ملخّص
شهد العالم الكثير من الصراعات والحروب التي لم تقتصر آثارها على حياة الإنسان بل تعدته إلى النتاج العقلي والإبداعي وشتى مجالات الحياة، منها التراث الثقافي بكافة تصنيفاته ومسمياته، والذي له أهمية كبرى باعتباره حاملا للهوية الوطنية، ويسهم في تعزيز الاقتصاد وإنعاشه وخاصة الاقتصادات المحلية، ويقوي الروابط ما بين الماضي والحاضر، ويفتح الأفق للتطلع إلى المستقبل ليقيم مجتمعاً أكثر سمواً ورفعة. ونظر لتلك الأهمية تم على المستوى الدولي تأسيس وكالة دولية وهي منظمة التربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) ومن أهدافها الرئيسية السعي لتشجيع جميع البلدان في أنحاء العالم لصون وحماية التراث العالمي. وعلى الصعيد الإقليمي والمحلي تمّ تأسيس منظمات متخصصة في هذا المجال منها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) التابعة للجامعة العربية، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي.
وللوصول إلى الأهداف التي تنادي بها تلك الجهات يبرز دور وسائل الإعلام التقليدية والحديثة في توجيه وتعبئة الرأي العام، لأن الإعلام ووسائله يمثلان حلقة الوصل بين صانعي القرار و الرأي العام، وكذلك توجه أو تضغط على عمل النخب السياسية لتبني قرارات ومواقف تتبنى إصدار تشريعات وقوانين تسهم في حماية وصون التراث الثقافي. ويتباين الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام الجماهيري من وسيلة إلى أخرى حسب الأدوات والمميزات والقدرات والأساليب وأهداف كل وسيلة.
الكلمات المفتاحية : التراث الثقافي، وسائل الاعلام، اتفاقية اليونيسكو، الثورة التقنية، الرقمنة.
Abstract
The world has witnessed numerous conflicts and wars whose effects have not been limited to human life alone but have extended to intellectual and creative output as well as various fields of life, including cultural heritage in all its classifications and designations. Cultural heritage holds great importance as it carries national identity, contributes to boosting and revitalizing the economy, particularly local economies, strengthens the links between the past and the present, and opens the horizon for future aspirations to build a more noble and elevated society. Given this significance, an international agency specialized in this field was established at the international level: the United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO). One of its main goals is to encourage all countries worldwide to preserve and protect world heritage. At the regional and local levels, specialized organizations have been established, including the Arab Organization for Education, Culture, and Science (ALECSO) affiliated with the Arab League and the Islamic World Educational, Scientific and Cultural Organization (ICESCO) affiliated with the Organization of Islamic Cooperation.
To achieve the goals advocated by these organizations, the role of traditional and modern media in directing and mobilizing public opinion becomes prominent. Media and its channels act as a bridge between decision-makers and public opinion and can influence or pressure political elites to adopt decisions and positions that support the enactment of legislation and laws contributing to the protection and preservation of cultural heritage. The role played by mass media varies from one medium to another, depending on the tools, features, capabilities, methods, and objectives of each medium.
Keywords: Cultural heritage, Media, UNESCO Convention, Technological revolution, Digitization.
Résumé
Le monde a été témoin de nombreux conflits et guerres dont les effets ne se sont pas limités à la vie humaine, mais se sont étendus à la production intellectuelle et créative ainsi qu'à divers domaines de la vie, y compris le patrimoine culturel dans toutes ses classifications et désignations. Le patrimoine culturel revêt une grande importance car il porte l'identité nationale, contribue à dynamiser et revitaliser l'économie, en particulier les économies locales, renforce les liens entre le passé et le présent, et ouvre l'horizon aux aspirations futures pour construire une société plus noble et élevée. Compte tenu de cette importance, une agence internationale spécialisée dans ce domaine a été créée au niveau international : l'Organisation des Nations Unies pour l'éducation, la science et la culture (UNESCO). L'un de ses principaux objectifs est d'encourager tous les pays du monde à préserver et protéger le patrimoine mondial. Aux niveaux régional et local, des organisations spécialisées ont été créées, dont l'Organisation arabe pour l'éducation, la culture et les sciences (ALECSO) affiliée à la Ligue arabe et l'Organisation de la coopération islamique pour l'éducation, les sciences et la culture (ICESCO) affiliée à l'Organisation de la coopération islamique.
Pour atteindre les objectifs promus par ces organisations, le rôle des médias traditionnels et modernes dans l'orientation et la mobilisation de l'opinion publique devient prépondérant. Les médias et leurs canaux agissent comme un pont entre les décideurs et l'opinion publique et peuvent influencer ou faire pression sur les élites politiques pour qu'elles adoptent des décisions et des positions favorisant l'adoption de législations et de lois contribuant à la protection et à la préservation du patrimoine culturel. Le rôle joué par les médias de masse varie d'un média à l'autre, en fonction des outils, des caractéristiques, des capacités, des méthodes et des objectifs de chaque média.
