
« El-Moutribia » organise seulement, mais son orchestre ne paraîtra pas dans le kiosque. Elle a voulu et c’est là l’innovation, confier l’exécution d’un concert arabe à un orchestre français.
C’est en effet l’Orchestre municipal, sous la direction de son distingué chef, M. Riva, à qui a été confiée la tâche de mener à bien l’exécution du programme.
La première partie de ce programme comprendra l’exécution par l’orchestre de différents morceaux spécialement choisis pour donner satisfaction aux plus difficiles. Au cours de la deuxième partie, pour la première fois depuis toujours, l’orchestre municipal accompagnera M. Mahieddine, le réputé ténor, que tout Alger a déjà applaudi, dans l’interprétation de quelques morceaux réservés pour les dilettantes.
Pour rendre sa démonstration d’accessibilité plus concluante, le conseil d’administration d’« El Moutribia », a décidé de faire entendre également M. Bensiano, qui a été fort applaudi durant toute la saison des concerts d’été, dans l’interprétation de quelques œuvres tirées du répertoire Yafil.
Nous publierons ultérieurement, le programme complet de cette soirée.
19 septembre, p. 2:
C’est demain mardi, à 8 h. 30, au square de la République, qu’aura lieu le grand festival oriental organisé par « El Moutribia », en l’honneur du compositeur Yafil.
Parmi les morceaux inscrits au programme et qui seront exécutés par l’orchestre municipal, sous la direction de son distingue chef M. Riva, nous relevons :
Une fantaisie sure « L’Aissaoua du Désert », pièce à grand spectacle, spécialement écrite par M. Yafil, pour être jouée à Paris l’an prochain, après sa création à l’Opéra d’Alger.
« Bonds de Gazelle », ou le compositeur a essayé de concilier l’art ancien et moderne. « Medlhoum ou Mouchtaki », melodie arabe du 9e siècle, dont les khalifes de Bagdad firent leur regal, etc…
Mahieddine, ténor se fera entendre dans : « Cherrad Ettit » (chant d’oiseau), qui remporta à Paris un succès sans précédent ; « Men H’Ebbi Had Ghazala », autre mélodie qu’il interprètera avec tout le talent que nous lui connaissons ;
« Ya Racha Fettane » et « Oua Menli Bidjeminne », seront interprétés par M. Benssiano, le ténor des Concerts d’Été, accompagné par les musiciens arabes : Mimoun (pianiste) et Driss (flutiste).
Avec un programme aussi complet, nul doute que les amateurs de la belle musique, ne viennent nombreux manifester leurs encouragements aux organisateurs de cette manifestation artistique.
Nous rappelons que la location est ouverte à Bilou-Concert, rue d’Isly et chez Bachtarzi, 24, rue Randon.
23 septembre, p. 3 :
La Musique Arabe
Le succès remporté mardi soir par le concert oriental organisé par « El-Moutribia », en l’honneur du célèbre compositeur Yafil, dépassa toutes les espérances. En effet, une foule inconnue encore au square de la République se pressait aux abords des portes, bien avant l’ouverture.
Ceux qui se dérangèrent ne furent pas déçus. Les choix du programme et la valeur des artistes donnèrent satisfaction aux plus difficiles.
Pendant la 1re partie, l’Orchestre des Concerts d’Eté se surpassa dans l’exécution de divers morceaux qui recueillirent les applaudissements du public. Sous la direction d’un chef tel que M. Riva, il ne pouvait en être autrement.
- Mahieddine, le célèbre ténor déjà connu et apprécié, remporta dans la deuxième partie, le succès auquel il est depuis longtemps habitué.
- Benisiano qui chantait pour la première fois devant le grand public, recuillit les bravos qu’il sut mériter par l’interprétation parfaite de morceaux particulièrement pénibles.
Citons encore M. Mimoun (pianiste) qui accompagna M. Benisiano, et dont les solos furent hautement appréciés.
Pour terminer, il nous reste à remercier M. Yafil, dont le talent musical nous permit de vivre cette soirée qui marquera un point dans l’avenir de la musique arabe, et « El-Moutribia » de l’avoir organisée.
25 septembre, p. 7 :
La Musique Musulmane. Notre excellent collaborateur et cher ami, Jules Rouanet, nous adresse la lettre suivante :
Mon cher directeur,
Plusieurs de mes amis, parmi lesquels des notables musulmans, m’expriment leur étonnement de n’avoir pas vue mon nom mentionne lors de récentes manifestations de musiciens arabes d’Alger.