Mots-clés:Patrimoine culturel, Médias, Convention de l'UNESCO, Révolution technique, Numérisation.
مقدّمة
يعتبر العراق في مسيرة الإنسانية مكان موغل في القدم يبدأ منذ أن استوت سفينة نوح على الجودي وهو الجبل المطل في شماله. وأخبرت التنقيبات الحديثة أن إنسان (نياندرتال ) في كهف (شنايدر) هو أوّل من استوطن في العراق. ;يمثل العراق جزءا مهما مما اصطلح عليه تسمية الشرق الأدنى الذي يمتد من سواحل البحر الأبيض المتوسط حتى هضبة إيران. ونمت حضارته ببطيء عبر العصور المتتالية لتبزغ مع بداية العصور التاريخية في الألف الثالث قبل الميلاد واستمرت تنبض بالحياة لعدة آلاف من السنين برغم الهزات السياسية والغزو الأجنبي الذي تعرض له.
أما أصل كلمة (عراق) والتي شاع استخدامها منذ القرنين السادس والخامس الميلادي، فقد اختلفت آراء الباحثين بشأنها فمنهم من يرى أن أصل الكلمة عربي وتعني (الشاطئ أو الجرف) أما آخرون فيرجعون التسمية إلى (أورك) والتي تعني المستوطن وهي نفس الكلمة التي استخدمت في تسمية الوركاء. ويبدو أن (بلاد سومر) من أقدم التسميات التي أطلقت على المنطقة الواقعة في جنوب العراق وهي تعني حرفيا (أرض سيد القصب) والتي أقامت على أرضها الحضارة السومرية، ومن التسميات الأخري بلاد (أكد) نسبة إلى مدينة أكد العاصمة. وفي مطلع الألف الثاني قبل الميلاد استخدم مصطلح بلاد (بابل) نسبة إلى مدينة بابل التي تضم الأقسام الوسطى والجنوبية من العراق، أما القسم الشمالي من العراق، فقد عرف باسم بلاد (أشور) نسبة إلى الحضارة الآشورية وأول عاصمة فيها. ومن التسميات الأخرى (بلاد ما بين النهرين) التي ترجمت إلى اليونانية (ميزوبوتاميا) والتي جاءت أصلا من التوراة وهي (آرام نهريم) وهي إشارة إلى الإقليم الذي يقع بين الفرات والخابور، ومن التسميات الحديثة نسبيا
(وادي الرافدين) وهي إشارة إلى النهرين اللذين يشقان العراق من أقصى شماله وغربه إلى جنوبه وهما دجلة والفرات، حيث تؤكد هذه التسمية وحدة منطقته الجغرافية.
ويقع العراق في الجزء الجنوبي الغربي من قارة آسيا وكان لهذا الموقع أهمية استراتيجية وتجارية كبيرة لأنه يعد ملتقى القارات الثلاث أوربا وآسيا وإفريقيا وملتقى طرق القوافل التجارية القادمة من المحيط الهندي والشرق الأقصى تجاه البحر الأبيض المتوسط من خلال الخليج العربي. وأعطى هذا الموقع أهمية في اتصال أبناء العراق بغيرهم من الأقوام، حيث انتقلت العديد من العناصر الحضارية والثقافات بسبب احتكاك العراقيين القدماء واتصالهم بالأقوام الأخرى والتي انتجت تراثا ثقافيا غزيرا، توارثه أبناء بلاد الرافدين جيلا إثر جيل. وعليه، نجد أن قسما من العادات والتقاليد والقيم والحرف والطقوس والممارسات الاجتماعية لا زال سائدا إلى يومنا هذا بالرغم من تعاقب الحضارات على بلاد ما بين النهرين، حيث يعد الإنسان عند العراقيين القدماء الأكثر أهمية في المجتمع.
يعد المجتمع اليوم نظاما كبيرا يتكون من أنظمة فرعية عديدة منها النظام السياسي والاقتصادي والتعليمي والاجتماعي والإعلامي وغيرها من الأنظمة. ويعكس النظام الإعلامي جميع تلك الأنظمة، كما أنه يؤثر ويتأثر بها وهذا ينطبق على الإعلام وعلاقته بالنظم الاجتماعية ومكوناتها ومنها التراث الثقافي. ولأهمية وسائل الإعلام في الحفاظ على التراث الثقافي، نجد أن منظمة التربية والعلم والثقافة UNESCO قد أقرت في اتفاقياتها توجيهات تنفيذية خاصة بعمل وسائل الإعلام تجاه التراث الثقافي.
علاقة الإعلام بالتراث
ترتبط وسائل الإعلام بالتراث الثقافي حيث تعد من الأسس الرئيسية للبيئة الاجتماعية، لأن الإعلام يستمد جزءا من نشاطه وحيويته من التراث. وتظهر قيمه وبقاءه واستمرار هذا الأخير من خلال الإعلام ووسائله، لأن الإعلام صناعة مشابهة للصناعات الأخرى ولكن في مجال التراث فإنه صناعة متخصصة في إنتاج وتوزيع السلع الثقافية بما في ذلك التراث الثقافي.
ووسائل الإعلام لا تعمل من فراغ بل تتأثر وتؤثر في البيئة التي نشأت فيها، فهناك تفاعل مستمر بين هذه الوسائل والبيئة المحيطة بها وذلك يدل على ارتباط وثيق بالمدخلات والمخرجات بالنسبة للمادة الإعلامية التي تغطيها وينطبق على جميع الأحداث والقضايا ومنها التراث الثقافي. ويختلف تأثير وسائل الإعلام في حماية التراث والترويج له والحفاظ عليه باختلاف الميزات التي تتمتع بها كل وسيلة إعلامية. والتي تعاظم دورها في نشر الإبداع الإنساني الذي يحفز ويستنهض طاقات المجتمع، خاصة بعد التطور الهائل الذي شهدته وسائل الاتصال في العقود الأخيرة. وقد أسهم ذلك في الانتشار الحر للمعلومات وخلق إمكانية كبيرة للتحرك الشعبي على أساس معارف واسعة ودقيقة بجميع الأحداث والقضايا ومنها التراث الثقافي وابتكار قوالب جديدة تَعنى بالترويج للمنتج الثقافي والتراثي والفني من قبل العاملين في وسائل الإعلام.
وتتمثل علاقة وسائل الإعلام بالتراث الثقافي ونجاحها في تحقيق الأهداف المنوطة بها في قدرتها على انخراط الجمهور بشكل يومي في الإجراءات التي لها أهمية في حياتهم اليومية والمرتبطة بالتراث الثقافي. والمعالجة الإعلامية تعد جزءا حيويا في تشجيع الجمهور على الاهتمام بالتراث الثقافي والحفاظ عليه من خلال الإعلام التشاركي وخاصة في وسائل الإعلام الحديثة.
ويعد تشكيل الرأي العام تجاه حماية الآثار والتراث من أهمّ الأهداف التي تسعى وسائل الإعلام إلى تحقيقها ولا يتم ذلك إلا بالتعرف على الميول الثقافية والاجتماعية والتي تقدم عبر وسائل الإعلام. ومن خلالها تسهم في تكييف الأفراد والجماعات وتهيئتهم للاستجابة لأفكار معينة توجه أنماط سلوكهم الاجتماعي نحو الحفاظ على التراث كجزء من الهوية والحضارة والمدنية ليصير ميراثا جماعيّا يتميّز بالدوام والاستمرارية.
دور الإعلام بالتوعيةعلى أهمية التراث الثقافي
من أهم الخطوات للحفاظ على التراث هي رفع وزيادة مستوى الوعي الثقافي لدى المجتمع والجهات ذات العلاقة سواء سلطات حاكمة أو نخب سياسية أو مؤسسات حكومية. وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه إلا باشراك عدة جهات منها وسائل الإعلام والتي يكمن دورها في الآتي:
-
ربط التوعية بأهمية التراث الثقافي من قبل وسائل الإعلام بالخطط التنموية المستدامة وإبراز أهميته كمورد اقتصادي للبلاد.
-
يعد دور وسائل الإعلام أساسيا في التنشئة والتربية السلوكية للأفراد اتجاه القضايا المختلفة ومنها قضية التوعية بالتراث الثقافي من خلال تبني الجماعات والأفراد سلوكات تدفع لتحقيق هذا الهدف.
-
إن لوسائل الإعلام الدور الكبير في التوعية بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي من خلال إشراك كافة المؤسسات المعنية، سواء حكومية أو منظمات مجتمع مدني أو جماعات أو أفراد وتقديم الدعم اللازم من قبل السلطات الحكومية والوكالات الدولية المعنية بالحفاظ على التراث الثقافي.
-
تقوم وسائل الإعلام بتقديم المعلومات وإتاحتها لجميع الجهات ذات العلاقة ومنها المجتمع والتحفيز للتغيير إلى الأفضل من خلال جعل التراث الثقافي قضية وطنية ومسؤولية اجتماعية والتوعية بالتهديدات التي يتعرض لها بتقديم المعلومات والحقائق والآراء وتوضيح الدور المطلوب من كل جهة للإسهام في حمايته.