Rappelant la part que j’ai prise, il y a plus de vingt ans, aux premiers travaux de transcription du répertoire de nos indigènes, ainsi, qu’aux premières auditions publiques sur la place du Gouvernement, au Théâtre Municipal et au square de la République, évoquant le souvenir des conférences et des écrits par lesquels j’ai ramené l’attention sur l’art musical des peuples de l’Islam, ils trouvent singulier qu’aucune mention n’ait été faite de cette œuvre indéniable par ceux-là même qui, manquant de culture musicale, avaient dû recourir à mon modeste concours.
Permettez-moi de rassurer ceux qui m’ont apporté l’expression de sentiments si touchants.
Je ne suis pas victime d’un oubli coupable, car cet oubli c’est moi qui l’ai voulu.
Depuis plusieurs années, en effet, j’ai demandé formellement que ma personne ne fut en rien mêlée à une entreprise commerciale qui tendrait à accaparer pour le monnayer un domaine qui fait partie du folklore musulman. Il ne pouvait me convenir de laisser croire que j’approuvais certaines formes, même très habiles, de cette exploitation d’une musique qui appartient à tout le monde parce que anonyme et fort ancienne.
Je n’ai pas voulu crier sur les toits que j’avais créé des airs andalous du IXe siècle ou d’autres époques lointaines. Je n’ai pas consenti à me traiter moi-même de grand et illustre compositeur pour toucher des droits sur des mélodies plus vieilles que notre
« Au Claire de la Lune » ou sur les airs que Mohammed ben Ali Sfindja, Ben Farachou et autres maîtres d’une célébrité de bon aloi, avaient dictés à leurs élèves comme ils les avaient reçus de leurs prédécesseurs.
Laissant a d’autres ces pratiques ou j’ai refusé de les suivre, je me suis contente d’étudier l’histoire de la musique musulmane, ses visages et ses caractères et de mettre tous mes soins, en dehors de tout calcul mercantile, a des travaux de musicologie qui m’ont déjà valu les suffrages les plus flatteurs des Sociétés Savantes de la France et de l’étranger et dont certains ont eu le grand honneur d’être couronnés par l’Institut.
Le silence fait fur mon nom, depuis cette époque et dans les circonstances récentes, est donc conforme à la volonté formelle que j’ai exprimée à ceux dont j’avais le devoir de me séparer.
Voulez-vous, mon cher Directeur, donner cette explication aux personnages qui ont pu croire à une injustice concertée, et agréez, avec mes remerciements, l’expression cordiale de mes meilleurs sentiments d’amitié dévouée. JULES ROUANET
1 octobre :
Comme suite à la lettre de notre excellent collaborateur et ami Jules Rouanet, publiée ici-même le 25 septembre, M. Edmond Nathan Yafil nous a demandé l’insertion de la réponse suivante :
Alger, le 28 septembre 1927.
Monsieur le Directeur de la « Dépêche algérienne »
Dans le numéro du 25 septembre dernier de votre honorable journal et sous la rubrique : « la Musique Musulmane », vous avez fait insérer une lettre de M. Jules Rouanet à laquelle il est de mon devoir de répliquer.
Je viens donc vous demander respectueusement de vouloir bien m’accorder l’hospitalité de vos colonnes, à la même place que celle où a paru la lettre de M. Rouanet, pour publier la réponse suivante :
Dans le monde des musiciens qui s’intéressent à la musique arabe, ainsi qu’auprès de tous les musulmans, notables ou non, la lettre de M. Rouanet a causé la plus profonde stupéfaction. Chacun s’est étonné de l’ostracisme dont M. Rouanet se plaignait d’avoir été la victime, alors que chacun pensait jusque là que j’étais le seul propagateur et propriétaire du répertoire de la musique arabe.
- Rouanet expose dans sa lettre qu’il n’a jamais consenti à se traiter lui-même de grand et illustre compositeur, parce qu’il lui rebutait de se livrer à une exploitation ‘mercantile’ ; qu’il préférait laisser à d’autres ces pratiques, se contentant de se livrer à de simples travaux de musicologie désintéressée.
Je me suis trop senti visé par les insinuations et les allusions de M. Rouanet ; en même temps que j’ai été trop indigné par les contre- vérités dont sa lettre est émaillée pour ne pas avoir, dès la lecture de celle-ci, formé le dessein d’y répliquer.
Toutefois, j’aurais laissé les erreurs et les accusations de M. Rouanet sans réponse si de très nombreux amis qui connaissent mon œuvre n’étaient venus m’exprimer leur indignation et m’inciter fortement à remettre au point les faits intentionnellement dénaturés par lui.