-
الترويج من قبل وسائل الإعلام للمشاريع التي تهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي وتعزيز المشاركة الشعبية وخاصة بالنسبة إلى المشاريع التي يتبناها الشباب.
-
إعداد برامج توعوية من قبل وسائل الإعلام تتضمن في محتواها إحاطة كاملة للتوعية بالتراث الثقافي وذلك باستثمار قادة الرأي العام والمختصون في هذا المجال.
-
إعداد برامج ثقافية تتسم بالتبسيط في محتواها الإعلامي وذلك لأنّ مضامينها الخاصة بالتوعية للتراث الثقافي ينبغي أن تكون مفهومة من قبل الجمهور الذي يضم مختلف شرائح المجتمع وأن تتناول ارتباطه بتراثه الثقافي باعتباره رمزا وطنيا يَعبّر عن أصالته وهويته الوطنية.
-
إعلام الجمهور وخاصة الجماعات والمجموعات المرتبطة بشكل مباشر بالتراث الثقافي بالأخطار التي تهدد تراثهم ومسؤولية الحفاظ عليه.
-
استخدام معالجة إعلامية من قبل القائمين بالاتصال ضمن نظرة متكاملة لقضايا التراث الثقافي وعلاقتها بجميع القضايا المجتمعية تتبنى الاستمرارية والشمول والمتابعة وإظهار تأثيرها وتأثرها بالتراث الثقافي وانعكاسها على واقع الجماعات والأفراد في شتى مجالات الحياة.
أهمية الإعلام في الترويج لملفات التراث الثقافي
يعد الترويج لملفات التراث الثقافي التي تضاف على لائحة اليونيسكو من خلال وسائل الإعلام من النشاطات والفعاليات الداعمة لتلك الملفات عند التصويت عليها. ويعرف بأنّه جميع النشاطات والفعاليات التي تمارسها وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها من أجل الاتصال بالجمهور المستهدف ومحاولة إقناعه بفكرة معينة أو تعريفهم بمشروع أو شراء منتج ومحاولة التأثير عليهم لتحقيق أهداف المؤسسة أو المنظمة. وهذا التعريف يتسق مع الأهداف الترويجية لوسائل الإعلام لملفات التراث الثقافي، وذلك لأن إعداد أي ملف سواء مادي أو غير مادي لابد أن تعد له حملة ترويجية تبدأ من إدراجه ضمن لائحة الحصر الوطنية التي تضم العناصر التي تم تحديدها من قبل الجهات الحكومية المعنية لإضافتها على اللائحة العالمية. وتتصاعد وتيرتها باقتراب موعد التصويت على الملف. ويشترك في هذه الحملات مختلف وسائل الإعلام، وتهدف الحملات الترويجية إلى :
- إنّ وضع العنصر ضمن اللائحة الوطنية والعمل على إضافته إلى اللائحة العالمية والترويج له يسلط الضوء عليه من قبل وسائل الإعلام، ما يمنحه اهتماما أكبر من قبل الجهات ذات العلاقة، سواء كانت حكومات أو مؤسسات رسمية أو منظمات مجتمع مدني أو جمهور.
- يظهر الترويج لملفات التراث الثقافي المكتسبات التي يتم الحصول عليها من الإضافة على اللائحة العالمية، حيث يصبح تراث عالمي يلزم جميع الأطراف الحفاظ عليه وصونه وكذلك تقديم جميع أنواع الدعم للأفراد والجماعات المعنية بالعنصر.
- الترويج لملفات التراث الثقافي من قبل وسائل الإعلام يزود الجمهور وخاصة المجتمعات المعنية بالعناصر والمعلومات والبينات الخاصة به، سواء تاريخية أو علمية أو اقتصادية أو مجتمعية، حيث يجعل المجتمع أكثر التصاقا به ويؤدي ذلك إلى الحفاظ عليه وصونه.
- يسعى الترويج لملفات التراث الثقافي في تنمية روح المواطنة لدى مختلف فئات المجتمع وقومياته وطوائفه ويضفي الشعور بالزهو والفخر لدى الجمهور لانتمائه لهذا الإرث باعتباره العمق التاريخي له.
- توجيه أنظار المستثمرين إلى عناصر التراث الثقافي وتحفيزهم لاستثمارها في مجال السياحة، ما يجعلها موارد اقتصادية للدولة من جهة وللجماعات والأفراد المعنين بالعنصر من جهة ثانية.
- يظهر الترويج العمق التاريخي لعناصر ملفات التراث الثقافي وإبراز الأعمال وإبداع العقل الإنساني في تلك الأزمنة.
- يسهم الترويج في التعريف بالتراث الثقافي إقليميا ودوليا في ظل الثورة التقنية لوسائل الاتصال.
وسائل الإعلام المستخدمة في الترويج لملفات التراث الثقافي
من أهم وسائل الإعلام المستخدمة في الترويج لملفات التراث الثقافي نجد :
-
الصحف والمجلات
لعبت الصحف والمجلات دورا مهما في الترويج لملفات التراث الثقافي على اختلاف أنواعها ومسمياتها وخاصة في الفترات التي تسبق التصويت على تلك الملفات وباستخدام جميع الفنون الصحفية. وكانت الصفحات الثقافية متميزة جدا من حيث توظيف المحتوى الإعلامي نحو الترويج الإيجابي. وتميّز الترويج الإعلامي للصحف والمجلات بتقديم تفاصيل كامله عن عناصر تلك الملفات مثل وصف البعد التاريخي والاقتصادي والاجتماعي وبيان أهمية إضافته على التراث العالمي والمكتسبات التي تتحقق إثر ذلك.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن الترويج من قبل الصحف والمجلات يستهدف الجمهور المحلي بشكل أكبر إلا في حالة وجود نسخ إلكترونية لتلك الصحف الورقية.
-
القنوات التلفزيونية
استخدمت القنوات التلفزيونية سواء كانت حكومية أو خاصة أو متخصصة أو عامة في الترويج لملفات التراث الثقافي بكافة أنواعه. وقد تركت بصمتها في هذا الجانب من خلال مختلف البرامج ومنها الندوات واللقاءات والمحاضرات التي يقدمها ويلقيها المختصون والخبراء في هذا المجال من أجل إحداث تواصل بين الحاضر والماضي بثرائه الثقافي.
وتسهم كذلك الأفلام والمسلسلات على اختلاف أنواعها ومضامينها والتمثيليات وبرامج الأمثال الشعبية والأغاني التراثية في زرع الاهتمام بالتراث الثقافي والترويج له والتعريف بأنواعه والتأكيد على حماية الحقائق الطبيعية والتراثية للتراث الثقافي، ولا يقتصر الترويج من خلال القنوات الفضائية على المجتمعات المحلية بل يتعدى إلى المجتمعات الإقليمية والدولية.
-
الإذاعات
تعتبر الإذاعات وسيلة إعلامية مهمة في الترويج للتراث الثقافي من خلال مختلف البرامج الإذاعية، التي تبثها عبر الأثير ما يجعلها تخاطب عددا أكبر من الجمهور سواء على المستوى المحلي او الوطني أو الإقليمي. وقد تميزت الإذاعات بالبرامج الحوارية المروّجة للتراث العالمي.
-
وسائل التواصل الاجتماعي
لقد أتاحت وسائل التواصل الاجتماعي نشر التراث الثقافي والترويج له بين الأجيال، فبانتشارها الواسع أصبح من السهل الاستفادة منها وتطويعها في الترويج والحفاظ وصون التراث الثقافي بطريقة سهلة وجذابة من حيث الشكل والمضمون. ولم يعد الترويج للتراث الثقافي مقتصرا على الإعلاميين العاملين في مجال الإعلام بل أصبح الأمر تشاركيا من قبل الجمهور المستخدم لتلك الوسائل، لذلك تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا مهما في تكييف الأفراد والجماعات وتهيئتهم للقيام بأفعال مقصودة والاستجابة لأفكار معينة تحدد أنماط سلوكهم الجماعي نحو الحفاظ على التراث الثقافي والترويج له.
البنود والتوجيهات التنفيذية الخاصة بالإعلام في اتفاقيات اليونيسكو
لقد أقرت منظمة اليونيسكو مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات والتي تضمنت مجموعة من البنود والتوجيهات التنفيذية التي أقرتها المنظمة والخاصة بوسائل الإعلام واستثمارها في الحفاظ على التراث العالمي.
تعد اتفاقية لاهاي 1954 الاتفاقية الأولي التي أقرتها اليونيسكو بعد الميثاق التأسيسي لها والتي تضمّن الفصل السابع المادة الثلاثين منها والذي نص على: "تسعى الدول الأطراف وبالوسائل الملائمة ولاسيما عن طريق الإعلام والتعليم إلى دعم وتقدير جميع سكانها للممتلكات الثقافية واحترامهم لها".
ومن خلال هذه المادة أقرت المنظمة في حينها على دور الوسائل الإعلامية والتعليمية في تعزيز ودعم التراث الثقافي وهي إشارة بسيطة في هذا المجال. وجاءت هذه المادة تعزيزا للقرار (59) والذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1946 والذي نص على أن: "حرية الإعلام حق إنساني وملك لكل الحريات التي كرست لها الأمم المتحدة".