Je tiens donc à proclamer ici, ce que d’ailleurs, je suis prêt à prouver à quiconque voudra bien m’en demander la justification, que M. Rouanet, avant la date du 4 novembre 1903, ignorait tout de la musique arabe.
Que c’est à cette date que, alors qu’il y avait longtemps que j’avais déjà imaginé de recueillir les airs arabes qui se perdaient dans l’oubli, faute de notation musicale, j’ai engagé à mon service
M. Rouanet, moyennant un salaire hebdomadaire, qui a été fixé lors de ce contrat de louange des airs arabes que j’avais recueillis et sélectionnés ou composés et que moi-même ou mes élèves, ou encore les maîtres musiciens arabes qui m’avaient consenti le monopole de leur répertoire, venions chanter devant lui.
- Rouanet n’a donc agi que comme un enregistreur mécanique de musique après avoir d’ailleurs formellement reconnu par écrit, que la propriété de la musique ainsi transcrite et son exploitation éventuelle me restaient entièrement acquises aussi bien que la propriété de l’idée de faire transcrire la dite musique.
Le rôle de M. Rouanet s’est borné à la seule tâche de la transcription, moyennant une rétribution qu’il a régulièrement touchée.
Quant aux conférences ou aux écrits qu’il a pu faire, M. Rouanet n’a jamais fait que répéter les enseignements que je lui avais donnés et suivre mes directives.
- Rouanet prétend encore que s’il est resté depuis longtemps dans l’ombre, et s’il n’a plus été question de lui à l’occasion de la musique arabe, c’est qu’il a refusé d’être mêlé à une exploitation commerciale d’un art qui, dit-il, est anonyme et appartient à tout le monde.
- Rouanet a reconnu par écrit, mon entière propriété du répertoire arabe et de son exploitation, ce qui ne l’a pas empêché de retirer de cet art de beaux profits et de se faire attribuer les plus flatteurs suffrages qui me reviennent en réalité à moi seul.
Considérant que M. Rouanet dépassait le cadre de ses fonctions, je l’ai invité à cesser ses services et c’est ainsi qu’il est retombé dans l’oubli.
J’espère qu’il m’aura suffi de publier la présente rectification, pour que désormais M. Rouanet cesse de s’attribuer des mérites qu’il n’a jamais eus et qu’ainsi toute controverse ultérieure sera inutile sur la propriété d’un répertoire dont je suis le seul propriétaire et, en grande partie, l’unique auteur.
Veuillez agréer, Monsieur le Directeur, mes remerciements et l’expression de mes sentiments les plus respectueux Edmond Nathan Yafil Professeur au Conservatoire municipal d’Alger, éditeur, compositeur de musique arabe ; membre de la Société des Auteurs.
Conformément à l’usage établi dans la presse, nous avons communiqué, avant son insertion, la lettre de M. Yafil à M. Jules Rouanet, qui nous a prié d’en faire suivre la publication des quelques réflexions que voici :
Alger le 30 septembre 1927
Mon cher directeur,
Je vous remercie d’avoir bien voulu me communiquer avant de la publier, la lettre que M. E. Nathan Yafil a cru devoir vous adresser et de me permettre ainsi de l’accompagner des quelques commentaires qu’elle comporte. Il y a des fatuités qui ont besoin de temps à autre d’un bon coup de sécateur : elles pourraient en arriver à des éclatements déplorables.
- E. Nathan Yafil, qui est connu depuis toujours comme illettré musical, bien qu’il se croie un célèbre compositeur, professeur, éditeur, etc., étend cette indéniable prérogative aux textes littéraires. Pour peu qu’on sache lire le français, on aura pu voir que dans ma lettre parue le 25 septembre, je ne me suis pas plaint de l’oubli de mon nom dans les séances publiques de musique arabe sur lesquelles il étend sa main désintéressée. J’ai expliqué à mes amis que cet oubli « c’est moi qui l’ai voulu », « c’est moi qui l’ai demandé » et j’ai donné les motifs de cette décision. M.E. Nathan Yafil, le célèbre compositeur, etc. (voir plus haut), n’a donc pas eu à me casser aux gages et à m’inviter à rendre mon tablier (ceci dit pour me mettre à l’unisson des expressions que lui inspire l’éducation raffinée qu’il a reçue des marmitons de feu son digne et honorable père, M. Makhlouf, le restaurateur bien connu de la rue Bruce). Par ma lettre du 4 juillet 1914, qu’il n’a pas encore comprise, je lui signifiais « qu’il ne me convenait pas de m’associer ni de prêter mon nom plus longtemps au caractère mercantile de ce qu’il appelait lui-même « ses évolutions de la musique arabe ». Je refusais de signer une prolongation de mon concours, de ma « direction artistique », de mes interventions pour obtenir de la réclame gratuite « dans les journaux » (style Yafil), pour solliciter des distinctions honorifiques ou des subventions. « Permettez-moi, lui écrivais-je, de rester étranger à votre trafic et de ne pas avoir l’air, même par une adhésion purement nominale, de donner mon assentiment à vos combinaisons ». Ma position était bien nette : je refusais de suivre le célèbre éditeur dans ses avatars et ses monopoles. J’entendais cesser complètement depuis ce jour toute collaboration avec lui.
Je m’en tiendrais à établir ce point d’histoire si M. E. Nathan Yafil, abusant de l’hospitalité et de la courtoisie de la « Dépêche », n’avait pris dans la lettre ci-dessus un ton que je ne saurais permettre à un homme que j’ai sorti de l’ombre et de la médiocrité et qui, parce qu’il était en ma compagnie, a pu être pris au sérieux par certains.
Si cela ne prenait pas trop de place, je lui jouerais le vilain tour de publier les lettres qu’il m’écrivit de 1903 à 1914 pour m’assurer de sa reconnaissance éternelle. Il n’y était pas encore question de contrat de louage, mais de gratitude, d’amitié inaltérable, de brouillons à lui rédiger parce qu’il avait peur des fautes de français et d’orthographe, de démarches à multiplier pour satisfaire sa soif d’honneurs et de réclame…gratuite.
Le 5 octobre 1908, il ma parlait « de notre entreprise de vulgarisation de musique arabe, à laquelle je ne dois le succès actuel (sic) qu’à votre habile et savante direction ». Le 5 novembre 1908, il me pressait de faire toutes les démarches auprès de M. Jonnart, afin d’obtenir les Palmes Académiques « distinction qui vous honorera autant qu’à moi (sic) puisque récompensant notre œuvre commune ».
Le 7 décembre 1911, il écrivait que « si l’année prochaine sera (sic) plus heureuse pour moi, nous reprendrons notre œuvre commune, si vous le voulez bien ». C’était encore l’époque où mon nom figurait sur la collection Yafil en tant que directeur artistique, où les programmes de la musique du 1er zouaves, de 1907 à 1908, inscrivaient des morceaux de musique arabe de « Rouanet et Yafil ».
Bref, j’étais l’ami précieux, le conseiller, le confident, le collaborateur avoué. Il paraît qu’il y avait maldonne. D’après ce qu’il fait écrire par son scribe, je n’étais qu’un salarié à qui on donne ses huits jours comme à une femme de ménage. Mais il y a plus grave. Je n’étais qu’un « enregistreur mécanique de musique ». Cette révélation m’a un moment inquiété, je me suis tâté sur toutes les coutures pour voir si quelque fée malfaisante ne m’avait pas transformé, à mon insu, en carton perforé ou en plaque de phonographe. Veuillez rassurer mes amis. Je sais encore tenir une plume pour faire des dictées musicales et au besoin, pour donner les étrivières à qui les mérite.
M.E. Nathan Yafil me fait grief d’avoir ignoré la musique arabe avant 1903. Je ne rougis pas de l’avouer. Je n’ai pas eu comme lui, le monopole de pleurer en « remel » ou en « zidane », le jour même de ma naissance et de porter dans mon cerveau toute la musique de Grenade, Damas, Téhéran, Stamboul et autres lieux pour la monnayer plus tard. Je m’en console en constatant que même en 1927, M.E. Nathan Yafil ignore encore la reconnaissance et les premiers éléments de la civilité puérile et honnête.
M.E. Nathan Yafil veut être « le seul propagateur de la musique arabe ». C’est sa marotte et son obsession. La musique de tous les pays d’Islam, c’est lui. Tout ce que se chante de musique arabe c’est lui et à lui. Pour un peu il demanderait des droits d’auteur sur la musique admirable, dont parlent les mystiques musulmans, « qui ont les astres par leurs mouvements cadencés ». Ses prétentions dans ce sens n’ont pas de bornes et vous le voyiez tout à l’heure revendiquer « comme lui revenant à lui seul « les récompenses et les suffrages flatteurs que m’ont valu mes travaux de musicologie qu’il n’a pas lu et qu’il ne comprendrait pas. De pareilles balourdises arriveraient à nous donner la notion de l’infini.
Mais sans rire, une chose est bien lui et bien à lui, c’est son orgueil démesuré et son inconscience du ridicule dont il se couvre ici et ailleurs, comme quand, affublé d’une chéchia arabe, il galvaude son titre de professeur au Conservatoire d’Alger, en allant scander, pour un cachet, les trépidations du nombril des almées indigènes ou quand il tend la sébile dès qu’une musette ou un violon entonne le « Bekaou ala K’her » ou le « Rana djinak ».