وفي عام 1972 أقرت منظمة اليونيسكو الاتفاقية التي تعد التأسيس الأول لما بعدها من الاتفاقيات للحفاظ على التراث الثقافي والتي أقرت في مادتها (17) عدد من الفقرات والتي تنص فيها على دور وسائل الإعلام في مجال التراث الثقافي العالمي:
-
تعمل الدول الأطراف في هذه الاتفاقية بجميع وسائلها المتاحة وخاصة الإعلام والتربية على تعزيز احترام وتعلق شعوبها بالتراث الثقافي والطبيعي.
-
تتعهد بإعلام الجمهور إعلاما مستفيضا بالأخطار التي تهدد هذا التراث.
نلاحظ أن هذه الاتفاقية قد حددت دور وسائل الإعلام بجزئيتين : الأولى هي تعزيز واحترام التراث الثقافي. والثانية هي نقل الأخبار المتعلقة بالأخطار التي تهددها. وقد أغفلت أهمية دور وسائل الإعلام في التوعية والصون والترويج للتراث الثقافي.
ويعد إصدار اتفاقية 2003 والخاصة بصون التراث الثقافي غير المادي والتي أقرت في بنودها دور وسائل الإعلام في الحفاظ على التراث الثقافي بعدا أوسع، وخاصة بعد التطور الذي شهدته تقنية وسائل الإعلام وأهميتها في التثقيف والتوعية وتعزيز القدرات لصون التراث الثقافي.
وقد نصت المادة (14) من الاتفاقية والتي تضمنت أن تسعى الدول الأطراف بكافة الوسائل الملائمة إلى ما يلي:
-
العمل من أجل ضمان الاعتراف بالتراث الثقافي غير المادي واحترامه والنهوض به في المجتمعات، لاسيما عن طريق إعداد ونشر برامج للتثقيف والتوعية ونشر المعلومات الموجهة للجمهور وخاصة الشباب من خلال برامج تعليمية وتدريبية محددة في إطار الجماعات والمجموعات.
-
إعلام الجمهور باستمرار بالأخطار التي تهدد هذا التراث من خلال وسائل الإعلام.
-
تعزيز أنشطة التثقيف من أجل حماية الأماكن الطبيعية وأماكن الذاكرة الثقافية، حيث يعد وجودها ضروريا للتعبير عن التراث الثقافي غير المادي.
أما البند السابع من مبادئ الاتفاقية، فتناول الانتفاع من وسائل الإعلام في التعبير والنشر وهما عاملان أساسيان للارتقاء بالتنوع الثقافي وتشجيع التفاهم.
وتعد الاتفاقية الأكثر أهمية في مجال التنوع الثقافي هي اتفاقية 2005 والتي تعد بلورة لدور منظمة اليونيسكو في الحفاظ على التراث الثقافي في كافة المجالات ومنها مجال الإعلام، فقد جاء في ديباجتها: "أن عملية العولمة التي يسرها الظهور السريع لتكنولوجيا المعلومات والاتصال الآن أصبحت تخلق ظرفا لم يسبق له مثيل لتعزيز التفاعل بين الثقافات بالرغم من أنها تشكل تحديا يواجه التنوع الثقافي وخاصة بما تولده من اختلال في التوازن بين البلدان الغنية والفقيرة".
وقد تضمنت هذه الاتفاقية مجموعة من المواد والفقرات الخاصة بتنظيم عمل وسائل الإعلام في هذا المجال ومن موادها:
المادة10-الفقرة(أ ) والخاصة بتوعية الجمهور وتشجيعه على أهمية وتعزيز أشكال التعبير الثقافي والارتقاء بهذا الإدراك لاسيما من خلال البرامج الإعلامية والتعليمية الرامية إلى زيادة توعية الجمهور.
المادة12 –الفقرة(د)دعت إلى الترويج للتراث الثقافي باستخدام التكنولوجيا الحديثة وتشجيع الشراكات من أجل تعزيز ونشر المعلومات والتفاهم الثقافي والنهوض في جميع أشكاله.
أما التوجيهات التنفيذية (Operational Directives) والتي تصدر من قبل منظمة اليونيسكو وتعد الآلية التي تتبع لتنفيذ الاتفاقيات الخاصة بصون التراث الثقافي التي اعتمدتها الجمعية العامة للدول الأطراف في دورتها الثانية 2008 وعدلتها في دورتها الثالثة 2010 . وأجرت عليها تعديلا في دورتها الرابعة في 2012 . وتعمل جميع الأطراف والدول المنضوية تحت لواء المنظمة على تنظيم عملها وفقا لتلك التوجيهات. وتضمنت التوجيهات التنفيذية الخاصة بعمل وسائل الإعلام ما يلي:
التوجيهات التنفيذية الخاصة بالتوعية
من أهم التوجيهات التنفيدية الخاصة، والمسطرة للتوعية بأهمية التراث، نجد :
-
التوجيه (105) ونص على أن تسعى الدول الأطراف بجميع الوسائل الملائمة على التوعية بأهمية التراث الثقافي غير المادي والأخطار الذي تهدده وكذلك الأنشطة التي تضطلع بها عملا بالاتفاقية وتحقيقا لذلك تشجع الدول الأطراف على القيام بما يلي:
-
دعم الحملات الإعلامية وحملات البث عن التراث الثقافي غير المادي بجميع الأشكال ووسائل الإعلام.