C’est sur cette note qui caractérise si parfaitement mon honorable interlocuteur qu’il nous faut en rester. Il est regrettable que Berlioz soit mort : il aurait, en étudiant le célèbre compositeur, professeur, éditeur, etc., M. E Nathan Yafil, ajouté quelques pages infiniment savoureuses à son livre : « Les Grotesques de la musique ».
Croyez, mon cher directeur, à mes vifs regrets d’avoir été obligé de parler de moi si longuement dans la « Dépêche » et agréez l’expression cordiale de mes sentiments dévoués.
Jules Rouanet.
N.D.L.D.- Les deux contradicteurs ayant chacun exprimé leur avis dans notre journal, nous considérons, en ce qui nous concerne, l’incident comme définitivement clos.
حاج ملياني[1]
Notes
[1] ترجمة سعاد العاقر (الكراسك)، صدر هذا المقال باللغة الفرنسيّة تحت عنوان:Déplorations, polémiques et stratégies patrimoniale. A propos des musiques citadines en Algérie en régime colonial
في مجلة إنسانيات في العدد 79 ، عام 2018، في الصفحات 27-41.
[1] توفي في 02 جويلية 2021.
[2] خصص جونثان جلاسر الجزء الثاني من كتابه "الفردوس المفقود. الموسيقى الأندلسية في المناطق الحضرية في الشمال الإفريقي (2016)" للمعالجة التاريخية، والنقدية والموسيقية لإحياء الموسيقى الأندلسية في الجزائر. وقد تناول بالتفصيل مسائل المحافظة على الموروث الموسيقي الأندلسي بفضل الفاعلين الأساسيين، خلال القرن العشرين.
[3] علّق مالكولم ثيولاير مطولا على تقرير أزرور في رسالته للدكتوراه: الموسيقى العربية، فلكلور فرنسا؟ (2016)، ص ص. 445-476. وقام بإدراجه كاملا في الملحقات، ص ص. 705-720.
[4] مكتب "الحكومة العامة" بتاريخ 20 سبتمبر 1941: "مذكرة مشروع خاصة بقرار تنظيم مهرجان للموسيقى الأندلسية المنسوخة والمؤداة من طرف أوركسترا فرنسية".
[5] قامت بتأكيده لاحقا عبر رسالة وقعها الأمين العام للحكومة الفرنسية في الجزائر بتاريخ 18 نوفمبر 1942، تضمنت قرار إنشاء ثلاث مدارس للموسيقى الأندلسية في كل من الجزائر، وتلمسان وقسنطينة.
[6] تم في عام 2014 عرض قراءة لهذا الموضوع تحت عنوان "الخلاف بين يافيل وروانيه: من هو صاحب الموروث الثقافي؟" وهذا بالتعاون مع جوناثان جلاسر في إطار اللقاء المنعقد بجمعية دراسات الشرق الأوسط، والموسوم بـ: "ماذا يعني كاتبا في جزائر ما بين الحربين؟ الموسيقى المسجلة ومشكلة الملكية المشتركة"، واشنطن، 2014.
[7] يوضح ملابسات الخلاف بين يافيل وروانيه.
[8] سيجمع في كتيبه "مجموع زهو الأنيس المختص بالتباسي والقوادس" نصوص الأغاني (خاصة الحوزي والعروبي) المسجلة على الأقراص والأسطوانات في الفترة الممتدة من عام 1900 وإلى غاية عام 1906، الصادر بالجزائر، عام 1907، في 68 صفحة. أعاد الباحث دلاي أحمد أمين إعادة نشره سنة 2007 ضمن منشورات مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية.
[9] هذا ما أثاره قصبادجي في تعليق له: «نتيجة عدم دعوته لعروض رسمية مميزة، وشعوره بالاستياء من مدح الآخرين لمساعده، قام روانيه بإثارة جدل حول بدايات يافيل بخصوص نقل الموروث الثقافي وبعض ملامح شخصيته».
Auteurs les plus recherchés
Articles les plus lus
- التراث الثقافي بالجزائر : المنظومة القانونية وآليات الحماية
- التّراث الشّعبي والتّنمية المستدامة. قراءة في الرّقصات الشّعبيّة
- Les Turcs dans la poésie populaire Melhoun en Algérie. Emprunts et représentations
- Eléments d’histoire sociale de la chanson populaire en Algérie. Textes et contextes
- Mot du directeur du CRASC