-
دعم تنظيم الندوات وحلقات العمل والمنتديات العامة وحلقات التدارس بشأن التراث الثقافي غير المادي، فضلا عن دعم المعارض والمهرجانات والأيام والمسابقات المخصصة لهذا التراث (2).
-
التوجيه (106) والخاص بتدابير دعم الترويج: تسعى الدول الأطراف بصورة خاصة إلى اعتماد تدابير لدعم ترويج ونشر البرامج والمشروعات والأنشطة طبقا للمادة 18 من اتفاقية 2003 باعتبارها تعبيرا أفضل عن مبادئ الاتفاقية.
-
التوجيه (107) والخاص بتدابير التعليم الرسمية وغير الرسمية: تسعى الدول الأطراف بجميع الوسائل الملائمة إلى ضمان الاعتراف بالتراث الثقافي غير المادي واحترامه وتعزيزه عن طريق البرامج التعليمية والإعلامية. ويدخل ضمن إحدى فقرات هذا التوجيه تدريس التراث الثقافي غير المادي في المناهج المدرسية تبعا للخصائص والمحددات المحلية واستخدام مواد تعليمية وتدريبية مثل الأفلام الوثائقية وأشرطة الفيديو والكتب والأقراص المدمجة والأدلة والكراسات.
وعليه، فإن التوجيهات السابقة خاصة بأهمية التوعية بالتراث الثقافي غير المادي والحفاظ عليه من خلال وسائل الإعلام والتي أصبحت اليوم أدوات توعوية لها الأثر الفعال في اتجاهات الجمهور وآرائهم.
التوجيهات التنفيذية الخاصة بعمل الاتصالات ووسائل الإعلام
-
التوجيه (110) : يمكن لوسائل الإعلام أن تسهم على نحو فعال للتوعية بأهمية التراث الثقافي غير المادي.
-
التوجيه (111) : تشجيع وسائل الإعلام على الإسهام للتوعية بأهمية التراث الثقافي غير المادي باعتباره وسيلة لدعم التماسك الاجتماعي والتنمية المستدامة ومنع المنازعات.
-
التوجيه (112) : تشجيع وسائل الإعلام على إثارة الوعي لدى الجمهور ككل بتنوع مظاهر التراث الثقافي غير المادي والتعبير عنه من خلال إعداد وإنتاج برامج إعلامية متخصصة تخاطب المجموعات المستهدفة.
-
التوجيه التنفيذي (113) : تشجيع وسائل الإعلام السمعية والبصرية على إنتاج برامج تلفزيونية وإذاعية وأفلام تسجيلية بهدف تعزيز إبراز التراث الثقافي غير المادي ودوره في المجتمعات المعاصرة. وهنا تظهر أهمية شبكات البث المحلية التلفزيونية والإذاعية.
-
التوجيه التنفيذي (114) : تشجيع وسائل الإعلام على الإسهام في تبادل المعلومات بين المجتمعات المحلية باستخدام وسائلها المتوفرة.
-
التوجيه التنفيذي (115) : تشجيع مؤسسات تكنولوجيا المعلومات على تسهيل التبادل التفاعلي ودعم الوسائل غير الرسمية لنقل التراث الثقافي غير المادي.
من خلال ما تقدم من توجيهات نجد أن جميعها تؤكد على تحفيز مختلف وسائل الإعلام المحلية والوطنية واستثمار الميزات التي تتمتع بها كل وسيلة وما يتوفر منها في المحيط الجغرافي لعناصر التراث الثقافي. وقد أكدت هذه التوجيهات على أهمية إنتاج محتوى إعلامي من قبل العاملين في مجال الإعلام والمجتمعات المعنية بالعناصر بحيث يصبح عملية تفاعلية بين جميع الجهات.
التوجيه التنفيذي (123): وهو خاص بمهام أدوات اليونيسكو التي تستخدم في التوعية بالتراث الثقافي غير المادي والتي تتمثل العمل كمركز تنسيقي لجمع وتبادل ونشر المعلومات عن التراث الثقافي وتيسير تبادل المعلومات بين المجتمعات المحلية والمنظمات غير الحكومية وإنتاج مواد تدريبية وإعلامية لمختلف الفئات وتنسيق الجهود في مجال التوعية بأهمية هذا التراث مع وكالات وبرامج الأمم المتحدة الأخرى، وترويج أهمية التراث الثقافي غير المادي في الاحتفالات الدولية.
خاتمة
إن الاتفاقيات الدولية الخاصة بالتراث الثقافي والبنود التنفيذية الخاصة بالإعلام والتي أقرتها اليونيسكو حددت واجبات وسائل الإعلام تجاه التراث الثقافي كما يلي:
- دعم وتقدير التراث الثقافي بالوسائل الملائمة والممكنة.
- تعزيز احترام وتعلق الشعوب بتراثها.
- إعلام الجمهور بجميع أنواع وأشكال الأخطار التي تهدد التراث الثقافي.
- الاعتراف بجميع أنواع التراث الثقافي وخاصة غير المادي باعتباره تراثا هشا من قبل الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والبحثية وتعزيز استخدام كافة وسائل الإعلام في ذلك.
- تعزيز أنشطة وبرامج التثقيف من قبل وسائل الإعلام والتعريف بأهمية التراث الثقافي.
- توعية الجمهور وتشجيعه على أهمية تعزيز إشكال التعبير الثقافي والارتقاء به.
- الترويج للتراث الثقافي من خلال وسائل الإعلام واستثمار التكنولوجيا الحديثة وتشجيع الشراكات من أجل تعزيز ونشر المعلومات والتفاهم الثقافي والنهوض بجميع أشكاله.
- دعم الحملات الإعلامية وحملات البث التي تهدف إلى الارتقاء بمفهوم التراث الثقافي علميا وعمليا.
- تغطية وسائل الإعلام للندوات والأنشطة وحلقات العمل والتدريس وإقامة المهرجانات والأيام المخصصة للتراث الثقافي وجميع الفعاليات ذات العلاقة.
- التوعية الرسمية وغير الرسمية وذلك من خلال الترويج ونشر البرامج والمشروعات الثقافية.
- تشجيع وسائل الإعلام على إظهار التنوع الثقافي والتعبير عنه.
- تشجيع وسائل الإعلام على إنتاج وإظهار أهمية التراث الثقافي ودوره في التماسك المجتمعي وربطه بالتنمية المستدامة.
- تشجيع وسائل الإعلام على الإسهام في تبادل المعلومات بين المجتمعات المحلية من خلال التفاعل الثقافي.
المراجع
الموقع الإلكتروني المركز الدولي للدراسات وترميم الممتلكات الثقافية. https://www.iccrom.org/ar
علي خليل اسماعيل، (1999). حماية الممتلكات الثقافية في القانون الدولي :دراسة تطبيقية مقارنة . الأردن: مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع.
العيد بكري، (2022). دور الإعلام الثقافي في الجزائر في التعريف بالتراث المادي واللامادي والحفاظ عليه.مجلة الحكمة للدراسات الاعلامية والاتصالية، 10 (03)،124-148.
الموقع الإلكتروني للمجلس الدولي للمتاحف. https://icom.museum/en
النصوص الأساسية المتعلقة باتفاقية التراث الثقافي1972 . (2016). طبع في ورش اليونيسكو.
النصوص الأساسية لاتفاقية2003/صون التراث الثقافي غير المادي.(2018). فرنسا: طبع في اليونيسكو.
النصوص الأساسية لتعزيز اتفاقية حماية التنوع الثقافي وأشكال التعبير الثقافي . (2017). طبعة اليونسكو.
سجاد الغازي، (1982). التوازن في تدفق الأنباء ،دراسة مقدمة لندوة العربية لحقوق الاتصال .دائرة الشؤون الثقافية .
سمير سطوطاح، (2015). وسائل الإعلام وتنمية الوعي التراثي بأهمية المخطوطات، دراسة ميدانية مدينة عنابة. الصورة والاتصال ، 4 (13)، 137-154.
ليث الكعب، (2017). دور العلاقات العامة في ترويج المشروع ضم الأهوار والمناطق الأثرية إلى لائحة التراث العالمي .جامعة بغداد: كلية الاعلام.
ياسر عماد الهياجي، (2016). دور المنظمات الدولية والإقليمية في حماية التراث الثقافي وإدارته وتعزيزه. مجلةأدوماتو. 87-110.
1 بهاء ياسين: وزارة الثقافة والسياحة والاثار العراقية.
Auteurs les plus recherchés
Articles les plus lus
- التراث الثقافي بالجزائر : المنظومة القانونية وآليات الحماية
- التّراث الشّعبي والتّنمية المستدامة. قراءة في الرّقصات الشّعبيّة
- Eléments d’histoire sociale de la chanson populaire en Algérie. Textes et contextes
- Les Turcs dans la poésie populaire Melhoun en Algérie. Emprunts et représentations
- Mot du directeur du CRASC